You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة عبد الحميد الزهراوي في الجلسة الأولى للمؤتمر العربي في باريس عام 1913

كلمة عبد الحميد الزهراوي في الجلسة الأولى للمؤتمر العربي الذي عقد في باريس ما بين الثامن عشر والثالث والعشرين من حزيران عام 1913م(1).


أيها السادة،

أبدأ كلامي بشكر الفاطر سبحانه وتعالى على جمع الكلمة وربط القلوب ثم أشكر جميع الذين وازروا فكرنا من إخواننا المقيمين في سورية والعراق والمهاجرين في مصر وأوربا وأميركا، ولا أدخل في الموضوع قبل إعلان الشكر لهذه البلاد التي أكرم مفكروها وفادتنا وفي بلدها عقدنا هذا الاجتماع الذي كان يتعسر عقد مثله في بلادنا في هذه الظروف.

وأنا في غنى عن بيان أننا مضطرون إلى عقد اجتماعات مثل هذا لتكثر بيننا أسباب التفاهم والتعاون على ما فيه صلاح البلاد التي تجمعنا جامعتها فإنكم كلكم تعلمون ما وصلنا إليه من نتائج الإهمال والتباعد عن المسائل العمومية وإنما عليّ أن أبين أن بذور الاهتمام والتعاون بالمسائل العمومية قد نبتت ومن نباتها هذا المؤتمر الذي كان أول من فكر فيه شبان يقيمون في باريس مؤقتاً وكلهم من أسر محترمة شهيرة في بلاد مختلفة من سوريا ثم وقعت فكرتهم هذه موقع الاستحسان عند كثيرين من رجال البلاد فوازروهم على فكرتهم وأحبوا تنميتها. وعلى هذا المقصد أحبت “لجنة اللامركزية العليا في مصر” تلبية لجنة المؤتمر التي في باريس فندبتني وحضرة الفاضل القانوني الشهير إسكندر بك عمون للاشتراك فيه.

وعلى هذا المقصد نفسه كانت موافقتي وموافقة حضرة رفيقي وكذلك الوفد المحترم الموفد من بيروت للسعي في تنفيذ الإصلاحات التي أجمعت بيروت على طلبها.  قد أحبوا أيضاً الاشتراك في المؤتمر لتنمية ذلك الإحساس الذي أشرنا إليه.

وغير محتاج إلى الإيضاح أن الوفد البيروتي يعد من نخبة الرجال في ذلك الثغر العظيم في سوريا الذي كان أهله أسبق من غيرهم دائماً إلى بذل الهمم وإعلان صوت الحياة في كل أمر عام.

وكنا نود أن نستغني في مثل هذا المقام عن مدح أهالي بيروت ووفدهم لأنهم مستغنون عن ذلك ولكن دعانا إلى هذا قول بعض الناس أن عاقدي المؤتمر أناس لا شأن لهم في البلاد، ولعلهم قالوا ذلك قبل أن يتبينوا حقيقة المؤتمر ولذلك لا نناقشهم الحساب على شيء استعجلوا فيه، وإنما نأمل أن تكون كلماتنا هذه كافية لتذكيرهم بفوائد التروي إذا دعا أحد إلى التفريق مهما كانت صفة ذلك الداعي وليعلموا أن العبودية للحكام أصبحت مستهجنة في ذوق هذا العصر فليحترموا أنفسهم في أعين أبنائهم وأحفادهم الذين يأبون كل الآباء أن يسيروا في طريق تلك العبودية وإنني لا أنسى في هذا المقام أن أقول: قد استحق الثناء رجال في الأستانة قد هزءوا بذلك التزلف وعدوه بارداً وفي غير وقته وضربوا به عرض الحائط ولم يعدوا المؤتمر شيئاً مذكوراً كما حاول أولئك الناس أن يصوّروه.

على أنه لا يجوز لنا أن نسرف في اعتقاد أن الذين استعجلوا تلك العجلة قد سيقوا إليها من جانب خارج عن ضمائرهم فإن تخالف الأفكار والآراء أمر شائع معروف وانا نقصر مؤاخذتنا إياهم على أنهم إياهم على أنهم قصروا في آداب المخالفة فلم يقتصروا على تفنيد فكرة عقد المؤتمر بل تجاوزوا إلى نيات أصحاب هذا الفكر فجرحوها وإلى حيثياتهم فطرحوها فلو أن هؤلاء الاخوان عمدوا إلى مقابلة هجومهم بمثل هذا السلاح لكانوا معذورين غير ملومين ولكني أنصحهم وأرجوهم أن يكونوا من مخففي الشرور في البلاد لا من موقدي نارها، وتخفيف الشرور يكون أحياناً كثيراً بالمسامحة.

أيها السادة، ان الفلك دائر وبدورانه يكبر الصغير ويهرم الكبير وتتحول الأحوال كلها ولا يبقى شيء على حاله أبداً فالإنسان في الحقيقة رهن الحوادث وتحولات الأحوال ولكن كما يتخذ الإنسان التدابير عند وقوع الواقعات الطبيعية كهبوب الريح مثلاً كذلك يستطيع بقدر الطاقة البشرية أن يتخذ تدابير بناء على الحوادث البشرية كانتباه الأفكار مثلا أو كرقادها فالشيء الذي يقال له سياسة هو ممارسة النظر في الحوادث من كل جهاتها ليكون التصرف على حسبها.

وقد جرت عادة رجال الحكومات أن يدَعوا انحصار هذه الممارسة فيهم وحدهم وكان الناس يسلمون لهم بهذه الدعوى وإذا عابهم عائب بالاستسلام المطلق للحاكم يقولون نحن لا نفهم السياسة وهم غافلون عن أنهم بقولهم هذا يوقعون صك الاعتراف بأن ليس لهم أن يناقشوا الحاكم في شيء ما، أما الغرب فقد تخلص من هذا العيب الذي كان البشر المتحضرون كلهم مشتركين فيه، وأما الشرق فلم يتخلص منه ولا يزال فيه كثيرون يجهلون أن للشعوب حق مناقشة الحكومات، ولكن يظهر أنه قد حان للشرق أن يمشي في المسائل السياسية والاجتماعية مشية أخيه.

الغرب اليوم مقتدى الشرق، ومهما أردنا أن نقول أنه يجب على الشرقي أن يحتاط فيما يريد أخذه من بدع الغرب فإننا لا نستطيع أن ننكر في أن عدم اقتباس الشرقيين شيئاً من وسائل حرية الغربيين فيه من الخطر أضعاف أضعاف ما في الجمود على الحالات المعهودة فالاقتباس لابد منه وبذلك يكون واجباً علينا الشكر لأساتذتنا الذين لم يبلغوا مكانتهم في الاجتماع والسياسة مجاناً، ولهذا رأيت أن أعلن في مقدمة خطبتي أننا سنعترف بالجميل دائماً وأننا سنحفظ لأروبا ذكرى ما نقتبسه منها كما حفظت هي ذكرى ما اقتبسته من أسلافنا.

أقول هذا باسم مفكري العرب الذين مازالوا جزءاً عظيماً في الشرق وهذا أقوله بمناسبة أن تربيتنا السياسية التي سأتكلم عنها الآن قد سبقنا الغربيون فيها، أولئك عرفوا كيف توضع أسس حقوق البشر وكيف تنال وكيف تسترخص النفوس في سبيلها فإن كان يوجد في أوربا أفراد لا يروقهم منا صوت الحياة  فليلوموا أوربا التي قدست الحرية كثيراً وعشقت تلاميذها بها وأن كان يوجد فيها من يستبعدون وصولنا في هذا السبيل إلى غاية فحسبنا منهم ان يتذكروا عصورهم السالفة، أما ان كان لنا في الشرق لائمون أو مستبعدون او مقاومون فإننا سنصبر في الوقوف أمامهم ورد هجماتهم، وما أنصار المبادئ بقليلين في الشرق والغرب بمقدار ما يصوره الجهل بالحقائق.

موضوعي هو تربيتنا السياسية ولست أدري هل يحسن صدور هذه العبارة من فم شرقي مازالت روح الحكم المطلق مالئة محيطه أم يعد منه ذلك جسارة في غير محلها.

أنا مستعد أن عدّ ذلك جسارة غير مستحسنة أن أفسر كلامي على وجه لا يلحقه معه انتقاد، ذلك أن لكل جماعة من الناس مهما كان شأنهم مصلحة يتفق جمهورهم عليها ومن مقتضاها أن يتخذوا تدابير لصونها وتنميتها ان أمكن، وبما أن للنوع الإنساني استعداداً عجيباً من أعرف مقتضياته الاجتماع وبه يتحول من حال إلى حال وبه يستطيع جماعته أن يجربوا التجارب بأنفسهم وأن تستفيد كل جماعة من تجارب غيرها- كان لنا الحق أن نقول اننا جماعة من الجماعات ولنا اشتراك فيما بيننا في مصالح عامة من مقتضاها أن نتخذ تدابير لصونها وتنميتها بقدر ما يتيسر.

وعلى هذا الأساس يكون من حقنا أن تكون لنا تربية سياسية لأنه قد جرب غيرنا وصحت نتيجة تلك التجارة عندنا أن الجماعات الذين لا تربية سياسية عندهم لا تثبت مصالح عامة لهم، وقد كان الأكثرون منا على جهل بهذه الحقيقة، ولكن توالي المصائب على البلاد بتوالي الزمان قد جعلهم يلمسون هذه الحقيقة باليد ولذلك كثر اليوم المائلون لمؤازرة المشتغلين بالسياسة بعد أن كانوا لا يذكرون.

الاشتغال بالسياسة معناه اتخاذ الوسائل لمساعدة الحكومة الصالحة لتحسين حالة البلاد أو مقاومة الحكومة التي تسوء معها حال الوطن.

ومن المسلم به عند العقلاء أن هذا العمل ضروري للمجتمع كغيره من الأعمال الضرورية له، ولكن كما أنه لا يتيسر لكل فرد أن يكون طبيباً أو مهندساً ولا ذلك من حاجة المجتمع أيضاً بل هو ضد حاجته، كذلك لا يتيسر لكل فرد أن يكون سياسياً ولا يحتاج المجتمع إلى هذا بل هو مناف لمصلحته، ولكن الامة التي يشيع فيها العلم تصبح عارفة أن الحكومة إنما وجدت لمصلحتها وأن من تمام الحكومة في وجود الحكومة أن يوجد في جوارها مراقبون من أبناء الأمة يساعدونها إذا صلحت ويقفون في وجهها إذا أخذت تفسد.

فهؤلاء المراقبون توجدهم طبيعية الاجتماع الراقي كما توجد سائر الأصناف التي تزدان بها الحضارة، والزمان هو الذي يميز الخبيث من الطيب بينهم كما يعرف بالطبيب الحاذق والطبيب الدجال، فإذا عرفت الأمة في طول الزمن صدقاً في عزائم بعض هؤلاء الذين وقفوا أنفسهم للاشتغال بالسياسة على الوجه الذي ذكرناه كان على الأمة أن تكون مظاهرة لهم وحينئذ تكون فائدتها كبيرة من وجود أمثالهم.

ومن هذا الشرح يفهم أن من الضروري شيوع روح المراقبة في الأمة وأن لم يشتغل كل أفرادها بالسياسة فإن الحاكم إما أن يكون محكوماً لنفسه، ومن شأن النفوس الطغيان والجموح غالباً مالم تعرف أن هناك كابحاً لها، وإما أن يكون مع تغلبه على نفسه عاجزاً وحده عن كبح جماح بعض المفسدين ومحتاجاً إلى مظاهرات من الأمة، وفي كلتا الحالتين تخسر الأمة اذا تركته وحده والتهى كل واحد من جميع أفرادها بشأن من شؤونه غير معط من وقت ولا ساعة واحدة للاهتمام بالروابط والمصالح العامة، فالتربية السياسية من حيث هي إنما هي إذاعة هذه الحقائق في الأمة وايصالها إلى نفوس الأفراد من ألطف الطرق وأوضحها.

ومعلوم أنه شاع منذ القديم قول ابن الوردى:

ان نصف الناس أعداء لمن    ولي الأحكام، هذا ان عدل

فليت شعري اذا كان هذا مقتضى طبع الناس مع الحكومات في حال عدلها فكيف يكون حالهم إذا كانت ظالمة؟

إنهم يكونون كلهم أعداءها الا أذنابها المنتفعين بوجودها والذين يخشون فوات المنفعة بزوالها. وإذا كان غالب أحوال الحكومات الخالية من روح المراقبة أن تكون ظالمة أو عاجزة، والظلم يرافق العجز، كان من مقتضى ذلك أن تكون شعوبها أعداءها فما الذي ينتظر حينئذ؟ أليس العقل السليم بقاض أنه لا ينتظر حينئذ إلا سقوط تلك الحكومة بطبيعتها رويداً رويداً أو تمادي الشقاء واستمراره في بلادها.

قد يقال أن الأمة التي تفقد منها روح المراقبة ويلتهي كل فرد من جميع أفرادها بشأن من شؤونه يصبح الناس فيها متمرنين على الصبر ويفقد منهم الإحساس بالتدريج فيصبحون لا يبالون بالشقاء، وقد يستعين كثير منهم على مداواة شقائهم بالتوصل إلى نعم يستدرونها من الحكومة.

ولهذا يكثر أذناب الحكومة في الأمم التي ذلك شأنها وهي تستعين بهم على اماتة كل ما قد يلبث من الشعور للحياة، فاذا وصلت الأمم إلى هذه الدرجة لا يبقى من معنى ولا من تأثير للتربية السياسية فيها، ولا ينبغي للعقلاء حينئذ أن يشتغلوا بالعبث في طلب حياة لجسم سكن نبضه سكوناً قطعياً.

وأنا أقول أن كل هذا صحيح ولكن من موجبات الشكر أننا معشر العرب في البلاد العثمانية لم نبلغ هذه الدرجة ومعاذ الله أن يكون قولي هذا مجرداً من الدليل بل دليلي حاضر، وذلك أننا في هذه المملكة فريقان: قاطن قرب سواحل البحر المتوسط وقرب سواحل البحر الأحمر وقرب سواحل الخليج الفارسي، وفريق قاطن في الداخل بعيداً عن السواحل، فالفريق القريب من السواحل أكثر احتكاكاً بالحضارة وأخذاً بالعلوم العصرية، وقد كان يقوم افراد منه دائماً يرفعون صوت الحياة ويواجهون الظلم بالقوة والاحتقار وكثيراً ما احتاجت الحكومة إلى سوق جيوش لتسكين ما كان ينمو أحياناً من مظاهر مقاومة الحيف.

وأما الفريق البعيد عن السواحل فإنه كان دائماً يعوض قلة نصيبه في الحضارة من كثرة محافظته على عزته وحيزه ومع قلة ذلك النصيب من الحضارة لم يجهلوا أن يقيموا إمارات قد يعجب الناس من أن الحقوق فيها مضمونة والطرق مأمونة أكثر مما هي في البلاد المتذبذبة التي تحكمها حكومات ساقطة مريضة.

وأرجو أن لا يفهم أحد من تخصيصي بهذا الوصف العرب الذين هم في المملكة العثمانية أني أريد الحك من غيرهم، كلا بل الإنسان دائماً ينبغي له أن يتكلم فيما هو أكثر معرفة بل ولا يجوز أن يخوض فيما يجهله جهلاً تاماً، وعندي أن الحياة التي برهنت على وجود أثرها في العرب العثمانية جديرة أن تفرح إخوانهم الآخرين من أبناء هذه الدولة إذا كانوا يقولون بوجود اخاء، أما إذا أنكروا هذا الإخاء فليقولوا حينئذ ما يشاؤون في حياة العرب، على أننا لا ننكر حرصنا على عدم التطرف منا ومنهم.

من هذا المحل أنا مضطر أن أعمق في الموضوع قليلاً بصراحة فأقول: أن العرب كانوا قد ألفوا الترك وهؤلاء قد ألفوا الترك وامتزج الفريقان امتزاجاً عظيماً فيما مضى عليه أكثر من عشرة قرون ولكن كما مزجت بينهم السياسة فرقت بينهم السياسة ولم يبق من ذلك الامتزاج القديم إلا رابطة بين بعض العرب وبعض الترك هم الترك العثمانيون وهذه الرابطة لا تزال تعد ثمينة عند الترك العثمانيين والعرب العثمانيين معاً، ولكنها مع عزتها في نفوس الفريقين قد أصبحت مهددة بالسياسة أكثر مما كانت مهددة من قبل، ومعلوم أن السياسة في هذه المملكة كانت حتى اليوم بيد الترك ولذلك تعرفها أوربا بأنها حكومة الترك.

فلما رأى العرب الآن ما وصلت إليه هذه المملكة بتلك السياسة التي مضى العمل عليها حتى االآن وكانوا حريصين على البقية الباقية من تلك الرابطة تنبهوا إلى واجب عظيم كان الترك والعرب جميعاً غير مهتمين به كما ينبغي وهو وجوب اشتراك الفريقين بسياسة البلاد فإنه قد تبين واضحاً أنه لا العرب انتفعوا ببراءتهم من ذنب إضاعة البلاد ولا الترك انتفعوا بتحملهم وحدهم تبعة ذلك العبء الثقيل.

بديهي أن هذا الاشتراك  لا ينافي الإخاء بل الذي ينافي الاخاء هو عدم الاشتراك، فأساس تربيتنا السياسية بعد الآن بث هذه الفكرة والتعصب لها وقد وجدنا اللامركزية من خير الوسائل لظهور أثر هذا الاشتراك خارج العاصمة، أما في العاصمة فلا يجهل إخواننا كيفية الاشتراك بإدارة السياسة فيها ولا يحتاجون فيها إلى شروح وايضاحات، وهكذا نود أن تنمو هذه الفكرة عند كل عثماني لأن الأرمن والكرد مثلاً لسان حالهم كلسان حالنا أيضاً ومعلوم أن الذين يميلون إلى هذه الفكرة من الترك أيضا ليسوا بقليلين لكننا آملون أن يكونوا قد زادوا في هذه الأيام زيادة عظيمة وبهذا يقع التصالح فيما بينهم أنفسهم فإنه يهمنا كذلك أن لا يكونوا منقسمين هذا الإنقسام الحاضر المعلوم لأنهم إذا ظلوا على هذا الإنقسام الهائل نخشى أن يدوم بسببه انفجار بركان الفتن كما نخشى أن يؤدي ذلك إلى إنقسامنا الذي لا ننكر أننا تعبنا كثيراً في تخفيفه.

فالذي نريد الآن تنميته وتربيته في القلوب هو الميل إلى التأليف مهما وجدنا إلى ذلك سبيلاً ولا نعتقد أننا أكرم من غيرنا وأغير على المصلحة العامة من سوانا ولذلك ان في نفوسنا أملاً قوياً بأن نسمع مثل هذا الصدى من إخواننا.

وسيعلم الذين لا سياسة لهم الا التعلق بأذناب الحكام ما داموا حكاماً كيف تكون نتائج الإخلاص للوطن وبذل الراحة في سبيله ويتبين لهم أننا ماجئنا أوربا التي هي مطلع نور أساتذة العالم لنطلب منها أن تزيد في ممالكها الواسعة رقعة جديدة فإننا أعقل من أن نحمل أنفسنا هذه المهمة الفضولية وأوربا أعقل من أن تحتاج في أعمالها إلى أمثالنا وإنما جئنا أوربا ونريد أن يجيئها كثيرون منا لتكبر عقولنا وهممنا برؤية آثار العقول والهمم، جئنا أوربا ليزداد علمنا في حضارتنا وأساليب اجتماعها الراقي. وإذا نجحنا في أن نزيد حبة واحدة فيما تعرفة أوربا عنا أو أن تصحح بعض الخطأ في حقنا فذلك حظ عظيم.

نعم سيعلم الذين لا سياسة لهم الا ما وصفنا آنفاً أن أوربا ليست هي الغول وانما الغول سوء الإدارة وفساد السياسة ولو كانت أوربا هي الغول لما ساعدت دولتنا بشئ من الأشياء، أما الذين يعرفون مقدار ما ساعدتها به مائة سنة حتى الآن فإنهم يأسفون على الفرص التي ذهبت مع تلك المساعدات عبثاً ويتمنون أن تستفيد الدولة بعد الآن من المساعدات الجديدة المرجوة.

وبديهي أن أول علامة من علامات الاستعداد للإصلاح الذي ستطلبه اوربا بالطبع هو ظهور الميل الحقيقي إلى قطع دابر الشغب في هذه المملكة، والعقلاء يعرفون جيداً أن السيف والمدفع لا يقدر أن على استئصال ما تبطنه القلوب أما الذي يفل ما في القلوب فإنما هي القلوب كما يفل الحديد الحديد، فلكي أستبقي قلبك لي ينبغي أن يحترمه قلبي، هذه قاعدة ينفعنا أن نسير عليها في الداخل والخارج ويضرنا عكسها كثيراً كما سبقت بذلك التجارب وما تجاربنا الماضية بقليلة.

أما إذا زعمنا كما يزعم كثيرون أن أول السياسة وآخرها الكذب وغفلنا عن أن كذبنا على أوربا هو ككذب الأطفال على الرجال القادرين الذين يضحكون منهم فإن آخرتنا في هذه السياسة كأولانا.

هذا أيها السادة ما ينبغي علينا أن ننبذه من المبادئ ويجب أن يكون أملنا عظيماً بمظاهرة الشعب الذي آن له أن يمل الأكاذيب، والسلام عليكم أيها السادة والاحترام لكم جميعاً.

انتهى خطاب عبد الحميد الزهراوي في الساعة الرابعة بعد ظهر ذلك اليوم. وأعلن أن الجلسة الثانية سوف تعقد في منتصف الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة العشرين من حزيران وأن خطباء تلك الجلسة: عبد الغني العريسي في “حقوق العرب في المملكة العثمانية”، وندره مطران حول :”حفظ الحياة الوطنية في البلاد العربية العثمانية”.


(1) المؤتمر العربي الأول المنعقد في القاعة الجغرافية بشارع سن جرمن في باريس، من 18 – 23 حزيران عام 1913م، اللجنة العليا لحزب اللامركزية القاهرة عام 1913م، صـ 31- 39



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى