شهادات ومذكرات
مرويات غالب العياشي حول حادثة خربة غزالة عام 1920
مرويات غالب العياشي في كتابه الإيضاحات السياسية وأسرار الانتداب الفرنسي في سورية عن حادثة خربة غزالة عام 1920م والتي قتل فيها علاء الدين الدروبي رئيس الحكومة وعبد الرحمن اليوسف وآخرون (1).
نص ما كتب العياشي عن الحادثة:
ازدحمت محطة خربة غزالة التي تبعد خمسة وعشرين كيلو متراً عن دمشق.
عطل الثوار سكة الحديد وقطعوا المواصلات البرقية والهاتفية وعلى أثر ذلك جهزت السلطة الأفرنسية حملة عسكرية كبيرة لإخضاع حوران زحفت من دمشق في شهر آب، فكمن لها الحوارنة ولاقوها في الكسوة التي تبعد خمسة عشر كيلو متراً عن دمشق من جهة الجنوب، فدارت معركة شديدة بين الطرفين انتهت بتغلب الحملة الأفرنسية على أولئك الثوار الذين أبيد منهم الكثير من جراء هول القنابل التي كانت تصلبهم بها الحامية.
وقد واصلت تقدمها نحو الأمام حيث اصطدمت مع الثوار في قرية “المسمية” واستطاعت أن تشق لنفسها طريقاً، وللمرة الثالثة عاد الثوار إلى قتالها ومهاجمتها في قرية غباغب.
وفي يوم 1 اكتوبر وصلت هذه الفرقة إلى درعا بعد أن اشتبكت مع الحوارنة في مواقع عديدة، فكانت الغلبة دائماً لهذه الحملة.
وسرعان ما أعلنت حوران خضوعها واستسلامها بعدما دمرت طائرات الأفرنسيين القرى المجاورة وأزهقت فيها نفوساً كثيرة.
وهكذا فرضت السلطة على حوران الشروط الآتية فقبلتها مرغمة، وهي كما يلي:
1- إعادة الأشياء التي نهبت من القطار يوم 21 اغسطس.
2- دفع دية الوزراء المتقولين، وقدرها عشرة آلاف ليرة ذهباً عن كل و زير وسبعة آلاف ليرة ذهباً للضابط الإيطالي و 2500 ليرة ذهباً لـ وحيد عبد الهادي، و 500 ليرة ذهباً عن كل جندي مقتول.
3- إعطاء الضمانات الكافية لعدم ارتكاب إعتداءات جديدة على الجيوش الأفرنسية في غدوها وترحالها.
4- دفع مئة ألف ليرة ذهبية غرامة حربية.
وقعت في حوران كثيراً من الحوادث المؤذية من قبل الأفرنسيين كاحراق البيوت والبيادر ونهبها وتدميرها.
ولما أطلعت لجنة الاتحاد السوري بمصر على هذه الأعمال المروعية المنافية للعدالة أرسلت يوم 23 أيلول 1920 الاحتجاج التالي إلى رؤساء حكومات الحلفاء ومجالسها النيابية، وصحفها المشهورة، ورئيس الولايات المتحدة ومجلس الشيوخ فيها، ووزعته على كبريات الصحف، وهذا نصه: ( ذهل السوريون لقراءة البلاغات الأفرنسية الصادرة في 27 اغسطس وأول سبتمر سنة 1920 المنبئة بتدمير الجيش الافرنسي تدميراً منظماً لمقاطعة حوران الزراعية وتخريب الطائرات للقرى وقتل النساء والأولاد دون ما شفقة أو رحمة.
نحن نستصرخ الأمم المتحدة، ومنها الأمة الأفرنسية التي هي ضد هذه الأعمال الوحشية والتي يقصر عنها الوصف وتورث الأحقاء بإطالة زمن القتال”.
في يوم العشرين من أيلول عام 1920 أعدم في دمشق ثلاثة من الحوارنة وههم: (عوض صلاح الدين المصري، حسين الحاج يوسف عيسى، زعل اليوسف)، بتهمة إغتيال الوزراء يوم خربة الغزالة(1).
(1) العياشي (غالب)، الإيضاحات السياسية وأسرار الانتداب الافرنسي في سورية، مطابع أشقر أخوان، بيروت 1955م، صـ 196-197