وثائق سوريا
كلمة فيصل بن الحسين في المؤتمر السوري العام قبيل تتويجه عام 1920
كلمة فيصل بن الحسين في افتتاح المؤتمر السوري العام في السادس من آذار عام 1920
في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم السبت السادس من آذار التأم المؤتمر السوري العام في بهو النادي العربي. وبعد ربع ساعة وصل الأمير فيصل بن الحسين والشريف جميل، ثم قال الأمير فيصل أن كاتبه الخاص عوني عبد الهادي سوف يلقي خطبة الإفتتاح الرسمية، وهذا نصها:
أيها السادة:
في الوقت الذي قرب فيه يوم حل المسألة التركية حلاً نهائياً في مؤتمر الصلح رأيت أن أدعوكم مرة أخرى لتقرير مصير البلاد حسب رغائب الأهالي الذين رأوا فيكم الكفاءة للنيابة عنهم في مثل هذا الوقت العصيب.
فقد وعد مؤتمر السلم أن ينظر في رغبة الشعوب بل حتم على نفسه أن يقرر مستقبل كل أمة حسب إرادتها ورغائبها تحقيقاً للمبادئ السامية التي خاض لأجلها الحلفاء غمار الحرب الكبيرة.
فالرئيس ولسن ذكر في خطابه في”مرن فرنون” يوم 4 تموز سنة 1918 المادة الآتية: “كل مسألة أرضية كانت أم سياسية أم اقتصادية أم دولية يجب أن تحسم على واجب الأساسات المستندة على حرية ذي العلاقة رأساً بتلك المسألة لا على القواعد النفعية المادية أو المصالح التي يتطلبها شعب أو أمة أخرى لأجل تأمين نفوذها الخارجي أو سيادتها”.
وقد ذكر جميع رؤساء الحكومات المتحالفة أقوالاً لا تقل في معاني استقلال الشعوب عن أقوال الرئيس ولسن في هذا الصدد.
وقد نشرت حليفتنا إنكلترا وفرنسا منشوراً في 7 تشرين 1918 أكدتا لنا فيه استقلال بلاد العرب المنشود.
أيها السادة
لما كانت هذه الحرب حرباص حرية واستقلال، حرباً جاهدت فيها الأمم ذبا عن كيانها السياسي، دخل فيها صاحب الجلالة والدي المعظم في صفوف الحلفاء بعد أن استوثق من العرب في الجزيرة وفي سوريا وفي العراق فقاتلوا قتالاً شهد لهم فيه أعاظم رجال أوربا السياسيين والعسكريين وأثنوا على شجاعتهم وبسالتهم غاية الثناءن ولابد أن يحفظ التاريخ أعمالهم الجليلة في إبان الحرب التي استمات فيها الحجازي والسوري والعراقي، وإني واثق بأن الأمة العربية ستبذل من المغنم ما ناله من حلفائنا الذين نالوا الظفر على الأعداء.
إن هذا الظفر لم يكن عسكرياً فقط بل هو سياسي قبل كل شيئ لأنه انتصار الحق على القوة والحرية على الاستبداد، فقد انتشرت اليوم فكرة الاستقلال بين الشعوب وانقشعت على أفئدتها فلن تزول بعد الآن.
استحق العرب حريتهم بفضل الدم الطاهر الذي سفكوه وبفضل ما قاسوه من أنواع العذاب والقهر.
فالأمة العربية لا تقبل اليوم أن تستبعد كما أني اعتقد أنه ليس هنالك أمة تريد استعبادنا فرحلاتي الرسمية العديدة إلى أوربا والإجتماعات والكتابات التي جرت بيني وبين ساستها لم تبق في نفسي مجالاً للشبهة والتردد في نيات حكوماتها الحسنة.
أيها السادة
إننا لا نطلب من أوربا أن تمنحنا ما ليس لنا به حق بل نطلب منها أن تصدق على حقنا الصريح الذي اعترفت لنا به كأمة حية، حياة حرة واستقلالاً تاما، تود أن تعيش مع سائر الأمم المتمدنة على غاية من الولاء والمحبة الخالصة، فسياستنا في المستقبل ستكون سياسة سلم مبنية على الثقة المتقابلة، والمنافع المتبادلة، وبكلمة واحدة سياسة يتفق مع مصالح الأمة ومنفعة السلم العام.
فالعرب لا يستنكفون تبادل المنافع بينهم وبين الأمم المتمدنة ولا يرفضون صداقة من يريد صداقتهم على شريطة أن لا يمس ذلك بكرامتهم ولا يخل باستقلاله السياسي التام.
أيها السادة،
إن وظيفتكم اليوم خطيرة ومهمتكم كبيرة فأوربا تنظر إلينا عن كثب وستحكم لنا وعلينا بالنسبة إلى الخطة السياسية التي سنسير عليها والأعمال التي سنقوم بها في المستقبل.
فدولتنا الجديدة التي قام أساسها على وطنية أبنائها الكرام هي في حاجة اليوم إلى تقرير شكلها أولاً ووضع دستور لها يعين لكل – آمرنا ومأمورنا- حقوقه ووظائفه في حياتنا المستقلة التي أرجو أن يكون ملؤها الجد والعمل والإقدام.
وقبل أن أختم كلامي في هذه الجلسة الخالدة أريد أن أذكركم بأخوانكم العراقيين الذين جاهدوا معكم وأبلوا بلاء حسناً في سبيل الوطن وبالواجب الذي يتحتم علينا في أمر التضامن والتعاضد لنعيش حياة سعيدة قوية.
واقرؤكم السلام العربي الخالص متمنياً لكم التوفيق والنجاح في مساعيكم الوطنية والسلام عليكم.
انظر:
المؤتمر السوري العام (1919- 1920)
المؤتمر السوري العام – الدورة الأولى حزيران 1919م
المؤتمر السوري العام – الدورة الثانية تشرين الثاني 1919م
المؤتمر السوري العام – الدورة الثالثة آذار 1920م