You dont have javascript enabled! Please enable it!
شهادات ومذكرات

الانفصال في مذكرات الفريق جمال الفيصل – تكريس الانفصال (4/4)

كتب الفريق جمال الفيصل في مذكراته عن تفاصيل وحوادث الانفصال ما يلي:


 العقيد جمال الفيصل خلال الاحتفال بعيد الجلاء في أوائل خمسينات القرن الماضي
العقيد جمال الفيصل خلال الاحتفال بعيد الجلاء في أوائل خمسينات القرن الماضي

تكريس الانفصال :

مقابلة الرئيس عبد الناصر يوم الانفصال :

ذهبت والمشير عامر من مطار القاهرة إلى منزل الرئيس عبد الناصر في منشية البكري وقام المشير بإطراء موقفي وحدث الرئيس عن تفاصيل ما جرى ومساندتي له وشكرني الرئيس على موقفي الشريف.

وفي اليوم التالي للانفصال أي صباح يوم الجمعة التايع والعشرين من أيلول عام 1961  أبلغني القصر الجمهوري بدعوة الرئيس لي لحضور الاجتماع الشعبي الذي سيقام في الساعة الثالثة بعد الظهر وقد حضره نواب الرئيس والوزراء وأكثر من نصف مليون مواطن مصري وألقى الرئيس كلمة شرح فيها أحداث يوم الانفصال الأسود.

بقيت في القاهرة مدة ثلاثة أشهر وقابلت فيها المشير عامر عدة مرات لأسباب مختلفة منها معالجة قضية وفد الضباط الانفصاليين الذي جاء إلى القاهرة.

وفد ضباط الانفصال إلى القاهرة :

بعد مضي ما يقرب من شهر على قيام الانفصال وصل إلى القاهرة وفد عسكري مؤلف من ثلاثة ضباط برئاسة العقيد الطيار زهير عقيل. وقد حاء الضابط المذكور لزيارتي في منزلي وطلب مني التوسط لدى المشير لتسوية الأمور التالية:

1- وقف المهاترات الإذاعية بين مصر وسوريا.

2- إعادة تسيير البريد والخدمات البرقية.

3- إعادة تسيير الطيران التجاري بين القاهرة ودمشق.

وقد قمت بإبلاغ المشير عامر هذه المطالب فرفض البحث فيها إطلاقاً كما رفض استقبال أعضاء الوفد.

تكريس الانفصال في دمشق :

في اليوم التالي ليوم الانفصال أعلن عن تشكيل وزارة سورية انفصالية برئاسة السيد مأمون الكزبري ذو الميول الأمريكية ورئيس مجلس نيابي سابق في عهد الشيشكلي. تظاهرت هذه الوزارة بالدعوة لقيام وحدة بينما كانت تعمل على تعميق جذور الانفصال ، وكان من أولى الأعمال التي قامت بها حكومة الكزبري :

-إصدار قانون بتشكيل المجلس العدلي لمحاكمة الوحدويين السوريين . وللمجلس العدلي تاريخ بغيض في سوريا حيث شكله الفرنسيون لمحاكمة الوطنيين السوريين وقمع الحركات الوطنية.

-توقيع مرسوم بإحالتي على التقاعد اعتباراً من التاسع والعشرين من أيلول عام 1961م.

وعند قيام دولة الانفصال تم الاتصال بالرئيس السابق السيد شكري القوتلي الذي كان يستشفي في سويسرا وطلب منه تأييد الانفصال فأيده وقد أسفت لهذا الموقف منه.

كما تداعى السياسيون القدامى إلى عقد اجتماع لهم في دمشق وعقد الاجتماع في منزل السيد أحمد الشرباتي وزير دفاع أسبق وبنتيجة الاجتماع أصدروا بياناً أيدوا فيه الانفصال وأرسوا قواعده تقرباً من الضباط الانفصاليين وقد وقع على وثيقة الاجتماع كل من: أحمد قنبر، رشاد جبري، سهيل الخوري، هاني السباعي (من حزب الشعب)، أسعد هارون، حسن مراد، صبري العسلي، محمد العايش، نجيب الأرمنازي (من الحزب الوطني)، أكرم الحوراني ،صلاح الدين البيطار (من حزب البعث)، بشير العظمة (شيوعي)، فؤاد قدري، حامد الخوجة (عشائر)، أحمد الشرباتي، خالد العظم (مستقلين).

وقد أسفت كثيراً عندما علمت بأن السيد صلاح الدين البيطار وقع على وثيقة كهذه.

من هو مأمون الكزبري :

مأمون الكزبري محامٍ درس المحاماة في فرنسا ثم احترف السياسة فعين رئيساً للمجلس النيابي في عهد الشيشكلي ثم وزيراً للعدل في حكومة التجمع التي سبقت قيام الوحدة.

ورد اسمه في التقرير الذي رفعه علي عبد الكريم الدباح الدندشي عن تاريخ تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا من خلال الانقلابات والتقرير المذكور مؤلف من 70 صفحة يذكر فيه كاتبه أسماء المسؤلين السوريين الذين شاركوا في ذلك ودور كل منهم والمبالغ التي تلقوها.

تسفير الضباط المصريين من دمشق والسوريين من القاهرة :

قامت جامعة الدول العربية بتنظيم عمليات سفر الضباط المصريين والسوريين ، وقد جرت عملية النقل بواسطة بواخر مصرية انتقلت بين بيروت والاسكندرية حملت الضباط وعائلاتهم وحوائجهم المنزلية ومفروشاتهم. وقد عومل الضباط السوريين معاملة حسنة خلال أيام السفر، أما الضباط المصريين فقد عوملوا في دمشق معاملة سيئة حيث جرى تجميعهم واعتقالهم في أبنية معرض دمشق الدولي وقد أطلعني المشير عامر على بعض الصور المسيئة التي أخذت للضباط المصريين في مراكز تجميعهم.

المقابلة الأخيرة مع الرئيس عبد الناصر والسفر إلى سوريا :

في الأيام الأخيرة من كانون الأول عام 1961 اتصل معي هاتفياً المقدم علي شفيق وأعلمني أن الرئيس عبد الناصر ينتظرني في منزله بمنشية البكري. و في الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم التالي رحب بي واستقبلني اسقبالاً ودياً واعتذر عن عدم مقابلته لي خلال مدة وجودي في القاهرة لأشغاله الكثيرة التي نتجت عن الانفصال. وقد ختم حديثه قائلاً بالحرف الواحد: (لن أنسى ما حييت موقفك في يوم الانفصال وإني أقف معك في كل وقت وأينما كنت). وعندها شكرته واستأذنته بالعودة إلى سوريا فقال لي: ( إني أضع تحت تصرفك الوظيفة التي تريدها سواءً كانت عسكرية أو مدنية)، لكني اعتذرت عن ذلك وأنبأته بعزمي على العودة إلى سوريا وودعني إلى باب بيته.

وفي أوائل كانون الثاني عام 1962 قابلت المشير عامر في منزله بحي الزيتون وأعلمته بعزمي العودة إلى سوريا فظهرت عليه علامات الاستياء ثم وافق على عودتي. ويوم الخامس من كانون الثاني عام 1962 أعلمت الوزراء السوريين السابقين الموجودين بالقاهرة بنبأ سفري إلى دمشق ورافقني إلى المطار السيدان أحمد حنيدي وجمال الصوفي وعند وصولي إلى مطار الماظة الحربي وجدت في وداعي الفريق علي عامر رئيس أركان القوات المصرية والفريق جمال عفيفي نائب قائد القوات الجوية والرائد شمس بدران مدير مكتب المشير والمقدم علي شفيق مرافق المشير.

وتم تجهيز الطائرة الخاصة بالمشير التي هبطت في بيروت حيث استقبلني اللواء شميط رئيس الأركان اللبناني في وزارة الدفاع اللبنانية وكنت على معرفة سابقة به، ومن مكتبه اتصلت هاتفياً باللواء نامق كمال رئيس الأركان السوري وأعلمته أني عائد لدمشق فأرسل سيارة أقلتني وكان فيها الملازم أول حناوي أحد تلاميذي السابقين.

تشكيل حكومة الانفصال للمجلس العدلي :

بدأ الانفصاليون بمهاجمة حكم الوحدة والتشهير بالرئيس عبد الناصر، وكان من جملة أعمال التشهير إحداث مجلس عدلي لمحاكمة مؤيدي الوحدة وتحويل المحاكمات إلى منبر للخطابة لانتقاد الرئيس عبد الناصر وتجريحه عن طريق محاكمة الوحدويين. وللمجلس العدلي في سوريا تاريخ أسود لأن المفوض السامي الفرنسي كان يشكله للانتقام من رجال سوريا الوطنيين أيام حكم الانتداب الفرنسي على سوريا.

تشكل المجلس العدلي وأعطى صلاحيات إصدار الأحكام المبرمة دون اتباع أي طريق من الطرق التي تحتمها أصول المحاكمات وكأن المحاكم القائمة في ذلك الوقت لم تكف رجال الانفصال فأرادوا فرض سيطرتهم عن طريق المجلس العدلي .

وقد قدمت إلى المجلس المذكور دعاوي كثيرة منها ما أقيم علي بصفتي قائداً للجيش الأول قد ردت واعتبرت باطلة بعد أن ثبتت قانونية الإجراءات التي اتخذت بحق مقيميها.

الدعاوى المقدمة للمجلس العدلي ضد قائد الجيش الأول :

كان من المألوف أن يقوم رؤساء الأركان منذ عهد حسني الزعيم بتوقيف الأشخاص الذين يعارضون سياستهم في سجن المزة العسكري، إلا أنني امتنعت خلال فترة قيادتي للجيش عن توقيع أوامر التوقيف كما منعت الشعبة الثانية من توقيف الأشخاص دون محاكمة.

ومن ثم فقد أنيط أمر التوقيف بوزير الداخلية بناءً على تفويض من رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام قانون الطوارئ. كما أنني قد خولت صلاحية التوقيف في منطقة الجبهة وفقاً للقانون المذكور، إلا أنني لم أستعمل صلاحيتي هذه مطلقاً. أما التوقيفات التي كانت تتم في سجن المزة العسكري فقد اتفقت مع وزير الداخلية على أن يرفق كل مذكرة توقيف بكتاب يبين فيه أن التوقيف قد تم يناءً على أمره ووفقاً لقانون الطوارئ. وكان لهذا التدبير الأثر القانوني الكبير عندما أقيمت دعاوى التوقيف غير القانوني وحجز الحريات على قائد الجيش الأول بعد الانفصال. ونتيجة التحقيق القضائي الذي قام به قضاة المجلس العدلي تقرر عدم مسؤوليتي عن التوقيفات المذكورة.

اقرأ:

الانفصال في مذكرات الفريق جمال الفيصل – ما قبل الانفصال (4/1)

الانفصال في مذكرات الفريق جمال الفيصل – تنفيذ الانقلاب (4/2)

الانفصال في مذكرات الفريق جمال الفيصل – وفاءٌ للقسم (4/3)



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

أرشيف جمال الفيصل

الفريق جمال الفيصل قائد الجيش السوري في الإقليم الشمالي - سورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى