You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة حافظ الأسد في المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي عام 1970

كلمة حافظ الأسد في المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي

الخطاب الذي كان توضيحاً لوجهة نظر التيار العسكري والحزبي الذي كان يمثله حافظ الأسد، والذي جاء قبيل أيام عن الإنقلاب الذي قام به وأعلن عنه في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970.

(أيها الرفاق:

حديثي قصير للغاية، ولم أكن أريد أن أتكلم لولا ما سمعته من بعض الرفاق، بشكل مباشر أن موقفي هذا وسكوتي عن الكلام يعتبر إستخفافاً بالمؤتمر، ومن الطبيعي أنه لا يمكن أن أتصرف أي تصرف أقصد منه الاستخفاف بهذا المؤتمر، وهو أعلى مؤتمر، وأعلى مؤسسة في هذا الحزب.

لي وجهة نظر كاملة فيما يتعلق بالسياسة الداخلية والعربية والدولية، وفي مجال الحزب وفي مجال المعركة.

ولكن قبل أن أذكرها، وهي بنود مكتوبة، ولابد لي من توضيح بعض النقاط التي علمت أيضاً من خلال بعض المناقشات أنها بحاجة إلى توضيح كما تبدو لي.

وقبل أن أبدأ أيضاً لابد من القول أني سمعت في هذا المؤتمر الكثير من الشتائم والاتهامات التي تفتقر إلى دليل يؤكد صحتها، ولكننا كحزبيين، وفي أعلى مؤتمر للحزب لابد لنا، ويجب علينا، خاصة في مثل هذه الظروف، أن نكون باستمرار فوق صغائر الأمور رغم أنني استطيع أن أرد على الاتهامات التي قيلت بالحجة والمنطق وبكثير من الثبوتيات التي نملكها والتي تدلل على بطلان هذه الإتهامات، ولاسيما بعض الإتهامات التي صدرت عن الرفاق أعضاء القيادتين.

عندما تحدثت في بدء المؤتمر وقلت أنني لا أعرف شيئاً عن هذه الأزمة كنت صادقاً كل الصدق، كنت أعبر بكل صراحة عن كل ما أشعر به فلم أكن أعرف كيف نشأت، وكيف افتعلت هذه الأزمة، الأزمة التي نتحدث عنها الآن نشأت أثناء انعقاد المؤتمر القطري الرابع.

كثيرون من الرفاق تحدثوا عن استراتيجية الحزب، وعن الطرح الذي كان مخالفاً ومناقضاً بشكل كامل لاستراتيجية الحزب، ولم أحد مثالاً واحد يدلل على صحة هذا القول.

نحن لسنا مختلفين في تقييمنا للرجعية العربية، جميعنا يؤمن أن هذه الأنظمة أنظمة عميلة مستغلة يجب أن تتحكم عاجلاً أم آجلاً.

نحن لسنا مختلفين في ضرورة تحرير الأرض المحتلة، حديثها وقديمها، لسنا مختلفين حول التصدي للإمبراطورية في هذا الوطن، في كل وطن في أي مكان من هذا العالم. هذه الأهداف الإستراتيجية لسنا مختلفين عليها إطلاقاً.

نحن مختلفون ونجتهد حول السلوك المؤدي لتحقيق إستراتيجية الحزب، المؤدي لتحقيق هذه الأهداف التي يمكن أن نقول عنها أنها أهداف إستراتيجية.

قلت في مناقشتي مع كثير من الرفاق أثناء الأزمة عام 1968 وفي أوائل عام 1969 أن المرحلة التي تمر بها هي مرحلة تحرر وطني. وقد يكون هناك التباس وخلاف في تصورنا لمعنى مرحلة التحرر الوطني.

التحرر الوطني، كما أفهمه لا يعني أننا لا نعمل شيئاً سوى حمل البندقية باتجاه الجبهة، ولا يعني أننا لا نعمل شيئاً سوى زيادة عدد الجنود وعدد الدبابات، لا يعني أننا لا نعمل شيئاً سوى ما هو باتجاه جزب من الحزب، وهذا الجزء هو المعركة.. وأقول جزأ من الحرب لأننا جميعنا نعلم أن الحرب ليست المعركة فقط، الحرب تشمل كل مجالات المجتمع والدولة.

في كل مرحلة من المراحل وكل دولة، كل مجتمع، كل أمة من الأمم، أمامها مهمات مطروحة، وهذه المهمات ليست على نفس المستوى. لهذه المهمات أولويات، هناك مهمة رقم واحد، واثنين، وثلاثة، وأربعة، وأيضاً هذه المهمات مترابطة، أنا أريد أن آتي ببعض الأمثلة لكي لا يكون هناك أي التباس في فهم ما أقصد.

نحن في سورية مثلاً: المهمات المطروحة أمامنا أو في الوطن العربي بطبيعة الحال ” نحن كحزب نتحكم في مقدرات القطر العربي السوري فقط”، نحن في سورية المهمات المطروحة أمامنا هي التحرير، بناء المدارس، إصلاح أراضي الخ، مهمات كثيرة من هذا النوع.. هل هذه المهمات جميعها بنفس المستوى؟ .. هناك أولويات.

الأفضلية الأولى: كما يدل على ذلك تاريخ الأمم، أن الشعوب عندما تحتل أوطانها أو بعضها تصبح المهمة الأولى ” المهمة رقم واحد، هي تحرير ما احتل من هذا الوطن هذه هي المهمة الأولى. والمهمات التالية تنفذ بما يخدم هذه المهمة الأولى، وأكرر ولا أقول تنفذ ولا أقول لا تنفذ وتنفيذ.

وإنما بالارتباط الوثيق بما يخدم وبالضرورة هذه المهمة الأولى وفي حال تعارض أي مهمة لاحقة مع هذه المهمة الأولى تلغى ولا تنفذ.

ومن هنا أقول تمشياً مع مشاعرنا، ومع ما يدلل عليه تاريخ الشعوب، أن مهمتنا الأولى هي تحرير الأرض المحتلة.

وفي رأيي أفترض، أن لا خلاف على ذلك، أردت أن أقول هذا الشيء لأننا عندما نقول التحرير أولاً، المعركة وسيلتنا إلى التحرير، ولا يعني ذلك أننا لا نعمل على تخفيض سقف الملكية مثلاً، ولا يعني ذلك أننا لا ننشئ السدود ولا ننشئ المصانع.

نفعل كل ذلك على أن تكون السدود او تكون المصانع وأن يكون تخفيض سقف الملكية وأن يكون أي شيئ يؤدي إلى خدمة هدف تحرير أرضنا المحتلة.

هذا ما قلناه، وما قلته أنا وقاله كثير من رفاقنا عسكريين ومدنيين في الفترة التي مرت بين المؤتمرين القطري الرابع والقطري الرابع الاستثنائي.

عندما نقول أيها الرفاق أن هذه المهمة في سورية هي مهتما الأولى، إذن يجب أن نسلك كل سبيل كي ننجز هذه المهمة طالما أنها المهمة الأولى.

نحن في سورية نبحث عن إمكانيات القطر نسخرها كاملة، لإيجاد الأداة التي تمكننا من إنجاز هذه المهمة.

ولكن كما نذكر باستمرار، وكما سمعت في هذا المؤتمر أن العدو الذي نحارب عدو كبير، والعدو الذي نحارب ليس الثلاثة ملايين إسرائيلي الموجودين على أرض فلسطين العربية، إنما هو عدد كبير ليس فقط بما يأتيه من الإمكانيات العسكرية من الغرب وبصورة خاصة من الولايات المتحدة، وإنما هو عدد كبير بأشكال أخرى، وبحقائق أخرى، وقد تكلمت على ما أذكر وفي اجتماعات مع بعض رفاقنا العسكريين حول هذه النقطة بالذات.

طبعاً كلنا مقتنعون أن إسرائيل ليست هي الثلاثة ملايين الموجودين في إسرائيل، وأيضاً إسرائيل ليست هي الإمدادات من الطائرات والدبابات التي تأتيها من الولايات المتحدة الأميركية. إسرائيل قوة موجودة في كل مكان من هذا العالم وفي الغرب والشرق، وعندنا أمثلة كثيرة وقد ذكرتها أنا بمناسبات مختلفة.

في فرنسا كلنا نعرف الموقف البسيط الذي وقفه الجنرال “ديغول” واستهدف منه مصلحة الشعب الفرنسي، كان موقفاً يبدو فيه حد أدنى من العدالة بالنسبة للعدوان الإسرائيلي عام 1967، كلنا نذكر ما هي المصاعب التي جابهها الجنرال ديغول، وكيف تغيرت كل مظاهر الحياة في باريس، والتي لم يحركها أبداً إلا اليهود، والموجودون في قمة اليمين وفي قمة اليسار في فرنسا، لأن هذه المظاهرات لم تتحرك إلا بعد أن أعلن الجنرال ديغول موقفه من عدوان 1967م.

كلنا نعرف أن المعامل أغلقت، رب العمل وقف مع العمال والطلاب، وكل قوى اليمين واليسار كانت بالمظاهرات التي عمت شوارع المدن الفرنسية.

نذكر كلنا ذلك، ولقد كتبت الصحف الشيئ الكثير، بعدما أعلن الجنرال ديغول موقفه، والذي لا يكون بالنسبة لنا فعالاً فيما يتعلق بعدوان 1967، الذي حرك هذا الشيء اليهود المرتبطون بالحركة الصهيونية والمسيطرون على اليمين واليسار في فرنسا.

أمثلة أخرى موجودة أيضاً في بولونيا، كلنا نعرف أيضاً “وهذا الكلام قاله لي المارشال غريشكو وزير الدفاع السوفيتي عندما زار سورية وفي مكتبي” قال لي أن المظاهرات التي قامت في بولونيا يقودها يهود و 90%  من الأشخاص الذين القي القبض عليهم منظمون في الحركة الصهيونية ومرتبطون خارج بولونيا، وأورد لي مثالاً عن الذين كانوا يقودون المظاهرات “قائد القوى الجوية في بولونيا لابد وأنه شيوعي ولابد أنه شيوعي قديم أيضاً، وعلى الأقل من حيث المظهر لابد وأن يكون مناضلاً، وبطبيعة الحال هذه أعمدة الحركة الصهيونية، وقال: “هناك عدد كثير في قيادة الحزب وأعلى قيادة للحزب، وفي الدولة مرتبطون أيضاً بالحركة الصهيونية”.

أنا اعتقد أن دولة اشتراكية مثل بولونيا يحكم فيها حزب شيوعي لديه تجربة ومضى عليه في الحكم سنوات طويلة، ومع ذلك نجد في قيادته “قيادة الحزب الشيوعي البولوني” يهوداً مرتبطين بالحركة الصهيونية، فهذا الأمر، من وجهة نظري، أعتبره من المظاهر الأساسية بقوة إسرائيل وأقوى من الطائرات التي تأتي إليها من الولايات المتحدة الأميركية.

وأنا أقول أن هذا الشيء ينطبق على بلدان إشتراكية أخرى، وأيضاً في حديث لي مع رئيس وزراء تشيكوسلوفاكيا “وأنا اعتقد أن هذا أصبح معروفاً لدينا جميعاً لأننا كلنا نملك الحد الأدنى من المعلومات عن التحرك المضاد الذي حدث في تشيكوسلوفاكيا، والذي كان وراءه اليهود أيضاً”، واليهود في تشيكوسلوفاكيا عددهم حسب ما قال وزير الدفاع التشيكوسلوفاكي آنذاك حوالي 30 ألف من أصل 15 او 16 مليون، ولكنهم مسيطرون على كل أجهزة الإعلام، وعلى مكتب للكتاب، اتحاد الكتاب على ما أذكر وفي أربعة منهم يهود، وواحد منهم هرب إلى إسرائيل.

كلنا نذكر هذه الحادثة التي كتبت عنها صحف العالم، وتحدثت أيضاً إذاعات العالم، وربما في الإتحاد السوفيتي نفسه، ولولا أن هناك دولة قوية وحزب قومي كان أيضاً هناك خطر من تحرك اليهود.

وأذكر أنني قلت لوزير الدفاع السوفيتي المارشال” غر يشكو” أنه يمكن أن يتحرك اليهود عندكم في المستقبل، لأنه حسب المعلومات الموجودة لدينا وقد لا تكون دقيقة أن اليهود في الإتحاد السوفيتي يعدون حوالي خمسة ملايين قال لي: „فعلاً إنهم يعملون عندنا في الفن الصحافة .. إلخ، ولكن عندنا دولة قوية – وأذكر أنه أشار إلى ذلك بقبضته- وليس هناك خوف من اليهود أو غيرها”.

إن هذه الأمثلة تدل على أن العدو الذي أمامنا ليس هو الثلاثة ملايين يهودي الموجودين في إسرائيل، وطبعاً مثل هذه الأعمال يمكن أن تحركها بشكل أوسع بكثير في البلدان الأخرى الغربية، فإنكلترا والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا الغربية ليسوا أحراراً في أن يتبعوا السياسة التي يريدونها في فلسطين، بسبب أن الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة أقوى مما هي عليه بكثير “حسب ما نعلم جميعاً”وفي دول المعسكر الاشتراكي أو في فرنسا.

عندما نعرف عدونا في هذه القوة، وعندما نعرف أن مهمتنا الأولى هي تحرير الأرض التي احتلها هذا العدو يصبح مطلوباً منا جهداً أكثر لتحقيق الأداة التي يمكن من تنفيذ هذه المهمة، وإذا كنا نتصور أن هذه البدايات التي بدأناها قادرة على التحرير، وفي تقديري نحن مخطئون.

وإذا كنا نتصور أيضاً أن المقاومة كما هي في واقعها الآن وحتى إذا تطورت على هذه الأساليب التي بدأت، وإذا كنا نتصور أن المقاومة بهذا الشكل يمكن أن تحرر فلسطين، فنحن أيضاً مخطئون. حتى ولو كانت هذه المقاومة عربية بجماهيرها وليست عربية فلسطينية.

العدو لديه رسائل لم يستخدمها ضدنا الآن، لأنه لم يحتاج إليها، وعندما يحتاج إلى إستخدام أسلحة أخرى سيستخدمها. وهذه الجماهير التي ندفعها ونقودها إلى المعركة، إذا لم ندفعها بأساليب صحيحة، ونزودها بعتاد صحيح، وبإمكانيات صحيحة “أقصد على مستوى المعركة” ستموت رخيصة ولن تؤدي آية نتيجة على الإطلاق.. “إسرائيل تملك الآن الغاز، وتملك الجراثيم وهي في طريقها إلى إمتلاك الذرة إن لم تكن قد امتلكتها” هذه الأمور يجب أن نعرفها ونحن أعلى مؤتمر لهذا الحزب.

إذا كان عدونا بهذا الشكل علينا في سبيل تحضير الإمكانيات المقابلة التي تمكننا من التصدي لهذا العدو أن نتخلى عن الكثير من الجزئيات، سيما عندما تكون هذه الجزئيات تتعلق بأشخاصنا فقط، بكبريائنا الفردية فقط، لا تتعلق بكبرياء أمتنا ولا بكبرياء حزبنا ولا باستراتيجيته أو بإيديولوجيته.

من هذا الشعور أيها الرفاق، ومن هذا التصدي طرحت في المؤتمر القطري الرابع أن علينا أن نملك حرية الحركة، خاصة على الصعيد العربي، لأنه بالإضافة كما ذكرت وكما قيل الآن منذ قليل في هذا المؤتمر والمعركة قومية، والمعركة عربية ليست سورية، وليست فلسطينية، ولا هي أردنية، ولاهي مصرية، أنا بهذا الكلام لا أريد أن أناقش ما كان مطروحاً الآن حول الشعب الفلسطينية كطليعة الكفاح المسلح، هذا الموضوع أمر آخر قد تكون له أهداف سياسية وإعتبارات دولية أما معركتنا فهي عربية، لأننا شعب واحد، ولأن الأرض المحتلة لأكثر من قطر عربي، بالإضافة إلى فلسطين سابقاً. لهذا لابد أن تستفيد من الطاقات العربية. وجهة نظر عسكرية بحته وأيضاً من وجهة نظر جغرافية المرعكة ولابد من الإستفادة من الأرض العربية غير المسكونة.

إذا أستنتج أن علينا أن نستفيد من الأرض العربية، ومن القدرات العسكرية العربية، ومن القدرات الإقتصادية العربية، ومن القدرات السياسية العربية إن وجدت في سبيل الإعداد لمعركتنا، سبيلنا إلى التحرير كما أكدت مؤتمرات الحزب.

إذا قررنا هذه النتيجة كيف يمكن أن نحققها بيننا وبين تحقيق ما نريد حواجز وجدران ترتفع من الأرض إلى السماء، بملء إرادتنا وبتصميمنا، بحجج وبمبررات لست ضدها، ولكنها كما قلت منذ قليل جزئيات وأشياء صغيرة جداً جداً بالنسبة لما ينتظرنا في المستقبل على يد العدو الذي نتحدث عنه.

أنا قلت أكثر من مرة لا بل مرات كثيرة، لو كنت مكان الملك “حسين” واستطعت أن أرفع الحاجز بيني وبين الثورة في سورية من الأرض إلى السماء لرفعت ولأن الاحتكاك بين جماهير الشعب العربي في سورية وجماهير الشعب العربي في الأردن، والإحتكاك بين الجيش العربي في سورية، جيش الثورة، جيش الحزب، والجيش العربي في الأردن- هذا الاحتكاك لمصلحة الجماهير العربية وبالتالي لمصلحة إستراتيجية وأهداف حزب البعث العربي الاشتراكي.

والفترة التي مرت، وأنا على صلة وثيقة بها، وأنا الذي عانيتها كقائد لهذا الجيش، دللت على صحة ما أقول. فقد كانت الفترة الماضية مفيدة إلى حد بعيد، بيضاء إلى حد بعيد، في التعاون بين الجيشين في القطر العربي السوري وفي القطر العربي الأردني، وكانت أيضاً فرصة مواتية، وكانت أيضاً فرصة لرفاقتنا الحزبيين في الأردن مهما كان رأيهم، كانت فرصة للنشاط الحزبي والجماهيري وعلى صعيد المقاومة وكانت أيضاً فرصة لنا هنا في سورية ولرفاقتنا في الأردن أن يكون اتصالنا وثيقاً وعملنا جيداً على صعيد القوات المسلحة الأردنية، وفي القوات المسلحة الأردنية كثير من الضباط الوطنيين كان يمكن كسبهم ولكننا لم نبذل الجهد الكافي..

هذا إذا لم تكن هناك أخطاء صدرت عنا كتنظيم مقاومة أو كتنظيم حزبي أو كمسؤولين سواء أكانت هذه الأخطاء عن قصد أو عن غير قصد.

نحن في الجيش العربي السوري استثمرنا هذه الفرصة في التعاون العسكري باتجاه المعركة باتجاه إسرائيل بيننا وبين الجيش العربي الأردني، لست أدري بالتفاصيل إلى أي حد استثمروا هاتين الصلتين، وبالطبع إذا كان أحد الرفاق يظن أن كلامي هو لتبرير أو للثناء على المرحلة الماضية رداً على ما سمعته هنا أو هناك من إنتقادات، لا أقول أكثر، إذا كان هناك من يظن ذلك فإني أؤكد أنه مخطئ، وفي هذا المؤتمر لن أقول إلا ما أعتقد ولن أقول إلا ما أؤمن به، وعندما أقول لمست هذا الشئ أكون قد لمسته فعلاً، ونحن عندما نجد الخطأ لا عيب أن نقول أن الخطأ موجود هنا.. إلخ ليس عيباً إطلاقاً، والعيب هو أن نشعر بالخطأ أن نرتكب الخطأ، وأن نصمم على الاستمرار في ارتكاب الخطأ.

أمثلة صغيرة لكي أدلل أننا نحن كنا نستفيد في المرحلة الماضية من الجيش العربي الأردني.. أجهزة الرادار لها مديات كشف مختلف من جهاز إلى جهاز، ولها ارتفاعات كشف تختلف أيضاً من جهاز إلى جهاز. هناك مناطق يدخل منها الطيران الإسرائيلي في لبنان وفي الأردن. والطيران الإسرائيلي لا يدخل إلينا من خلال الجبهة السورية، ففي “5 حزيران” مثلاً أتانا الطيران الإسرائيلي من فوق ومن خلال جبال لبنان، وهذا ما قصدته.

الطيران الإسرائيلي توجد مناطق يمر عبرها، وهذه المناطق موجودة في لبنان، والأردن، أجهزتنا لا تكشف الطيران الإسرائيلي في هذه المناطق، وكان الرادار الأردني يقدم لنا كل المعلومات عن الطيران الإسرائيلي خلال المرحلة الماضية، وأعتقد أنه لا لزوم هنا للدخول بتفاصيل فنية لأننا عندما نأخذ الخبر عن طائرة إسرائيلية قبل دقيقة أو بعد دقيقة، هذه الدقيقة تؤثر وقد تكون العامل الحاسم في معركة جوية بكاملها لصالحنا أو لصالح العدو.

كان هناك تعاون كامل ومطلق بين غرفة العمليات في سورية وغرفة العمليات الجوية في الأردن، خلال معارك الأيام الثلاثة “24-26 حزيران 1970″، وهذه المعارك المشرفة التي خاضها الجيش العربي السوري، كانت الأولى من نوعها إطلاقاً بالنسبة لكل الجيوش العربية منذ أن قامت إسرائيل حتى الآن، وقمنا بأعمال في هذه الأيام الثلاثة من حيث النوع لم تشهدها إسرائيل إطلاقاً، وهذا الكلام قيل من قبل الفريق أول “محمد فوزي” للرفيق الأمين العام عندما كان في ليبيا، ومنذ اليوم الأول وهذا الكلام أرويه عن لسان الأمين العام لأنه قال لي عندما عاد من ليبيا- وطبعاً أنا أحكم أيضاً أن هذه المعارك نوعية – بغض النظر عن هذا الكلام-ولكن أردت أن أنقل لكم كلام الفريق اللأول “محمد فوزي” للرفيق الأمين العام.

والمارشال “غريشكو” أيضاً قال نفس الكلام ببرقيته، ونقول أن برقية المارشال “غريشكو” أيضاً قد تكون سياسية، ولكن الأمين العام اتصل معي بالهاتف وقال بعد مرور المعارك بأيام ما يلي:” كان عندي السفير السوفيتي وقال إن المعارك كانت ناجحة جداً، وكان ضباط القيادة يتصرفون بتقنية عالية”.

هذا التعبير قاله الأمين العام على لسان “محي الدينوف” السفير السوفيتي بالهاتف، ومعلومات “محي الدينوف” أنتم تعلمون أن لدينا مستشارين وهناك مستشار لرئيس الأركان، ومستشار لوزير الدفاع، ومستشار للعمليات، هؤلاء المستشارون يعملون معنا وهم يشاهدون كل التصرفات وكل القرارات وكل أعمال ضباط القيادة، وعندما ينقلون مشاهداتهم لسفيرهم أعتقد أنه لا يوجد مجال للدبلوماسية..

يمكن أن يكون هذا الأمر خارج مجرى الحديث، ولكن عرضنا عنه. وخلال معارك الأيام الثلاثة الجيش الأردني كان تحت تصرفنا فعلاً، وهذا الكلام لم يقل لنا من قبل الملك “حسين” ولا من قبل قيادة الجيش الأردني أيضاً، رغم أنه قبل من قبل قيادة الجيش الأردني، ولكنه قبل أيضاً من قبل قائد الفرقة المجاورة، وكانوا جاهزين لتنفيذ أية عمليات لصالح عملياتنا في الجبهة السورية، وضباطنا عرفوا هذا الشيئ.

الضباط الذين اندفعوا لتنفيذ أعمال محدودة، هذا الأمر تأثيره ليس مادياً فقط أيها الرفاق، وليس تأثيره عدداً من الجنود والدبابات والمدفعية يمكن أن تتحرك فيما إذا تلقت أمراً بذلك من الأردن، ولكن تأثيره المعنوي الضخم يحقق المعجزات بالنسبة للجندي السوري، فالجندي السوري عندما يعلم أن بجانبه جندي أردني سيقاتل معه، وسعودي ومصري سيقاتل معه، يصبح أكثر من جندي بكثير ويصنع المعجزات، وفي حال العكس يصبح العكس أيضاً، وكنا حريصين أن نوصل إلى الجنود إلى المنفذين في هذه المعارك، أنه يوجد إلى جانبهم جنود عرب ينتظرون أن يساهموا معهم في المعركة.

في هذه الحظات لا يمكن إلا وأن نذكر الجندي، الجندي الفقير، أفقر إنسان في هذه الأمة، الجندي العربي السوري يتقاضى سبعين ليرة سورية، وفي المناسبة الفدائي يكلف ما يعادل كلفة أربعة جنود في الجيش العربي السوري” وأنا قلت للواء “مصطفى” عندما يتكلم كان عليه أن يذكر لكم كلفة العمل الفدائي أيضاً.

طبعاً يمكن أن يكون هذا عائداً لبدايات خاطئة يجب أن نعيد النظر فيها، وهذا عائد لأن تجربتنا لا تزال في البدء، ولا أريد أن آتي به دليلاً على بطلان أو قلة جدوى العمل الفدائي، هذا المثال أوردته لأنني أريد أن أقول أن هذا من البدايات الخاطئة والأساليب الخاطئة التي ألمحت إليها منذ قليل.

في هذه اللحظات والجنود يتساقطون، والجندي لا يرى زميله من القنابل والدخان، وإذا رآه سيراه قتيلاً أو جريحاً، في هذه اللحظات لا أستطيع إطلاقاً أن أقول له، من غير المقبول، ولن أقول له، لا كجندي، ولا كقائد، أن الجيش الأردني “جيش الملك حسين، لن نتعامل معه.. هذه لحظات الموت”.. نحن بحاجة إلأى كل من يقاتل إلى جانبنا بغض النظر عن هويته، وبطبيعة الحال فهوية الجندي الأردني هي هوية الجماهير العربية.

جئت بهذين المثالين فقط.. وهناك أمثلة كثيرة لو أردنا أن نعددها لأضعنا من الوقت الكثير، ولقد ذكرت هذين المثالين لأدلل على أن المرونة الجزئية، وأقول الجزئية ولم نستطع أن نملكها كاملة لعدم موافقة البعض منا رغم أن المؤتمر القطري الرابع الاستثنائي أقر هذا الشيئ، ولكن هناك من قال أن هذا الأمر من إختصاص المؤتمر القومي وقد يكون كذلك.

فهذه المرونة الجزئية التي ملكناها لفترة معينة ومحدودة وبأضيق الحدود، لأن هناك أشياء تتعلق به بالذات لو أستطعنا أن نلمك المرونة الكاملة لحققنا أكثر من ذلك بكثير خاصة ولو كان هناك إنسجام وتنسيق كامل بالنسبة للحزب في كل المجالات، بمعنى أن هذه المرونة لو كنا جميعاً مؤمنين بها ولو وافقنا عليها وسرنا بها في كل القطاعات هنا، وفي الأردن، وفي الجيش وفي المقاومة وفي الحزب.. إلخ..

كنا حققنا أشياء افضل وأكثر وربما في رأيي، ولا أجزم وربما كنا استطعنا أن نتفادى بعض ما حدث في المجزرة الأخيرة.

من أجل تحقيق هذا الشيء، من أجل تعزيز أداة المعركة.. قلنا في المؤتمر القطري الرابع ولكي يكون كلامي دقيقاً أكثر، وقلنا في اللجنة العربية المنبثقة عن المؤتمر القطري الرابع بضرورة إمتلاك حركة الحركة على الصعيد العربي من تعزيز إستراتيجية الحزب وتنفيذ المهمات، والمهمة الأساسية المطروحة أمام الحزب وليس العكس وليس من أجل أن نخالف إستراتيجية الحزب، قد لا يقنع البعض منا، ولم يقنع فعلاً البعض عندما قيل في عام 1968 وإنطلاقاً من شعوري بالمسؤولية من خلال المركز الذي أشغله، ومن خلال الممارسة التي يعانيها جنودها، ومن خلال إصرار رفاقنا على أن هذا الكلام مخالف لإستراتيجية الحزب، وبالتالي لم توافق القيادتان القومية والقطرية عليه.

ولكي أكون منسجماً مع نفسي، صادقاً مع حزبي، صادقاً مع وطني، مع الشعب الذي أنتمي إليه، وربما لايخرج إطلاقاً على تقاليدنا الحزبية قررت أن لا أكون في القيادة القطرية وأن لا أرشح نفسي للقيادة..

وعندما لا أرشح نفسي للقيادة فإن هذا لا يعني “الحرد” ولم يرد إلى ذهني أنني لن أكون حزبياً، وأنني لن أكون الحزبي الملتزم.

ولكنني أردن فقط أن أشعر ببعض الراحة، راحة الضمير، راحة الوجدان، أردت أن تأتيني الأوامر من القيادة، وأن أكون منفذاً فقط، وأشعر في هذه الحالة أن مسؤوليتي تكون أقل.. مسؤوليتي الوطنية تكون أقل بكثير..

خلال سنوات الثورة، لم يلزم أحد أن يكون عضواً في قيادة الحزب، وأعتقد أن البعض من الرفاق شاهد إصراري ورفضي أن أرشح لقيادة الحزب القطرية آنذاك.

عدت أيها الرفاق إلى عملي وأؤكد أنه لن يكن في ذهني إلا أن أكون الحزبي الملتزم، وجاءني كثير من الرفاق العسكريين والمدنيين وقلت لهم ما أقوله الآن، من أنه إنسجاماً مع ما أعتقد وإنسجاماً مع نفسي و..إلخ، يجب أن لا أكون عضواً في أعلى قيادة في هذا القطر، ولكنني سأبقى عسكرياً أنفذ الأوامر وبالعكس، فهذا يعطيني وقتاً أكثر يمكنني من بذل جهد أكثر، وأصبح أقرب إلى عملي الفني البحت.

أرجو أيها الرفاق في تعليلي لبعض ما يأتي أن لا يظن أحد أنني أكره إنساناً في هذا الحزب، أو أنني أحمل في نفسي اية ضغائن لإنسان وأنا أؤكد أن رفاقنا في قيادة الحزب كما أرى وأشعر من خيرة المناصلين فالمفروض أن ينتخبهم المؤتمر.

كما ذكرت، كما لم يرد إلى ذهني أن لا أكون الحزبي الملتزم.. أيضاً لم يرد إلى ذهني أن أكون ضحية حرية الرأي.. لم يرد إلى ذهني أن يمارس ما مورس ضدي بالذات وأنا عضو قيادات الحزب المستمرة.

ولست ثانوياً في ثورة الحزب من أجل ما أبديت من الرأي، اتخذ قرار تحت عنوان: “تبديل مراكز القوى”، من أجل هذا الرأي فقط، لماذا لم يؤخذ إلا في ذلك الظرف؟ لماذا لم يؤخذ إلا في ذلك الوقت؟ عندما قلنا ما قلناه وواضح على أن كل ما سمعناه في الماضي من هنا وهناك من إنعدام حرية الرأي في حزينا بالنسبة لقواعد الحزب هو أمر صحيح.

هذه قناعة بالنسبة لي لا مجال للشك فيها إطلاقاً لأنه عندما يُمارس الإرحاب ضدى أنا بالذات بسبب إبداء الرأي، فمن الذي لا يُمارس ضد هذا الإرهاب في الحزب؟ لا أحد.. سيما أيها الرفاق أنا ممن عاصروا هذه الثورة، وكانوا باستمرار قبل تنفيذها وبعد التنفيذ من الأساسيين فيها، وأعرف كل شيئ عنها، وعن كل مؤسساتها الحزبية وغير الحزبية، وأعرف تاريخها بتفاصيله، وقد يكون بيننا في هذا المؤتمر القليل ممن يعرفون هذه التفاصيل.

عندما صدر هذا القرار وربطته بما كنت أسمع، وقارنته بما أعرف عن بعض رفاقنا، أصبحت لدى القناعة المطلقة أن هذا الحزب إذا ما سيطر عليه هذا الفكر، هذه الممارسة.. هذا النوع من الممارسة فهذا الحزب يصبح عبارة عن تنظيم، عن هيكل فارغ من أي محتوى، وأي مضمون.. قارنته مع ما أعرف.

أيها الرفاق.. سآتي لكم ببعض الأمثلة. أرجو أن يعلم الجميع أنني أكنّ للرفيق الأمين العام المساعد كل حب واحترام، وأقدّر له ما يتمتع به من كفاءة وأقدّر نضاله وأعرف عنه أكثر ما يعرف الكثيرون في هذا المؤتمر.. ولكن أعرف بالتجربة ومن خلال الممارسة أن هناك في الحزب طبعاً معيناً لست أدري ماذا يمكن أن أطلق عليه، سأقول “عقلية”، وليس لدي، ولا أستطيع إلا أن أقول أنها “عقلية الاستهلاك والتصفية”.. وقد يقول من يمارس هذه الممارسات أنها هي التي تخدم الحزب،وتبنى الحزب، وتخدم الثورة،وتبنى الثورة، ولكنها عقلية على كل حال موجودة.

في “8 آذار” أيها الرفاق قبل 8 آذار كان هناك لجنة عسكرية، وهذه المواضيع سأمر عليها باختصار، لأنني لا أريد أن أسرد التاريخ.. هذه اللجنة كنت أحد أعضائها وكان الرفيق “صلاح” أحد أعضاء هذه اللجنة أيضاً، وكان هناك رفاق آخرون، هذه اللجنة كانت هي كل شيء من جانب الحزب بالنسبة للثورة والحزب، كانت كل شيء، هي التي كانت تعين الممثلين العسكريين إلى القيادات الحزبية، وهي التي كانت تعين أعضاء المجلس الوطني، وهي التي كانت تعين الوزراء، وأقول هي كانت كل شيئ.

ومنذ الأيام الأولى للثورة عيّن الرفيق “صلاح جديد” معاوناً لمدير شؤون الضباط وأصبح هذا المركز “معاون مدير شؤون الضباط” هو مركز الثقل بالنسبة لنا جميعاً في اللجنة وفي الحزب وفي كل ما يتعلق بنا كبعثيين، ومعاون مدير إدارة شؤون الضباط كمركز بحد ذاته مركز، ولكنه ليس مركزاً أساسياً بالنسبة للدولة، ولا أريد بهذه المناسبة أن أقلل من الخدمات الجلى التي قدمها الرفيق “صلاح” عند استلامه لهذا المركز وخاصة في أوائل الثورة، ولكنني أناقش الأمر من زاوية أخرى وهو أن السلطة أصبحت هنا في هذا المركز. بعد فترة انتقل الرفيق “صلاح” إلى رئاسة الأركان العامة وأصبحت السلطة في رئاسة الأركان، وأنا بالذات ويعرف الرفيق “صلاح” أنني أدرك هذا الشيء، لأنني عضو معه في اللجنة العسكرية، ولأنني مرتبط معه بعلاقة الرئيس المرؤوس من خلال عملي في القوى الجوية وكانت هناك أشياء تتعلق بي بالذات وباعتباري كنت ممثلاً للقوى في اللجنة. هناك كثير من القرارات كانت تتخذ في اللجنة ولا ينفذها اللواء “صلاح” آنذاك كرئيس أركان “لأنها لابد لها من قرار تنفيذي” إلا عندما يقتنع.. وبتقديري يذكر الرفيق “صلاح” بعضاً من هذه الأمثلة..

بالنسبة للحزب عندما كان الرفيق “صلاح” عضواً في القيادة القومية، كانت القيادة القومية كل شيئ، وأصبحت اللجنة العسكرية ثانوية جداً.. هنا في هذا المؤتمر كان معي في أول قيادة قطرية وكان أمينها العام “حمود الشوفي”، كان معي بعض الأعضاء الموجودين حالياً في هذا المؤتمر لم يسمح لنا أيها الرفاق ونحن أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بأن ندخل المجلس الوطني، لم يسمح لنا إطلاقاً، رغم أننا أعضاء قيادة قطرية، وثلاثة منا، وهم العسكريون أعضاء أيضاً في اللجنة العسكرية، لم يسمح لنا.. ودارت مناقشات حادة بيننا آنذاك ولم ندخل المجلس الوطني فئات أخرى غير حزبية.. يا رفاق وأنا لم أذكر شيئاً من عندي.. ولكن هذا ما حصل..

وفي تقديري أن “ميشيل عفلق” الرفيق السابق والآخرين الذين كانوا معه لم يكونوا الأساس باستمرار.. وعندما لم يرشح الرفيق “صلاح” نفسه للقيادة القومية وأصبح عضواً في القيادة القطرية، أصبحت القيادة القطرية هي المسؤولة عن السلطة في القطر العربي السوري.

وقد يذكر أحد الأعضاء، أو بعض الرفاق الذين كانوا أعضاء على ما أذكر، في المؤتمر السادس والسابع لم يرشح الرفيق صلاح نفسه إلى القيادة القومية رغم إلحاحنا جميعاً عليه، لم يرشح نفسه لكي يكون عضواً في القيادة القومية.. وربما لا أذكر كل تفاصيل الموضوع. المهم عندما انتقل الرفيق “صلاح” من القيادة القومية إلى القيادة القطرية، أصبحت القطرية هي كل شيء وهي السلطة، والقومية لا علاقة لها بالسلطة وهي أعلى مؤسسات بالحزب. لكن للأمور التنظيمية وعلى صعيد الوطن العربي، وهنا بالذات بدأ ينفجر الخلاف وبين قومية وقطرية، وأذكر عندما عينت القيادة القطرية وطبعاً عدد كبير من الرفاق كانوا أعضاء في القيادة القومية وأنا كنت عضواً فيها، وكانت آخر قيادة قومية، عينوا محافظين وطبعاً كثير من الرفاق هنا كانوا أعضاء في القيادة، وأنا كنت عضواً آنذاك بالقيادة القومية، وهي آخر قيادة قومية قبل “23 شباط”، احتجت القيادة القومية على أحدهم، لم يرد أحد على القيادة القومية آنذاك وقيل لا علاقة للقيادة القومية بمواضيع السلطة. هذا أمثلة.. مراكز ومؤسسات مختلفة ذكرتها منذ بدء الثورة حتى الآن، لكي أقول كيف كانت تنتقل السلطة وتكتسب الشرعية من مكان إلى مكان ومن فترة إلى فترة بين وقت وآخر.

هذه “العقلية” أيضاً كانت آثارها واضحة انعكست: تصفيات لأشخاص كان لهم دور قيادي في بعض مراحل هذه الثورة. وسأورد أيضاً بعض الأمثلة:

اللجنة العسكرية التي ذكرت كانت هي قمة التنظيم العسكري الحزبي والسلطوي بالنسبة للبعثيين في الجيش. طبعاً رفاق “8 آذار”، وبالمناسبة هناك بعثيون بالجيش، وإلا لما كانت ثورة “8 آذار” وتحولت لصالح الحزب، وإنه لمن المؤلم جداً أن نقول بعد مرور سبع سنوات على الثورة أن الجيش هو جيش غير عقائدي.. طبعاً في كلمات قيلت أكثر من ذلك وأريد أن أقول أيضاً- ولو بين هلالين- أنه “لو لم يكن في هذا القطر جيش عقائدي”، لما كانت هناك سلطة للحزب، لما انعقد هذا المؤتمر، ولما كانت هناك في هذا القطر مقاومة وعمل فدائي واستعداد عسكري، ولكنا شيئاً آخر، ولما كانت هناك أي سلطة للحزب في هذا القطر. وكل المؤامرات التي تعرض لها حكم الحزب لم تستطع الجماهير.. جماهير الحزب أن تضرب هذا المؤتمرات، “ولم يضرب كل المؤامرات التي تعرض لها حكم الحزب، إلا هذا الجيش العقائدي”، جيش حزب البعث العربي الاشتراكي، هؤلاء سواء منهم من وصف بالمناضل أو من وصف بغير المناضل، ولا أقصد من هذا الكلام أن أدافع عن أخطاء أي إنسان إطلاقاً، هناك خطأ ولكن الخطأ لا يقلل من أهمية هؤلاء المناضلين ولا يقلل من أهمية هذا الجيش العقائدي إطلاقاً وفي دوره بحماية الثورة بالذات، وفي دوره بحماية حكم الحزب بالذات..

هذه اللجنة كما ذكرت كانت قمة التنظيم الحزبي وكنا نعقد أحياناً مؤتمرات للبعثيين في فترات متباعدة.. وفي أحد هذه المؤتمرات، وبعد إخراج “زياد الحريري” من سورية، وكان رئيساً للأركان، قررنا أن يعين رئيس للأركان، وكان “أمين الحافظ” آنذاك أصبح قائداً عاماً للجيش.. جيء به من وزارة الداخلية إلى رئاسة الأركان، ثم  إلى قيادة الجيش بعد ذهاب “لؤي الأتاسي”.. عندما جئنا إلى المؤتمر، حسب ما أذكر، لم تكن قد حدثت بيننا بعد أية مشاكل.. لا تنظيمية، ولا سلطوية، ولا أذكر أنه كان بيننا أي نوع من أنواع المشاكل بالنسبة للتنظيم العسكري، وكان هناك صفاء وود، لأن المؤامرات كانت تحيط بنا من كل جانب، وكنا متماسكين إلى أقصى الحدود، وكنا ننام باستمرار في وحدتنا ونسهل كل الليل، هذا الشيء معروف “مؤامرة 18  تموز حدثت نهاراً لأن البعثين لم يكونوا ينامون في الليل”، ولما جئنا إلى المؤتمر، لم يكن

لم يكن بذهن أحد منا إلا أن رئيس الأركان سيكون هو “محمد عمران” وذلك بسبب أننا جميعاً أعضاء لجنة عسكرية وكلنا مناضلون وكلنا له دور أساسي بهذه الثورة، ولذلك الأقدم منا هو الطبيعي للمركز الأقدم، وأنا واحد من هؤلاء المؤتمرين العسكريين آنذاك، كان بذهني هذا الشئ.. عندما انعقد المؤتمر ولو طرح الأمر على التصويت لصوت عليه، ولكن “صلاح جديد” طرح الاقتراح التالي: “باعتبار أن رئيس الأركان سيعمل مع القائد العام للجيش، فيترك للقائد العام حرية إختيار رئيس الأركان” وطرح الاقتراح على التصويت وفاز ونجح أيضاً، نجح لأننا كنا نثق بكل رفاقنا، لم تكن هناك أية بادرة، وحتى عندما طرح هذا الاقتراح فقد كنت من البساطة آنذاك، بحيث اعتقدت أن المقصود هو إعطاء صلاحيات دعم معنوي للقائد العام، وهذا القائد العام لاشك أنه سيختار مباشرة الرفيق السابق “محمد عمران”، باعتباره أقدم الحزبيين عسكرياً، لهذا السبب فقط، وإذ بالرفيق اللواء “صلاح” يعين آنذاك رئيساً للأركان. وفي تقديري أنه من هذه الجلسة بدأت بوادر تصفية “محمد عمران”.. أرجو أن لا يفهم أحد أنني أعطف على “محمد عمران” أو أن أخطاءه صغيرة أو أنه من المناضلين الذين يجب ألا يبعدوا، ولا أقصد هذا، فنحن نأتي على حوادث مررنا بها، ولابد أن نستفيد منها في مسيرتنا المستمرة..

من هنا بدأت تصفية “محمد عمران”، ولم يطل الزمن بعد هذا المؤتمر، وأُخرج وأنا أحد أعضاء اللجنة العسكرية الذين ذهبوا لمرافقة “محمد عمران” إلى الطائرة، وحتى عندما أخرج كان بذهني أيضا أن “محمد عمران” يعطي تصريحات لصحف لبنان بالعطف على الناصريين آنذاك، الأمر يبلبل صفوف البعثيين.. فليخرج الآن، وعندما نقضي على أعدائنا جميعاً يمكنه أن يعود ويتابع المسيرة معنا.. لم يكن بذهني إلا هذا، ولقد أكدت وأنا واحد من الرفاق الذين رافقوا “محمد عمران” آنذاك إلى الطائرة، أكدت له هذا الكلام، وكنت قانعاً بكل كلمة قلتها له، لكن “محمد عمران” خرج ولم يعد.

وأذكر آنذاك أننا في اجتماعنا ببيت “أمين الحافظ” آنذاك لزيارة أحد المعسكرات في قطنا، ونحن ذهبنا لتنفيذ المهمة. هذا أول رفيق صادق كان له دور أساسي أيضاً بالثورة.. وصُفي.. ومن هذا المؤتمر، أقصد ذلك المؤتمر العسكري بدأت تصفية “محمد عمران”.

كان هناك ثقة مطلقة، حسب ما يبدو لي على الأقل، ولكثير من رفاقنا، بين الرفيق “صلاح” والقائد العام للجيش آنذاك “أمين الحافظ.. وطبعاً لا أريد أن أسجل هنا مآخذاً إطلاقاً، لقد كان بيني وبين “أمين الحافظ” مثل هذه الثقة وأكثر، هناك قناعات تتغير على ضوء الأعمال، لا أريد أن أسجل أيضاً ماخذاً أو أدافع عمن صُفيّ ولكن أذكر مراحل حوادث مررنا بها لها دلالات عميقة قد تؤثر بشكل جذري على مسيرة حزبنا وثورتنا، الرفيق “صلاح” يذكر تماماً رأيه بالرفيق “أمين الحافظ”، الفريق “أمين الحافظ” آنذاك، وبعد مرور فترة، بدأ يمارس دوره في قيادة الجيش كقائد عام للجيش والقوات المسلحة، عندما بدأ يوقع بعض البريد بدأت نهايته، لأن كل شيئ كان يصدر بقرار وبتوقيع اللواء “صلاح” باس القائد العام، عندما عاد “أمين الحافظ” ليمارس بعض دوره، بدأت نهايته، وبدأ الرأي به يتغير على ضوء هذه الممارسة، أنا أيضاً بدأ رأيي “بأمين الحافظ” يتغير على ضوء ممارسات أخرى.. كان هناك في هذا المؤتمر ومنهم الأمين العام والرفيق “إبراهيم ماخوس” كانوا أعضاء معي في القيادة القومية التي كنت عضواً فيها، وجميعهم يذكرون مواقفي من “أمين الحافظ”.

تغير رأيي بـ “أمين الحافظ” على ضوء ممارسات أخرى، أما الرفيق “صلاح” فقد تغير رأيه بـ “أمين الحافظ” أكثر فأكثر إلى الخطأ، وصُفيّ “أمين الحافظ”.

طبعاً أيها الرفاق هؤلاء الذين أذكرهم، هم دورهم آت في التصفية والسقوط حتماً، سواء أكان الرفيق “صلاح” موجود أم لا.. لأنهم مخطئون بحق الحزب، وبعيدون عن فكر وإستراتيجية وعقل الحزب، ولكن الرفيق “صلاح” صاحب المبادرة الأساسية، والذي استطاع أن يجعل الزمن أيضاً يستثمر بأسرع ما يمكن في تصفية هؤلاء.. وقد يكون في ذلك مصلحة الحزب.

وهناك في الحقيقة أمثلة أخرى أيها الرفاق، هناك أمثلة.. وينطبق هذا الشئ بشكل أو بآخر إلى حد ما، بالنسبة للواء “أحمد سويداني” لم يكن هناك تنازع على عمل ما، بينه وبين الرفيق الأمين العام.. منذ أياام في هذا المؤتمر كان يتحدى القيادة بدون مبرر، كان يصرخ بوجه الجميع بدون مبرر، وفي كل مناسبة.

بعد خمسة حزيران ذهبت إلى القصر الجمهوري، وكان أعضاء القيادة موجودين وكان الأمين العام موجوداً، كان اللواء “سويداني” يصرخ وصراخه يصل إلى الشارع، وكلمات لا تقال.. “بطلق النار” وصلت أنا على صوت صراخه ودخلت أنه معه الغرفة، وقال لي: “هدول كذا وكذا.. وكانوا يسمعون الكلام من خارج الغرفة”، والذي يتجرأ على الكلام فسأطلق عليه النار”. لم يخرج “أحمد سويداني” من مركزه على ضوء التحديات التي لا تمت إلى المنطق، إلى التصرف الشخصي، إلى اللياقة الشخصية. لا أقول إلى الحزب لا تمت إلى تصرف الإنسان العاقل الهادئ بأي صلة، بالأحرى لا تمت إلى عقل الحزب ومفاهيم الحزب وتقاليد المؤسسات الحزبية.

هذا الكلام قاله الرفيق الأمين العام منذ أيام سمعتموه جميعاً، لم يُصفي آنذاك، لم يخرج من الحزب و لا من رئاسة الأركان”، أخرج من فترة لم تكن له مثل هذه التصرفات، إذن هناك شيء آخر.

وهناك أمثلة أخرى أيضاً، ولكنني أكتفي بما ذكرت لأقول لكم أيها الرفاق، عندما صدر هذا القرار المنوه عنه والذي أريد له أن يصدر باسم الشرعية باسم قيادة الحزب.. “تغير مراكز القوى” برئ حداً، عليه كل طلاءات ودهانات الشرعية، المقصود فيه هو فقط أنا لأنني بدأت أقول كلمة لا تسر الآخرين.. وليس شيئاً آخر.

بالمقارنة مع ما كنا نسمع، وبالمقارنة مع ما أعرف من تاريخ هذه الثورة، ومن تجربتي فيها، منها بعض ما ذكرت.. عندما تكون أمامي هذه الصورة، ماذا تريدون مني أن أتصور حزبنا هذا؟ أتصوره هيكلاً خالياً من كل محتوى، وأتصور نفسي مخادعاً كاذباً عندما أقول أنني ملتزم بمثل هذا القرار، وأن هذا القرار يمثل الشرعية.

إن هذا القرار أبعد ما يكون عن الشرعية والآخرون لا يعرفون شيئاً، لا يعرفون إلا المظاهر. قد يقوم أحد منهم بعد قليل ويرد ولا يقبل بهذا الكلام أعرف هذا سلفاً، ولكن سواء أقام بعض الرفاق بالقيادة أو لم يقوموا، أقالوا غير هذا الكلام أو لم يقولوا، فلي تجربة لمستها بنفسي ورأيتها بعيني، لا يمكن لأي حجة أو أي كلام من أي عضو من أعضاء القيادة أن يغير هذه القناعة، لأنها جاءت نتيجة تجربة ولم تأت لا بالاستنتاج ولا بقراءة الكتب.

أقل من هذا بكثير أيها الرفاق.. أقل من هذا بكثير أيها الرفاق.. أقل من هذا بكثير كان واضحاً أمام عيني قبل “23 شباط” أقل من هذا، كان لدي من الدلائل أقل مما يسئ إلى فهمي للحزب وتصوري له، الأمر الذي أقنعني بضرورة الدفاع عن الحزب ضد أعلا مؤسسة في الحزب وهي القيادة القومية، من تربطني بهم روابط شخصية وروابط صداقة جيدة. وفي هذه المؤسسة من الأعضاء من يتمتع بسلوك شخصي أحترمه وأقدره، ولكنني عندما شعرت واقتنعت أن الحزب في خطر نتيجة تصرف هذه المؤسسة، وقفت إلى جانب الرفاق آنذاك الذين كانوا أعضاء القيادة القطرية، وهم يعرفون أنني لم أقتنع إلا بعد جهد وعناء بالتحرك العسكري ضد القيادة القومية.

أحمد سويداني” جاء لمكتبي مرات كثيرة قبل “23 شباط” بفترة، وهو موجود الآن في السجن، وإذا أردتم فليُأت به، وسأذكر هذه الحادثة والتي تكررت أكثر من مرة، جاء إليّ وقال: “هؤلاء لا فائدة منهم يجب أن نتحرك، هات هالعسكر وخلينا نمشي”، نعم على القيادة القومية.. أنا كنت قائد قوة جوية آنذاك، وكان يأتي لعندي من أجل أن نتحرك عسكرياً ضد القيادة القومية، وكان قد بدا في القيادة القومية أن لي وجهة نظر تلتقي مع رفاقنا في القيادة القطرية والتي خلت فيما بعد. وكانت القناعة قد حصلت عند رفاقنا أنه لابد من تحرك عسكري ضد هذه القيادة القومية آنذاك، و”أحمد سويداني” أحد هؤلاء الرفاق السابقين الذي جاء ليقنعني بضرورة الإسراع بالتحرك العسكري.

أذكر أنني قلت له: “ولو قطعوا يدي لما حركت جندياً واحداً”، وكررت هذا الكلام مرات ومرات، في الوقت الذي كنت فيه أقف بكل شراسة في جلسات القيادة القومية أمام الآخرين الذين كانوا يسيئون إلى الحزب، ولم أكن مقتنعاً إطلاقاً بالتحرك العسكري، ورفاقنا يعرفون، رفاقنا الموجودين الآن، يعرفون موافقتي على التحرك أو عدم موافقتي قد تكون هي الأساس في نجاح أو عدم نجاح “23 شباط”، أعتقد أنهم يعرفون ذلك.

وفي تقديري لو وافقت لكانت “23 شباط” حدثت في وقت مبكر، وقد يكون “22 شباط” مثلاً، قد يكون تاريخاً سابقاً.

وطبعاً بالممارسة اقتنعت أنه لابد، كما قال المؤتمر القومي التاسع، من التحرك، هذا الأسلوب الذي نشجبه وشجبناه في المؤتمر، ولكنه لابد منه.

أقول عندما اقتنعت آنذاك بالتحرك من أجل “23 شباط” لم تكن أمامي الصورة الرهيبة المفزعة المرعبة التي رأيتها أمامي عندما صدر هذا القرار.. قرار “تغيير مراكز القوى” وحتى صيغة القرار، في صيغة القرار نفسها الكثير من الحبك، بنود متكاملة الأمين العام رئيس وزراء لسبب لا أريد أن أدخل بالتفاصيل. فإذا كان أيها الرفاق أقل من هذه الصورة جعلتني أساهم في الوقوف ضد اليمين في “23 شباط”، فمن الطبيعي أن أقول لرفاقنا في قيادة الحزب عند صدور هذا القرار: لا .. أيها الرفاق هذا القرار لا يمت إلى الشرعية بصلة ولا يمت إلى مصلحة الحزب بصلة. عندما قلت لا .. لم يكن بذهني موازين القوى هنا وهناك، ولم أكن أعرف من معي ومن ضدي في هذا الجيش إطلاقاً، ولو لم يكن معي سوى عشرة جنود لقلت لا، لم أكن أعراف إطلاقاً، وكان هناك عدد من العسكريين ليسوا من رأيي لسبب أو لآخر ولكن قلت لا، وأؤكد لو لم يكن إلى جانب رأيي سوى عشرة جنود أو غير حزبيين لقلت لا، أو حتى عشرة مدنيين، أو لم يكن إلى جانب رأيي سوى نفسي لقلت لا.. أما القدرة على التنفيذ أو عدم القدرة على التنفيذ فهذا شيء آخر.

بغض النظر عن النتائج لأن العمل بالحزب قناعة، وعندما تتزعزع هذه القناعة، عندما تتصدع، كيف يمكن أن يطلب منا الإلتزام؟.. عندما أشعر أن هذه القيادة تتصرف بمعزل عن تقاليد الحزب، هل يمكن أن أعترف أنها قيادة حزب؟.. أبدأ، هذا التصور أيها الرفاق بذهني باستمرار، كل منا في القاعدة وفي القمة يشعر أن الحزب لا يمثل مصالح الوطن، لا يمثل طليعة الشعب، لا يعمل من أجل مصلحة الحزب والشعب، لن يلتزم إطلاقا بما يسمى هيكلاً أو قيادة أو تنظيما، وإلا لذهبنا إلى أحد المقاهي وجلست أنا وعشرة وقالوا لي: فلنصوت (بتطلع بتركضلك مشوار) نحن تسعة وأنت واحد، ففي أي وقت من الأوقات عندما أشعر أن الذين أعمل معهم ليسوا بعثيين لن ألتزم بهم ولا بقراراتهم. والآن في هذا المؤتمر كل منا عندما يشعر أن هذا المؤتمر لا يمثل الحزب يجب أن يذهب من هذا المؤتمر.

العمل في الحزب قناعة، أعتقد أن هذه بديهية لا مجال لمناقشتها في أي وقت يستطيع الإنسان أن يفك إلتزامه بالحزب عندما يقتنع لأي سبب أن هذا الحزب لا يعبر عن مصالح الجماهير، لأننا دخلنا بهذه القناعة، وقدرتنا على النضال والاستمرار متوقفة على استمرار هذه القناعة.

لذلك أيها الرفاق قلت لن أنفذ. وهناك جلسات ولقاءات كثيرة، وجاءني الأمين العام والأمين العام المساعد إلى مكتبي ليلا، بعد منتصف الليل لا أذكر الساعة بالضبط، بعد أن علمت وبعد أن تأكد لي أن هناك رفاقاً مدنيين قد يكون بعضهم في هذا المؤتمر، ذهبوا و اتصلو بضباط الجيش و قالو لهم : “سيصدر بعد قليل قرار هام بكذا وكذا”، وعندما دخل الأمين العام المساعد إلى مكتبي كان الضباط خارجين من المكتب وقد رأوهم على باب المكتب، ولكن عندما بلغت من قبل الضباط لم أصدق ولم أعر أي انتباه، ولم أصدق إطلاقا واعتبرت أن هناك من يريد أن يثير فتنة بالحزب، وإذا بالأمين العام والأمين العام المساعد يدخلان ويبلغاني ما قاله لي الضباط الذين كانوا في مكتبي، والمدنيون الذين مروا على الضباط ذهبوا لعندهم أثناء انعقاد الاجتماع المشترك، ولم يكن القرار قد اتخذ بعد، والضباط موجودون وأستطيع أن آتي بهم إلى هذا المؤتمر ليكرروا هذا الكلام، ورجوت آنذاك الأمين العام والأمين العام المساعد أن يقدرا مصلحة الحزب، وألا نضع بعضنا في الزاوية، وأن لا يدفع بعضنا البعض الآخر إلى مواقف حرجة قد تسيء إلى سمعة الحزب وسمعة الثورة، وأنا أذكر ذلك الموقف تماما، وهز الرفيق الأمين العام المساعد برأسه كأنه يقول “انتظرنا فسنرى”.

وقال لي مثل هذا الكلام بعد يومين أو ثلاثة أو خلال تلك الفترة الرفيق (أحمد الأمير) وهو عضو الآن في هذا المؤتمر. قال (أبحث عنه قلا أراه). وفي تقديري أنه يذكر مصير من سقطوا سابقاً وقال ما معناه (لا أذكر بالضبط): “أرجو ألا أراك مستقبلا يا أبو سليمان في وضع حرج”، أو بهذا المعنى، طبعا أراد أن يفهمني منطلقات مختلفة كليا عن منطلقات الأمين العام والأمين العام المساعد، وأعتقد أنه يتكلم متألما بالنسبة لي كرفيق أنه لا يريد أن يراني مستقبلا (يعني ضربوني الجماعة وحطوني بالسجن) هذا ما فهمته، وقلت له: “خير”، ومر علي الرفيق (كامل حسين) وهو موجود الآن أمامي، وقال لي: “والنهاية، ماذا بعد”، قلت له: «أنا قاعد، لا أريد شيئا من رفاقنا أبدا، وغدا تجيء المؤتمرات ونعود للنقاش بالمؤتمرات»، قال لي: “لا يمكن يجب أن تنفذ القرار”.. و قلت له: “أنا لن أنفذ، وقاعد مكاني ولن أرفع السلاح، ولكن إذا جاء رفاقنا لعندي فإنني

مضطر لأدافع عن نفسي”، قال لي: “والله بدهم ييجو عليك”، قلت له: “يريدون أن يجيئوا إلى هنا؟”، قال: “نعم”، قلت له: “على كل الساحة موجودة، وعندما يأتون هنا الأمور جدية جداً”، لا أعرف الجو الذي أحاط بالقيادة خلال تلك الفترة، لكن الشيء الذي أعرفه أنه كانت هناك تصرفات مستعجلة وارتجالية من قبل رفاقنا بالقيادة، وأؤكد أنتي بذلت كل ما أستطيعه من جهد لتلافي تصاعد الأمور، وكنت أعمل باتجاه، ورفاقنا في قيادة الحزب يعملون باتجاه آخر، ونجحت إلى حد ما في ضبط الأمور ممن يقبلون النصحية أو الأوامر أو التعليمات.. استمرت الأزمة أيها الرفاق وقد لا يكون من المفيد أن نذكر كل التفاصيل، واحد ذهب، وقلنا له ارجع، وأحضر لنا جريدة الثورة.. إلخ، هذه الأمور كلها مبررة، وفيما لو تكررت نفس المعطيات يجب أن تتكرر لمصلحة الحزب نفس الإجراءات.

(جريدة الراية) التي تأتي من لبنان تحرض الجماهير والحزبيين على الاقتتال، وهل نسمح لها بدخول سورية؟ كلا.. حاليا وبالرغم من أن وسائل الإعلام تشوش المواطنين الحزبيين عسكريين ومدنيين في هذه الفترة، وكل الأخبار التي تحرض المواطنين مبعثها الأساسي رأي الرفيق (مالك الأمين) المسؤول عن الإعلام في القيادة القومية، والرفيق (مالك) الذي لم يكتف بقدرته الإعلامية فقط وإنما تكلم بالمؤتمر بما فيه الكفاية واتهمنا من الإتهامات الكثير ولكن نحن رفاق، ونحن بالتأكيد لم نحم المومسات أبدا، ولنا من أخلاقنا ما يرفعنا عن هذا المستوى، ولنا أيضا من ماضينا ومن نضالنا ما يمكننا من أن تسير في صفوف الحزب دون الحراسة الضخمة التي تحدث عنها الرفيق (عبد الحميد المقداد)، فنحن لا نحرس أنفسنا من الحزبيين، وإنما نحرس أنفسنا من المندسين على الحزب.

لم أكن موجوداً أيها الرفاق عندما قيل هذا الكلام، ولكن قيل هذا الكلام. جريدة البعث تحرض الجماهير، جريدة الثورة تحرض الناس، وقد جئنا بالرفيق (نصر شمالي) آنذاك، جاء إلى مكتبي فعلا وتحدث بما تحدث به فعلا في مكتبي ولا أعتقد أنه تحدث بما قال إلا لأنه رفیق حزبي، ولكننا نريد أجهزة الإعلام أن تترك المجال لنا للحوار للمناقشة، لا نريد قدر الإمكان أن تنشر غسيلنا الوسخ، ولكننا نحصره قدر الإمكان.. لقد كان لكل عضو في القيادة تصرفاته كما أعتقد، التي كان يسميها دفاعا عن الحزب، وكان كل الرفاق (الرفيق نصر والرفيق مالك الأمين) في لبنان، وكل رفاقنا أصبحوا غيورين على هذا الحزب، أما نحن فبين ليلة وضحاها أصبحنا أعداء الداء لهذا الحزب، رجعيين ارتبطنا بالإمبريالية.. وارتبطنا باليمين، والعراق خلف هذه الأزمة مباشرة.

أمر غريب أيها الرفاق، كيف ينعطف المناضل هذا الانعطاف الحاد، يجب على الأقل أن يكون هناك تدرج نحو الأعلى أو نحو الأسفل، هذه الانعطافات الحدية غير ممكنة إلا إذا كان الإنسان عبقرياً ومربى منذ صغره على يد المخابرات الأجنبية ومواهبه كثيرة وعالية.. قد يكون هذا الشيء المهم. أيضا، بدافع الواجب الوطني وبدافع من واجبي نحو الحزب فعلا منعت (الراية) من دخول البلاد.. كيف أمنعها وكانت تهرب إلى داخل البلاد لتوزع في كل المحافظات ولمصلحة من هذا الإقتتال؟ ولو كنت عسكرياً كلاسيكياً أيها الرفاق، ما الذي منعني من الإقتتال . ومرت سنتان الآن، ليس هناك أي مجال للشك، أنني لو كنت عسكرياً أنظر إلى الأمور بمعطيات المعركة العسكرية فقط، لحققت ما أريد، ولا أعتقد أن هناك من يشك أبدا في طول هذا الحزب وعرضه بصحة ما أقول أبدا، ولكنني لست عسكرياً على الإطلاق بالمعنى الذي ذكرت. اتخذت كل ما اتخذت انطلاقا من حرصي على الحزب، ومن إيماني، أنه لا بد أن ألتقي مرة ثانية مع هؤلاء الرفاق المناضلين، ولا بد أن يفهموني أكثر مما فهموني حتى الآن،

ولا بد أن نصحح أخطاء بعضنا البعض، قد أكون مخطئاً في بعض ما تصرفت، لا أجزم، ولا أقول إنني لم أرتكب خطأ في كل التصرفات التي مرت، قد يكون ذلك، لكن الذي أستطيع أن أجزم به هو أنني لم أعط أمراً واحداً، ولم أقرر تصرفاً واحداً، إلا انطلاقا وعلى ضوء ما أدرك من مصلحة الحزب، ولو كان الأمر غير ذلك لكانت النتائج أيها الرفاق غير ذلك، ولما كنا الآن في هذا المؤتمر.. وبالتالي أستطيع أن أقول أيضا إن من قال أن هناك انقلابا عسكريا خاطیء كل الخطأ.. جاء المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي بنتيجة ضغط قواعد الحزب في القطر، وغير صحيح أيضا ما ذكر أن المؤتمر القطري الإستثنائي عقد بقوة السلاح، إذا كانت حدثت بعض الحوادث، كما ذكر البعض، مرافق الأمين العام زج به في النهر هذا الكلام غير صحيح إطلاقا.. لكن حتى إذا كان صحيحا، هذا لا يعني أن المؤتمر عقد بقوة السلاح.. لأن مرافق الأمين العام.. زجه بالنهر شيء، والمؤتمر عقد بقوة السلاح شيء آخر.

هنالك بینکم رفاق كانوا بالمؤتمر الرابع الإستثنائي، من جاءه من العسكريين وهدده؟ بتصوري لا أحد، وإذا حدث شيء من هذا فلا علم لي به، بالعكس أيها الرفاق.. كان هناك مؤامرة لتنفيذ انقلاب باسم الحزب، وهنا كثير من الرفاق يعرفون كلمة السر، وفي الحقيقة فقد نسيتها، قيلت بالمؤتمر القطري الرابع الإستثنائي.. (عيد سعيد).. وفي هذه المؤامرة ضباط، هؤلاء الضباط كانوا سيدخلون إلى بعض القطعات وكنت على إطلاع بكل هذه التفاصيل، ولم أتسرع أيضا لو لم أكن في ضمير الحزب لو لم أكن أعيش الحزب بكل جوارحي، كان من المفترض بمجرد أن سمعت أن هناك مؤامرة وتأكدي من هذه المعلومات أن أضرب دفاعا عن النفس وبسرعة.. وبتقديري أنني كنت أملك القدرة الكاملة، ولم يكن يستطع أحد آنذاك أن يمنعني من الضرب.. أيضا لم أتصرف إلا بما يفيد الحزب، وبما يساعد على أن يعقد مستقبلا مؤتمراً قطرياً أو قومياً هو المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي، وبما يساعد على أن نجتمع في قيادة واحدة ، وبما يساعد على أن نعقد أيضا بعد سنتين مؤتمراً قومياً لنرجع معا ونناضل من أجل هذا الحزب.

جاء المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي، أنا لم أكن أريد أن أتكلم فيه، ولكن طلب إلي المؤتمر تقديم تقرير، كان رئيس المؤتمر الرفيق (حمود القباني) أو ربما نائبا لرئيس المؤتمر على ما أذكر، قدمنا التقرير بناء على طلب المؤتمر وخرجنا من المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي وفي ذهني خاتمة مثل هذه المشاكل، وفي ذهني أنه عودة إلى الصفاء، عودة إلى التعاون، عودة إلى النضال، عودة إلى إزالة كل أثر من آثار الأزمة السلبية.. ومن جهتي أنا فقد بدأت أمارس ويشكل صادق ومخلص، كل ما من شأنه أنه يعمل على إزالة هذه الرواسب.

في أول جلسة كما ذكر الأمين العام المساعد، فعلا، طلب إلي وبإلحاح في الاجتماع المشترك أن أكون رئيسا للوزراء ووزيراُ للدفاع، وأقول أكثر من هذا. لو طلبت أن أكون رئيس دولة ورئيس وزراء ووزيرا للدفاع، وثلاثة أمور زيادة لكان الاجتماع المشترك موافقاً.. وكان هناك تعليل لهذا الطرح، ولم يكن من حيث الظاهر على الأقل طرحا غير جدي أبدا، أنا أذكر الأمثلة التي جيء بها، جيء بالأمثلة عن (ستالين)، وفي ظروف الحرب، فإن الشخص القوي هو الذي يستلم كل السلطات والصلاحيات، وجيء بأمثلة عن (تشرشل) والرفاق أعضاء القيادة موجودون الآن.. ولم أقبل أن أكون لا رئيس وزراء ولا رئيس دولة، والذي يريد السلطة يا رفاق، رئيس الوزراء أعلى من وزير الدفاع، وأنا لن أكون رئيس وزراء واجهة، إذا كنا نريد أن نأخذ ببعض الأقوال المتداولة بالشارع. فلان واجهة وفلان يكون القائد الفعلي.

أولا: تجربة رفاقنا معنا هناك الدكتور (یوسف) كان رئيس وزراء، وكنت وزیر دفاع خلال فترة طويلة، لا بأس بها سنتين أو أكثر، باعتقادي لم يشعر في يوم من الأيام أنني كنت أتصرف معه على أساس أنه واجهة أبدا وإذا كان لديه مثل واحد يستطيع أن يأتيني به، أنا جاهز لمناقشته.. كنت أشعر أنه رئيس وزراء وأنا وزیر، بكل ما تعني الكلمة من معنى, وينطبق الشيء نفسه على الرفيق الأمين العام كان يدعوني للظهور في كثير من المناسبات كنت أذهب غير منسجم وغير راغب، وإذا كنت أذهب فلأنني كنت أخشى أن يقول الرفيق الأمين العام أن أوامره لا تنفذ، وعلى هذا القول أيضا عندما أكون أنا رئيس وزراء لن يستطيع وزیر دفاع في الدنيا ولا قائد جيش أن يجعل مني واجهة له إطلاقا، سيكون تحت أوامري بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى لذلك ما رفضت رئاسة الوزراء الاعتقادي أنني سأكون واجهة، لا، لأنني لست راغبة في الصعود إلى أعلى، خاصة والشيء المطروح هو أن أكون رئيس وزراء ووزير دفاع، هذا الكلام با رفاق تؤكده مسيرتي الماضية..

إنني جئت لوزارة الدفاع مرغما في (23 شباط). وفي (23 شباط) أول كلمة أذيعت بعد البيان، تعين (حافظ الأسد) وزيراً للدفاع، كان (محمد الزعبي) في الإذاعة أرسلت له أحد الضباط وقلت له “هذا الكلام غير متفقين عليه يجب أن تذيع شيئا آخر، وأذيع بعد نصف ساعة أن الرفيق (حافظ الأسد) مكلف باعتباره أقدم ضابط بالقوات المسلحة (آنذاك) بتسيير أمور وزارة الدفاع لأن هناك تنقلات لا بد من إجرائها، وهناك أشياء سريعة الصالح الحركة لا بد من إنسان مسؤول للبت فيها، وأيضا عندما شكلت أول وزارة رفضت أن أكون وزيرا للدفاع وعندما ألح علي ظهر إسمي بالمرسوم والمراسيم موجودة قائد قوى جوية يتمتع بصلاحيات وزير الدفاع.

على ما أذكر مثل هذا الكلام وارد بتقديري، وفي الوزارة الثانية التي شكلت، والدكتور (یوسف) كان يصر على أنه لا يجوز مثل هذا الشيء، وأنه يجب أن أعلن وزیر دفاع.. وأعتقد أنه يذكر هذا الشيء، ولعله كان ينظر للموضوع من ناحية أخرى، أي يجب أن يأخذ كل واحد مكانه الطبيعي.

وزیر دفاع لم أقبل، لماذا؟.. لم أقبل لأنه لم يكن في ذهني أن أبرز إلى الأمام، ولم يكن في ذهني أن أكون في قمة السلطة، كل ما أطمح إليه هو أن أكون ضابطا في هذا الجيش، أعمل من أجل هذا الحزب في أي مستوى كان.. هذا ما كنت أطمح إليه وتمشيا مع هذا الطموح أيضا في المؤتمر القطري الذي عقد بعد حركة (23 شباط) لم أرشح نفسي للقيادة القطرية وتأخرت الإنتخابات لمدة ساعتين، واجتمعنا بالغرفة المجاورة التي في المجلس وقلت لهم لن أرشح، وكانت حجتي يوم ذاك أنني كنت عضوا في القيادة القومية، وصارت الحركة وأنا من المساهمين الأساسيين فيها، وأنا مؤمن بمنطلقات (23 شباط) والجيش فيه (هزة) وأنا عندما أكون خارج القيادة أستطيع أن أدافع وأتكلم بحرية أكثر، أما عندما أكون داخل القيادة، ربما يظن الناس أني أدافع عن مؤسسة أنا فيها ولي مصلحة شخصية، وهذا الشيء ينطبق أيضا على موضوع وزير الدفاع، وأعتقد أن الرفاق والرفيق الأمين المساعد بالذات، يذكرون أنهم رفضوا رفضاً مطلقاً إلا أن أرشح نفسي للقيادة القطرية.. وفي اعتقادي لو بقيت يوما أو يومين أو ثلاثة لم أرشح نفسي للقيادة القطرية، لما حدثت الإنتخابات آنذاك.. ورضخت لرغبة الرفاق.. ورشحت نفسي للقيادة القطرية.

وفي أول مؤتمر قومي، المؤتمر القومي التاسع، لم أكن في جلسة الإنتخابات، وُطلبت من مكتبي إلى المؤتمر القومي التاسع، وبعض المؤتمرین حاليا كانوا طبعا بالمؤتمر القومي التاسع، وتذكرون جيء بي إلى المؤتمر وكان بالمسرح العسكري وسئلت لماذا لم أرشح نفسي؟ وفهمت أن المؤتمر لم يقبل إعتذاري وأنا

غائب. لماذا لم أرشح للقيادة القومية، وقلت لكم يومها: “يا رفاق أنا أشتغل قائد جوي، ووزیر دفاع، وفي القيادة القطرية، أرجو إعفائي من الترشيح للقيادة القومية”، وعلى ما أذكر كان هناك موافقة من المؤتمر، وجيء بي إلى المؤتمر، كما فهمت للإطمئنان من قبل المؤتمرين، أن الموضوع ليس موضوع حرد أو رفض لأي سبب، بل كان لأسباب موضوعية وليست غير حزبية. يؤكد هذا أيضا عندما رفضت أن أكون رئيسا للوزراء، كنت منسجماً مع هذه المسيرة الطويلة ولم تكن نزوة مؤقتة آنية.

وبهذه المناسبة أقول تكلم كثير من الناس وربما داخل الحزب، أن الرفيق (یوسف زعين) كما قالت الإشاعات آنذاك: “أنا ضد أن يكون رئيسا للوزراء بشكل أو بآخر”.. هذا الموضوع لم يناقش، ولم يطرح ولم أكن مع أحد ولا ضد أحد لا كرئيس وزراء ولا رئيس دولة ولا كوزير ولا في أي مكان أبدا.. وعندما اجتمعنا في القيادة القومية الرفيق (یوسف) كان متألماً لسبب أو لآخر. وعلى ما أذكر شتم الشيوعيين آنذاك لأنه حصل قليل من الكلام بالحزب ويمكن الشيوعيون أنفسهم كانوا قاصدين مثل هذا الكلام، وكان متأثراً، وكان الرفيق الأمين العام هو الذي تصدى للإجابة مباشرة وقال: “ما عليه شيء أنا فهمان ع الدكتور (يوسف) وأنا مسؤول عن هذه المرحلة”، والأمر ما أخذ مناقشة طويلة إطلاقا.. أول وزارة شكلها الأمين العام، ما كاد الرفيق (یوسف) أن يقول أنه لا أريد تشكيل الوزارة، إلا والأمين العام قال: “أنا فهمان عالرفيق (یوسف) أنا جاهز آخذ المرحلة على مسؤوليتي”، وكلنا كان بذهننا أن الأمر مرحلة مؤقتة، وخلال هذه المسيرة بعد المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي، حاولت أن أفعل كل ما أستطيع باتجاه إزالة الأزمة في كل مجال أستطيعه، وهناك مواقف بارزة واضحة ثورية حدثت خلال هذه الفترة.. وإنه لمما يؤلم أن يقال كل ما قيل عن السلطة وفي السلطة حزبيون قياديون وأصدقاء للحزب.

أيها الرفاق: أنا لست مسؤولا عن السلطة في المرحلة الماضية أبدا.. في الوزارة أربعة من أعضاء القيادة، أحدهم الأمين العام وثلاثة أعضاء قيادة موجودون الآن مسؤولون عن وزارات وعن لجان أساسية، وقد تكلم الرفيق (مروان حبش) وهو رئيس اللجنة الإقتصادية، وقد قام بأعمال، الوزراء الآخرون حزبيون أيضا، لأن الوزراء يجب أن يكون فيها على الأقل النصف زائد واحد وزراء حزبيين، أيضا كان من الممكن أن يأتوا إلى هنا لكي يتكلموا أو يسمعوا الكلام عن السلطة ويسكتوا.. أنا لست مسؤولا عن وزارة الإقتصاد، ولا عن الإصلاح الزراعي ولا عن أي وزارة أخرى.. أنا لم أتدخل في أعمال الوزارات اليومية إطلاقا، وحتى الهاتف الذي يصل بيني وبين الوزراء مقطوع (90 %) من الوقت، والوزراء الحزبيون الموجودون هنا يعرفون هذا الشيء:. حتى عندما كانوا يريدون أن يتصلوا بي كانوا يلاقون صعوبة، وقالوا لي أكثر من مرة، أما السبب فهو أنني كنت هادفاً لأن أنصرف كلية للقطاع الذي أنا مسؤول عنه.. طبعا هذا لا ينفي أنه كانت هناك علاقات عمل يومية، ولكن لا أذكر ما هو الأمر الذي أعطيه لأي وزارة بالرغم من أنني آتي بالأقدمية بعد رئيس الوزراء مباشرة، لكن لا أذكر إطلاقا أني أعطيت أمرا لأي وزير حزبي أو غير حزبي، أبدا ولم أتدخل في شؤون الدولة إلا من خلال المؤسسات السلطوية والحزبية التي أعمل فيها.. أنا كنت وزيراً، في مجلس الوزراء كنت أحضر (99%) من إجتماعات الوزراء وأناقش كل الأمور شأني شأن وزیر، وكثير من الأمور صدرت ليست من رأيي، وحبذا لو كان الأمين العام موجوداً خلال إلقاء كلمتي وبتقديري أنه لا يوجد لديه أي شيء.. أصلا كل ما يعرفه الرفيق الأمين العام ذكره (حتى عن الأحاديث الشخصية بيني وبينه، إذا شي مرة ضحكانين ضحكة ذكرها)، فلو كان يذكر شيئا بالنسبة للتجاوزات أنها موجودة أيضا كان ذكرها..

الرفيق الأمين كما تذكرون، ذكر أحاديث ربما أنا شخصيا لم أستطع أن أعرف ما هو المقصود منها، أحاديث خاصة بيني وبينه ذكرها فلو كان يذكر تجاوزات حدثت لا بد وأن يرويها هي أيضا.. أنا عضو في المكتب السياسي، وإن كانت هذه المؤسسة لم تأخذ دورها إطلاقا، و أي مؤسسة تفشل ولا تأخذ دورها المسؤول عنها هو رئيسها، لا يوجد شخص آخر، المؤسسة على ما أذكر لم تجتمع منذ أربعة أشهر، وأتذكر أن هناك موضوعين ناقشناهما بالمؤسسة يمكن أن نذكرهما وأعني (حصار لبنان، وموضوع التابلاين)، هذان الموضوعان اللذان يمكن أن أقول إنهما بحثا في المؤسسة، وبحثنا بعض مواضيع الحقيقة قد لا يكون هناك أصلا ما يوجب بحثها في المكتب السياسي، وفي الإجتماع المشترك كنت أيضا قدر الإمكان أحضر الاجتماعات وأساهم أكثر مما كنت أساهم في الماضي بكثير، وكل هذه المساهمات كنت قاصدا منها أن يزول كل إحساس أنه ما تزال توجد أزمة، وكنت أعتقد، (وطبعا، علمت الآن وبعد انعقاد هذا الموتمر أنني كنت مخطئاً في اعتقادي)، كنت أعتقد، أن الأزمة في طريقها إلى الزوال بكل آثارها.. ولذلك عندما قلت في اليوم الأول لا أعرف أين هي الأزمة كنت صادقاً فيما أقول..

أيها الرفاق : لو كنا نعرف أن هناك مثل هذه الأزمة التي ظهرت فجأة بين صفحات هذا التقرير الذي قدم إلى المؤتمر، يستحيل علينا أن نقوم بما قمنا به، مهما قيل، من أن الثورة كانت مشلولة.. السلطة كانت مشلولة.. الحزب كان مشلولاً، هذا الكلام غير صحيح، ولا يمت إلى الواقع بصلة .. الثورة المشلولة لا تستطيع أن تحاصر لبنان، ولا تستطيع أن تدفع بالفدائيين وكتائب الجيش على حدود لبنان ليقوموا بكل الأعمال، التي فرضت على السلطة في لبنان أن ترفع يدها عن المقاومة، الثورة المشلولة .. لا تستطيع أن تفعل ذلك.. السلطة المشلولة لا تستطيع أن تقطع بترول التابلاين أبداً.. التابلاين كانت أيام زمان تسقط كثيراً من الحكومات في سورية.. كثيرا من الحكومات غير المشلولة.. فكيف بنا ونحن السلطة المشلولة ، تحدينا أمريكا ومنعنا الطائرات السعودية أن تمر بسماء سورية، ومازال أنبوب البترول مقطوعا حتى الآن، ولم نمارس الضجيج، ولم نقل كلاماً كثيراً، قلنا کلاماً مختصراً: علينا أعباء تريد أموالا، نحن نأخذ الأموال من الفقراء في وطننا، فبالأحرى أن نأخذ شيئا من حقوقنا التي تمر عبر أراضينا إلى الإمبرياليين وبالتالي إلى إسرائيل.. مورست ضغوط كبيرة، إن إعضاء المكتب السياسي، وأعضاء القيادة يعرفون هذا الشيء، مورس الكثير من الضغوط، لم نرضخ، وما زال الخط مقطوعاً، وما زال البترول مقطوعاً.. السلطة المشلولة لا تستطيع أن تفعل ذلك.. السلطة المشلولة أيها الرفاق كيف تستطيع أن تغزو بجيش کامل قطراً عربياً آخر؟ هذه العملية التي كان يمكن أن تؤدي الثورة في

هذا القطر إلى الإنهيار، وأنا طبعا أول من اقترح هذا الدخول.. يجب أن لا يفهم أن هذا الدخول كان غير واجب، هذا الغزو، تدخل القوات السورية في الأردن كان يمكن أن يعرض ثورة الحزب كحكم إلى السقوط ..الطائرات الإسرائيلية لم تترك سماء إربد و لا ساعة واحدة، كان يمكن بين ساعة وأخرى أن يتدخل الجيش الإسرائيلي، وأنتم تعرفون أن جيشنا حتى إذا تصرف على ضوء الخطط المرسومة، فقدراتنا ليست على مستوى قدرات العدو، وإلا لبدأنا الحرب، ولبدأنا تحرير أرضنا.

أيها الرفاق: نحن دخلنا الأردن بثلاثمائة دبابة، وبكذا كتيبة مشاة، وكذا كتيبة مدفعية، ولوائين مدرعين، وفوج مدرع، وكتيبة دبابات، غیر کتائب المشاة المحمولة وكتائب المدفعية من داخل الألوية ومستقلة، ووحدات مغاویر، دخلنا بجيش کامل، دخلنا بقوة إلى الأردن تساوي قوتنا التي كانت عندنا في (5 حزيران)..

إن هذا الدخول إلى الأردن ليس حدثا صغيراً.. أنا لو كنت أعلم أن هناك أزمة في القيادة التي اتخذت هذا القرار، هل يمكن أن أستطيع قيادة هذه القوات لمثل هذه العملية؟. لا يمكن إطلاقا، (بديهية) لا تحتاج إلى مناقشة.. هذه العمليات لا تدل أن السلطة كانت مشلولة.. ولا تدل أن الثورة كانت مشلولة، ولا تدل على أنني أعرف أن الأزمة ما زالت حية في قمتها في نفوس القياديين.. لا تدل على شيء من ذلك إطلاقاً. تدل على أن السلطة قوية وتدل على أن الثورة حية.. وتدل على أنني أعيش دون أزمة وإنني أسير وفق قرارات قيادة الحزب وتدل أيضا على أن قيادة الحزب كانت تقود البلد وتقود الجيش.. وليس صحيحا ما قيل عن أن قادة الحزب لم تكن تمارس شيئا، ليس صحيحاً على الإطلاق.

هذا قرار اتخذ في قيادة الحزب، إلا إذا كان ممكن أن نقول أيضا أنه اتخذ تحت الضغط كما سمعنا عن مؤتمرات القمة، طبعا لا.. و أنا أعلم أن رفاقنا كانوا منسجمين مع هذا التصرف (أعني التدخل في الأردن) مع هذا القرار، وكانوا معتبرين ذلك أنه حلم نشوة تحققت، وهذا الحلم هذه البشاشة هذه النشوة لم تكن في نفوس القياديين فقط، وإنما كانت على وجوه ضباط الجيش الحزبيين.. قال لي أحد الضباط الحزبيين وهو موجود أيضا: “إذا نجحنا بهذه العملية وخرجنا دون أن نضيع هذه الثورة، ستكون أكبر عملية عملناها في التاريخ الحديث”، قال هذا الكلام، وقوتنا كانت موجودة داخل الأردن، هذا يدل على مدى القلق، ومدى إرتباط هؤلاء الحزبيين بالمقاومة وبالحزب وبقواتهم المسلحة وبوطنهم.. مثل هذا الكلام له دلالته، لكن أريد أن أعود فأقول: كيف يمكن أن تحدث كل هذه الأعمال ومع ذلك السلطة مشلولة؟.. وقيادة الحزب لا تقود البلد، ولا تقود السلطة، ولا تقود الجيش.. وكيف يمكن أن تكون قيادة الحزب للسلطة وللجيش؟.

أنا أفهم قيادة الحزب للسلطة وللجيش تقاد (مثل ما ذكرت لبعض الرفاق) بمظهرين، بأسلوبين، بقرارت القيادة وبفكر الحزب. خلال هذين العامين ما هي القرارات التي اتخذت في قيادات الحزب ولم ينفذها الجيش؟ ما هي؟ قررنا تصعيد العمليات فصعدنا، قررنا التدخل في الأردن فنفذنا العملية، قررنا حصار لبنان فحاصرنا، بقرار من مؤسسة حزبية أيضا هي المكتب السياسي، قررنا قطع خط التابلاين فقطعناه.. وكيف هذه القيادة لا تقود الجيش؟ من الذي يقوده؟ وكيف يمكن أن تمارس القيادة؟

هذه قرارات قيادة ينفذها الجيش.. نحن صعدنا العمليات بقرار قيادة، وصعّدناها إلى درجة أصبحنا قلقين لأن الأمور كادت أن تتطور إلى حرب، وطبعا نحن لسنا جاهزين حتى الآن لأن نخوض حرب ضد العدو.. وندعي أن الحزب لا يقود.. والسلطة ميتة، وكل شيء مشلول! ماذا عملنا قبل هذين العامين أفضل مما عملناه خلالهما؟ ماذا أيها الرفاق؟ قبل عام /1968/ ما هو العمل الفذ الذي خلد مجد هذا الحزب أفضل من تلك الأعمال المجيدة التي ذكرت؟ ليقل لنا ما هي هذه الأعمال التي هي أفضل عندما كانت السلطة حية والثورة نشيطة؟.

المظهر الثاني للقيادة.. لحزب يقود مؤسسة الدولة والجيش هو فكر الحزب. ما هي النشرة التي وزعت على الجهاز الحزبي المدني و لم توزع على الجهاز الحزبي العسكري؟.. ما هي؟ ما هو النشاط الحزبي المطلوب من كل الحزبيين العسكريين ولم يمارس كما هو مطلوب من الحزبيين المدنيين؟.. طبعا هناك أخطاء هناك تقصير من حزبي عسكري، وتقصير من حزبي مدني .. لكن ما هو الشيء المميز المقصود الذي هو معطل على الصعيد المدني، وفي الجهاز العسكري اجتماعات و اشتراكات ومناقشات ونشرات ونشاط مفروض لاكتساب أناس جيدين في الوحدات، ضباط وضباط صف وجنود كما هو :مفروض أن يكون في القطاع المدني

طبعا أنا أتكلم عن هذا الشيء وبطبيعة الحال لست المسؤول عن التنظيم الحزبي العسكري، ومنذ (23 شباط) وحتى الآن لا علاقة لي بالتنظيم الحزبي في الجيش إطلاقا، التنظيم الحزبي في الجيش يرأسه مکتب عسكري، يرأس هذا المكتب أحد أعضاء القيادة القطرية، وفي فترة كان أحد أعضاء القيادة القومية أيضا، أنا لست مسؤولا وحتى في هذا المؤتمر لست ممثلا للتنظيم العسكري, وفي الجيش محاضر جلسات وغيرها لا ترفع إلى وزير الدفاع، ترفع إلى المكتب العسكري، أحيانا المكتب العسكري يحيل بعض المحاضر بعض الكتب، التي لها طابع سلطوي. والمكتب العسكري يمارس أعماله وفق ما اتفق عليه في (23 شباط). طبعا لا أريد بهذا الكلام أن أقول أن العمل الحزبي في الجيش نموذجي، لا أعرف إذا كان نموذجياً أم لا، ليس لدي معلومات. وتمشيا مع ما ذكرت من العمل على إزالة كل أثر للأزمة مع قراري أنا أكون إيجابيا حتى النهاية، ولأول مرة بعد (23 شباط) كنت أشترك بناء على طلب رئيس المكتب العسكري في كل الاجتماعات الدورية التي دعا إليها رئيس المكتب العسكري أنا والرفيق رئيس الأركان والرفيق الأمين العام.

كان يدعونا للاجتماع كلما نظم اجتماع دوري لأمناء الفروع والشُّعب العسكرية المستقلة كان يدعونا وكنا نحضر جلسة كاملة نجيب على كل الأسئلة والتساؤلات، وحسبما كان يقال لي أن الجلسات كانت مفيدة. لأول مرة كان لي مثل هذا النشاط بالنسبة للتنظيم الحزبي العسكري بعد (23 شباط)، لأول مرة ساهمت مثل هذه المساهمات بعد المؤتمر القطري الإستثنائي، وبناء على طلب الرقيق رئيس المكتب العسكري، وهو موجود الآن ولا أذكر أني منعت أي نشاط للمكتب العسكري، أنا كأحد أعضاء القيادة مسؤول كعضو في قيادة الحزب مسؤول عن أي خلل بالتنظيم الحزبي العسكري، شأن مسؤوليتي أيضا عن أي خلل قيادي بالتنظيم الحزبي المدني، ولكن كمسؤولية فردية لست مسؤولا عن التنظيم الحزبي في القوات المسلحة، ولعل الرفيق رئيس المكتب العسكري كان يحتاج إلى مزيد من الدعم مني بالذات. وكنا نحتاج إلى لقاءات أكثر، كأعضاء قيادة كلنا مسؤولون عن أي تقصير في أي مكان، وطبعا إذا كان هناك سبب لقلة لقاءات بيني وبين الرفيق رئيس المكتب العسكري فلا شك أن قلة هذه اللقاءات لها مبرراتها بالنسبة لي (وأعني بذلك ضرورات العمل) ولم يكن المقصود قلة اللقاءات بيني وبين رئيس المكتب العسكري هكذا يقود الحزب الجيش.. بقرار قيادته.. بفكره، وأكثر من هذا، ناقشنا خطة كان قد قدمها الرفيق (مصطفی رستم) رئيس المكتب العسكري، وقلنا: “يا رفاق ماذا تريدون؟ ضعوا لنا عناوین کرّاسات.. غيره ماذا تريدون؟

هناك خطة تدريب سنوي توضع بالقوات المسلحة، لتترجم هذا الكلام هذه الكراسات إلى ساعات عمل ويصبح هناك أناس مسؤولين عن التنفيذ ويحاسبون عند التقصير”.. هذا الكلام كررته أكثر من مرة في القيادة وفي كل مكان وكنت أكرره في الحقيقة أيضا قبل الأزمة، كنت أقول مثل هذا القول قبل الأزمة، فإذا كان المقصود قيادة المؤسسة الحزبية للجيش وللدولة وللسلطة وهذا الشيء موجود و متوفر، أما إذا كان المقصود أيها الرفاق، هو أن يكون لكل واحد بقيادة الحزب جزء من الجيش وجزء من وزارة الاقتصاد وإدارة من وزارة التربية، فهذا شيء آخر وهذا ليس قيادة الحزب لا للجيش ولا للتربية، وأنا برأيي هذا الأمر لا ينطبق على الجيش فقط، ينطبق حتى على الوزارات والمؤسسات, أنا عندي إطلاع من خلال بعض الأمثلة البسيطة التي أسمعها، الأمر الذي أعرفه أن وزير التربية، وهو رفيق حزبي، توسط (الحقيقة الذي ذكرني بهذا المثال لأنه عيني جاءت بعين الرفيق أنيس کنجو وبالمؤخرة)، وحسب ما قيل لي توسط الرفيق (محمود الأيوبي) وزير التربية الرفيق (أنيس كنجو من أجل بعض المواطنين من الذين يريدون الدخول إلى الكليات والجامعات أو البعثات الدراسية.. المهم توسط لدى الرفيق (أنيس کنجو) وهو وزير التربية من أجل شخص هو الذي سيوقع على تعيينه وإرساله، باعتباره مسؤولا عن هذا العمل، الحقيقة لا أعرف ما نسمي هذا بالضبط، ومن الغريب أن يقال أن الحزب لا يقود السلطة؟

من أيام صدرت تنقلات (ذكرني بها مشاهدتي للرفيق محمد أحمد رباح) صدرت تنقلات المعلمين في دمشق، أذكر هذه الأمثلة باعتبارها من الأمور التي أحدثت ضجة بالبلد، أنا سمعت مُعلّم بالمهاجرين عيّن بالقصاع، آخر بالقصاع عين بالميدان، يعني أن هناك خطأ بالدراسة، هذه التنقلات مدروسة بقيادة الفرع ولا أعرف من هو مدير التربية الذي يجب أن يوقع، لكن المفروض أنه وقع هذه التنقلات.. والذي أعرفه أن هذه التنقلات درست بقيادة الفرع وأرسلت لمدير التربية، وصدرت هذه التنقلات و مدير التربية عملية غير مسؤول عنها.. طبعا هذا لا يعني في الحقيقة أنني كعضو في هذه القيادة أعتقد أن مثل هذه الممارسات بهذا الشكل يجب أن يمارس الحزب السلطة، أنا لا أوافق على مثل هذه الممارسات، وهذه الممارسات لها مساویء كثيرة وبالعكس تسيء إلى الحزب، ولا تمكنه من ممارسة السلطة بشكلها الحقيقي.. ولكن المهم في الأمر أن ممارسة الحزب للسلطة.. طبعا إذا كنا قمنا بتصرفات سيئة ونريد أن ندفع الشخص کي يحترق ويكون مسؤولا عن مساويء هذه السلطة.. لا يوجد ما يمنع إطلاقا، إذا كان للحزب مصلحة، عندها فليحترق أي واحد من أعضائه، فليحترق كائنا من يكون.. أنا، أو سواي. لكن أقول أن الحزب كان يمارس السلطة أكثر مما يجب، بتفاصيل أكثر مما يجب، أن لا تكون مثل هذه الممارسات أبدا، وأقصد بعض الأمثلة التي ذكرت.

أما بالنسبة لقيادة الحزب والأمثلة التي ذكرتها، أعمال كبيرة جدا جدا ولا يمكن أن أتصور عظم مسؤولية هذه القرارات.. إذا لو عندما دخلنا الأردن، لو كان الجيش ضرب وسقط الحكم كان جاء مؤتمر من هذا النوع وطلب محاكمتنا، والله وحده يمكن أن يعلم ما هي الهوية التي تلصق بنا.. فالحزب أيها الرفاق، يمارس السلطة كل السلطة، ولكن الذي لا يمارس السلطة هو العقلية التي تكلمت عنها الرفيق، أي رفيق، يجب أن لا يتصور أن الدولة هو، وأن الحزب هو، وحيث يكون هو، يكون الحزب وتكون الشرعية، إذا مارس كل شيء هو، بنفسه بمفرده، تكون السلطة حية، وتكون الثورة حية، ويكون الحزب بخیر.

هذا التفكير، هذه العقلية، لا بد من مناقشتها، والوقوف عندها والوصول إلى قناعة مشتركة أنها لا تخدم الحزب، وإذا لم تصطدم اليوم بعقله فستصطدم غدا، وإذا لم تصطدم بالرفيق (حافظ الأسد) أو بالرفيق وزير الدفاع فستصطدم غدا برفيق آخر، وزير تموين وعضو قيادة وعضو قاعدة.. وسترى أمامها عقبات كثيرة واستمرار هذه العقلية ليست على الإطلاق في مصلحة الحزب، ليست على الإطلاق في مصلحة الحزب.. الإستهلاك. الإستهلاك. مشكلة يجب أن لا تستمر يجب أن لا تستمر مهما يكن الغطاء لهذه العملية، مهما تكن الصبغة لهذه العقلية، يجب أن نقف بكل جرأة ونقول أن هذه صبغة وليست حقيقة.. والحزب بحاجة إلى كل المناضلين، الحزب بحاجة إلى كل قادته بحاجة إلينا جميعا، مهماتنا كبيرة، المرحلة المقبلة معنا متفقون أنها مرحلة صعبة وأننا نتحمل مسؤولية تاريخية بشكل فعلي. الشعارات التي رفعناها، كما ذكر من قبل العديد من الرفاق، تحتاج إلى صفاء، تحتاج إلى النقاء، نقاء هذه الشعارات.. إذا لم نكن كذلك فسيحكم علينا التاريخ بغير الإخلاص، بغير التصرف بروح المسؤولية..

لن تفيدنا أية تبريرات، سنحاسب على النتائج، يجب أن نفهم بعضنا أكثر، أن لا ندفع بعضنا إلى الزوايا الضيقة.. جميعنا كما قلت في أول يوم مناضلون، جميعنا بدون استثناء، والمناضلون يجب أن يتصرفوا بروح المسؤولية، بعيدين عن أي شيء آخر، وأتمنى أن نكون كذلك، لا سيما في هذه المرحلة بالذات، مرحلة دقيقة وضعية.

لا بد لي من أن أقول أيها الرفاق، نسبت نقطة أعتقد أنها بحاجة إلى توضیح، فيما يتعلق بالأزمة دور اليمين في هذه الأزمة.. كثير من الرفاق ومن المواطنين أيضا يعتقدون أن اليمين هو خلف هذه الأزمة، وكثيرون منهم قالوا هذا القول وهم يعتقدون ويعرفون عكس ذلك تماما، شأنهم عندما قالوا أيضا أن الرجعية هي أيضا وراء هذه الأزمة وهم يعرفون ويعتقدون غير ذلك .. على كل حال من لم يكن يعرف، من كان يعتقد غير ذلك فهناك من الأعمال .. من الدلائل المادية الحسية خلال هذين العامين ما يدلل على خطأ هذا الإعتقاد.. اليمين تأمر علينا، وأنا بالذات، أنا شخصيا كشفت المؤامرة، وأنا بالذات أعطيت الأوامر مباشرة بعد اتصال هاتفي بالأمين العام لأنه كانت هناك ضرورة الإسراع.. كان أحد الضباط يريد أن يهرب وحتى لا يهرب أعطينا الأوامر بإلقاء القبض على المتآمرين، وما زالوا في السجن وشكلت محكمة، والمحكمة برئاسة الرفيق (حديثة مراد) وكان مقدر لهذه المحكمة أن تنتهي قبل أيام كثيرة، لأنها لم تنته حتى الآن، وربما هناك إجراءات روتينية.. تحدث مرة معي الرفيق (حديثة) هناك بعض إجراءات روتينية هي التي تأخذ هذا الوقت.

من يتآمر مع اليمين لا يضرب اليمين، وأنا في وضع معنوي ومادي يسمح لي بأن لا أضرب اليمين إذا كنت متآمر معه.. الرجعية، الرجعية العربية تقودها الرجعية السعودية، والرجعية السعودية حاليا محظور على طائراتها أن تمر بسماء سورية الشاحنات السعودية ممنوع أن تمر بسورية، وعندما اتخذنا القرار كان يوجد عدد كبير من الشاحنات في لبنان فاضطروا أن يأخذوها إلى تركيا والعراق حتى يأخذوها بعد ذلك إلى السعودية، وحدث ضغط كبير ووساطات و من هذه الوساطات ماهو مبرر. عندما جاء (بهجت التلهوني ومشهور حديثة) كانوا خائفين فعلاً من أن يقطع عنهم فيصل المساعدة، وعندما أقول يقطع عنهم المساعدة (المساعدة ليست لجيب الملك حسين عندما نقول أنه يسرق منها، فليسرق)، ولكن هناك شيء من هذه المساعدة يصرف على الجيش العربي الأردني…

والجنود الأردنيين والضباط الأردنيين، هؤلاء جنود عرب و ضباط عرب وسيكونون إلى جانبنا في معركتنا مع العدو بغض النظر عن الشحنة الموجودة حاليا والتي تحاول السلطة الأردنية أن تستفيد من هذه الشحنة المشحون بها الجيش الأردني، ونحن يجب أن نعمل بأسرع ما يمكن على تفريغ هذه الشحنة، لأن تفريغ هذه الشحنة ضرب لمصلحة الملك (حسين)، وليس العكس، وأيضا الأموال التي تأتي هذه الجنيهات إلى الجيش الأردني، وأيضا تلك الجنيهات إلى الجيش العربي في مصر، إذن من هذه الوساطات ماهو مبرر.. وهناك أمثلة تؤكد أن فيصل قطع المعونة عن الجيش الأردني سابقاً، ومع ذلك لم نرضخ للضغوط ولم نرضخ للوساطات رغم قناعتنا ببعض مبرراتها مثلما ذكرت.. وما زالت الطائرات السعودية حتى الآن لا تمر في سمائنا، وشاحناتها لا تمر في أراضينا، وهذا موقف تحد من الرجعية السعودية عملي ومادي لم يؤخذ من قبل ولهذه المدة الطويلة.. إذن بالتأكيد لم تكن الرجعية خلف الأزمة، ولم يكن اليمين خلف الأزمة، هؤلاء جميعا دخلوا على الأزمة.

الرفيق الأمين العام قال في حديثه أن اللواء مصطفى طلاس عندما ذهب إلى العراق اجتمع مع أحمد حسن البكر والرفيق الأمين العام رئيس الدولة، وزار هو أيضا البلدان الأخرى وجاءت وفود عندنا، ومن الغريب جدا أن لا يعرف أنه عندما يسافر ضيف إلى بلد يقابل مستويات أعلى، وهذا يتضمنه عادة برنامج الزيارة.. نحن عندما حضرنا مؤتمر وزراء الدفاع بالقاهرة قابلنا (عبد الناصر) وحكى لنا على الأصدقاء الأميركيين بشكل شخصي، والذين يأتون لعنده ويزورونه، وحكى لنا عن زيارة (نیکسون) عام / 1963 عندما جاء هو وزوجته إلى مصر .. وكنت أنا والوزير الأردني والعراقي ومعنا المصري عندما ذهبنا إلى الأردن وعقدنا مؤتمر وزراء الدفاع بالأردن .. لم يأخذونا لعند الملك لأن الإجتماع كان سرية، وضعونا بنادي ضباط الزرقاء ولكن الملك (حسين) جاء لعندنا، وجاء رئيس الوزراء وكان وقتها (عبد المنعم الرفاعي) وأقام لنا حفلة عشاء. هذه أشياء بروتوكولية.

عندما ذهبت إلى العراق أيضا قابلني (عبد الرحمن عارف) عندما ذهبنا في ذلك الوقت من أجل أن نعقد اتفاقية وأقام لنا حفلة غداء ودعا إليها عددا من الوزراء والضباط.. هذه أمور موجودة بكل دول العالم.. وعندما يأتي إلينا رؤساء وقود (وأنا شخصيا لم يأت هنا أي وزیر دفاع إلا وذهبت وإياه عند الرفيق الأمين العام باعتباره رئيس وزراء ورئيس دولة.. وليس باعتباره أمينا عاما،كأمين عام لم نرسل له أحد لأن الأمين العام تزوره الوفود الحزبية، ذلك لأنني عندما أذهب إلى البلاد الأخرى أجد أن هذه هي التقاليد المتبعة.. (الرفيق كامل حسين سفيرنا في باريس مفترض أن يكون دليلا لنا في مثل هذه الأمور “ضحك”).. الرفيق (مصطفى طلاس) عندما ذهب تمشيا مع هذه التقاليد، وربما أرادوا هم أن يحققوا شيئا آخر أخذوه إلى القصر الجمهوري وقابل (أحمد حسن البكر) فعلا وكرموه أكثر مما يجب فعلا، وأحاطوه بعناية فائقة وكان متميزاً من بين كل رؤساء الأركان الذين كانوا موجودين معه، وبالعكس كان هناك تعامل جاف جدا مع الفريق عبد المنعم رياض آنذاك، والرفيق مصطفى طلاس لما رجع حکی لنا اتصالاته بتفاصيلها بما فيها من غث وسمين (حتى إذا كان هناك مزحات حكاها لي وحكاها للرفيق الأمين العام)..

وهذا أمين عام للحزب إذا كان يقدر مثل هذه الأمور على أنها أمور كبيرة، فالمفترض أن يقولها لقيادة الحزب، وعلى الأغلب يتقديري قالها بجلسات خاصة وغير خاصة قالها، لكن المهم لو كان في هذا الإتصال ما نريد أن يكون سرياً لكان.. لأنه بالتأكيد مخابرات الرفيق الأمين العام باعتباره رئيس دولة ومرتبطة فيه إدارة أمن الدولة، ليست قادرة على أن تكشف حركات اللواء (مصطفى طلاس) في بغداد.. وحتى الجهاز الحزبي في العراق لو كنا نريد أن نتأمر مع (البكر) لما كان قادرا على أن يكشف تحرکات و اتصالات الرفيق (مصطفى طلاس) قبل الرفيق الأمين العام، كل هذه الإتصالات خلال الأزمة أيضا، وبدون أي سابق إنذار قيل لنا توجد طائرة في الجو فيها وفد هام عراقي.. من هو هذا الوفد؟ لا تعرف إطلاقا.. وفي المطار العسكري كُلّف على ما أذكر قائد القاعدة نفسه باستقبال الوفد والتعرف على أعضائه تبين أن الوفد (عبد الكريم الشيخلي) ولا أذكر من كان معه، ويطلب مقابلة وزير الدفاع، جاء عند وزير الدفاع، وبمناسبة زيارة الناس لوزير الدفاع وما قيل وما اعتبر من مثل هذه التصرفات ازدواجية في السلطة وسلب للسلطة وهذا الكلام غير صحيح..

وزير الدفاع في كل بلد في العالم يقابله السفراء وتقابله الوفود القادمة إلى البلاد سواء كانت ذلك بسورية أو بأمريكا أو بالإتحاد السوفييتي أو بالصين الشعبية.. بالأحرى في سورية وزیر دفاع في سورية عضو قيادة قطرية، وهو ليس منصب ثانوي، كما أن وزير الدفاع عضو المكتب السياسي للحزب.. المكتب السياسي منتخب من القيادتين القومية والقطرية. إذن أيضا وزير الدفاع عضو أساسي، وزير الدفاع هو رقم /2/ من حيث القدم بالدولة، يعني عملياً هو نائب رئيس الدولة أيضا وهو منصب غیر ثانوي، وزير الدفاع هو قائد عام للجيش العقائدي في سورية أيضا غير ثانوي، هذا إذا افترضنا أن (حافظ الأسد) أيضا يشكّل صفراً، أيضا ليس أحد منا صفراً إطلاقا، أي حزبي ليس صفراً ويجب أن لا نرضى بأن يكون أي مواطن في البلد صفراً.

مجموعة التسميات التي أتمتع أنا فيها، بموجب قرارات الحزب، تجعل مني شخصأ أساسياً وتجعل مني شخصا يفترض في كل من يأتي إلى هذا البلد أن يراني، ليس من خلال الأزمة لا.. هذا خطأ، ولكن من خلال هذه التسميات وهذه المراكز.. إني سمعت بعض كلمات تقول أن وزير الدفاع ما هي علاقته بالوفود كما قلت هذه تسميات وهذه مراکز.

ثانيا: تأتي على ذكر البلاد الأخرى.. هل وزير الدفاع له علاقة بمثل هذه الأمور أم لا؟ له علاقة في كل البلدان لأني سمعت المثال الذي أورده أحد الرفاق وخلاصته أن وزیر دفاع تشيكوسلوفاكيا أحضروه إلى التلفزيون وتكلم.. لا أعلم إذا كان صاحب المثال يريد أن يقول أن وزير الدفاع أهين عندما حضر إلى التلفزيون؟ فقد حضر وزير الدفاع إلى التلفزيون وقت ذاك بقرار من قيادة الحزب وبرغبته وبناء على طلبه.. وزير الدفاع لا أحد يطلبه بمكالمة هاتفية، المذيع لا يستطيع أن يطلبه بالتلفون ويقول له تعال ألقي كلمة بالتلفزيون..

هذا كلام قاله لي المارشال (غريشكو)، قال لي: «لما ألقى الكلمة بالتلفزيون كان غير موفق هذا الأمر زاد الطين بلة»، كنت أسأله عن وزير الدفاع التشيكي لأنه صار بيننا وبينه شيء من المعرفة وحسب مافهمت كان متحمسا لقضايانا العربية، لذلك كنا نتابع أخباره.. قصة التلفزيون أعرفها أنا، هو الذي طلب أن يأتي إلى التلفزيون ويبرر بعض المواقف لأن بعض الضباط اتهموه بالتجسس أو غيره، ولا يوجد وزیر دفاع في الدنيا يطلبونه بالتلفزيون ويقولون له تعال تكلم في التلفزيون.. وزیر دفاع (هذا الكلام قلته أنا بقيادة الحزب) في الصين الشخص الثاني بعد (ماوتسي تونغ)، أنا لست (لین بیاو) ولكن أيضا بارفاق ليس عندنا (ماوتسي تونغ) هذا أمر يجب أن يكون واضحاً، أنا لست و هم ليسوا، بالمقارنة بلد ثوري إشتراكي شعبي جماهيري ضد الإمبريالية بدون حدود، وزير الدفاع هو الشخص الثاني في الدولة والحزب، وهو الذي قاد، وهو الذي كان الركن الأساس للثورة الثقافية في الصين، إذن المفروض أن يهتم بالجيش.

في البلدان الأخرى: في أمريكا (مكنمارا) كان بعد جونسون مباشرة ترتيبه رقم /2/ وأعتقد الآن أن (ميليفن ليرد) ما هو شخص ثانوي أبدا، فمتى أيها الرفاق كان وزير الدفاع، خاصة في البلدان الإشتراكية شخصية ثانوية. كيف يمكن أن نقول إن وزير الدفاع ماعلاقته بهذا الموضوع؟.. كيف يمكن أن نسجل على وزير الدفاع إذا جاء وفد و زاره.. أصلا على الصعيد الشخصي أنا لا أنسجم مع هذه الوفود.. أنا عندما يأتي (كمال جنبلاط) ويقول لي الأمين العام تعال لنتغدى معا، يعني على الصعيد الشخصي يمكن أن تكون الأمور سواسية سواء ذهبت أم لم أذهب، هذا بالإضافة إلى أن السفراء وغيرهم كانوا يقابلوني ويجب أن يقابلوني قبل الأزمة، وبعدها باستمرار .. قلت هذا الكلام لأنني سمعت من رفاقنا أن هذا دليل على الإزدواجية، ودليل على سلب السلطة من الحزب ومن المؤسسات ومن رئيس الوزراء، ودليل أني متسلط على رئيس الوزراء مع أن رئيس الدولة مفروض أن لا يستقيل هو الوفود مباشرة إلا إذا كانت من مستواه, مباشرة رئيس الدولة أو أي وفد أدنى مفترض أن يقابل الشخص رقم /3/ ورقم /2/ أولا، وبعد ذلك يصل إلى رئيس الدولة.. لم يكن غريبا أن يقابلني الناس، حتى ولو لم يكن (عبد الكريم الشيخلي) قادماً لتحقيق أشياء أخرى وليس غريباً أن أستقبل الناس، إنما الغريب هو العكس، وأن نكون (نشاز) في العالم، وبدولتنا، بجيشنا ، بتقاليد كثيرة في المؤسسات المختلفة.. المهم جاء (عبد الكريم الشيخلي) إلى المكتب واستقبلته ابتسم وضحك، وبدأ يشيد، مع العلم أنني لا أعرف سابقاً أي شخص من الموجودين في السلطة بالعراق ولم أجتمع في حياتي السابقة بأي منهم، ولا توجد معرفة شخصية. حدث في عام 1963 أن جاء (حردان التكريتي) إلى دمشق كبطل، وقالوا لنا أن هؤلاء أبطال الثورة، (حردان التكريتي) الدليل على بطولته كان مقدماً وأصبح قائدا للقوى الجوية، ونظموا له زيارة للقاعدة التي كنت أنا قائد لواء فيها واستقبلته حين ذاك فعلا وحمل له العساكر السيارة، وأنا كنت أعتبر نفسي أنني أستقبل بطلا من أبطال حزب البعث العربي الإشتراكي، وألقيت كلمة أشدت فيها بكل أبطال الثورة وبكل القادة ومن جملتهم القائد الذي كنت أستقبل، شخصية لا يوجد عندي فكرة من هم المناضلون بالعراق، لا سابقا ولا لاحقا، لا توجد فكرة شخصية.. (لاحقا طبعا کونت فكرة)، ثم إنني لم أشاهد أبدا (حردان التكريتي) أصلا لأنني قائد لواء وهو مستواه كان يذهب مع اللواء (لویس دکر) يوم ذاك.. زارنا (بالضمير) وأقمنا لهم حفلة غداء، وهذا كل ما أعرفه لا أعرف أحدا من المسؤولين في العراق (حسن البكر) نفسه لا أعرفه، وقد رأيته مرة بالمؤتمر القومي السادس، كان بالجهة المقابلة وقد شاهدته بالشكل، الوحيد الذي كان الناس يعرفونه هو (علي صالح السعدي) ورفاقه (حمدي عبد المجيد) و (هاني الفكيكي) الذين كنتم تقولون عنهم إنهم يساريون، هكذا كانوا يقول كل الناس، وكنا نحبهم ونحترمهم، وبقي عطفنا عليهم وعطفي بالذات.

ويذكر رفاقنا الموجودون حاليا أنني ذات مرة ناضلت كثيرة من أجل (علي صالح السعدي).. عندما أخرج من القطر العراقي، من أجل أن نرسل له بعض المعونات المادية، وأذكر أنه في بيت (أمين الحافظ) وكان الرفيق (صلاح) موجوداً (أرجح أنه كان موجودا) لأنه ربما كانوا يعرفون أكثر مني (علي صالح السعدي)، لكن أنا أذكر يومها أنني قلت: “يا أخوان أدنى الناس نعطيهم مصاري فبالأحرى قائد حزبي نبعث له عیش ما نخليه يتسكع على أبواب المخابرات الأجنبية أو يسقط”. ربما كان رأيي آنذاك خاطئاً، المهم هذه أرويها لكم وهذا ما حدث معي سابقاً، (وعبد الكريم الشيخلي) عندما جاء إلى المكتب عندي ما كنت أعرفه سابقاً، مدحني كثيراً وأثنى علي، بعد ذلك تكلم عن الأزمة، وأنا أيضا فهمت عليه، الأمر واضح جدا بالنسبة لي، ومباشرة قلت له: موقفكم من (23 شباط)؟

فقال لي: “الان نحن اخوان و رفاق و مناضلون”

قلت له: “لا.. نحن حزبيون, اذا كانت هناك أزمة بالحزب فلأننا حزبيون، لأننا نرى مصلحة الحزب أنا بشكل ورفاقي الآخرون بشكل آخر، وأنت تتكلم معي على أساس حزبي”, قلت له: “في تاريخ هذا الحزب في حركة (23 شباط) ضد قيادة يمينية، أنا مؤمن بمنطلقات هذه الحركة إيماناً كاملا وأعتقد أنه لو بقيت هذه القيادة اليمينية لكان الحزب قد انتهى أو تحول إلى شيء آخر غير حزب، وقبل أن نتكلم بأي موضوع آخر لا بد أن نتناقش حول هذه النقطة”, وجرت مناقشة طويلة وتحدث لي عن القيادة القومية السابقة.

وقال لي: عندما بدأت المشاكل كنت أنا و(صدام التكريتي) بالسجن، وأرسلنا كتاباً إلى (منيف الرزاز) وقلنا له أنتم لا تستحقون أن تقودوا حزبا، ولا تقودوا ثورة (ولازم يصير عليكم انقلاب).

وقال لي: “ليس هؤلاء الموجودون عندنا في بغداد بنقبضهم أبدا.. نحن الانحترمهم”. وبدأ يحكي عليهم الكلام الذي في الحقيقة أنا شخصيا لا يمكن أن أحكيه عليهم، وما بحكيه عليهم، وهذا الكلام أنا ذكّرته به بالقاهرة، وبوجود الأمين العام، أثناء إنعقاد مؤتمر دول المواجهة وكان في ذلك الإجتماع (عبد الكريم الشيخلي و صالح عماش) و شخص ثالث لا أذكره حاليا، وقلت له: “أنت عندما جئت إلى سورية تحدثت عن قيادتكم القومية، حديثا أنا لا أقوله ولم أقله ولا أقوله، أنت الألفاظ التي استخدمتها ضدهم أنا لا أستخدمها ضدهم، صحيح أم لا؟”، فقال: “صحيح”، هذه أول نقطة أثرتها معه، وقال: “نحن فقراء وأنا أنام عند ابن اختي” وابن أخيه طبعا، (الرفاق العراقيون مفروض أن يعرفوا إذا كان هنا الكلام صحيح أم لا). أما الرسالة الثانية.. نسيت أن أقول أن (عبد الكريم الشيخلي) قال: أرسلنا رسالتين، رسالة إلى (منيف الرزاز) قبل (23 شباط)، والرسالة الثانية إلى (الدكتور نور الدين) (ومفروض الرسالة موجودة معه)، وأنتم الحق عليكم استعجلتم بالمؤتمر ونحن كنا مطاردين ولم تنتظرونا في المؤتمر القومي التاسع، وكنا نحضره، وبعد ذلك تكلم عن كيف سافر معه بالطائرة الرفيق (محمد أحمد رباح)، وكان قرار الفصل موجوداً معه وكان في الطائرة الفريق (عماش)، وكانوا منسجمين وفي نيتهم أن يعملوا، وقد سرد لي هذه القصص، وفي الواقع لا أعرفها. المهم، وأقول ذلك للرفيق (محمد أحمد رباح) أنك عندما ذهبت لتبلغه قرار الفصل کنت بالطائرة أنت و (صالح عماش)، ..

(صالح عماش) كان في دمشق، وبشكل إيجابي ومتفق مع الأمين العام المساعد على شيء معين وذهب ليبلغه لرفاقنا بالعراق، وإذا بك أنت راكب معه بالطائرة وحامل معك قرار الفصل في جيبك.

النقطة الثانية التي أثرتها معه، موضوع رفاقنا الموجودين في السجون وقلت له: «إذا كنتم هادفين إلى صفاء الجو بيننا وبينكم كان من المفترض أن لا تحبسوا البعثيين الموجودين هناك»، وقال: “لا.. سوف نخرجهم” (وهم طبعا التعبير الذي يستخدمونه للمناضلين في العراق وهو تعبر المنشقين). النقطة الثالثة هي حشد قوات إضافية بالجبهة الشرقية, وأيضا قال: “نحن جاهزون ومبرر مجيئهم هو دعم الجبهة الشرقية وقضية فلسطين”، أذكر أن هذه هي النقاط الثلاث التي طرحتها معه، وكنت صريحا جدا معه، وقلت: “هذا الكلام الذي قلته لك سينقل إلى كل حزبي وسيقال في مؤتمر الحزب ونحن حزبيون”، قال “إذا سئلت أنا فسأكرر هذه الكلمات نفسها”، قلت له: “طالما الأمر كذلك إذا اذهب بطريقك إلى الأمين العام للحزب”، واتصلنا بالأمين العام، وقلنا له الطائرة العراقية كانت تحمل (عبد الكريم الشيخلي)، وقد استقبله قائد القاعدة الجوية، ثم حضر لعندنا وتحدثنا معه بهذه الأمور وسوف نرسله إليك لتتصرف معه، وذهب إلى الأمين العام، وتحدث معه الأمين العام بالأمور نفسها التي تحدثت معه فيها، والكلام مسجل عند الأمين العام وقد أحضر التسجيل إلى المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي.. (عبد الكريم الشيخلي) كرر زيارته بعد ذلك، وبقيت بهذا الإطار، وبعد المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي، حضر وقابل الأمين العام، وقال للأمين العام: “سوف نبعث لكم وفداً برئاسة (صدام التكريتي)” – بغض النظر – أنا الآن لا أتحدث عن الإتصالات كي أبررها، ولكن من أجل أن أحيط الرفاق علماً بهذه الإتصالات التي حدثت، هذا ما جرى بالضبط، وخرج (عبد الكريم الشيخلي) من عند الأمين العام، وهذا الإتصال كان آخر إتصال، وما تم، لماذا لم يتم؟ طبيعي، أولا يا رفاق، ما قلته له أنا مؤمن به، أنا أعتقد أن نقطة الإنعطاف بيننا وبينهم هي (23 شباط).. كجهاز تنظيم، فلان مشبوه، فلان عميل.. إلخ، ولكن ليس في الدنيا تنظيم بكامله مشبوه وعميل، وأنا أعتقد أن هذه فرصة يمكن أن يستفيد منها رفاقنا في العراق، وأنا برأيي قد يكون هناك ظروف محلية لا أعرقها، لكني أعتقد أنه لو كان هناك نشاط بقواعد التنظيم الخاص بهم، أتصور أنه من الممكن الإستفادة من هذا الجو وتفكيك وضعهم، ربما كانت هناك معطيات لا أعرفها قد لا تساعد على هذا الشيء وبالتالي يكون كلامي غير دقيق. المهم هكذا كنت أتصور، وكل الكلام قيل للأمين العام.. وبعد أن اتخذت التوصيات بالمؤتمر القطري الرابع الإستثنائي، رفعت للقيادة القومية كي تقرها أو تحيلها إلى المؤتمر القومي، والقيادة القومية على ما أعلم قررت عدم الموافقة على هذه التوصية وبالتالي جمدت التوصية.. والقرار الذي اتخذته القيادة القومية بهذا الصدد حسبما عرفته و حسبما بلغ اعتبرت أن الموضوع كله باطل.. أما إذا كان المقصود ممارسة النشاط معهم على صعيد الدولة فلا يوجد أي مانع، ويطبيعة الحال كما أننا نريد نحن أن نحقق شيئا، هم أيضا يريدون أن يحققوا شيئا آخر.. وعندما يعرفون أن القيادة القومية للحزب لم توافق على القرار (وهم يعلمون بالطبع أن السلطة في هذا القطر للحزب) فيمكن أن يستنتجوا أن هناك أشياء أخرى تخطط وسيطلب إلينا تنفيذها من قبل القيادة القومية، ومن الطبيعي حتى إذا افترضنا أنهم كانوا صادقين معنا من قبل أن لا يتجاوبوا معنا على صعيد السلطة.. قد لا يكونون صادقين، ولكن حتى إذا كانوا صادقين عندما يعلمون أن هناك قرارة حزبية جمد بقرار من القيادة القومية، من الطبيعي أن لا يتجاوبوا معنا على صعيد السلطة لم تبحث معهم أي موضوع جدي، وبالنسبة لي شخصياً، أبديت قناعتي ولم أكن جاهزاً لتبني هذا الأمر بمعزل عن الحزب، أصلا بطبيعة الحال أنا لا أستطيع أن أحقق وحدة مناضلي الحزب إذا لم تكن هناك موافقة من القيادات والمؤسسات الحزبية المختصة ، إلا إذا كنا نعمل إنقلابات.. وأعتقد أننا كحزبيين نعمل من أجل الحزب وبأساليب حزبية إلى أبعد الحدود، وبالرغم من أن هناك كثيراً من الملامح، كثيراً من التصرفات، من المظاهر، تدلل على أننا ما زلنا كما يقول بعض الرفاق (مشروع حزب) وسنبقى كذلك إلى فترة طويلة، لأنه توجد معطيات تثبت وتؤكد مثل هذا المشروع قبل أن تتحول إلى حزب حقيقي.

هذه هي إتصالات اليمين التي تمت خلال الأزمة، قبل الأزمة لم أر أحدا، ولا أعرف أحداً إطلاقا، أذكر خلال الأزمة حضر أيضا (شقيق الكمالي) الذي كان عضو قيادة قومية، جاء (شقيق الكمالي) وكان له أخ هناك بالسفارة العراقية بدمشق دون أن أعرف وقد اتصل مع السفارة العراقية.. طالباً مقابلتي وحضر لعندي وقال لي: “كنا ننتظركم”, قلت له: “لماذا تنتظرونا؟” قال: “ألم تقولوا أنكم سترسلون وفدا؟”، قلت له: “والله الأفضل أن تزوروا الأمين العام، أنا أعلم أنكم أنتم الذين سترسلون وفداً”.

في الحقيقة أعتقد أن (شفيق الكمالي) كان قادماً مهمة إستطلاع، وعلى الرغم من أنني كنت أشاهده لأول مرة، فقد أعطاني إنطباعا يوحي بالثقة، وفي اعتقادي أن هذا الشخص يوحي بالثقة و آدمي أكثر من غيره.. بعد ذلك بمؤتمرات المواجهة تعرفنا طبعا عليهم كلهم، واجتمعنا أكثر من إجتماع، كما ذكر الأمين العام إجتماعات عمل، لكن كل لقاء وكل إجتماع كان يطرق.. بالقاهرة مثلا حرضنا (صالح) على (حردان) وقال: «أنتم لا تتركون أمرا يتم», قال له الأمين العام: “يا أخي ماتشيلوا لنا هذا”، ويقصد بذلك (حردان) وفعلا (حردان) گشخص من الصعب التعامل معه، وهو إنسان يكذب كثيراً بمناقشاته، وليست عنده حدود دنيا من اللباقة، وبمؤتمرات وزراء الدفاع مثلا كان الفريق أول (محمد فوزي) يريد أن يغير القائد الجوي للجبهة الشرقية، وكان في نيته أن يعين أحد الضباط السوريين، لأن الضابط المعين من قبل العراق رجل غير كفء، ثم أنه لا وجود لقوات جوية غير القوات الجوية السورية.. وكان في ذهن (فوزي) أن يرتب العلاقات بين سورية والمتحدة في سلاح الطيران عن طريق شرعي، فطرح الفريق أول (فوزي) على المناقشة أن يكون أحد الضباط السوريين هو القائد الجوي للجبهة الشرقية، وكان جواب (حردان) له بكل هذه الوقاحة: “ليش يكون سوري، ليش يكون سوري” بوقاحة، وأصر على أن يكون عراقياً، طبعا أنا كنت خارج المناقشة، وأصر الفريق (حردان) على أنه مايصير يكون غير عراقي ..وأعتقد أن كل وزراء الدفاع الذين كانوا حاضرين المناقشة حتى المسؤولين الأردنيين بالجيش وحتى المشبوهين منهم، كنا نرتاح للقاءاتهم، يعني كنا نصل الدرجة بالمناقشة يسكتون، يقتنعون.. أما (حردان) فكان لا يعرف أن يقول خير (لا) وكان يقطع أي طريق على أي منطق أو أي شيء آخر.. فالأمين العام لهذا السبب و لأسباب أخرى كان يقول ل (صالح عماش) هذا (حردان): “ما تشيلوا لنا إياه”، وكان (صالح عماش) يقول: “أنتم ما بتخلوا شيء يتم بدنا نشيلوا لكن انتظروا شوي علينا”.. إلخ

كانت تحدث مثل هذه اللقاءات بيننا وبينهم، إتصالات موجودة، ولكن الإتصالات التي يجب أن نعرفها هي الإتصالات التي تمت خلال الأزمة، هي الإتصالات التي ذكرتها.

على أي حال سأختم حديثي، وقبل أن أختمه، وبمناسبة مؤتمرات القمة، وما قيل من بعض الرفاق على الصعيد الشخصي، أری حضور كل مؤتمر من أجل المعركة يحقق أي شيء… ومؤتمر القمة الأخير كان رأيي في الإجتماع المشترك أننا لن نأخذ منه ليرة واحدة، وقلت أن الفرصة التي كان من الممكن أن تأخذ منها ليرات، ذهبت، وهي فرصة مؤتمر القمة في السودان، لأنه وقتها كان هناك ضغط جماهيري على الرجعية… أما بعد مرور 3 سنوات، حالياً الرجعية ليست بمأزق، ولذلك فلا يمكن أن تقدم لنا أية مساعدة، هذا كان رأيي قبل الذهاب إلى مؤتمر القمة، لكن مثل ما قال بعض الرفاق، مؤتمر القمة كان مطروحاً على أساس أنه مؤتمر حرب (الذي يريد أن يحارب فليأت، والذي لا يريد أن يحارب فلا يأت)، وحسب ما ظهر على الأقل من حيث الشكل، لم يعترض أحد على مؤتمر القمة، والمؤسسة الحزبية، وهي المكتب السياسي، قررت بالإجماع أن تحضر مؤتمر القمة.. الرفيق (عمار الراوي): “أنا ليس لي علاقة”… ربما.. على كل حال يا رفاق هذه ليست مشكلة، لأنه إذا كان كل المرحلة السابقة قيادة حزب بكامله تقول ليس لنا فيها علاقة، فالرفيق أبو إيمان (عمار الراوي) إذا قال أن مؤتمر القمة ليس له فيه علاقة أو الرفيق (مالك) يقول أيضا: “معقول؟”، ربما لم يكن حاضرا لكن الذي أعرفه أن قرار حضور مؤتمر القمة صدر عن المكتب السياسي..

لم يكن هناك أي رفض من القيادتين، والكلام الذي قيل إننا إذا لم نذهب إلى مؤتمر القمة سيحدث إنقلاب، أنا ما عندي خبر مثل ما قلت بالأمس، لو لم يذهبوا إلى الرباط سيحدث إنقلاب، لأن هناك أشياء أهم من هذه بكثير، ولم يحدث من أجلها إنقلاب.. من الأشياء التي تكلمت عنها بعد ذلك، كان مؤتمر القمة الإسلامي، نوقش وقرر بالإجتماع المشترك بغيابي، وعرفت أن بعض أعضاء الإجتماع المشترك كانوا مؤيدين لحضور مؤتمر القمة الإسلامي، وهم موجودون الآن بهذا المؤتمر، ولم نحضر المؤتمر الإسلامي، ولم أعترض على عدم الذهاب، ولو حضرت الإجتماع المشترك، يمكن أن يكون رأيي الخاص الحضور ومع ذلك، لم نقم بانقلاب، ولست أدري إلى أي حد وصل رفاقنا في تعاملهم مع بعضهم إلى مثل هذا التهديد.. (يمكن إذا كان أحد رفاقنا يرغب بزيارة صديقه ويريد أن يأخذ معه أحد، يقول له إما أن تذهب أو أن وزير الدفاع يقوم بانقلاب) أنا لست مسؤولا عن هذه النبوءات. محمد قال هو آخر الأنبياء، وأنا لا أريد أن أدعي أنني نبي لا علم لي، وحبذا لو سألني أحدهم لو لم نذهب إلى مؤتمر القمة هل تقوم بانقلاب؟ لو كنت أجيب عندها نعم لكان من الممكن أن أطرح الموضوع أمام هذا المؤتمر..

س: إذن موضوع الإنقلاب جاهز في أي وقت؟

ج: أبدا.. طبعا.. أي موضوع الإنقلاب ممكن.. “ضحك”.

عندما يؤمن الشخص بالعمل الإنقلابي، كان من الممكن أن يقول لهم (والله یا رفاق إذا ما عملتوا الشغلة الفلانية بدي أعمل إنقلاب) أم أنهم لو قالوا لي (لو عملوا الشغلة الفلانية كنت عملت إنقلاب) لقلت لهم: “ولا أذكر أنني فكرت بعمل إنقلاب من أجل أي موضوع كان، لأنه حتى خلال الأزمة مثلما ذكرت قبل قليل لم أفكر بعمل إنقلاب في الحقيقة”.

مؤتمرات القمة جزء من حرية التحرك التي تكلمت عنها على الصعيد العربي، وهذا التحرك وهذا التنسيق يجب أن يستمرا، بغض النظر عن الواقع الذي نحن فيه حالية، بغض النظر عن الواقع.. لأنه أيضا أعود فأقول توجد أمثلة في التاريخ.. الأمم التي تتعرض للإحتلال تتجاوز كثيراً من الأمور في سبيل إزالة هذا الإحتلال، والأمثلة منها المثال الذي ذكره لنا السيد (ألكسي کوسجين) رئيس وزراء الإتحاد السوفياتي، وهذا الحديث رويته لأكثر من ثلاثين رفيقاً.. لا بل مئات المرات، في الحرب العالمية الثانية الإتحاد السوفييتي، وفي سبيل هذه المهمة الأولى نسق الإتحاد السوفياتي مع الولايات المتحدة الأمريكية (قمة الرأسمالية والعدو الأول حاليا للإتحاد السوفييتي) هذا الكلام ذكره (کوسجين) مثلما قلت لكم منذ مدة وبحضور بعض الرفاق، وهذا الكلام لا داعي لأن يذكره السيد (كوسجين) لأننا كلنا على ما أعتقد نعرفه.. أنا في الحقيقة سمعت من زمن قليل ردا على هذا الكلام، خلاصته أن الإتحاد السوفييتي كان قد حدد أعداءه، وكأننا نحن حاليا عندما ننسق مع الحكم بالأردن أو مع السعودية أو مع أي حكم عربي كأننا حتى الآن لم نحدد أعداءنا بعد، لا نحن حددنا أعداءنا وهم معروفون، الإستعمار.. والصهيونية.. والرجعية، وهؤلاء ليسوا على مستوى واحد أبدا، عندما نقول في القيادة، في قيادة القيادة أيضا هؤلاء ليسوا على نسق بينهم فرج و مسافات.. الرجعية الأردنية مصالحها مهددة من خلال ما تسعى الصهيونية لتحقيق مطامعها التوسعية من النيل إلى الفرات.. الملك (حسين) مضروب من أجل الشعب العربي، لا في سورية ولا في الأردن ولكن من أجل أن يبقى ملكا.. وحتى يبقى ملكاً على الأردن فهو بحاجة أن لا تأخذ إسرائيل أرض الأردن، إذن الملك (حسين) له مصلحة في أن يكون في هذه المرحلة وفي هذه الأيام ضد إسرائيل، ليس لأنه صديق الشعب، وليس لأنه مخلص للشعب، لا، لأن له مصلحة الآن.. أيضا في هذه المرحلة لا تناقض بين الإمبريالية والصهيونية، وبالتالي بين الإمبريالية وإسرائيل، ولكن سيأتي يوم يبرز فيه أيضا مثل هذا التناقض، إسرائيل لو حققت دولة من النيل إلى الفرات، وسيطرت على منابع البترول، هل يستطيع الرأسماليون في أمريكا أخذ أموال البترول الذي تسيطر عليه إسرائيل مثلما يأخذونها الآن، ونحن نسيطر عليها العرب؟ طبعا.. لا.. هناك أيضا في المرحلة اللاحقة التي لا نعلم متى تجيء.. وإذا بقينا على المعطيات الحالية قد تأتي في تلك المرحلة سيكون هناك تناقض بين إسرائيل وبين الإمبريالية، سواء كانت هذه الإمبريالية في أمريكا أو في إنكلترا، فأعداؤنا معروفون بينهم تناقض، هذا التناقض مهما يكن صغيراً يجب أن ينفذ من خلال أي ثقب يمكن أن نستفيد منه لصالح المعركة ولتحقيق مهمتنا الأولى التي تحدثنا عنها. حتى بالصين بلد الثورة.. بلد الإشتراكية .. مثلما ذكرنا قبل قليل، كلنا

نعلم أن (ماوتسي تونغ وشان کاي شك) كانا يتحاربان، ولكن عندما جاء الغزو الياباني أوقفا الحرب بينهما واتجها لصد المعتدي الياباني، وبعد ذلك عادا للحرب بعضهم مع بعض.

إذن الوطن أولا، الأرض أولا. رغم أن الأمثلة التي ذكرتها ليست قريبة على الإطلاق للظروف التي تتعرض لها، مشكلتنا تختلف عن أي مشكلة في العالم، الألمان يريدون أن يحتلوا أراضي الإتحاد السوفياتي، يعرفون أن الإتحاد السوفياتي له شعوب، وحسب ما نعلم ومثل ما قرأنا ما كانت هناك نية في حدود معلوماتي، أن الألمان كانوا يريدون أن يحولوا أراضي الإتحاد السوفييتي إلى أرض ألمانية.. (هتلر) لم يكن ينوي أن يغير الإتحاد السوفييتي ويعتبرها أراضي ألمانية.

إسرائيل، الصهيونية مختلفة، الصهيونية تنظر إلى الموضوع من نظرة مختلفة، الصهيونية تعتبر أننا نحن جماعة غرباء عن هذه الأرض وهي أرضهم وهم قادمون من أماكن مختلفة ليأخذوها، هذا الواقع.. هذه الظروف، هذه المعطيات، أقل بكثير من المعطيات التي دفعت الإتحاد السوفياتي لأن ينسق مع الولايات المتحدة، أختصر الموضوع لأني أعلم قد أطلت عليكم.. ولكن هناك نقطة بارزة أريد أن أوضحها وأقصد بذلك موضوع الإمتيازات بالجيش باعتبار أنه دار کلام حولها وسمعته بشكل شخصي من بعض الرفاق.

الإمتيازات بالجيش تصدر بأوامر.. لم أوقع أي أمر منذ أن أصبحت وزيراً للدفاع بإعطاء إمتيازات لأي إنسان على الإطلاق أبدا.. والسيارات الفارهة التي تم الحديث عنها من قبل بعض الرفاق، سواء أكان المقصود فيها الجيش أو لا، هناك بعض المظاهر التي شاهدها الرفاق، وهي معللة, مضى أكثر من سبع سنوات من الثورة، قد يكون عندنا رفیق ملازم أول قائد سرية وتمر أربع سنوات

يُرفّع إلى نقيب و تجري تشكيلات في الجيش يصبح قائد كتيبة، قائد كتيية بالملاك مثلا، له سيارة جيب، اليوم يشاهدونهم بسيارة جيب، يمكن أن يعتقد البعض أن هذا امتيازاً أعطي لهم، السيارة أعطيت للرفيق قائد الكتيبة بحكم القدم ويحكم التشكيلات والأقدمية، قائد الكتيبة يصبح قائد لواء.. قائد اللواء له سيارة صغيرة يمكن أن يكون أحد الرفاق شاهد رفيقا عسكريا، من يومين كان قائد كتيبة، شاهده دون سيارة، بعد يومين شاهده بسيارة.. إذن هذه السيارة أعطاها وزير الدفاع.. أنا يا رفاق لم أعط لأحد سيارة إطلاقا بالأوامر، نحن أعدنا دراسة الملاك مرات، والشيء المعطي حالياً للمراكز في الجيش، هو الحد الأدنى الذي يؤمن، الحد الأدني.. العمل (الشيء) الذي تشاهدونه هو تابع للمركز للوظيفة وليس للرفيق، وإذا كنتم تشاهدون أحد الرفاق بدون سيارة وتشاهدونه غدا ولديه سيارة، انتقل من مكان إلى آخر بحكم الأقدمية وبحكم أشياء أخرى لصالح الخدمة في الجيش، وعلى كل حال فالأمر لا يخلو من أشياء فردية، أنا لا أدافع عن الأخطاء، لكن عندما نتكلم هنا في مؤتمر قومي، ونقول إن هناك امتيازات، معنى ذلك أن هذا خط عريض بالجيش، خط عريض.. اتجاه عريض.. وليس حادثة.. اثنين.. ثلاثة.. وعشرة.. إلخ، عشر حوادث للجيش، جيش قوامه أكثر من 200 ألف، مفترض أن لا يحكى عنها مؤتمر قومي حتى ولا عشرین حادثة، يجب أن يكون هناك خط بالجيش مني من قبل قيادة الجيش حتى يتم التطرق لذكره بالمؤتمر القومي، ومثل هذا الشيء غير موجود.

الرواتب ما تزال على حالها، نحن لم نزد رواتب الضباط إطلاقا، نحن زدنا رواتب المجندين بقرار من المؤتمر القومي العاشر والقطري الرابع، على ما أعتقد زدنا /3/ ليرات سورية للمجند، كان يتقاضی / 15/ ليرة سورية، أصبح الآن يتقاضى /18/ ليرة سورية، وعلى كل حال فإنني أعتقد أن هذه الزيادة ليست الزيادة التي نرضي عنها، ولكن إمكانيات الدولة لا تسمح بأكثر من ذلك.. كان هناك أشياء بسيطة ذكرها اللواء (مصطفى طلاس) للضباط مثل إعطاء بنزين كلها هذه حذفها.

وأكثر من ذلك، ولأول مرة في تاريخ القطر العربي السوري، وهذا الشيء غير موجود في البلدان الأخرى، الضباط بالجيش: النقيب مثلا، عندما ننقله لوظيفة مدنية مرتبته ودرجته.. في القانون، هذه المرتبة والدرجة خفضناها مرة على دور الرفيق (یوسف زعين)، عندما كان رئيسا للوزراء “إنه يذكر هذا الشيء”.. حاليا لنفرض أن النقيب مرتبته ثانية أو ثالثة درجة أولى، عندما يعين مكتب الملحق العسكري، التعويض الذي يتقاضاه أقل من التعويض الذي يأخذه للمرتبة والدرجة المقابلة.

ولأول مرة في تاريخ هذا القطر، السنة الماضية خفضنا دفعة واحدة / 33 من تعويضات الملحقين العسكريين والضباط الذين يعملون في مكاتب الملحقين العسكريين. أنا غير مقتنع طبعا لأن ظروف المعيشة غير طبيعية، وتمشيا مع الظروف التي نحن فيها نضغط النفقات وفي الوقت نفسه فإن هذا الإجراء قد خفف كثيرا من الوساطات الحقيقية ولم تعد هناك رغبة كبيرة في العمل بمكاتب الملحقين في الخارج وهذا لا يدل أنه كان هناك امتيازات إطلاقا.. هذه هي نقطة من النقاط التي أردت إيضاحها، أما بقية النقاط التي توضح وجهة نظري فهي مكتوبة وسأتلوها عليكم:

– في السياسة الداخلية :

رأيي: مع الأسف كان يجب أن أتكلم من قبل؟ لم أحضر كل المناقشات، هنالك أمور لعلها أقرت أو هناك أمور سابقة… إلخ) المهم كتبت هذه النقاط

لأني سمعت هنا وهناك وفي هذا المؤتمر وخارجه ما يستدعي أن أذكر هذه النقاط:

1- جمع كل الطاقات التقدمية والشعبية وتوجيهها باتجاه المعركة من خلال إقامة جبهة تقدمية يقودها الحزب: عندما أقول مثل هذا الكلام أيها الرفاق.. الجبهة ليست شيئاً محدداً ولكنها صيغة نضعها لظروفنا ومما يؤكد استمرارية سيطرة الحزب على كل مؤسسات الدولة والمنظمات الشعبية في القطر، وقد لا تكون بذهني كل التفاصيل، لكن الحقيقة مؤخرا صارت عندي مثل هذه القناعة، وبرأيي قد تكون مفيدة فيما إذا أقرت، وأرجو أن لا يتطرق إلى فكر إنسان أن هذه المقترحات هي تحت أي تأثير.. كل رفاقنا يعلمون أنني صريح وصلب مع الآخرين ويمكن الكل يعرفون ذلك.. الجبهة في اعتقادي مطلب أساسي بالنسبة للشيوعيين.. وأنا (خالد بكداش ) لم أقابله من زمان رغم إلحاحه، ولم أقابله لأنني لاحظت أن هناك تطاول في مراحل معينة أكثر مما يجب.. أردت أن أذكر هذا المثال حتى لا يتطرق لذهن إنسان إطلاقا أنني أتأثر بالفئات الثانية حتى لو كنا نطلق على بعضنا الرصاص أبدا زارني كثير من الناس، وكلامي صريح مع كل الناس، خلال الأزمة أو قبلها أو بعدها فالشيء الذي أقوله يكون ناتجاً عن قناعتي. موضوع الجبهة لم أكن مقتنعا به سابقاً.

2 – تشكيل مجلس الشعب: هذا الموضوع ليس جديداً أيضا، وقد طرحته في المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي لاعتقادي أن ظروفنا لا تساعد على الإنتخابات، وهذا المجلس يمكن أن يضم الناس الذين يعملون بالسياسة، وفي هذا البلد فئات و عناصر مختلفة يمكن أن يفيدونا كثيراً.. مجلس الشعب في نظري يجب أن يضم الحزب وقيادات المنظمات الشعبية والقوى التقدمية وعناصر وطنية، ويقوم بمهمة التشريع ووضع الدستور الدائم للبلاد تمهيدا لتحقيق الديمقراطية الشعبية.

3- متابعة رسم وتنفيذ خطط التنمية على ضوء ضرورات الدفاع وحاجات الشعب الأساسية: أيضا هذا الكلام هو مطروح خلال الأزمة وعكس كل ما فيها الجماعة يريدون بناء قوات مسلحة ولا يريدون تنمية، وقد تكلمت في ذلك أنا والرفيق يوسف أكثر من مرة.. موضوع التنمية ليس حفنة من المال نضعها هنا وهناك.. لا. عملية التنمية، عملية اقتصادية مستمرة تأخذ وتعطي ولا يمكن أصلا تعزيز القدرة الدفاعية إذا لم يكن هناك تنمية، ولكن هذه التنمية يجب أن تتم على ضوء حاجات الدفاع وبالاتصال معها وبما يخدمها وتراعي فيها كل ضرورات الدفاع.

4- متابعة تعميق التحولات الاشتراكية مما يضمن بناء القاعدة الاقتصادية للصمود: وأرجو أن لا يظن أحد أنني أزاود .. أي خطوة اشتراكية تتنافى مع تعزيز إدارة المعركة يجب أن توقف.. إذا كان رفع سقف الملكية يفيد المعركة، فيجب أن يرفع، أما إذا كان تخفيض سقف الملكية يفيد المعركة فيجب أن يخفض سقف الملكية، الموضوع لا يقصد منه الاحراجات ولا أي شيء آخر، أبدا، كل ما يفيد المعركة نعمله، وما لا يفيد المعركة لا نعمله.

5- إعطاء المنظمات الشعبية دورا فعالا في قيادة الدولة والمجتمع: الحقيقة جرت مناقشات بفترات مختلفة مع بعضهم.. وطبعا ليس كل ما يقولونه نوافق عليه، لكن من حيث المبدأ.. وأعتقد أنه لا خلاف على هذا البند.

6- إعادة النظر في صيغة علاقة الحزب بالسلطة بما يضمن قيادة الحزب الحقيقية للسلطة ومؤسساتها وتطوير أجهزة الدولة بما يكفل بناء الدولة الحديثة: وأيضا أوردت بعض الأمثلة منذ قليل ولعله برأيي مثلا أن لا يمارس مثلا الفرع تنقلات المعلمين مثلا.. القيادات تناقش كيف يقود الحزب السلطة، وكيف تحدد

المسؤوليات و كيف تتم المحاسبة.. حتى لا تضيع الأمور وتضيع المسؤولية وعند ذلك لا نكون قادرين على تحديد المسؤولية ومعرفة المسؤول عن الخطأ. المهم هذا الموضوع أيضا طرح بالاجتماع الذي قلت أنه تم بيني وبين القيادة القومية بناء على طلب القيادة القومية، وهناك صيغة ناقشناها آنذاك موجودة، ولكن الصيغة غير واضحة، وأكدنا من ذلك الحين أنها غير واضحة وتقرر أن تناقش وتوضح.. وحسب معلوماتي لم يحدث شيء من هذا القبيل

ب. في السياسة العربية :

1- التحرك العربي الواسع مع الدول والقوى العربية التقدمية وفي كافة المجالات التي تعزز إستراتيجية الحزب في الكفاح المسلح (التحرك يعني حرية الحركة).

النضال من أجل خطوات وحدوية مع الدول العربية التقدمية وخاصة الجمهورية العربية المتحدة.. ربما يكون لا داعي أن نكرر هذا الكلام لأنه قيل سابقاً، ولكن باعتباري أتكلم في السياسة العربية فلنقل ما نؤمن به.

النضال الدائم والإيجابي مع الجمهورية العربية المتحدة، لترسيخ

إستراتيجية الحزب في الكفاح المسلح

دعم كافة الحركات التقدمية والتحررية في الوطن العربي بكل الوسائل المادية والمعنوية… هذا الشيء بالحقيقة قائم فعلا، وأعرف هذا الموضوع لأن الجيش أصبح مستودع الأسلحة والذخائر الذي يمد الناس.. وبهذه المناسبة من هنا أيضا يجب أن لا تستغرب أبدا لماذا تتجه المنظمات إلى الجيش، لأنه منذ نشوء أول المنظمات ومنذ بدء أعمالها و هي تريد أن تذهب إلى مستودع الأسلحة لتأخذ منه، إنما هو الحزب.. لأن هذا الكلام ورد في أقوال بعض الرفاق أن المنظمات,

بدلا من أن تأتي إلى الحزب صارت تذهب إلى وزير الدفاع… هذا أمر طبيعي، يجب أن تأتي إلى وزير الدفاع، الحزب يتخذ قراراً بدعم المنظمات الفدائية وعلى المنظمات بعد ذلك أن تأتي إلى الجهة .التنفيذية.. الجهة التنفيذية مرتبطة بالحزب، وكلنا مجموعة تشكل الحزب، ولكل منا دور في التنفيذ ودور في التخطيط

العمل على تحقيق جبهة عربية تقدمية .

العمل الجاد من أجل وحدة المقاومة الفلسطينية ودعمها وحمايتها بكل الوسائل والإمكانيات المختلفة وربط استمراريتها باستمرارية الثورة في القطر.

موضوع وحدة العمل الفدائي، وحدة المقاومة شرط أساسي، لن تكون هناك مقاومة منتجة، لن يكون عمل فدائي إذا لم تكن هناك وحدة.. وحدة بالمعنى الصحيح، ليست تنسيقا وليست قيادة كفاح مسلح، وحدة كاملة.. أن تذوب هذه المنظمات في منظمة واحدة، طبعا هذا القرار على ما أذكر اتخذ في المؤتمر القومي التاسع الإستثنائي على ما أذكر، أو ربما العاشر، ولكن بتقديري وبمقدار ما أعرف لم نبذل جهوداً كافية لتنفيذ هذا القرار، وهذا أيضا درس مستفاد من دخولنا الأردن، دخلنا الأردن، بقينا يومين أكثر مما يجب أن نبقي، لأننا لم نستطع أن نجد القيادة الواحدة التي تدخل لتتسلم اللواء الشمالي، لم نستطع ذلك، وعقدنا اجتماعا مع ممثلين عن مختلف المنظمات ووزع عليهم قائد الفرقة المهام، ومع ذلك لم يستطيعوا هم أن يوزعوا على بعضهم المهام، وبقيت الأمور حتى اليوم الأخير غير منفذة بدقة، و بتقديري لو كانت منفذة بدقة لاستطعنا أن تسحب المغاوير الذين ظلوا في الأردن بعد انسحاب القوات وبقاء القوات الأخرى.. هذا درس مستفاد ويجب أن نتلافى هذا الخطأ وإذا لم تتحقق وحدة

المقاومة، فلن تكون هناك مقاومة منتجة إطلاقا.

ج- في السياسة الدولية :

1- تطوير العلاقات في كل المجالات مع المعسكر الإشتراكي وبصورة خاصة مع الإتحاد السوفييتي، وطبعا هذا الكلام تحصيل حاصل ونحن نقول باستمرار جميعا، لأنه شئنا أم أبينا فإن الموضوع ليس قصة عواطف مع الإتحاد السوفيتي، هناك معسكران في العالم ولا بد من الاستفادة من المعسكر الذي يقف بجانب قضايانا العادلة وأن نقاتل مستقلين بمعزل عن الاستفادة من هذا المعسكر، من الطبيعي لا أعتقد أن أحداً منا يتصور إمكانية تنفيذ هذا الشيء.

2- الانفتاح على كل حركات التحرر الوطني والقوى التقدمية في العالم وتقديم الدعم المادي والمعنوي لها، طبعاً ضمن الإمكانيات المتوفرة من حيث المبدأ

3- تطوير العلاقات وتعميقها مع الدول التي تقف إلى جانب قضايانا القومية

العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين .

د. في مجال المعركة :

1-متابعة بناء القوات المسلحة وتدريبها وتطويرها، فهي العامود الأساسي للتحرير.. ولا أريد أن نناقش كيف يفهم كل منا حرب التحرير الشعبية، لكن الأرض المحتلة، لا أحد يظن أننا قادرون على تحريرها بدون الجيوش القادرة والفعالة والمجهزة بمختلف الأسلحة، أما العمليات الحاسمة والأساسية لهذه القوات النظامية، وأي تصور آخر، خاطئ، وهذه هي تجربة الإتحاد السوفييتي في حرب الأنصار، وهذه هي تجربة الفيتنام، وحتى التي لا يكون لديها جيش نظامي تحاول أن تبدأ بشكل أو بآخر على غرار الطريقة التي بدأناها، وتنتقل

بالتدريج إلى تشكيل جيش نظامي لتحقيق المعركة الحاسمة الفاصلة وتحقيق النصر.

في آخر الأمر تطوير العمل الفدائي مما يسمح له أن يصبح أداة فعلية في تنفيذ إستراتيجية الحزب في الكفاح المسلح، العمل الجاد على تحقيق وحدة المقاومة.. طبعا هذا أمر كررته في المجال العربي وأنا أعرف لأنني هنا أتحدث في مجال المعركة.. إيجاد علاقة موضوعية (هذا الأمر هام) تحقق إشراك القوات المسلحة في الدعم الفعال للمقاومة، وفي هذا المجال لا بد أن نستفيد ممن لديهم تجربة في هذا المجال وبصورة خاصة من حرب الإتحاد السوفييتي ضد الغزو النازي، ومن حرب فيتنام حالياً لكي تتمكن القوات المسلحة من دعم العمل الفدائي فعلا..

ذكرت منذ قليل أن تصوري لحرب التحرير الشعبية بخطواتها العريضة هي

ما يلي:

. أرض محتلة تقوم المنظمات الفدائية بأعمال فردية وجزئية نشيطة، بأساليب تتلاءم مع تشكيل العمل الفدائي، مع طبيعة تسليحه وتدريبه.. هذه العمليات لم تكن في التاريخ حاسمة ولن تكون.. لم تكن ولن تكون.. بعد تطور السلاح بالشكل الذي تطور إليه حاليا، إذن العمل الفدائي يقوم بعمليات إستنزاف ضد العدو، طبعا تحت كلمة الإستنزاف يأتي عدد كبير من العناوين الأخرى والعمليات، في فترة معينة من الإستعداد، إستعداد الصديق، استعدادنا نحن (إستعداد تدريبي تنظيمي تسليحي) وفي فترة معينة تتوفر فيها روح معنوية معينة أيضا، يتوفر فيها جو سیاسي عالمي أيضا، تحسم القوات المسلحة النظامية بأسلحتها الضخمة المعركة لصالحنا.. لكي يتم هذا الشيء لا بد من إيجاد علاقة

موضوعية تحقق هذا الهدف.

لن نناقش الآن في هذه العلاقة الموضوعية، لكن قلت علينا أن نستفيد من تجارب الآخرين، في الإتحاد السوفييتي القيادة الإستراتيجية التي قادت الحرب، هي التي كانت تقود حرب الأنصار، في نفس القيادة العسكرية العليا كانت هناك إدارة هي التي تقود عمليات الأنصار، بما يخدم خطة عمليات القوات المسلحة، وكان القوات الأنصار تشکیلات، وهي التي كانت تقرر التشكيلات والعمليات الصغيرة والكبيرة، لهم جزء من القيادة مرتبطة بالقيادة العليا كأي سلاح من الأسلحة الأخرى.. هذا الشيء موجود أيضا في وزارة الدفاع بفيتنام.. إدارة وزير الدفاع أيضا بإدارته بأجهزته هو الذي يقود كل المنظمات المسلحة نظامية وشعبية. وأنا لا أقصد صيغة محددة بالضبط، لكن أريد أن أقول إذا کا جادين في المعركة لا بد من إيجاد علاقة موضوعية وفي البحث عن إيجاد هذه العلاقة لا بد أيضا من الاستفادة بتجارب الآخرين وبآراء الآخرين.

د. في مجال الحزب:

إعادة النظر بالنظام الداخلي.. هذا الأمر بحث بالقيادة، حسب

معلوماتي سابقا، بما يضمن قيادة مركزية للحزب.

2- إعادة التنظيم على أساس قطاعي بدلا من التنظيم على أساس الأحياء، الحقيقة، النقطة الثانية فهمتها من بعض المناقشات خلال الأشهر الماضية حول التنظيم القطاعي وتنظيم الأحياء، وأنا مع التنظيم القطاعي، وإن كان كما قيل لي رفض ولم يوافق عليه.

3- تشكيل الإدارة السياسية في الجيش.. وهذا أيضا متفق عليه، وبذلك ننفذ قرار المؤتمر القطري الرابع الإستثنائي، وفي القيادة والمكتب العسكري لايوجد خلاف على هذا الشيء

4- التأكيد على مبدأ الرقابة و المحاسبة ضماناً لكل رفيق من السقوط (أقصد استمرارية الرقابة) و لا نأتي بين فترة و فترة و ننتقد على أحد الرفاق, و استمرارية المراقبة ضمانة لكل الرفاق أو لبعضهم من المعرضين للسقوط, ضمانة ضد هذا السقوط.

5- توسيع القاعدة الحزبية, و ذلك بالانفتاح على جماهير الشعب ذات المصلحة الحقيقية في الثورة و هذا الأمر في تقديري الشخصي بالغ الأهمية, و لا يجوز بعد سبع سنوات من الثورة و من حكم الحزبإ لّا أن تكون جماهير الحزب المنظّمة في الحزب أكثر مما هي عليه حالياً, و قد تحدثت كثيراً مع بعض الرفاق. نحن في هذا العام أخذنا عدداً كبيراً من طلاب الكليات لم نستطع أن نأخذ أكثر من (20 بالمئة) منهم من الحزبيين, هؤلاء سيصبحون ضباطاً في القوات المسلحة لم نأخذ من الحزبيين العاملين الأنصار, أخذنا كل من كتب عنه نصير, و كل من كُتب عنه أنه مؤيد, و رغم ذلك ظلوا في حدود (20 بالمئة). أذكر أننا أخذنا لكل الكليات حوالي (1400) طالب, ليس بينهم (300) على ما أعتقد حزبيين و أنصار و مؤيدين.. هل يجوز هذا الشيء بعد مرور سبع سنوات على الثورة؟.. هؤلاء طلاب صغار, مع العلم أن الكليات حسبما أعتقد مرغوبة للشباب أكثر من غيرها, لماذا يكون عدد الحزبيين قليلاً إلى هذا الحد؟ هذه المشكلة يجب أن نحلها حلاً جذرياً, بالنسبة لموضوع الحزبيين بالجيش  تكلمت فيه مع الرفيق (أبو علي حديثة مراد) بجلسة بيني و بينه.

6- إعادة الحزبين القدامى وفق أسس محددة باستثناء العناصر المرتبطة بتنظيم اليمين.

ملاحظة: لقد قيل هذا في المؤتمر القطري الرابع الاستثنائي.

7- ترسيخ الفكر القومي الاشتراكي و تعبئة الجماهير في هذا الاتجاه كضمان أساسي لتحقيق استراتيجية الحزب في الوحدة و الحرية و الاشتراكية.

هذه وجهة نظري فيما يتعلّق بكل هذه المواضيع

و أرجو أيها الرفاق, أن ننتهي قرارات إلى قررات تفيد هذا الحزب, و نخرجنا ما نحن فيه و أن نناقش ما طرح و ما سيطرح بروح المسؤولية.. و كما قلت خلال الكلمات التي قلتها إذا ما أخطأنا فلن تفيدنا أية تبريرات أمام شعبنا, و أمام التاريخ و أمام حزبنا..

وشكراً

المصدر
حيدر (محمد)، البعث والبينونة الكبرى، صـ 187-220



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى