You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة وزير المعارف نصوحي البخاري في المهرجان الألفي لأبي العلاء المعري 1944م

كلمة وزير المعارف نصوحي البخاري في المهرجان الألفي لأبي العلاء المعري في دمشق في الخامس والعشرين من أيلول 1944م

نص الكلمة:

منذ عشرة قرون خلت شهدت معرة النعمان مولد أبنها البار أبي العلاء فما كانت لتعلم أو لتحكم أن هذا المولود سيكون له شأن كبير في عالم الشعر والحكمة، وفي دنيا الأدب، وأن قصائده سيرتلها كل لسان ينطق بلغة القرآن، ولم يخطر لها على بال أن ضريحه سيصبح في مستقبل الأيام مزاراً لأعاظم الأداب وكبار الكتاب والبلغاء وفحول الفصحاء والشعراء يؤومونه ليضعوا على مرقده أكاليل من أزهر الشعر وفنون الأدب جادت بها عقولهم وطبائعهم وصاغتها قرائحهم الفياضة.

ساداتي: ودعت دمشق عيداً لتستقبل عيداً نثرت عليه روعتها ألف عام.

دمشق التي عرفت أمجاد بني أمية الأعظمين فاستعمت ربوعها إلى شعرائهم الميامين.

دمشق التي رددت جنبياتها أصداء مجالس الخلفاء وحفلت مغانيها بحلقات الأدباء ستزحف بمن اجتمع من أعاظم رجالات الأدب والعلم من كل قطر عربي  إلى مرقد أبي العلاء لتؤدي فروض التكريم والإجلال لروح هذا الفيلسوف الكبير إعترافاً بجميل الصنع وبيض الأيادي. (1).

إن تكريم العظماء في حياتهم والاحتفال بذكراهم وإقامة مهرجانات لهم بعد مماتهم سنة حسنة سنها السلف من أهل العقول الراجحة.

إن دمشق لترحب بجمهرة رجالات الأدب من الطراز الأول وتفخر لمور هذه النجوم في سمائها ومن رأى هذا اليوم البهيج بردى ونهيرات النيربين تصف بالرحيق، ومن رأى حور دمر والغوطتين تتمايل بالقدر الرشيق عرف أي تحية إكبار وإعجاب ترسلها دمشق إلى هؤلاء الضيوف الأخيار، وعرف أي عاطفة زهو وغبطة وخيلاء يبعثها هذا الحدث العظيم.

شرفتم ياسادتي لتشاطرونا الاحتفال بهذه الذكرى فأهلاً ومرحبا بالزوار، وأرض الكنانة والقادمين من بلاد الرافدين وعاصمة الرشيد، أهلاً بأعلام المشرق والمغرب ثم أهلاً فشكراً لكم، وللقائمين على هذا المهرجان التاريخي في ظل حضرة صاحب الفخامة الرئيس الأول وفي عهده الميمون تخفق له الأفئدة وترنو إليه العيون.

ساداتي الأكارم: ها هي ذي ألف عام تنقضى على سالة شبخ المعرة وهي عامرة في نفوس الناطقين بالضاد باقية لتضيئ سبل الأدب والحكمة خالد على وجه الدهر.

فهي خير ذخيرة لرواد الأدب تنير قرائحهم وتلهب شعورهم وتقصل عقولهم غذاها أو العلاء من روحه وقلبه ونور بصيرته ستحملون ياساداتي هذا المشعل العظيم الذي خلفه المعري- ومن أحرى منكم بهذا الشرق-من عاصمة بني أمية إلى مرقد ابن الوليد ومن مدينة أبي الفداء إلى مرقد المعري فحاضرة سيف الدولة ثم إلى الشاطئ السوري. وستشخص إليكم العروبة بأبصارها وتصيخ إلى كلمكم بأسماعها.

ساداتي: ما كان المعري يحفل بالتكريم في حياته، ولكنه واجب في أعناقنا نؤديه نحو الأجداد ودرس يفيد منه الأحفاد نحتفل بذكراه اليوم فالذكرى تنفع المؤمنين، وأي نفع عميم توحيه ذكرى الشيخ الحكيم.

إن ذكرى المعري توحي إلينا أموراً كثيرة من سياسية وإجتماعية وثقافية وترشدنا إلى نقائص عديدة نحن بحاجة ماسة إلى المبادرة لاستكمالها.

أما السياسة فلها أربابها يعالجونها بقدر ما تسمح لهم الظروف وحسبنما تقتضيه المصلحة. وأما الثاقفية فمن أجدر بها منكم فمعالجتها موكولة إليكم وفي ذمتكم وإيجاد الخلولالموفقة لها من خصائصكم. تنتظر الأمة منكم تعيين المناهج لوحدة الثقافة في الاقطار العربية ووضع المصطلحات العلمية والفنية وإيجاد معاحم لها على اختلاف أنواعها ورسم خطة رشيدة للآدب يمكن معها لجيلنا الحاضر أن يشق طريقه على نور هديها وغير ذلك.

كان الأدب ولا يزال القائد الأعلى المطاع في معارك الحرية وثبات الشعوب.

فيا أمراء البيان وأئمة لغة القرآن عليكم المعول في سد هذه الثلمات وإليكم المرجع في تدارك هذه الحاجات فالشباب متعطش إلى مآثركم الحميدة ومتشوق إلى نتائج مواهبكم المجيدة.

ساداتي:

لم يكن للمعري في حياته شغف في السياسة ولم يلتفت إليها بل كان منصرفاً بمجموعه إلى الآدب والشعر والفلسفة ولكن الأحداث والوقائع التي كانت تجري حوله لم يغب عنه أثرها ولم يكن مرتاحاُ إلى نتائجها وعواقبها.

كان يشعر بتفكك في عرى الوحدة العربية ويضعف في سلطان الخلافة والملك. فمن هذا الضعف والتفكك نشأت دويلات عديدة كانت إلباً على بعضها. هذا ما آثار نفس أبي العلاء الحساسة وألهب شعوره، فأرسل صيحته تدوي في الآفاق مردداً هذه الأبيات:

ولو أني حييت الخلد فرداً                       لما أحييت بالخلد أنفرادا

فلا هطلت على ولا بأرضي                      سحائب ليس تنتظم البلادا

هذه دروس ومواعظ ألقاها المعري على الناس وخلدها للأجيال القادمة فاستحق منها كل إجلال وتكريم واستحقت ذكراه التخليد والتأييد.

إن عيدنا الأكبر ياسادة: هو اليوم الذي تتحقق فيه أمنية هذا الشيخ الحكيم ألا وهي الوحدة العربية الشاملة. فيرحمك الله ياأبا العلاء رحمة واسعة ويجعل مقرك الجنان وسلام الله على روحك الأبية وسلام عليكم أجمعين

نصوحي البخاري


(1) المهرجان الألفي لأبي العلاء المعري، مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق، دار صادر –  بيروت، الطبعة الثانية عام 1994.صـ 15-16



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى