قضايا
تعيين عبد الحكيم عامر حاكماً في سورية 1959
تعيين عبد الحكيم عامر حاكماً في سورية 1959
الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية في سورية قبيل تعيين عبد الحكيم عامر:
كانت الأوضاع الاقتصادية في عام 1959 ولاسيما بعد انتهاء الموسم الزراعي تسير من سيء إلى أسوأ، ويعود هذا إلى عدة أسباب أهمها:
1- رداءة المواسم في ذلك العام والجفاف.
2- إغلاق الحدود العراقية والسعودية والأردنية بوجه البضائع والمنتجات السورية، ما دفع بعض المعامل في دمشق وحلب إلى تسريح عمالها لعدم تصريف صناعتها.
3- منع استيراد العديد من البضائع وإغراق السوق في سورية ببعض السلع التي صنعت في مصر.
4- تباين الفرق بين سعر العملة اللبنانية والسورية.
5- ازدياد عمليات تهريب الأموال خارج سورية، وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية، ولجوء التجار والمواطنين إلى اقتناء الجنيه.
6- توسع عمليات بنك مصر وبنك القاهرة في سورية، وتقنينهم رخص الصناعة بالنسبة للسوريين وجعل صلاحيات منح الرخص من اختصاص الوزارة المركزية في القاهرة، وتعيين أمين عام مصري لوزارة الصناعة التنفيذية يتمتع بصلاحيات واسعة جداً فاقت صلاحيات الوزير التنفيذي.
يذكر أحمد عبد الكريم أن الناس بدأت في سورية على مختلف نزعاتهم يضيقون ذرعاً بهذه السياسة وأخذوا يهاجمون المصريين ويوجهون الانتقادات اللاذعة للوزراء السوريين الذين يسكتون على مثل هذا التصرفات والسياسات التي صارت توصف بعبارة :”التمصير”، واتجه الرأي العام نحو اتهام الوزراء السوريين بالتآمر على مصلحة الشعب السوري والسكوت على انحراف الوحدة وتحولها إلى تسلط مصري وتبعية سورية..
وانصب غضب الرأي العام على الوزراء العسكريين والبعثيين بالذات لأنهم يشكلون الأكثرية في الحكومتين المركزية والتنفيذية.
ويضيف: (أصبحت أحاديث المواطنين تتناول الوحدة والرئيس عبد الناصر بالنقد اللاذع)(1).
عبد الحكيم عامر نائباً للرئيس عبد الناصر في الإقليم الشمالي – سورية:
أصدر الرئيس جمال عبد الناصر في الحادي والعشرين من تشرين الأول عام 1959 ثلاثة قرارات جمهورية تقضي بتعيين المشير عبد الحكيم عامر حاكماً على سورية مزوداً بصلاحيات رئيس الجمهورية، ويقضي القرار بتولي المشير عامر الإشراف على تنظيم الاتحاد القومي في الإقليم السوري.
أما القرار الثاني فيقضي بالإشراف على السياسة العامة ومراقبة تنفيذ جميع القرارات التي تصدر لتدعيم الوحدة بين الإقليمين، وأن يكون مسؤولاً عن ذلك أمام رئيس الجمهورية، وعلى إصدار القرارات والأوامر التي تدخل في اختصاص رئيس الجمهورية، وذلك بموجب القوانين والقرارات النافذة في الإقليم السوري.
ويقضي أيصاً اعتماد برامج المشروعات اللازمة للإقليم السوري في حدود الإعتمادات المدرجة لها في الميزانية ومتابعة تنفيذها، والنظر في توصيات المجلس التنفيذي السوري، وفي مشروعات القوانين وكذلك في الميزانية المقترح تنفيذها في الإقليم السوري قبل عرضها على رئيس الجمهورية.
كما يقضي القرار الثاني أيضاً بالإشراف على كل ما يتعلق بتنظيم المصالح والإدارات والهيئات والمؤسسات في الإقليم السوري ويكون الوزراء التنفيذيون في الإقليم مسؤولين أمام المشير في كل ما يتعلق بتنفيذ هذا القرار الذي يوضع موضع التنفيذ.
أما القرار الثالث فيقضي بربط مديرية الدعاية والأنباء في الإقليم الشمالي – سورية بوزير الداخلية ورئيس المخابرات السورية عبد الحميد السراج بينما كانت في السابق مرتبطة مباشرة برئيس الجمهورية.
وصول المشير عامر إلى سورية:
وصل المشير عبد الحكيم عامر إلى اللاذقية فجأة قبيل صدور قرارات تعيينه، ثم قام بجولات على أغلب قطعات الجيش، واجتمع مع القيادات، وألقى خطباً مطولة على أفراد الجيش(2).
الموقف الأهلي في سورية من قرار التعيين:
كان لقرار التعيين صدى عميق لدى شريحة واسعة من المواطنين في سورية، وذلك للأسباب التالية:
1- اعتقادهم بأن نفوذ عبد الحميد السراج والقبضة الأمنية سوف يتقلص، وأن تعاطي السياسة المصرية سوف تتغير.
2- زوال سلطة العديد من القيادات السورية والبعثيين الذين جعلتهم الدعاية المصرية مسؤولين عن كافة أخطاء الوحدة في سورية.
3- الصلاحيات الواسعة التي أعطيت للمشير مما يسهل سير الأمور ويسرع في حل الكثير من المشكلات ولاسيما الاقتصادية والإدارية منها.
4- اعتقاد الناس بأن شخصية المشير عامر سوف تكون الشخصية الثانية بعد عبد الناصر، وأن إطلاق يده في سورية معناه إزاحة الستار نهائية عن الحكم المباشر من القاهرة.
من جانب آخر عارضت شريحة أخرى من المواطنين قرار التعيين منذ صدروه، واعتبروه أنه يكشف عن سياسة التمصير ويتجاهل عواطف ومشاعر السوريين بتسلط المصريين عليهم. وصارت هذه الشريحة الواسعة في سورية تلقب المشير عامر بـ “المفوض السامي”(3).
الموقف العربي:
الموقف في العراق من التعيين:
هاجمت الصحافة تعيين المشير حاكماً في سورية وعدت أنه قرار تعيين ديكتاتور في سورية، لتخفيف حدة التذمر، ولمعالجة الأزمة التي تعيش فيها سورية، ومحاولة “جديدة لرأب الصدع الذي أصاب الكتف الشمالي من الجمهورية العربية المتحدة”(4).
(1) عبد الكريم (أحمد)، أضواء على تجربة الوحدة، دمشق، الطبعة الثانية عام 1991م. صـ 189.
(2) الحوراني (أكرم)، مذكرات أكرم الحوراني، الجزء الرابع، صـ 2937.
(3) عبد الكريم (أحمد)، أضواء على تجربة الوحدة، دمشق، الطبعة الثانية عام 1991م. صـ 190.
(4) صحيفة 1959- عبد الناصر يعين عبد الحكيم عامر دكتاتوراً في سورية
انظر:
صحيفة 1959 – سلطات واسعة لـ عبد الحكيم عامر في سورية
صحيفة 1959- عبد الناصر يعين عبد الحكيم عامر دكتاتوراً في سورية