صورة وتعليق
صحيفة 1932- لا معاهدة في سورية قبل عام 1936
صحيفة 1932- لا معاهدة في سورية قبل عام 1936
العنوان:
لا معاهدة في سورية قبل سنة 1936
سنجري المعاهدة في لبنان أولاً كما جرب الدستور
النص:
يردد كتّاب الصحف بين آونة وأخرى خبر إحتمال وقوع مفاوضات بين فرنسا وسورية لعقد معاهدة تحدد فيها واجبات الانتداب وحقوقه وعلاقته بسورية، وقد كنا منذ شهر مضى في جملة الذين رددوا هذا الخبر وكتبوا عنه مقالة ضافية الذيول في نفس هذا المكان.
ولكن ما قيل قبل اليوم وكان ثابتاً على التقريب أصبح اليوم غير معمول عليه لأن الأخبار التي لدينا، ويضح الاعتماد عليها تدل على أن فرنسا لا تتعجل الأمور بل تريد أن تتريث في عقد المعاهدة لترىى كيف تمارس سورية السلطة الوطنية، وكيف تستعمل الدستور الذي أعطى لها وهل تستطيع أن تقدم برهاناً كافياً على أهليتها للاستقلال الذي تطلبه؟
هذا ما نمي إلينا وقد عاد آخر رجل من باريس قابل عميداً فرنسوياً هناك وعلم منه أن فرنسا لا تفكر البتة بعقد معاهدة مع سورية اليوم بل تفكر في أن تخلع شيئاً فشيئاً واجبات الحكم التي اضطلعت بأعبائها على عاتق أهل سورية فتؤلف قوى جندية يمكن الاستعانة بها عند اللزوم لحفظ الأمن والدفاع عن الحدود، ثم تنظيم القضاء السوري، وأنظمة الضرائب، وتؤلف المجلس الاقتصادي وتصلح مع البرلمان كثيراً من الشؤون السورية.
أما المعاهدة فلن توضع موضع البحث قبل سنة 1936 أي في نهاية مدة البرلمان الحالي.
وهذا ما أخبرنا به غير أن الوطنيين السوريين الذين دخلوا الانتخابات على أمل تحقيق المطالب التي منعوا بها الشعب زمناً وفي جملتها المعاهدة هم الذين يستحثون حظى فرنسا لعقد معاهدة مع بلادهم على شاكلة المعاهدة التي عقدت بين إنكلترا والعراق وهم يروجون هذه الفكرة في جميع الأوساط ويملون آرائهم وتمنياتهم على رجال الصحف فيذيعون أخبار هذه المعاهدة ولا معاهدة هناك البتة اليوم ولا حان وقت لمثل هذا البحث الآن.
وفضلاً عن ذلك فمهما قال المتقولون وروجوا من مثل هذه الأخبار لا يمكن البتة أن يوفد إلى باريس وفد يمكنه أن يتكلم بأسم الحكومة السورية اليوم لأن هذه الحكومة ليست حكومة برلمانية بل هي حكومة جئ بها مؤقتاً لتصرف الشؤون إلى أن يحين حين إجتماع المجلس النيابي فتؤلف حكومة تمثل أمامه وتنال ثقته.
فالمعاهدة السورية الفرنسوية لم يأت وقتها بعد وإذا اهتدينا بهدى تاريخ الانتداب عندنا وجدنا أن الانتداب تعود أن يبدأ في لبنان كل عمل جديد يريد أن يعمله في سورية.
وعندما أراد تطبيق نظام المحاكم المختلطة بدأ بلبنان فطبق هذا النظام فيه ثم عاد فطبقه في سورية ثم عاد فعدله في لبنان وطبق مثل ذلك التعديل في سورية ولهذا الدليل وأمثاله أدلة كثيرة ومن جملتها الدستور ونحن بالنظر لما تسرب إلينا من مصادر العليمة تستطيع القول أن المعاهدة لن تطرح على سورية فوراً بل ستطرح على لبنان وقد كان في النية طرحها على لبنان قبل إنتهاء مدة رئاسة الجمهورية وباحث المسيو بونسو بشأنها سماحة الشيخ محمد الجسر قبل سفره في الصيف الماضي إلى باريس.
والفكرة مازلات راسخة برؤوس ولاة الأمور على أن هذه التجربة تجربة المعاهدة يجب أن تطبق في لبنان أولاً وأن يؤخذ فيها أقصى ما يستطاع آخذة من لبنان لديمومة وجود فرنسا فيه ثم يعرض إلى بحثها في سورية.
والدور الذي يمر فيه لبنان اليوم دور سينتهي حتماً إلى البحث بالمعاهدة بعد أن يعاد الدستور إليه والانتخابات النيابية التي ستجري فيه على هذا الأساس.
هذا ما تسرب إلينا من بعض العائدين من باريس وأيدته بعض معلومات تناولناها من مصادر طالما برهنت لنا الحوادث أنها جديرة بالثقة، ولهذا نستطيع القون أن سنة 1936 هي سنة المعاهدة في سورية وأن كل ما يقال اليوم عن هذا الأمر ليس صادراً إلا عن رغبة بعض المواطنين السوريين الذين يودون تعجل امر عقد المعاهدة ليرضوا بعقدها عواطف الذين وضعوا ثقتهم بهم وأيدوهم في مواقفهم العديدة وليخففوا من معارضة المعارضين لهم في الخارج الذين رأوا أنهم خرجوا على المبادئ الأساسية المتفق عليها بدخولهم من الانتخابات السورية،وأن هذه المعاهدة هنك في سورية اليوم ولا وفداً يوفد إلى بباريس.
زيدان طاهر يبان
صحيفة لسان الحال- بيروت، العدد 11364 الصادر في يوم الجمعة التاسع عشر من آب عام 1932