وثائق سوريا
رسالة وزير الدولة البريطاني المقيم في الشرق الأوسط حول استسلام ألمانيا عام 1945
أصدر فرع القاهرة لوزارة الاستعلامات البريطانية عدداً خاصاً من مجلة “أخبار الحرب والعالم” بمناسبة انتصار الحلفاء في أوربا أصدره السر “إدوارد جريج” برسالة وجهها وزير الدولة البريطاني المقيم في الشرق الأوسط إلى مجلة “أخبار الحرب والعالم”:
(جدير بنا اليوم أن نحمد الله عز وجل على انتهاء مرحلة من مراحل حرب طويلة مرة – إلا أنها – عادلة ضرورية- حرب قوات المدنية ضد قوات البربرية والرجعية والاضطهاد.
وإني اختار هذه اللحظة التي ككل استسلام ألمانيا بدون قيد أو شرط أسلحتنا بالنصر لأوجه رسالة إلى قراء مجلة “أخبار الحرب والعالم”.
هددت النازية تقاليد الدين العريقة والحضارة في الشرق الأوسط كما هددتها في كل مكان وقد مرت أيام كان الخطر فيها على أبواب دياركم.
ومن المحتمل أن يعد مؤرخو المستقبل معركة “العلمين” نقطة التحول في هذا الصراع الهائل.
وبدت المنطقة الواقعة في شرق البحر المتوسط في خلال هذه الحرب كما بدت في الحرب الماضية كمركز بصدر عنه في تاريخ العالم.
ويحق الآن لشعوب بريطانيا العظمى أن تتبادل عبارات التهاني مع شعوب الشرق الأوسط بعدما أزيلت هذه الغمامة الكثيفة الداكنة من سماء أوربا والشرق الأوسط من سماء جميع المنطقة التي تعود على أسس مدينتها وحضارتها إلى الديانات العظيمة التي اتخذت مدن هذه البلاد مهداً لها.
إن هذه المرحلة التي انتهت هي كما قلت مرحلة واحدة فقط من مراحل هذه الحرب، وقد يبدو العدو الياباني أكثر بعداً عنا من العدو الألماني، ولكن لو أتيح لهذا الياباني شق طريقه إلى الشرق الأوسط لكان الشرق الأوسط هدفه الثاني ولأقلعت سفن أسطوله إلى السواحل العربية والأفريقية وسيحتفظ الشرق الأوسط بموقعه الحيوي الخطير كقاعدة للتنظيم ومركز للتموين في الحرب ضد هذا العدو الذي لا يقل عن الهتلرية شراً ووحشية وبغياً.
ولابد أن يأتي اليوم الذي يقهر فيه العدو الياباني كما قهر العدو الألماني وآملي أن لا يطول انتظارنا لهذا اليوم وعندها سنكون أحراراً لا شاغل لنا فنوجه جميع جهودنا وخبرتنا بالحضارة التي قويت وتعززت في هذه الحرب إلى مهام السلم والتعمير والإنشاء.
وبعد أن يتم لنا قهر أعدئنا المشتركين نهائياً يصبح في غير حاجة إلى الإضطلاع بكثير من الأعباء والواجبات الضرورية الفنية التي كنا نضطلع بها في هذه الحرب.
إلا أننا سنكون في حاجة إلى التعاون إذا شئنا أن نأمل في بلوغ هدف الحريات الأربعا ولن يمكن لأي بلد كان أو منطقة تجاهل المصالح العالمية التي ترتبط بها مصالحها ارتباطاً وثيقاً كثير التعقيد والتشابك.
ولهذا فلتواصل بلدان الشرق الأوسط سعيها في تعزيز الروابط فيما بينها ولتستعد بما نالته من قوة للانضمام إلى بريطانيا العظمى والأمم المتحدة في تشييد صرح نظام عالمي للأمن والسلام والرخاء.