مقالات
حمصي فرحان الحمادة: التقويم الرقي عام 1914 ..سنة السفر برلك
حمصي فرحان الحمادة – التاريخ السوري المعاصر
ما هو سفر برلك “نفير عام 1914”
سفر برلك وتعني: النفير العام والتأهب للحرب. وهو فرمان أصدره السلطان العثماني محمد رشاد بتاريخ الثالث من آب / أغسطس 1914م يدعو فيه الرجال الذين بلغت أعمارهم بين سنة 1869م وسنة 1882 من رعايا الدولة العثمانية، ومن بينهم رعايا البلاد العربية إلى الإلتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية. وأطلق البغداديون عليها أيام الضيم والهلاك.
ما معني كلمة سفربرلك
سفر برلك هي كلمة تركية تكتب seferberlik وهي كلمة مكونة من مقطعين “سفر” وتحمل المعنى نفسه في اللغة العربية و”برلك” وتعني “معاً” أو “مجموعة”، أي بصبح معنى السفر برلك هو السفر جماعة بغرض التهيؤ للحرب، كما فسرها البعض من خلال تقسيمها إلى ثلاث مقاطع “سفر” وتعني ترحال و”بر” وهي كلمة فارسية الأصل مشتقة من كلمة “بردن” وتعني إجبار أو حَمل و “لك” وهي لاحقة في اللغة التركية تحول الصفة إلى إسم فيصبح المعنى إجبار الناس على الصفر.
أسباب إعلان نفير 1914
نفير عام 1914 أو ما يدعى بسفر برلك هو أول نشاط عسكري من نوعه قامت به الدولة العثمانية بتجهيز وتهيئة الشباب في البلدان الواقعة تحت سيطرتها بشكل قسري لمواجهة أعدائها من البريطانيين وحلفائهم، حيث قامت الدولة العثمانية بتنظيم منشورات عديدة تحت مسمى “إعلان الجهاد المقدس” والذي كان أول إعلان له في الثالث من آب / أغسطس عام 1914 وهو ما يصادف إعلان الحرب العالمية الأولى.
وكانت الغاية من هذا الإعلان حشد الشباب في البلدان الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية وتنظيم صفوفهم لخوض حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل بغرض تجنيب الدولة العثمانية الدخول في تلك الحرب، ولكنها ما لبثت أن دخلت بعدها في الحرب في 6 تشرين الثاني / نوفمبر من عام 1914 حيث أصدر عندها شيخ الإسلام وهو أرفع منصب ديني في الدولة العثمانية في ذلك الوقت فتوى الجهاد، والتي ذكر فيها أن الجهاد هو واجب على كل مسلم ضد ما سماه بالغزاة الكفرة، وناشد كل المسلمين الذين يعيشون في بريطانيا وفرنسا وروسيا بمقاومة هذه الدول دفاعاً عن الإسلام والذود عن الدولة العثمانية وحلفائها من الألمان والنمساويين والمجر وكرر شيخ الإسلام هذه الفتوى في 23 تشرين الثاني / نوفمبر من عام 1914 من خلال بيان مؤثر تم نشره في مختلف الأقطار الإسلامية آنذاك.
وفي 29 تشرين الأول / أكتوبر من عام 1914 قام الأميرال الألماني “سوشون” بمهاجمة الموانئ الروسية الموجودة في البحر الأسود دون أخذ موافقة الدولة العثمانية وفي الوقت الذي انشغل فيه وزراء الدولة في إيجاد حل لهذه الشكلة من أجل إبعاد البلاد عن براثن الحرب، قامت الحكومة التركية في 30 تشرين الأول / أكتوبر عام 1914 بالإعلان عن بلاغ يدعي بأن الأسطول الروسي كان يعمل على تعقب نظيره التركي وبناء عليه قامت السفينة الحربية “غوبن” بإغراق حاملة الألغام الروسية وإلحاق الضرر بباقي الأسطول الروسي.
وعلى إثر هذا البيان غادر السفير الروسي إسطنبول وتلاه مغادرة السفيرين البريطاني والفرنسي لتعلن روسيا في 2 تشرين الثاني من عام 1914 ومن ثم بريطانيا وفرنسا الحرب على الدولة العثمانية ما حقق مآرب ألمانيا وغيرها من الدول التي دعت إلى الحرب على تركيا.
حيث يرى الكثيرون أن الدولة العثمانية دخلت إلى الحرب بناء على أمر من وزير دفاعها آنذاك “أنور باشا” وأن الخليفة السلطان “محمد رشاد الخامس” لم يكن له أي رأي بالموضوع، إذ أن الدولة العثمانية كانت مثقلة بعد خسارتها لليبيا في عام 1911 وفقدانها لمعظم دول البلقان في عام 1912 و1913م(1).
(1) حمادة (حمصي فرحان)، التقويم الرقمي بين عام 1709 – 1988، توتول للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 2022م، 92.