القبائل والعشائر في سورية
عشيرة الحديديين في سورية
عشيرة الحديديين
يذكر ماكس أوبنهايم عن العشيرة في كتابه أن (1): (
كان الحديديين السوريين مثل أقربائهم في بلاد الرافدين، متفككين إلى مجموعات صغيرة من الرعاة المسالمين تعيش على أطراف المنطقة الزراعية، ثم تدامجوا في العقود الأخيرة أكثر فأكثر بعضهم مع بعض، وتبنوا نمط حياة أنصاف الرحل.
يدين الحديدين بهذا التطور إلى أسر شيوخهم، والتي عرفت كيف تستغل فرص تراجع البدو الرحل، وتفيد من تطورات حقبة ما بعد الحرب.
نجحت الأسرة، أول الأمر، في تجميع نواة قبيلة “البوكنتش” وأتباعها من حولها، ثم أخضعت بقية العشائر لسلطتها، فحل التنظيم السياسي الصارم محل روابط الدم الواهية- عدد الحديديين الأقحاح في القبيلة قليل جداً-
تنامت ملكيات القبيلة بسرعة وتوسعت مناطق انتشارها، فزاد قطر دائرتها إلى أكثر من الضعف بين عامي 1880- 1914، وأصبحت القبيلة شبيهة بالبدو الأقحاح في عاداتها وتقاليدها وحتى في لغتها.
شهدت حقبة ما بعد الحرب بداية تطور معاكس، تسارع مع سنوات الجوع عامي 1932- 1933، التي جعلت الحديديين ينتقلون إلى الزراعة، ولكن دون أن يفقدوا شيئاً من تماسكهم وقوتهم القتالية، لأن المؤثرات التفكيكية، التي تصاحب استقرار البدو عادة، لم تحدث عندهم، لأنهم استقروا غالباً في أراضي شيوخ مشايخهم، أو بقوا تابعين لهم بسبب ما كانوا يقدمونه لهم من سلف مالية.
غير صعود الحديدين السريع توازن القوى في ديرة الشنبل، وسبب نشوب صراع مفتوح مع الموالي، الذين كانوا يعتقدون أنهم لا زالوا سادة تلك الأرض، وكان الحديدين يدفعون لهم الآتاوات في الماضي.
وقد قدمت حادثة تافهة المناسبة المطلوبة: فقد تشاجر رعاة الأبرز “ا ط” ورعاة من عشيرة لهيب التابعة للحديدين حول استخدام بئر ماء، فكان من اللهيب إلا أن طلبوا الانضمام إلى الموالي لاعتقادهم أن حقوقهم قد انتهكت، فكان جواب الحديدين على هذا الانفصال إعلان الحرب على الموالي.
بدأت الأعمال العدائية عام 1920م، وكانت ستنتهي دون شك بهزيمة الحديدين، لو لم تتدخل سلطات الانتداب لإنقاذهم.
سددت قوات الحكومة ضربات شديدة ومتكررة إلى الموالي، فتوقفت الحرب تدريجياً بين القبيلتين، ثم استعرت عام 1930 من جديد بعد مقتل الأمير عبد الرزاق. الحكومة مدت يد الحماية هذه المرة أيضاً إلى الحديدين، فلم تحدث عملية ثأر دموي، ولكن لم يتم عقد السلام إلى الآن.
يقيم الحديدين في الصيف بين حلب وحماه إلى الشرق من خط السكة الحديد، حيث يزرعون أراضيهم، ويعملون كعمال زراعيين أو يقومون بأعمال نقل على جمالهم.
أما في الشتاء، فهم يتنقلون من السهب السوري الشمالي بين اسريا والرصافة والسخنة، ويتوغلون أحياناً إلى عمق الصحراء “وادي المياه”.
تقع مستقرات الحديدين على بعد خمسين كيلو متراً إلى الجنوب من حلب. وقد تمت عام 1928 تسويات نزاعات الملكية بينهم وبين الموالي، حين رسمت لجنة حكومية حدود مناطق سكن القبيلتين، وتمت مبادلة المناطق المتداخلة لكل احدة منهما لدى الأخرى.
