بدر الدين تلجبيني – التاريخ السوري المعاصر
مرّ على مدينة أعزاز مؤذنون ساحروا الأصوات والأداء. عطَّروا بأصواتهم الأجواء ، ودعوا إلى الصلاة صبح مساء، فكان لهم من الأجر والثواب الكثير، فنالوا من اهل المدينة الإحترام والتقدير .
ونبدأ حديثنا بالجامع العمري الكبير :
ففي عام 1930 كان الحاج إبراهيم عاشور (جدّ نجمي عاشور) مؤذناً في هذا الجامع . فكان يصعد إلى المئذنة خمس مرات في اليوم في الصيف والشتاء، من مطلع الفجر إلى عتمة العشاء، يتكبد في الصعود الى المئذنة المشقة والعناء، فلم يكن هناك في ذلك الوقت مكبِّرات صوت ولا كهرباء.
كان (الحاج ابراهيم) نحيف البنية قويُّ الصوت جميلُ الأداء ، فحين كان يؤذن يسمعه جميع سكان المدينة دون استثناء، لان الجو هاديء فلا ضجيج سيارات ولا (غوشة) غسالات وتلفزيونات، ويصل صوته الى مسامع اهل القرى القريبة عبر النسمات، واستلم من بعده مهمة الأذان في المسجد (الحاج جنيد عاشور) وظل حتى نهاية الأربعينات حيث استلم الأذان بعده (الحاج محمود فاضل ) وكان صوته لا يقل جمالية عن أصوات من سبقوه من المؤذنين الى درجة ان الكثيرين من عائلات الطائفة الأرمنية الذين كانوا يسكنون في مدينة أعزاز يصعدون إلى اسطحة المنازل عند صلاة الفجر من كل ليلة الجمعة ليستمتعوا بسماع صوت الحاج محمود الذي ظل يؤذن في المسجد حتى نهاية الخمسينات، وفي أخر عهده حضرت الكهرباء فزال عن المؤذنين التعب والعناء ، ولم يعد هناك من داع للصعود الى المئذنة والنداء ، بل أصبح الأذان من داخل غرفة صيف شتاء .
بعده استلم الأذان في المسجد (الحاج سليم الحياني) وكان صوته جميلاً ساحراً فكان يؤدي الأذان وفق طريقة (الشيخ عبد الباسط عبد الصمد) وقد حاول تقليده العديد من مؤذني مساجد اعزاز فأصبح صوته علامة فارقة مميزة في تاريخ الأذان في المدينة .وبعد انتقاله للاذان في جامع الجندي تناوب على الأذان في الجامع الكبير من بعده العديد من المؤذنين منهم :
(الشيخ فريد ـ محمد حشيش ـ أبو حميد بعاج (شبيب) – أبو نعسو الجمل ـ الشيخ وليد أحمد حنظل) واليوم يؤذن في المسجد (سليم حياني) حفيد الحاج سليم .
اما جامع الجندي :
فكان يؤذن فيه ( الشيخ عبد الله مصطفى التاجر) والد الشاعر الخطاط عبد الرزاق التاجر وقد انتقل الى مدينة اعزاز في أوائل الخمسينات قادماً من مدينة حلب حيث كان مؤذنا في جامع (بانقوسا) مع الشيخ (عبد الله حسكور) واستمر الشيخ عبد الله بالأذان في جامع الجندي لأكثر من اربعين عاما حتى عام 1987 حيث خلفه ( الشيخ فريد) ثم ( الحاج سليم الحياني) قادما من الجامع الكبير ، وانتقل الحاج سليم الى جامع الميتم فعاد الشيخ فريد الى الاذان في جامع الجندي تلاه ( أحمد الجزار ـ وقدور يورم ) الذي كان جميل الصوت يؤذن بنفس طريقة الحاج سليم الحياني .
أما في جامع الزيارة ( الشيخ طاهر ) :
وقد سمي بجامع الزيارة لأن فيه عدد من القبور القديمة ، ثم تحولت الزيارة الى مسجد صغير قام بالأذان فيه (الشيخ طاهر السعدي) وبمرور الزمن سمي الجامع باسمه، وخلف الشيخ طاهر في مهمة الأذان (الحاج زيدان هبطو) و(حنان كنجو)، و(عبد الباسط أبو حنان) ثم (شعبان الشريري وأحمد محمد بزارة) وغيرهم.
أما ( جامع النور) :
فقد اذّن فيه ( الحاج إسماعيل سعدو رحيم) و(حمود طالب شقيق العبسي) و (الحاج هورو الدكاني) ثم قام بالاذان فيه صوت جميل خبير بالمقامات هو (حسين الزكي أبو محمد) فكان صوته الرخيم يطرب السامعين، تلاه مؤذنون اخرون في فترات متفرقة ( جمعه نعسو الجمل ) و ( إبراهيم طه نحل) و( سعد حسانو) وغيرهم
جامع المحسنين:
كان يؤذن فيه ومنذ الخمسينات ( الشيخ علي النعيمي)، ثم خلفه في الأذان (الشيخ فريد) ثم (محمد الزيدي الضرير) ثم (محمد احمد حشيش) وظل يؤذن في الجامع حتى ما بعد عام 2010 .
أما جامع الميتم :
وحالما اكتمل بناؤه وتم افتتاحه عام 1985 دعت لجنة الجامع ( الحاج سليم الحياني ) الى استلام مهمة الأذان في المسجد وظل يؤذن فيه حتى عام 1996 حيث خلفه بعد ذلك المؤذّن ( أبو يحيى ) الذي استمر في الأذان حتى عام 2006 .
كانت هذه نبذة عن تاريخ الأذان في مدينة اعزاز لم اتطرق فيها الى ذكر المساجد الجديدة والمؤذنين الجدد لكونهم معروفين من قبل الكثير من اهالي المدينة.
انظر:
بدر الدين تلجبيني: زمن الطربوش في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: تجربَةُ عليّ والسينما في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: حلاّقون في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: رحلة الى السينما في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: دخول القوات الفرنسية إلى أعزاز عام 1920
بدر الدين تلجبيني: أيام شهر رمضان في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: نجارة المحاريث القديمة في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: حديث عن مدرسة ابن المقفع في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: السرايا الحكومية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: جولة في ليل أعزاز
بدر الدين تلجبيني: الزودة في قديم أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المولد النبوي الشريف في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: مقاهي أعزاز
بدر الدين تلجبيني: عيد الأضحى في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المصارعة الزيتية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: خان بيع الحبوب في أعزاز