أحداث
الموقف الفرنسي من إنقلاب سامي الحناوي عام 1949
الموقف الفرنسي من إنقلاب سامي الحناوي عام 1949
لم تعارض الحكومة الفرنسية إنقلاب سامي الحناوي والوضع الجديد في سورية رغم العلاقات الودية والجيدة التي كانت تربطها بحكومة الرئيس حسني الزعيم.
اعتبرت فرنسا أن الإنقلاب على حسني الزعيم وما جرى من تطورات لا يتعدى أن يكون حدثاً داخلياً، وذكرت الوكالة الفرنسية للأنباء من باريس في يوم حدوث الإنقلاب أن الدوائر الفرنسية تقول أنه لم يصل إليها حتى الآن إلا أنباء مقتضبة عن الإنقلاب السوري، وذلك بسبب انقطاع الاتصالات مع دمشق، وأنها اعتبرت ما جرى مسألة داخلية محضة لا تعدو أن تكون منافسة بين رجال الجيش(1).
و أدلى وزير الخارجية الفرنسية في اليوم التالي الخامس عشر من آب بتصريح فرنسي حول الإنقلاب الجديد الذي وقع في سورية، فقال: “إن موقف فرنسا وعلاقاتها مع سورية لا تقوم على شخصية الافراد الذين يتولون الحكم، ولذلك لا يمكن التعليق حتى تعلن الحكومة الجديدة منهاجها، وأهدافها، وليس الآن لدى وزارة الخارجية الفرنسية ما يدل على أن الإنقلاب ليس حدثاً داخلياً صرفاً”(2).
ورغم ذلك لم تسرع الحكومة الفرنسية وتعلن تأييدها أو اعترافها بحكومة الإنقلاب الجديد كما رحبت واعترفت سابقاً بإنقلاب حسني الزعيم بعد أسبوع من نجاحه، بل تابعت الخارجية الفرنسية تطورات الإنقلاب والحياة العامة، وأوضاع البلاد واستقرارها، وكذلك موقف الدول العربية من الإنقلاب. وطلبت الخارجية الفرنسية من السيد جان سير المفوض الفرنسي في دمشق تزويدها بتقارير دقيقة ودراسات عن الأوضاع وتطوراتها في سورية بعُيد الإنقلاب. ولهذا السبب تريثت في إعلان اعترافها بالإضافة إلى رغبة فرنسا بالتشاور مع الدول الحليفة والكبرى ذات المصالح السياسية في سورية والمنطقة، وبالتالي تأخر الاعتراف الفرنسي بالوضع الجديد في سورية حتى العشرين من أيلول.
ففي صباح ذلك اليوم “العشرون من أيلول” صرح الدكتور ناظم القدسي وزير الخارجية السورية بأنه تلقى إشعاراً باعتراف الدول الكبرى وبينها فرنسا بالأوضاع الجديدة في سورية، وفي مساء ذلك اليوم أصدرت الخارجية السورية بياناً أوضحت فيها أن جان سير وزير فرنسا المفوض في دمشق زار مبنى الخارجية السورية واجتمع مع الوزير في الساعة الخامسة مساء، وفي الاجتماع أعرب السفير الفرنسي عن تهاني الحكومة الفرنسية للحكومة السورية، وتمنياتها الطيبة لسورية والقائمين على شؤونها.
وجاء في نص البيان ما يلي: (زار في الساعة السابعة عشر من يوم 28 ذي القعدة 1368 والمصادف 20 أيلول 1949 سعادة المسيو “جان سير” وزير الجمهورية الأفرنسية المفوض في دمشق معالي وزير الخارجية في قصر الوزارة معرباً عن تهاني حكومة الجمهورية الفرنسية للحكومة السورية وتمنياتها الطيبة لسوريا والقائمين على شؤونها. وقد رجا معالي وزير الخارجية سعادة الوزير أن يعرب باسم الحكومة السورية عن شكره لحكومة الجمهورية الفرنسية)(3).
فرنسا ومشروع الاتحاد مع العراق:
في السادس من عشرين من آب تناقلت مصادر إعلامية أنباء تفيد بعودة الدكتور عدنان الأتاسي وزير سورية المفوض في باريس قاصداً دمشق، دون أن توضح الأسباب أو تشير إلى أنها عملية استبدال أو تشاور(4). ولقد استاءت فرنسا لاحقاً عندما علمت أن عدنان الأتاسي عاد من باريس إلى دمشق ليقوم بزيارة بغداد لأكثر من مرة ضمن مساعي مشروع الاتحاد مع العراق.
لقد نشطت السياسة الفرنسية منذ إنقلاب حسني الزعيم لمحاولة منع أو الحؤول دون أي صلات بين حكام دمشق والهاشميين سواء في الأردن أو العراق، لأن أي وحدة بين سورية والعراق او الأردن سوف يؤدي إلى إضعاف ما تبقى لفرنسا من نفوذ في سورية ويلحقها بالنفوذ البريطاني(5).
وفي الواقع ظل هذا التخوف يحكم السياسة الفرنسية في سورية ولاسميا عندما بدأت الأوساط السياسية والإعلامية تتحدث عن مشروع اتحاد بين سورية والعراق ومشروع معاهدة بين سورية وبريطانيا، حيث صرحت مصادر إعلامية فرنسية حينها أن الحكومة الفرنسية تنظر بعين الحذ والشك لمثل هذه المعاهدة(6).
(1) صحيفة البلاغ – القاهرة، العدد 8511 الصادر في يوم الاثنين الخامس عشر من آب عام 1949م.
(2) صحيفة ألف باء – دمشق، العدد 8087 الصادر في يوم الأربعاء السابع عشر من آب عام 1949م.
(3) الحوراني (أكرام)، مذكرات أكرم الحوراني، مكتبة مدبولي الجزء الثاني، صـ1012
انظر : بيان استقبال ناظم القدسي وزير الخارجية للسفير الفرنسي بدمشق عام 1949
(4) صحيفة ألف باء – دمشق، العدد الصادر في يوم السابع والعشرين من آب عام 1949م.
(5) محافظة (علي)، فرنسا والوحدة العربية 1945- 2000م، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت عام 2008م، صـ 52.
(6) صحيفة ألف باء – دمشق، العدد 8134 الصادر في يوم السبت الخامس عشر من تشرين الأول عام 1949م.
انظر:
الأحداث والتطورات اليومية في سورية عام 1949