تعتبر أسرة شيوخ الحديدين – آل إبراهيم- من أصول غامضة. ويقال أن أباهم الأول كان علوياً “نصيري” يعمل ساقي قهوة لدى أمير الموالي. وقد تسامت مكانتها منذ ستينيات القرن الماضي “التاسع عشر” بفضل الشيخ شرخ، وارتقت بسهولة لأسباب منها افتقار القبيلة إلى التقاليد. ثم رفع صالح، إبن شرخ، سمعة الأسرة بزواجه من أخت أمير الموالي عبد الكريم.
وواصل الشيخ الحالي “نواف الصالح” عمل آبائه، وهو ربيب مدرسة القسطنطينية البدوية، كان ضابطاً في الجيش التركي واحتفظ برتبة وراتب المقدم، حين تولى المشيخة حوالي عام 1915.
رغم ماضيه هذا. سعى نواف بعد الحرب العالمية إلى الالتحاق بالحكومة الجديدة، وحصل على ما أراد، فصار فارس جوقة الشرف وعضو الجمعية الوطنية لعام 1928م.
أبدى نواف براعة كبيرة في سياساته العائلية كما في قيادة قبيلته، وقد تصاهر مع السبعة والموالي واشترى ممتلكات واسعة. واستأجر مناطق شاسعة قرب الخرايق من إدارة الأراضي، أصلح مرافق ريها المعطلة واشترى لفلاحتها محراثين يعملان بالمحركات. إلى هذا، عمل نواف قاضياً بنجاح وقرب الحديدين بإحداث هذا المنصب الذي كان غير موجود لديهم حتى ذاك الحين، من البدو الأقحاح. إختار نواف، من أبنائه الاثني عشر، ابنه سطام خلفاً له).
(1) ماكس أوبنهايم ، البدو، الجزء الثاني، صـ 435 – 435
نسب الحديديين
الحديديين يعدون انفسهم من السلالة الهاشمية ويقولون ان نسبهم يعود الى الشيخ محمد بن نجم الدين الدروبي الملقب بعجان الحديد حفيد الحسين رضي الله عنه ومن ال بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون انه الجد الجامع لعموم قبائل السادة الحديديين الاشراف فهذه القبيلة لها من التاريخ ما دون في كتب وسجلات ومدونات المستشرقين فهي من القبائل الهاشمية التي انفردت ككيان قبلي عن بني هاشم من قوتها وسطوتها وحب ابنائها للحروب والنهب والكر والفر والفروسية فعندما هاجر ال البيت الى العراق لنشر الدين ودحض البدع كان من اشهر المحاربين للكفار والمنافقين هو جد هذه القبيلة العريقة وهو الشيخ محمد بن دروبي الحديدي وانتشرت ذريته في العراق وشبه الجزيرة العربية والشام فهي قبيلة متسعة وهم بدو رحل وبعضهم استقروا انتشرو الحديديين بالعراق وقرر الكثير منهم بعد ان هزمو المشركين. ان يعودوا الى شبه الجزيرة العربية موطنهم الاصيل وسنتطرق لذكر تاريخهم بعد ان نذكر عشائر قبيلة الحديديين وهم كالتالي ( استُخرج هذا النسب الشّريف من النسب الكبير ومنسب الانساب الشّهير المؤرَّخ سنة تسع وعشرين ومائةوالف هجرية والمصدَّق من عدة نقباء ومشايخ واشراف المتوثقة على تصديقهم كافةالانساب ).
أغرب ما قيل عن الحديديين ، هو ما قاله عبد اللطيف كريم الزبيدي ، بكتابه – زبيد ، أصولها وفروعها – ص46 ، المودع في ديار الكتب والوثائق ببغداد برقم 1369 لسنة 1990 – طباعة شركة الرافد للطباعة – بغداد . إذ قال:
( الحديديون قبيلة زبيدية الأصل ، قحطانية النسب ، مناطق سكن هذه القبيلة محافظة نينوى ، وخاصة المناطق القروية ، وأبرز شيوخ هذه القبيلة ، الشيخ أحمد الورشان وعباس الشهاب وأحمد بن كريم والشيخ صالح الصغير والشيخ عبد الله المصخي والشيخ خلف المربط والشيخ حسين ورشان والشيخ سليمان الحمادي والشيخ وادي والشيخ محمد الصالح ، ولهذه القبيلة عدد من الفروع هي : المطاوحة والكواصمة والدروبي والملاوحة والشويكات والسويفات والكضيب والسويدات والنوافلة والغوينم والأكعد ) .
قال أحمد وصفي زكريا بالصفحة 522 من كتابه – عشائر الشام – : ( ويزعم الحديديون أنهم أعقاب رجل معتقد بولايته وكراماته ، التي منها وفيما زعموا عجن الحديد ، واسمه الشيخ محمد عجان الحديد ، وضريحه في الحديثة على الفرات ، وفي قول آخر إنهم من أتباعه وأنصاره ، لا من أعقابه )
يقول المحامي عباس العزاوي بكتابه – عشائر العراق – ج4 ص229- 235 : ( الحديديون سادة ، وإن قسماً مهماً من زبيد وغيرها قد التحق بهم ، والعشائر عندنا مختلطة كثيراً ، والمعروف انهم سادة حسينية ، والآخرون يمتون إلى عشائر تساكنهم )
أمّا رئاسة قبيلة الحديدين فيرأسهم الشّيخ مصطفى بن أحمد بن حسين بن محمد بن ورشان الذي عرف عنه الكرم والشّجاعة والقيم العربية الاصيلة، فهو من كبار شيوخ الحديديين ومن رجالها الافذاذ، فهو صاحب مواقف مشهودة وكلمته مسموعة عند ابناء عشائر الحديديين.
أما فروع قبيلة الحديدين فهي:
أولاً ـ عشيرة الملاوحةَ، ويتفرعون إلى:
1 ـ الجلاجلة، يرأسهم علي بن سليمان بن داود بن سعيد بن جرف بن جدعان بن علي بن جلال بن ملوح.
2 ـ المحامدة ، يرأسهم علي نجم عبشي بن عطيوي وعلي غزال عبداليوسف.
3- الكمامرة ، يرأسهم الشيخ ميسر زكلاب محمد سوادي .
4 ـ القبزيز، يرأسهم إبراهيم محمد علي ثرثار وفتحي خليل أحمد.
5 ـ الدرابسة، يرأسهم عبدالله حميد علي.
ثانياً ـ عشيرة الكواصمة، يرأسهم محمد بن عبوش بن عداد بن حسين بن أحمد بن جاسم بن دبيس بن حسن بن محيسن بن كاصوم.
ثالثاً ـ عشيرة الاكعد، يرأسهم يحيى بن علي بن خلف بن حموش بن بدران بن ظاهر بن عواد بن محمد بن كعود.
رابعاً ـ عشيرة الشويجات، يرأسهم وليد بن عثمان بن عبد بن عبدالغني بن أحمد بن علي بن عثمان بن عوسج بن شوك.
خامساً ـ عشيرة السويفات، يرأسهم طالب مدلول شلال الشّرنخي.
سادساً.. عشيرة النوافلة، يرأسهم عبدالواحد محمد صالح بن يوسف.
سابعاً ـ عشيرة البوكضيب، يرأسهم خالد بن سالم بن حلف بن مربوط بن صالح بن مهدي بن جاسم بن محمد بن سعيد بن كضيب. وفي بادية الشام يراسهم الشيخ نواف الصالح بن جرخ بن جادر الحديدي والذي قيل عنه … انه كاد ان يحكم بادية الشام ….. فهو وعشرون رجل من ابناء عمومته الحديديين الفرسان طردوا قبيلة الشعيطات الاردنية كاملة وذبحو شيخها واعادوها الاردن بعد ان نهبو غنمهم وابلهم اما في المملكة العربية السعودية فتعود مشيخة القبيلة الى الشيخ نواف بن ابراهيم الحديدي وفي سلطنة عمان الى الشيخ هذال بن منيف الكويصمي الحديدي كما تنتشر في مصر فهجرتهم حديثة الى مصر تحديدا في اواخر الثمانيات ويتواجدون في الصعيد والبحر الاحمر. وهم من اشراف الصعيد ابناء هذه القبيلة تميزو بالشجاعة والاقدام والقنيص وحب الصقور والصيد بها فهم عرب اصيلين هذه القبيلة كانت ما حاربت قبيلة الا وذبحت شيوخ العدو ومن اشهر حروبها حربها مع قبيلة الموالي وعنزة وشمر وعمليات الكر والفر بينهم فقد حاربت الموالي ……… وتعددت حروبها مع عنزة اذ كانت عنزة وبني حديد من اكبر القبائل في بادية الشام رغم كثرة عدد عنزة الا ان الحديديين خلقو للدم والقتل والشجاعة فكان احد رجال عنزة من الرولة قد تسلل الا مضارب الحديديين وسرق بعض الغنم فوجدوه اثنين من الحديديين وكادو ان يقطعوا راسه الا انهم علموا انه من عنزة فنهبوا ماله وتركوه يذهب ومن مواقفهم المشهودة جهادهم ضد المحتل فحديديين بادية العراق كانوا من اوائل البدو الذين واجهوا الصليبيين وارهبوهم في البادية وفي الاردن اسروا اشهر جنود الانجليز وذبحوهم ومدحهم بذلك شيخ قبيلة بني صخر وفي بادية الشام قوم الشيخ نواف الصالح قد جاهدوا الاتراك حق جهاد فقد قال ابن مهيد عنهم ان الحديدي ما ان اغار على مجمع اتراك مسلحين الا وتطايرت الطرابيش الحمر مع الرؤوس والطرابيش هي قبعة الاتراك وجنودهم وكان الشيخ نواف الصالح على تواصل دائم مع شيوخ القبائل العربية فكان يزوره شيخ قبيلة مطير وقحطان وعتيبة وشمر وغنزة ومن اشهر مجالسه مع ابن هذال شيخ عنزة وكان كثرا ما ينتخون بالحديديين في الحروب والفزعات حتى لقب الشيخ نواف بين عموم البدو بالمديفع والحديديين ينتخون بنخوة غبشة ويلقبون بهل الجدعة هذه الناقة التي ابادو بسببها رجالات كبرى القبائل وكانت هاذه القبيلة حامية لحدود بادية الشام …… ولقبت قبيلة الحديديين بمرهبة الترك فكانت الحكومة العثمانية تسعى الى السيطرة على قبائل البدو فنجحت ما عدا مع بعض القبائل واشهرها الحديديين الذين ابوا الطاعة والانقياد فهم طيور حرة واحبوا البادية والحروب وهم كثيرون جدا ….. انتشرو في معظم بوادي الوطن العربي ولم ينسوا شبه الجزيرة العربية موطنهم الاصيل فهم يتواجدون في الطائف والمدينة المنورة واليمن بالحديدة ولهم جبل بالاردن سمي باسمهم وهو جبل الحديد بالسلط ولهم رقعة واسعة جدا في بادية الشام والعراق وكانت اذا اختلفت قبيلتين رجعت الى شيوخ الحديديين بالمنطقة لفطنتهم وحكمتهم وقيادتهم وفي مصر سميت العديد من المناطق التي نزلو فيها باسمهم مثل كفر الحديدي بكفر صقر ونجع الحدايدي بالصعيد وهذه القبيلة تملكت افضل انواع الابل وهي الشقح والحمر والصفر وهي اكثر قبيلة عربية تمتلك الغنم فقيل المثل المشهور السمن الحديدي والارز الرشيدي السمن الحديدي هو سمن الغنم البري كما عرفت في شبه الجزيرة الطب البدوي الحديدي الذي عرفوه شيابين الحديديين بالاعشاب البرية وكما زار العديد المستشرقة الالمان وغيرهم شيوخ الحديديين ليتعرفوا على حياة البادية وقسوتها واشهر قبائلها ….
اما ماذكره عنها وصفي زكريا مؤلف كتاب عشائر الشام
الحديديون:
من أكبر عشائر الشام عددا، و أكثرها ثروة، و أميزها بإتقان تربية الماشية، و صنع السمن المعروف بالحديدي، و أشدها استعدادا للتحضر و الاستقرار، و التعلق بالحرث و الزرع، و أقربها للوداعة و إطاعة الحكومة.
