وثائق سوريا
كلمة عبد الرحمن الشهبندر في حفل تأبين الشريف حسين بدمشق عام 1931
كلمة الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في حفل التأبين الذي جرى بمناسبة الأربعين على وفاة الشريف حسين بدمشق في الثالث عشر من تموز عام 1931م.
نص الكلمة:
لم نشغر في أيام ثورتنا بالحاجة إلى شيئ شعورنا بالحاجة إلى المليك المعظم الحسين بن علي ذلك لأن الذي ألقى إلى سورية حبال النجاة وهي تغرق في بحار مظالم الاتحاديين في سنة 1916 لا يتأخر عن القائها مرة ثانية وهي تغرق في بحار مظالم المستعمرين من أبناء الغرب في سنة 1926م.
وهكذا فلا غبار علينا إذا نحن قلنا أن مقدار العطل الذي تصاب به الأمة في أعمالها بسبب موت العاملين فيها هو إلى درجة بعيدة مقياس الرجل الكبير الذي تفقده من أبنائها – فعلى قدر هذا العطل تكون قيمة الرجل.
ومما لا شك فيه أبداً أنه لو بقي لنا في قيد الحياة إلى أيام ثورتنا الشهداء الغر الميامين الذين فقدناهم على أعواد المشانق في سنتي 1915- 1916 وكان المليك الهاشمي لا يزال متربعاً على أريكته في “أم القرى” وله من موارد الحجاز ما يكاد يبلغ المليونين من الجنيهات مانقصنا السلاح والعتاد الذي كنا في أشد الحاجة إليه ولا كانت البوادي المقفرة مسكناً لرجالنا العاملين.
وإذا أراد الباحث ان يستخلص لنفسه حكماً صحيحاً على المليك الراحل فعليه أن يجرد نفسه من آثار تلك الدعاية الملفقة التي بثها جمال السفاح وأعوانه، وأن ينقي دماغه من تلك الأحلام الصبيانية التي تورط فيها الأدعياء من طغمة الاتحاديين وأن يرجع إلى الزمن الأول الذي لم يكن فيه للأغراض الذاتية شأن يذكر بعد.
ولا أدل على صفات الرجال من اللمحات التاريخية التي تؤخذ من سيرتهم العامة، وهي في بدء ارتقائها وعلى طريق تكونها.
يمت المليك الراحل بنسبه إلى أبي نمي القرشي، وهو أول من تولى الإمارة في سنة 932 للهجرة “1525م” وكانت ولادة جلالته في “أم القرى” في سنة 1270 هـ فنشأ فيها وترعرع في سمائها إلى أن بلغ سن الشباب.
فاستقدمه السلطان عبد الحميد إلى الآستانة منذ نحو أربعين سنة، وبنى له على ضفاف البوسفور قصراً مشمخراً ومنحه الرتب والنياشين، واعتنى عناية خاصة بتربية أبنائه وتعليمهم، وكانت سيرته مثلاً يحتذى به في سمو الأخلاق وصدق العزيمة وبعد النظر حتى أن رجال الباب العالي كانوا يستشيرونه دائماً في الخطوب المدلهمة والمعضلات المتعلقة بسلامة الدولة وينزلون في كثير من الأحيان عند رأيه.
وبقي في العاصمة العثمانية 19 عاماً كان في خلالها مفخرة للعرب وحصناً حصيناً لقوميتهم خصوصاً متى قيس بالآخرين أبناء عمه الذين تناسوا كل شيئ عربي حتى لغتهم.
ولما حدث الإنقلاب العثماني سنة 1908 كان لمكة الشأن المفوق بعد الأستانة العاصمة السياسية، وذلك لحرمتها الدينية في أعين العناصر العثمانية فلابد والحالة هذه من انتقاء أصلح رجل لها، واكفئهم للاضطلاع بأعبائها فعمم الاتحاديون عود رجالات العرب- وكان الاتحاديون يؤمئذ في طور تآلفهم وهم بعد على العهود التي قطعوها للعناصر العثمانية وعلى الإيمان المغلظة التي أقسموها فلم يجدوا أصلب من الحسين بن علي ولا أصلح منه.
وهذه لعمري شهادة يلمسها الأعمى وتهتز لها آذن الأصم بما للزعيم الراحل من المزايا لأنها قدمت في ساعة الإنقلاب، وقبل أن تنظم الأغراض الشخصية وتبث الدعايات الكاذبة.
وشتان بين الشهادة التي ينطق بها الشهود في المحكمة فوراً وعلى غير استعداد سابق، والشهادة التي تلقن بعد الرشوة والتواطؤ، فلم يكن دخول “مكة” بأقل من دخول الفاتح الذي أنقذ “أم القرى” من أنصار الرجعية ومؤيدي الاستبداد.
لاجرم أنه دعي منذ ذلك الساعة منقذاً فقضى قضاء مبرماً على تلك الهياكل التي عبئت بأقدس المشاعر، وجعلت عاصمة دين التوحيد والرحمة مرتعاً للشرك والمظالم وأن أنسى لا أنسى راتب باشا الوالي ومظالمه الفتاكة، والصورة القبيحة التي طرد بها من الحجاز.
أما الأحرار في سائر البلاد العثمانية وفي مقدمتها الأستانة فكانوا يصفقون طرباً للسيرة المثلى التي سار عليها الفقيد العظيم وكانت جرائد الترك تكيل له المديح جزافاً للعزيمة الصادقة التي أبرزها.
وأذكر أنني أول ما سمعت عنه من أناس عرفوه شخصياً كان في الهيئة المركزية للاتحاد والترقي في سورية فقد كان أمير الحج في تلك الأيام المرحوم عبد الرحمن باشا اليوسف يقص علينا من الملاحظات عليه ما كان يجعله كبيراً في أعيننا، عظيماً في متانته واستقلاله، ولطالما قلت في نفسي بفأل حسن أن يتمرن زعيم عربي كبير من أبناء عمنا على شؤون الإدارة وتصريف الأمور في عهد الحرية والإخاء والمساواة لأننا ضقنا ذرعاً بالاهمال الذي كنا نعانيه في شؤون الدولة وبالحقوق القومية التي سلبت منا.
ولما جاءت سنة 1909 انتخب نجله الثاني سمو الأمير عبد الله عضواً عن الحجاز في مجلس النواب العثماني، فكان حلقة الاتصال بين الترك والعرب، وكانت الخطة السياسية التي اختطها له والده هي التعاون بين العنصرين العثمانيين الكبيرين على إصلاح شؤون الدولة في الداخل والخارج.
ومما يدل على اخلاص الفقيد العظيم للجامعة العثمانية عقيب تلك الأيام التي لم يبق منها إلا الذكريات أنه قاد بنفسه الجيوش العربية لإخماد ثورة قام بها أبناء عمه الأدارسة في العسير على الحكومة العثمانية فحاصروا الجيش التركي في “أبها” وضيقوا عليه إلى أن أفرج عنه الحسين وأنقده من أنياب الموت.
ولا غرو أنه قال في منشور الثورة الذي نشره على العالم الشرقي والغربي في حزيران سنة 1916 “وقد حملت بالعرب على العرب” ولكنه ماذا رأى وهو في طريقه من “أبها”؟
إنه رأى بعينه عربياً ثائراً وقع في قبضة زعيم من الاتحاديين فأدخل في جسمه عموماً من الخشب كالسفود وشواه على النار المتأججة شي الطهاة للحم.
ولما أعلنت الحرب العامة ورأى الخطر المحدق بالدولة من دخولها غمارها، وقدر شأن انعزال بلاد العرب عن سائر أجزاء المملكة لم تسمح له ذمته بأن يجاري صبيان الاتحاديين في مغامرتهم لذلك كان جوابه لمجلس الوزراء في الأستانة أنه لا يوافق على إعلان حرب تستهدف بها البلاد لأشد الأخطار.
قال لوهيب باشا والي الحجاز أنه لا يقرأ إعلان الجهاد المقدس من على منابر بيت الله خشية أن تكون نتجته مهزلة وعاراً كأنه قرأ في صحف الغيب أن انكلترا ستنجد الهنود فتفتح لهم العراق وتدفع بواسطتهم جيوش الخليفة عن ترعة السويس.
وأنها ستنظم العمال المصريين فتمد بسواعدهم القومية سكة حديد سينا لتصل بها إلى الجرم الثالث والرابع، وأن الفرنسويين سيجيشيون التونسيين والجزائريين والمراكشيين فيدفعون بهم جيوش الألمان عن باريس وفردون.
ومما لا شك فيه ابداً أنه لو كان العقلاء أمثال المشير عزة باشا هم القابضون على زمام السلطة في تلك الأيام العصيبة لقبلت نصيحة الحسين، وما سفكت تلك الدماء وما مزقت تلك الأوصال ولكان لنا شأن مع الترك الأحرار الصادقين لا الدجالين المنافقين غير شأنن اليوم.
شهدت الدولة الحرب في شهر اكتوبر سنة 1914 باعتذار انتحلته عن مهاجمة الأسطول الروسي للأسطول العثماني، وما موقد نارها في الواقع إلا الأميرال سوشون قائد الدراعين عوين وبرسلو بما أتاه من التعدي الفجائي على أساكل الروس وسفن الحلفاء، وقد سمعت من سمو الأمير عبد الله أن أول ما لاحظه والده من سوء نية الاتحاديين هو أن أنور باشا أصر عليه بوجوب سحب القبائل العربية إلى جهة القفقاس لمحاربة الدولة الروسية بدلاً من إبقائها رابضة في أماكنها فكانت هذه الغاية مماثلة لغاية جمال باشا لما أمر في أوائل سنة 1915 بحل طابور الضباط السوريين الذين كانوا في الخدمة المتصورة وبعثرتهم في الأنحاء.
وهذه الغاية هي إخلاء البلاد العربية من القوى المحاربة التي يخشى بأسها الاتحاديون وحشدها على حدود الأقطار التي تضم عناصر الجامعة الطورانية.
ثم أخذت علائم الساعة وأشراطها تبدو في كل مكان من بلاد العرب بسط عليه الاتحاديون رواقهم من تسخير وتعذيب واجاعة وإجلاء إلى ضرب وتدمير وصلب وتقتيل حتى لم يبق في قوس الصبر منزع ولما سيق رجالات العرب إلى المشانق أفواجاً أقواجاً نقخ في الصور فبعث الهمم من مراقدها وغضب الحسين بن علي غضبة هاشمية مضرية فصاح بين أسوار مكة صيحة ارتعدت لها الفرائض وأسودت لها وجوه السفاحين وزبانيتهم وجواسيسهم وأبيضت لها وجوه العرب وأنصارهم، ثم مشينا على الصلت متكئين على روحنا وسيوفنا وبنادقنا من فير تثاقل حتى دخلنا الشام جنة الله في أرضه، فكان حساب ولكن من غير عقاب لأن شيمة أحفاد من أسس مجد العرب أن يصفحوا حتى عمن خان عهد العرب من أبناء العرب.
ولإبقاء الثورة العربية حقها من المكانة التاريخية وشأن معلنها من العزم والإقدام لابد من الإحاطة ببعض الأحوال التي كانت تكتنفها فقد أعلنها الحسين وسحب أعلامها لما كانت الجيوش الألمانية على عظمتها، وأبهتها في الميدان الغربي في بلجيكا وفرنسا وفي الميدان الشرقي تمزق شمل الروس وتحتل فرسوفيا بعدما ضربتها الضربة القاضية في بحيرات محوريا، فأخذت منهم مائة ألف أسير.
وأما في فاليبولي فكان الإنكليز قد انهزموا شر هزيمة وانسحبوا منها بعدما خسروا خسارة جسيمة في أسطولهم وتركوا من القتلى ما يربو على مائة وخمسة عشر ألفاً في مدة لا تتجاوز ثمانية أشهر.
وكان الجنرال توكزند قد استسلم في كوت الإمارة من بلاد العراق في أواخر أبريل سنة 1916، واستسلم معه 13 ألف أسير وكان جيش الصاعقة على أهبة التنظيم في حلب والقائد فون كرسنشتين يعد جيشاً لجبا لاكتساح وادي النيل من شبه جزيرة سيناء.
أما في الحجاز فكان وهيب باشا قد انسحب وحل محله غالب باشا فكان عدد الجيش العثماني هناك لا يقل عن ثلاثة عشر ألفاً منهم قسم كبير في مكة في قلعة “جياد” يشرفون على الحطم وزمزم.
وكان فخري باشا يستجمع قواه في المدينة ويضم حوله جيشاً عرمرماً لا يقل عن خمسة وثلاثين ألفاً.
هذه كانت الوضعية الحربية بالإجمال، وهي قائمة سوداء تدل على رجحان كفة الألمان وحلفائهم الاتحاديين في كل مكان، وأقم منها تلك المظالم، والمغارم، والمشانق، والمجاعات التي كانت تهدد كيان العرب في عقر دارههم.
وقد حاول الاتحاديون أن يمدوا يدهم بشدة إلى الحجاز أيضاً فعلاوة على إرسالهم الفيلق الجديد إلى المدينة بقيادة فخري باشا أوقفوا إرسال الزاد والأطعمة من سوريا إلى الأراضي المقدسة، وكانت أبواب البحر موصدة دون الحجازيين من جراء الحصار البحري الإنكليزي الآخذ بالخناق فضاقت بهم سبل المعيشة حتى باع بعضهم سقف داره للحصول على بلغة من العيش تسد الرمق وحتى عذرهم على انتفاضهم رجل مسؤول مثل علي فؤاد باشا رئيس أركان حرب السفاح.
ومع كل هذه الأحوال غير الملائمة والمضعفة للعزيمة فإن الحسين وأشباله الذين رضعوا لبان الثورة للحق على الباطل لم يحجموا عن دق الطبول وسحب الأعلام رفعاً للضيم، وانتصاراً للحق، فنازلوا السفاحين بأقل عدد من شراذم البدو الضعيف سلاح من مختلف الأشكال فكانت لهم الغلبة على عبدة الذئب الأبيض من منافقي الاتحاديين كما كان لجدهم الأكبر على المشركين من عبدة الأوثان فنادى المنادي من أطراف الحجاز إلى مشارق الشام بصوت عربي مبين رددت صداه الوهاد والجبال والغور والأنجاد.
“وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ذلك لأن الظلم مرتعه وخيم” والأمم تستكين وتتحمل الأذى وتصبر على الضيم ولكن إلى حين وقد لا يبدو عليها التذمر ولا يلاحظ من وجهها الضجر إلا أنها متى انفجرت قطعت السلاسل، وحطمت القيود وكانت كالسيل العرم يجرف ما يقف في سبيله من العقبات إلى أن يستقر في مكانه”.
استتب الأمر للحسين وعقد العرب آمالهم على المليك المفدى وعلى عزيمته الصادقة ولكن في سنة ألف وتسعماية وواحد وعشرين هبط جدة ضابط بريطاني حزقة قصير برأس كبير يحمل مشروع معاهدة من وزارة الخارجية البريطانية فيه طلب الإعتراف من الحسين بالتمزيق الذي حصل والانتدابات التي فرضت مقابل ذلك صيانة الإنكليز لاستقلال الحجاز وسلامة العرش الهاشمي في بيت الله فأبى الشيخ الجليل أن يبيع دينه بديناه، ويبغي لنفسه مجداً شخصاً شخصياً على جماجم أبناء عمه في فلسطين وسورية والعراق فرد الكولونيل لورانس رداً قبيحاً ولسن حاله يقول عجباً لكم يابريطانيون تحاربون ألمانيا لأن بتمن هولوج قال عن المعاهدات أنها قصاصات من الورق وتحاربونا لأننا نقول عليها أنها ألواح من المهج؟
وهل الأمم تطالب بشرف المعاهدات في أوربا ولا تطالب بشرف المعاهدات في آسيا مع أن كتابنا لم يفرق بين القارات والألوان والأجناس والأديان لما أمرنا بإنجاز العهود وعدم الأخلاف بها فقال في الآية الرابعة والثلاثين من سورة الإسراء “وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً”.
وبعد ثلاث سنوات من هذه الزيارة هجم حلفاء الإنكليز على الحجاز ليطهروه من أدرن الشرك وأوزار الخيانة؟
فمسحوا باسم الدين الرأفة رقاب أهل الطائف نساء ورجالاً وأطفالاً بصورة تقشعر من هولها الأبدان، ولا تشرف سكان الجزيرة كثيراً فدب الرعب في قلوب الناس في (أم القرى) فهاموا على وجوههم يطلبون لهم ملجأ حتى خانت القصور من ساكنيها، والطرقات من عابريها وزحف المقعدون على بطونهم لا يعرفون اين المفر.
وكان زعيم من بني الأطرش المجاهدين حاضراً في البلاد يومئذ فقال: (ولما أحسنا بالشر على الأبواب تواقعنا على الملك حسين ترجوه أن يخرج معنا فأبى أن يفارق مدن الآباء والجدود، ولما اشتدت الجلبة والغوغاء لم نعد نملك قياد أنفسنا فخرجنا هائمين كغيرنا نطلب لأنفسنا السلامة لكن الشيخ الوقور صاحب اللحية البيضاء الناصعة بقي بعدنا وما أظنه خرج إلا بعد ماسمع وقع أقدام الغطغط على أبوب القصر.
لقد حاول أنصار جمال باشا السفاح أو الذين آمنوا بالدعايات الاتحادية أن يهزأوا بكلمة “المنقذ” التي لقب بها ظناً منهم أن مؤسسي (تورك أوجاغي) ومؤيدي اتيلا وجانكيز وهولاكو وتيمور والمؤمنين بالبيت وبعبادة الذئب الأبيض كانوا هائمين بالإسلام متفانين بحب الخلافة لما نعوا على الحسين ثورته وشقه عصى الطاعة وشنعوا عليه في أصدق ميزاته، ولم يدر في خلدهم أن شهر حزيران من سنة 1916 كان ختام شهور المشانق التي نصبت لزعماء العرب والمناطق التي أخليت لإجلاء البيوتات والأسر في سورية العراق.
وإن لم يعترف غيرنا بأنه منقذ فنحن نشهد أهل الأرض والسماء بأن العلم الذي سحبه في شعبان في أم القرى أنقذنا من أفظع سفاح شهدته بلادنا في القرون الحاضرة.
والإنقاذ أنواع منه إنقاذ من الوثنية وإنقاذ من الجهل، وإنقاذ من العبودية، وإنقاذ من الاستعمار كما أنقذ الغازي الترك من أوربا ولاشك أن الإنقاذ من الهلاك المحتم في المادة والمعنى هو إنقاذ ما بعده إنقاذ.
وحسبي أن يشهد بصحة كلامي أبناء بلادي وأقرباء الشهداء من رجالات العرب والذين تجرعوا غصص الجوع والعطش والنقي والعذاب ولاسيما تلك النخبة المنتخبة من سجناء خان البطيخ في العاصمة الأموية، على أن تلك الحالة القائمة المحفوفة بأخطر الاحتمالات التي شرحناها دخل الحسين في الثورة العربية وهو في سن الخامسة والسبعين، وفي الديار الشامية التي أحبها فارق دنياه وهو في سن الثمانين.
وقد يكون للردل في سنه وفي منشئه وفي بيئته خطيئات عظيمة لامفر منها قد يكون له فضائل لا مثيل لها.
وقد يعين أمير فيصير صعلوكاً ويجلس على العرض فينام من غير فرض ويمتطي الجياد إلى الجهاد كما يركب البواخر إلى النفي، والأبعاد ولكنه من غير شك عاش على العهد ومات على العهد.
نما كبيراً وذيل كبيراً وليت شعري من أحق منه بالصدق والعزيمة والثبات وهو حفيد أخلص نفس وأثبت مبدأ وأصدق رجل حفيد من قال لأبي طالب منذ أربعة عشر قرناً “ياعمر والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته”.
عبد الرحمن العطار.
المراجع والهوامش:
(1). حفل تأبين الشريف حسين بن علي في دمشق عام 1931
(2). صحيفة فلسطين- يافا، العدد 104-1771 الصادر في يوم السبت الثامن عشر من تموز عام 1931
المراجع والهوامش:
(1). حفل تأبين الشريف حسين بن علي في دمشق عام 1931
(2). صحيفة فلسطين- يافا، العدد 104-1771 الصادر في يوم السبت الثامن عشر من تموز عام 1931