من الصحافة
صحيفة 1919 – مصير سورية بين يدي فرنسا وبريطانيا
نشرت صحيفة لسان الحال في العدد الصادر في التاسع من أيلول افتتاحية تناولت فيها المباحثات حول المسألة السورية في مؤتمر الصلح.
عنوان الافتتاحية:
مصيرنا
نص الافتتاحية:
إن من يقرأ الأنباء البرقية في هذه الأيام ويمعن النظر في أقوال الصحف الأفرنجية الكبرى يرى أن المسألة السورية قد أوشكت أن توضع على بساط البحث وأن عقباتها قد أخذت تتذلل تباعاً مما يدل على أن حلها بات ميسوراً قريباً فلقد كان أول ما بشرتنا به تلك الأنباء ما اقترحوه من أن يناط حل مشكلتنا بالدولتين الفرنسوية والإنكليزية دون المؤتمر وأن اللجنة الأميركية نفسها هي التي ارتأت هذا الرأي لانحصار مصالح بلادنا بهاتين الدولتين دون سواهما من دول المؤتمر ووقوفهما على حقيقة أحوالها فهما يستطيعان حل مشاكلها بأقرب مما يستطيع المؤتمر إذ لابد له من الرجوع إلى رأيهما.
ثم تولت الأنباء المختلفة وتناقشت التيمس والطان وعرضت الاقتراحات المختلفة فكان لها تأثير مختلف بيننا حسب اختلاف الميول والمشارب فقال بعضهم لا عبرة بهذه الأقوال لصدورها عن الجرائد ولعدم اصطباغها بصبغة رسمية وعدها آخرون قضية مسلمة وأمراً مبرماً لم يبق سبيل للجدال فيه وكلا الفريقين قد ركبا متن الغلو والشطط فإن مثل هذه الجرائد الكبرى التي هي لسان حال وزاراتها الخارجية لا ترسل الأقوال على سجيتها بل إنها ولاسيما في هذه المواقف الخطيرة قد تكون موعزاً إليها بما تقوله وتقترحه إما لتهيئة الأفكار لأمر يريدون تقريره وإما لعجم عود المعارضين وسير غورهم فيما سيعرض للمناقشات من أسباب الخلاف أو لغير ذلك من الأغراض فلا يجعل أن يضرب بأقوال مثل هذه الجرائد عرض الحائط أو يستخف النقض ولا الإبرام يعد من قبيل الغلو والاسترسال مع تيار العواطف إلى الجزم بأقوال لم تؤيدها المصادر الرسمية فما هي في الحقيقة غير مناظرات وهي قد تكون مبنية على أسس متينة ولكنها تبقى حتى يبت في أمرها عرضة للتغير والتعديل بما قد يطرأ على الحالة من التقلبات السياسية فلا يصح أن يعتبرها العاقلون أمراً مسلماً مقضياً.
على أن الذي يسرنا من جميع ذلك أن باب المناقشات في مصيرنا قد فتح وأن تكن الجرائد أول من ولجه فما ذلك غير مقدمة تدل على أن الخوض فيه رسمياً بات قريباً لأنه إذا صح ما روى عن اللجنة الأميركية من أنها اقترحت ان تخصص الدولتان بهذا المبحث دون المؤتمر كان دليلاً على أن المؤتمر لم يبق في حاجة إلى انتظار ما يقرره مجلس الشيوخ الأميركي بشأن الانتداب ليبحث في مسألتنا.
وهناك أمر آخر يدل على أن تقرير مصيرنا لا يطول وهو أن اقتراح اناطة الدولتين بتقريره يدل على انفصال مسألتنا عن المسألة التركية فقد كان المؤتمر ينتظر جواب مجلس الشيوخ ليقرر مسألة تركيا والبلاد المنسلخة عنها معاً وفي حين واحد فلما ظهرت تلك المشاكل الجديدة في الأناضول واستفحل خطب الثائرين فيه زادت المشكلة التركية تعقيداً وأدلهم ظلامها فأصبح حلها يقتضي الزمن البعيد وبات من الحيف اندماج المسألة السورية بها ولاسيما ان انسلاخها تقرر منذ الهدنة وهذا ما يبشر بأنهم سينظرون فيها على حدة ويقررونها في القريب العاجل.
وفي الختام نعود إلى ما بدأنا به هذا المقال وهو أن إعتبار اقوال تلك الجرائد الكبرى حجة مسلمة علو وان اعتبار أقوالها من سقط المتاع اغراق، ولكنه يستنتج من الحالتين أن مصيرنا سيقرر في القريب العاجل إن شاء الله وهذا كل ما نتمناه.