أصلهم من أنحاء مدينة الموصل الواقعة شمالي العراق ، و لا يزال هناك منهم قسم يقدر بنحو ألف بيت، يتبدى على يمين الدجلة، من تل عفر إلى حمام العليل، و على يسار الدجلة بين الزاب و سهل باشايا، و يتألف هناك من فرق عديدة، تعمل في الزرع و الضرع، و لا تنقطع عن الاتصال و التزاور مع أقاربها الموجودين في براري حلب.
اقسامهم:
ينقسم الحديديون الى أربعة أقسام:
(1) حديديو الموصل.
(2) قوم الشيخ نواف الصالح
المعروفون في القيود الرسمية باسم (كومة) .
(3) فرق مستقلة عن الشيخ نواف،
و ملتفة حول رؤساء آخرين، كالغناطسة في قضاء الباب، و الأبي شهاب الدين في جنوبي مطخ قنسرين بقضاء إدلب، و الأبرز في جبلي الأحص بقضاء جبل سمعان، و الابي حسن الذين أصلهم من عشيرة الأبي شعبان الفراتية
(4) لواحق من الشوايا و الرعية
كالجملان، و هؤلاء ينضوون تارة الى الموالي و تارة الى الحديديين و تارة يتظاهرون بالحياد و الاستقلال.
و من فرق الحديديين الاصليين: الابو كنش، الابو صليبي، الابو جميل، الابو قاتلة، الابو حربة الحجاج، الابو زليطي، المراسة، و المعاطة.
و من لواحق الحديديين، ارهاط، و أفخاذ من منابت و عشائر مختلفة، انضموا إليهم، و هم: النعيمات، و الابو قعيرات، و الابو شهاب الدين، و العميرات، البو سبيع، و الابو حربة، البو عيسى، و الحسانيون، الأبرز، الابو عطيوي، الابو حسن، الجملان، و الغناطسة، و إذا أضيفت هذه اللواحق الى الحديديين الكومة، بلغ المجموع 4900 بيت.
منازلهم:
يقطن الحديديون الكومة في قراهم العديدة الواقعة شرقي قضاء ادلب، و جنوبي قضاء جبل سمعان، و شرقي قضاء المعرة. و يقطن الشيخ نواف و أقاربه آل ابراهيم، في قرى الطويحينة، و البويد، حتى الاندرين، و أسرية. و تمتد ديار بقية الفرق، و الفصائل، من القرى المذكورة نحو الجنوب، الى ناحية العلا في قضاء المعرة، و الى ناحيتي السعن و سعين في سليمية، احد اقضية محافظة حماة.
اما لواحق الحديديين، ففرقة الابي شهاب الدين في جنوبي مطخ قنسرين، في قريتي العوينات، و تل كلبة، و فرقة الأبرز في قرية الهزانة بجبل الاحص.
و فرقة الابي عاصي في تل فخار بمطخ قنسرين. و الابو حسن في ناحيتي الحمراء، و السعن و سعين.
و ينشئ هؤلاء مزارع و ضيعات جديدة، و يفجرون قنوات عديدة في جهات بغيديد، و يستثمر بعضهم ارضين واسعة في أنحاء عقيربات، و عرشونة، شرقي سلمية.
اما الحديديون الغناطسة منهم في جنوبي الباب أحد أقضية حلب. يقطنون في قرى دير حافر، ام المراد، حميمة، وديعة، أبو ضنة، جب الصفا، حلبية، دكواني، بغيجة، مفلسة، قصقص، رسم عبود، تبارة ماضي، التايهة، مقطع الحجر الكبير، مقطع الحجر الصغير، و مروح.
و الحديديون أهل غنم في الغالب، لذلك يعدون من ذوي النجعة المحدودة، على ان ازدياد الإبل لديهم يوما عن يوم، يضطرهم الى التوسع و الابعاد في النجعة، ففي الصيف يقيظ الكومة منهم في أنحاء
البويدر و ابي الظهور. و تقيظ الغناطسة في أنحاء دير حافر، و الباب، و العريمة.
و يقيظ الجملان و الابو حسن في الحمراء، و بغيديد، و السعن، و سعين.
اما في الشتاء فقد قضت المؤتمرات التي عقدت للصلح بين الحديديين و الموالي في سنة 1941 م، ببقاء الحديديين في نجعتهم شمالي الخط الممتد من الشيخ هلال، و وادي التناهة، و الحريجة، و عمشة ردة، و الكديم، و قطقط، و أرك، و ببقاء الموالي جنوبي هذا الخط، لكن هذا التحديد ألغي بسبب الصفاء الذي عاد الى هذه الربوع.
و على كل فالحديديون الكومة، لا يبعدون في الغالب، عن الاندرين، و اسرية، و السخنة، و جبل العمور، لكن أبا حسن يصلون الى الحماد شرقي و جنوبي تدمر. و يصل الغناطسة الى غربي السخنة، و شماليها. و في سني المحل قد يصل الحديديون كلهم، الى وادي المياه، و آبار الطيارة، و سجري، و ورقة.
و اكثر قرى الحديديين تقع جنوبي قنسرين، و تمتد من محطة ابي الضهور شرقا، حتى خربة الاندرين، و الى ما حولها من الخرب الاثرية. و قد حصلت فتن عديدة بين الحديديين و الموالي ، ذهبت ادراج الرياح، و حل محلها الوئام و التوادد، و كلما زاد ضغط عنزة، العدوة المشتركة عليها، زادت هذه الصداقة تمكنا و ثباتا.
عشائر الشام لوصفي زكريا ج 2 ص 156، 172-189، 197، 201. افادات زراعية لشارل باقي ص 80.
يذكر الأستاذ أحمد وصفي زكريا أيضا أنّ الشيخ نوّاف الصالح حدّثه في العام 1933 م بقوله :
” إنّ حمد العباس كان أمير البادية .., فجاءته ذات يوم امرأة من بنات الشيخ محمد عجان الحديد , واستجارت به كي ينقذ أبناءها السبعة من سجن بغداد , وكان هذا الأمير ذا صولة ووجاهة طائلتين , فأنقذ هؤلاء الأخوة
ويضيف الأستاذ زكريا : ” وهؤلاء الأخوة هم أجداد الحديديين الحاضرين , فقد أعقب أربعة منهم , واسمهم غنطوس وصليبي وجادر وجميل , فسميت الفرق التي تسلسلت منهم بالغناطسة , والأبو صليبي , والأبو جميل , وسميّت سلالة جادر باسم أحفاده كنش وزليط وفاتلة وشتيوي .
وقالوا إنّه حدث بعد حين نزاع بين الأخوة القناصة وأحد أبناء الأمير أدّى إلى نزوح هؤلاء عن الموالي , والتف حولهم جمع من عشيرتهم الحديديين الواردين من أنحاء الموصل , فتكاثروا وصاروا حيّاً كبيراً قرب الموالي ونازعوهم السيطرة على ديرة الشمبل.
وصفي زكريا ينقل عن شيخ الحديديين انهم ابناء احد بنات الشيخ عجان الحديد وليس ابناؤه …..
ويذكر الألماني أوبنهايم : ” يدين الحديديون بتطورهم إلى أُسر شيوخهم التي عرفت كيف تستغل فرص تراجع البدو الرحل , وتفيد من تطورات حقبة ما بعد الحرب , نجحت الأسرة أوّل الأمر , في تجميع نواة قبيلة البوكنش وأتباعها من حولها , ثم أخضعت بقية العشائر لسلطتها , فحلّ التنظيم السياسي الصارم محلّ روابط الدم الواهية … وتنامت ملكيات القبيلة بسرعة وتوسعت مناطق انتشارها , فزاد قطر دائرتها إلى أكثر من الضعف بين عامي ( 1880 م – 1914 م ) , وأصبحت القبيلة شبيهة بالبدو الأقحاح في عاداتها وتقاليدها وحتى في لغتها .
شهدت حقبة ما بعد الحرب ( العالميّة الأولى ) بداية تطوّر معاكس , تسارع مع سنوات الجوع عامي ( 1932 و 1933 م ) التي جعلت الحديديون ينتقلون إلى الزراعة , ولكن دون أن يفقدوا شيئاً من تماسكهم وقوّتهم القتاليّة , لأنّ المؤثرات التفكيكيّة التي تصاحب استقرار البدو عادة , لم تحدث عندهم .
” يقيم الحديديون في الصيف بين حلب وحماة إلى الشرق من خط سكة الحديد, حيث يزرعون أراضيهم , ويعملون كعمّال زراعيين أو يقومـون بأعمـال نقل على جمالهم , أمّا في الشتاء , فهم ينتقلون في السهب السوري الشمالي بين إسرية والرصافة والسخنة , ويتوغلون أحياناً إلى عمق الصحراء ( وادي المياه ) تقع مستقرات الحديديين على بعد خمسين كيلو متراً إلى الجنوب من حلب .
وقد تمت عام 1928 م تسوية نزاعات بينهم وبين الموالي حين رسمت لجنة حكوميّة حدود مناطق سكن القبيلتين وتمت مبادلة المناطق المتداخلة لكل واحدة منهما لدى الآخر.
ويذكر الأسدي : ” الحديديين , أشهر وأقوى قبيلة في محافظة حلب .., وأصلها من بادية الموصل توافدت على حلب إثر نزاع شجر بين بعض أفخاذها منذ ستة قرون , وانضم إليهم في بادية حلب غيرهم , وكانوا يقومون بأعمال السلب وقطع الطريق , وقضوا طويلاً في بادية الباب ومنبج , ثمّ استقر معظمهم جنوبي ” المطخ ” يزاولون الزراعة , والنسبة إليه : الحديدي , واشتهرت بسَمنها الذي ليس مثله طعماً ورائحة .
شيوخ الحديديين
الشيخ جرخ الإبراهيم :
الرئيس العام للحديديين ( 1277 – 1287 هـ ) أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر ميلادي , ضم شمل الحديديين , وفي عهده أوكلت مهمة مراقبة الطريق بين حلب وسراقب للحديديين , وذكره وصفي زكريا فقال : ” كان ذكياً , وذا ثروة ومقدرة كبيرتين , وهو الذي جمع شمل الحديديين.
وأعقب الشيخ جرخ كلاً من صالح وحمود , فأمّا صالح فأصبح الشيخ بعد وفاة والده , وأمّا حمود فكان عقيد الحديديين .
وذكر أوبنهايم : ” تسامت مكانة الحديديين منذ ستينات القرن الماضي ( القرن التاسع عشر ) بفضل الشيخ جرخ.
الشيخ صالح جرخ الإبراهيم :
كـان ذكياً , وشجاعاً , وذا ثروة كبيرة , وقد حاز على عدة رتب وأوسمة في العهد العثماني , منها كما جاء في سـالنـامة ولاية حلب عام 1903 م , ومن بين هذه الأوسـمة : ( نشان مجيدي رابع سنة 1318 هـ ).
وبعد وفـاة الشيخ جرخ , يذكر الأستاذ زكريا : ” ثم خلفه ابنه صـالح في تلك المناقب
الشيخ شامان الصالح :
بعد وفــاة الشـيخ صـالح , يذكر الأستـاذ زكريـا : ” ولـمـّا توفي في حدود سنة ( 1322 هـ ) خلفه ابنه الكبير شامان , وتوفي في سنة ( 1333 هـ ) .
الشيخ نوّاف الصالح :
ولد الشيخ نوّاف سنة (1297هـ / 1888 م) , ووصفه أحمد وصفي زكريا بقوله :
” يعد أذكى قومه جناناً , وأوسعهم عرفاناً , وأطلقهم وجهاً ولساناً , ولا غرو فهو خريج مدرسة العشائر والمدرسة الحربيّة في عهد السلطان عبد الحميد , عمل في الجيش العثماني مدّة , وبلغ رتبة رئيس ومارس حياة الحضارة والنظام , وبعد أن تقلّد مشيخة العشيرة اتّسعت سلطته , وعلت كلمته.
ويذكر الأستاذ وصفي زكريا: ” لما توفي شامان الصالح , صدرت الإرادة السنية بتعيين أخيه نوّاف المولود في سنة ( 1297 هـ ).
وارتبط الشيخ نوّاف بعلاقات اجتماعيّة واسعة عن طريق مصاهرته لرؤساء فرق الحديديين وغيرهم من الشيوخ .
ويذكر الأستاذ زكريا : ” فقد زوّج إحدى بناته إلى راكان المرشد شيخ الأسبعة البطينات , وأخرى إلى خليف الإبراهيم فرقة الأبي حسن المستقلة عنه , وزوّج أخاه أحمد الصالح أخت الأمير تركي آل أبو ريشة كما تزوج هو عمة الأمير الشايش , وزوّج أحدى أخواته إلى محمد الصفوق الرجو شيخ فخذ الغناطسة , فضمّ بذلك حوله فرق الحديديين القريبة , وجذب نحوه الفرق البعيدة , واتّحد مع أحد بيوتات عنزة الرفيعة , وزاد في أسرته نسبة الدم النبيل الخاص بالأمراء وكبـار الرؤساء , وحاز مكانتهم وحرمتهم لدى البدو والحضر والحكومـات.
وأعقب الشيخ نوّاف من الأبناء : سطام , وفيصل , ونوري , وممدوح , وفيّاض , وعيد , وأسعد, وشامان , وسعران , وطراد , وفهد ، ومثقال و فايز ، وبركات وفرحان ، وثامر وكودان.
ويذكر أوبنهايم في حديثه عن الشيخ نوّاف :
” كان ضابطاً في الجيش التركي واحتفظ برتبة المقدّم , حين توّلى المشيخة عام 1915 م .. وسعى نوّاف بعد الحرب العالميّة إلى الالتحاق بالحكومة الجديدة , وحصل على ما أراد , فصار فارس جوقة الشرف وعضو الجمعيّـة الوطنيّـة السوريّة لعام 1928 م.
” وأصبح الشيخ نوّاف نائباً في البرلمان السوري وكان يتلقى عوناً بالليرات السوريّة عام 1934م .
ويضيف أوبنهايم : ” أبدى نوّاف براعة كبيرة في سياسته العائليّة كما في قيادة قبيلته , وقد تصاهر مع السبعة والموالي واشترى ممتلكات واسعة واستأجر مناطق شاسعة قرب الخرايج من إدارة الأراضي , وأصلح مرافق ريّها المعطلة واشترى لفلاحتها محراثين يعملان بالمحركات , إلى هذا , عمل نوّاف قاضي بنجاح , وقرّب الحديديين بإحداث هذا المنصب الذي كان غير موجود لديهم حتى ذاك الحين.
الشيخ سطام النوّاف :
توّلى أمر المشيخة بعد وفاة والـده الشيخ نوّاف سنة (1949 م) .
” اختار نوّاف من أبنائه الاثني عشر , ابنه سطام خلفاً له ” ، وتوفّي الشيخ سطّام ( 1985 م ) ، ومن أبرز أبنائه المميّزين نوري السطّام .
الشيخ فيصل النوّاف :
ولد سنة (1915 م) , كان محبوباً من قبيلة الحديديين , امتاز بالذكاء والنباهة , ونجح في الوصول إلى المجلس النيابي السوري لأكثر من دورة ، وبعد وفاة الشيخ فيصل تحوّلت المشيخة إلى كلٍّ من : الشيخ نوري النوّاف ، ولدَ سنة ( 1922 م ) ، وإلى الشيخ سلطان الفيصل .
وكان للشيخين سلطان الفيصل ونوري النوّاف مكانة كبيرة في عشيرة الحديديّين ، ومن ميزاتهما الكرم والشجاعة والقيادة الناجحة للعشيرة وخصوصا الشيخ نوري صاحب الفطنة والذكاء والدهاء وحسن التدبير والسياسة حيث يضرب المثل به حتى وصل لحد النكات …اذا قيل لاحدهم اذا سالك منكر ونكير بالقبر ماذا تقول …قال مدري النوري يسولف عني .
يمتاز شيوخ آل الإبراهيم ، احترامهم الشديد لبعضهم البعض ولضيوفهم ، وتُقام سنويّاً العديد من الموائد في بيوتهم ، ولمّا يزالون يحافطون على التقاليد العربيّة الأصيلة ، ومازال صغيرهم يحترم كبيرهم