أحداث
إستقالة عبد الحميد السراج عام 1961
إستقالة عبد الحميد السراج
في مطلع شهر أيلول 1961 سافر من دمشق إلى القاهرة المشير عبد الحكيم عامر والعقيد عبد الحميد السراج بطائرة واحدة لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر لحل خلافاتهما.
وفي صباح التاسع عشر من أيلول عام 1961 أعلن راديو دمشق قبول استقالة عبد الحميد السراج أحد نواب رئيس الجمهورية العربية المتحدة.
يذكر مطيع السمان قائد المنطقة الوسطى حينها في مذكراته حول إستقالة عبد الحميد السراج ما يلي:
(في الساعة الأخيرة من ليل 18 أيلول 1961، وعلى ما أذكر رنّ هاتف غرفة نومي في حمص على صوت قائد الجيش الأول، والفريق جمال الفيصل من دمشق، ليطلب إلي بصفتي قائد المنطقة العسكرية الوسطى، محافظتي حمص وحماة، إرسال سرية ب.ت.ر بكامل رجالها وعتادها، وكانت مستنفرة من اللواء الخامس المدرع، لتكون تحت تصرف قائد موقع حماه، قبل الساعة السادسة صباحاً، بمهمة تعزيز القوى والمحافظة على الأمن في هذه المدينة.
نقذت أمر قائد الجيش بإعطاء الأوامر والتعليمات اللازمة بالتفصيل إلى قائد اللواء المدرع الخامس العقيد تيسير طباع، وإلى قائد موقع حماه العقيد عبد الملك عثمان.
وفي نشرة أخبار الصباح الإذاعية أعلن راديو دمشق قبول استقالة السيد عبد الحميد السراج أحد نواب الجمهورية العربية المتحدة.
انقضى ذلك اليوم وتواليه دون حصول ما يعكر الأمن أو يستوجب الذكر، في مدينة حماه مسقط رأس السراج.
بعد ثلاثة أيام، وبعد الإتفاق مع قائد الجيش، أصدرت أمراً بإعادة هذه السرية إلى مقرها في حمص.
بعد أيام عاد السراج، كما عاد عامر مزوداً بصلاحيات أوسع واعتماد أكبر بعد صراع مرير بينهما.
أسرع عبد الحكيم عامر إلى إحكام قبضته والسيطرة بدلاً عن السراج. وسعى لكسب ثقة المواطنين السوريين بعد تأخر، وبإقدامه على:
1- حل أجهزة مخابرات السراج وختم مقارها بالشمع الأحمر، ونقل ضباطها إلى الإقليم الجنوبي، وهم السباعي، أدهم، الخطيب، حكيم، عبارة، حاج حسين، البيطار، الجزماتي، دقاق، الأحدب، مسوتي، شريتح وآخرون غيرهم، فمنهم نفذ، ومنهم من عصى، كما أختفى رأسهم في أحد أديرة حمص.
2- إعطاء الأوامر بإخلاء سبيل مساجين السراج الموقوفين بأوامر عرفية أو بدونها، والذين لم يكن توقيفهم بموجب مذكرات قضائية أصولية، وكان لهذا الإجراء وقعه الحسن، وتأثيره الطيب في نفوس المواطنين عامة، من آثار غضب السراج وجماعته.
3- استنفار بعض قطعات الجيش الضاربة، وبخاصة المحيطة بدمشق وفيها، كما استنفر عناصر المخابرات المصرية المنتشرة في جميع أنحاء الإقليم السوري.
4- استنفار ضباط قيادة الجيش وعلى رأسهم الفريق جمال الفيصل، ورئيس أركانه اللواء أنور القاضي، واللواء فيليب صوايا رئيس عمليات الجيش، وكل من العقداء المصريين النافذين أحمد ذكي عبد الحميد، أحمد علوي، أحمد نافع وغيرهم، وكذلك السوريين محمد استنبولي رئيس شعبة المخابرات، وجاسم علوان قائد اللواء 72 النموذجي المتمركز في قطنا.
5- تشكيل جهاز مخابرات جديد بصورة مستعجلة برئاسة العقيد السوري راشد قطيني، وقيل يومئذ لأنه كان العميل السوري الرئيس لجهاز المخابرات المصرية على الضباط السوريين وعلى قيادة الجيش الأول في الإقليم السوري.
لم تستلم عناصر السراج أولاً وهو ثانياً لهذه الإجراءات، فتحركت عناصر من مخابراته وآخرون من الاتحاد القومي، وكان هو رئيسهم في الإقليم الشمالي، وبعض النقابات بشكل تظاهرات وتجمعات، ووزعت صوره والتفت حوله مستنكرة إقالته خوفاُ على مكاسبها وعلى رقابهما فيما بعد، مما أخنق المشير، وبدأت بإقناع السراج بأن عبد الناصر أقاله من وظيفته وليس بمقدوره إقالته من الإتحاد القومي لأنه منتخب.
وكان على رأس هذه الزمر اللواء محمد الجراح قائد عام قوى الأمن الداخلي في سورية والدكتور شكري الفيصل والمحاميان زهير الميداني، ورشاد جنان والمهندس وليد ملحس، وعدنان مبارك، ممدوح رحمون، من القوميين العرب، عصام الدالاتي من جماعة فيصل العسلي سابقاً، وبكري المرادي صاحب جريدة الشام سابقاً، ورئيس المكتب الصحفي في الاتحاد القومي وغيرهم.
وللحقيقة فإن السراج وقف في وجههم أولاً ثم أضحى على شاكلتهم وعلى رأسهم إلى أن اعتقله الانفصاليون ظهر يوم 28 أيلول عام 1961 خوفاً منه على حركتهم، ثم أخلوا سبيله بطلب من حيدر كزبري ليعتقوه ثانية بعد أربع عشرين ساعة .
وكان مختبئاً في دار أحمد أنسبائه ووضعوه في سجن المزة العسكري انتظاراً لمحاكمته).
المراجع والهوامش:
(1). السمان (مطيع)، وطن وعسكري.. مذكرات مطيع السمان، دار بيسان، الطبعة الأولى - كانون الثاني عام 1992م، صـ 25..
المراجع والهوامش:
(1). السمان (مطيع)، وطن وعسكري.. مذكرات مطيع السمان، دار بيسان، الطبعة الأولى - كانون الثاني عام 1992م، صـ 25..