You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة المطران الياس معوض في الندوة العالمية للمسيحيين من أجل فلسطين 1970

كلمة المطران الياس معوض متروبوليت حلب للروم الارثوذكس في الندوة العالمية للمسيحيين من أجل فلسطين المنعقدة في بيروت عام 1970م.

(قبل ألفي سنة، وفي نفس المكان الذي تمثل فيه فصول مأساة وجيعة، تمثلت مأساة انتهت بصلب الإله الإنسان رأس الخليقة الجديدة. وكان ثالبيه أبناءُ جنسه الذين رفضوا أن يرتفعوا من الظلمة إلى النور، ومن العبودية إلى الحرية، ومن أبناء الموت إلى أبناء الحياة في الملكوت السماوي.

حاول آدم الجديد أن يُفتح بصيرة أمته الغارقة في وادي الموت وظلاله على عالم الملكوت، وأن يشدها بالمحبة إلى أحضان أبيه، وأن يجعل منها خميرة تخُمر الإنسانية بخميرة الحياة الخالدة، فأبت وعلقته فوق خشبة الصليب.

من الصليب يبتدئ تاريخ الإنسان الجديد، وبالصليب يطوى تاريخ العهد القديم بناموسه وكهنوته وذبائحه وهيكله وشعبه المختار لتحل محلها آفاق جديدة، ورؤى جديدة، وإنسانية جديدة مرتبطة بالصليب الباب الأزلي للملكوت السماوي.

هذه المسأة التي تمثلت في الزمان والمكان، وفي تاريخ معلوم، تعود اليوم ليمثلها نفس الشعب في ذات المكان، وبشعب آمن بمقدساته وربما ترمز إليه هذه المقدسات وبرسالته في المحبة والحرية والعدل والإخاء وحسن الضيافة وتمسكه بكل القيم الإنسانية التي تفرضها الأديان السماوية.

فكأن التاريخ يعود بنا إلى الوراء، من خلال هذه المأساة، ليرينا عملية صلب جديدة يمثلها اليهود بأبناء فلسطين، على مرآى من العالم ومسامعه، دون أن يتحرك له وجدان ودون أن يثير ما يحدث في أرض المسيح والأنبياء أي شعور يشير إلى أن هناك من يقدس الحق ويتحسس به وينتصر له، وهذا شيئ يتنافى كلياً مع الحقيقة المسيحية ورسالتها.

من مستلزمات الوجدان المسيحي، المحبة والرحمة، ومناصرة المظلومين والمضطهدين، والمعذبين والمشردين والمسببين، وعليه يمكن أن يكون المسيحي أينما كان ملتزماً حتماً بالقضية الفلسطينية التزاماً خلافاً يفرض عليه الجهاد في إثارة قلوب وعقول أولئك الذين يعيشون على هامش الحقيقة المسيحية.

لقد جئتم إلينا أيها الأخوة الأعزاء لتسمعوا ما سنقوله لكم حول هذا الموضوع.

في نظري إن الموضوع واضح وبسيط وإن المسيحية كلها تجد نفسها أمام إنسان مطروح على قارعة الطريق، يجوع ويعرى، ولا مكان يسند إليه رأسه، مثخنة الجراح وتدمي أقدامه الأشواك، يعيش في الخيام، معرضاً للبرد والحر والصقيع، يمد يده مستجدياً أكف المحسنين، وهو الذي عاش في أرضه قانعاً راضياً بما قسمه الله له، ما فكر أن يطرد إنساناً من أراضه، ولا منع لقمة العيش عن قريبه وعدوه، ولا قفل باب بيته في وجه غريب، فما هو موقف المسيحية من هذا الإنسان؟ أين هو السامري، أين هو الفندق، أين هو صاحب الفندق ليعني بهذا الجريح الملقى على قارعة الطريق؟

إن مسيحية الغرب تقف من القضية الفلسطينية موقفاً سلبياً، إما لأنها تجهل حقيقة هذه القضية وإما لأنها تحمل عنها فكرة خاطئة بسبب تصوير خاطئ عرضه المستعمرون وأصحاب المطامع والاغراض بالإضافة إلى التضليل الإعلامي الذي يقوم به اليهود في أنحاء العالم بغيه تشويه الحقيقة والانسلال إلى النفس المسيحية الأوربية، لتجمدها وتبقيها خارج نطاق الاهتمام المسيحي بقضية إنسانية كبرى.

لذلك يبدو لي أن هذا المؤتمر الذي تناديتم لعقده في هذه الأرض العربيةن لدليل على أن الوجدان المسيحي أخذ يستيقظ في الغرب على قضية تستحق ان يتجند لها كل العالم المسيحين كما يتجند لها المسلمون والمسيحيون العرب لتحرير الحضارة الإنسانية من العنصرية البغيضة، والتسلط البشع على حساب حرية الشعوب وحقهم وكرامتهم.

ولو سألنا ما هي الأهداف الدينية للصهيونية في فلسطين؟ الجواب واضح ومعروف والصهيونية تستهدف القضاء على الديانات السماوية لسيطرة عالمية.

فنأمل من مؤتمركم هذا أن يكون نقطة تحول في التفكير المسيحي الغربي، وبذلك تخدمون المسيحية الغربية، وتضعونها في الخط التاريخي الصحيح، وتجعلونها بصيرة لحق واضح  كالشمس، وهكذا تتم إرادة المسيحي، كما نتمنى أن تكونوا جميعكم شهوداً للحق المحرر، وعاملين على توطيد دعائمه في العالم، وبذلك ترتفع راية السلام ويزداد سلطانه في كل مكان، وهكذا تكونون أبناء الملكوت.

أيها المؤتمر الكريم إن انتصاركم لقضية فلسطين هو بدء لشعوركم العميق بالخطر المحدق بالمسيحية، ولو انتصرت الصهيونية في الأراضي المقدسة، إن انتصار الصهيونية يعني سيطرة الظلم وموت الحق. ومتى مات الحق وحكم الظلم فقد مات العالم وعاد إلى يهوديته يحمل الصلبان يرفع فوقها أبناء الحق ولا لن يكون هذا مادمنا نؤمن بالحق ونعمل من أجل سيادته في العالم، مبتغين تحقيق ملكوت المسيح.

فلسطين لنا وستبقى، مادمنا نؤمن بحقنا وندافع بأرواحنا عنه).

المصدر
مجلة النور، العدد 4 – 5 أيار وحزيران عام 1970م،صـ 183



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى