من الصحافة
صحيفة 1949 – الجيش يقصي اللواء الحناوي عن رئاسة الأركان العامة
في صباح يوم الاثنين التاسع عشر من كانون الأول عام 1949 أعلن راديو دمشق بيان إنقلاب أديب الشيشكلي الأول او ما يعرف بحركة العقداء على سامي الحناوي رئيس الأركان العامة.
صحيفة ألف باء نشرت خبراً في عددها الصادر في اليوم الثاني للإنقلاب تناول فيه تفاصيل اليوم الأول للإنقلاب.
عنوان الخبر:
الجيش يقصي اللواء الحناوي عن رئاسة الأركان العامة
إرجاء قسم رئيس الدولة أمام الجمعية التأسيسية بسبب وعكة فخامته
الجيش يعلن أن الحادث لا يعدو نطاقه
نص الخبر:
وقع في الساعات المبكرة من صباح أمس الاثنين “19/12/1949″حادث داخلي مفاجئ قامت به قيادة اللواء الأول للجيش السوري استهدف تنحية اللواء سامي الحناوي رئيس أركان حرب الجيش السوري والدكتور أسعد طلس الأمين العام لوزارة الخارجية، وعديل اللواء الحناوي من منصبيهما. وقد سبب هذا الحادث رجة في العاصمة مالبثت أن هدأت عندما تبين للجمهور الأهداف الحقيقية التي رمى إليها القائمون بهذه الحركة. وقد عادت المدينة بعد الظهر، أو كادت إلى حالتها الطبيعية.
ونورد فيما يلي تفاصيل هذا الحادث:
إعتقال اللواء الحناوي
في الساعة الخامسة من صباح أمس كانت القوات المصفحة والدبابات والمشاة التابعة للواء الأول تخترق شوارع العاصمة لتصل إلى المراكز الرئيسية فيها لاحتلالها.
وذهبت قوة إلى دار اللواء سامي الحناوي فقرعت عليه الباب، وعندما أخذ بعضهم يقول له: لقد طوحت بالبلاد وبنظامها الجمهوري، قال: لا يهمني جمهورية ولا يهمني سجن إني نازل إليكم. ولبس ثيابه بسرعة ونزل إليهم فأركب في مصفحة قادته إلى مقر الأركان العامة ومنها إلى المستشفى العسكري بالمزة.
مقر الشرطة العسكرية والبنك:
وذهبت قوة أخرى لاحتلال الشرطة العسكرية فتمنع الحرس وبعض الجنود من الاستسلام فأطلقت عليهم المدفعية النار فجرح شرطيان واحتلت القوة المركز، كما جاءت قوة أخرى إلى المصرف السوري للمحافظة عليه فظن رجال الدرك هناك أن الجنود سيحتلون المصرف ليأخذوا أمواله فقاوموا فقتل أحدهم.
في منزل الدكتور طلس:
وفي هذه الأثناء كانت قوة عسكرية أخرى تذهب لدار الدكتور أسعد طلس لإلقاء القبض عليه، ولكن الدكتور طلس كان متغيباً في بيروت ثم اعتقل فيما بعد المقدم محمد معروف مدير الشرطة العسكرية، والمقدم محمود الرفاعي رئيس المكتب الثاني للأركان.
لم تعتقل شخصيات سياسية:
ودارت إشاعات عديدة حول إلقاء القبض على بعض الشخصيات السياسية ولكن شيئاً من هذا لم يحدث.
وقد احتلت القوات منطقة المرجة ومنع الموظفون والأشخاص من دخول الدوائر الرسمية.
وفي الساعة السابعة والدقيقة الخمسين كانت محطة إذاعة دمشق تذيع البلاغ التالي:
إلى الشعب السوري الآبي:
ثبت لدى الجيش أن رئيس الأركان العامة اللواء سامي الحناوي وعديله السيد أسعد طلس وبعض ممتهني السياسة في البلاد يتآمرون على سلامة الجيش وكيان البلاد ونظامها الجمهوري مع بعض الجهات الأجنبية.
وإن ضباط الجيش يعلمون هذا الأمر منذ بدايته وقد حاولوا بشتى الطرق بالإقناع تارة والتهديد الضمني تارة أخرى أن يحولوا دون إتمام المؤامرة وأن يقنعوا المتآمرين بالرجوع عن غيهم فلم يفلحوا.
فاضطر الجيش حرصاً على سلامته وسلامة البلاد وحفظاً على نظامها الجمهوري أن يقصي هؤلاء المتآمرين وليست للجيش أية غاية أخرى وأنه ليعلن أنه يترك أمر البلاد في أيدي رجالها الشرعيين ولا يتدخل إطلاقاً في القضايا السياسية اللهم إلا إذا كانت سلامة البلاد وكيانها تستدعيان ذلك.
العقيد أديب الشيشكلي
وقد كررت محطة الإذاعة هذا البلاغ عدة مرات وتوقفت في الساعة العاشرة عن الإذاعة.
الكيخيا عند الرئيس الأتاسي:
وفي الساعة الثامنة والنصف جاء ثلاثة ضباط من القائمين على الحركة الجديدة إلى فندق الأوريان بالاس وقابلوا دولة السيد رشدي الكيخيا رئيس الجمعية التأسيسية ومعالي الدكتور ناظم القدسي مقابلة استمرت زهاء ساعة من الزمن، ثم ذهب دولة السيد الكيخيا في سيارته ترافقه سيارة جيب عسكرية إلى نزل فخامة السيد هاشم الأتاسي رئيس الدولة، واجتمع معه زهاء ثلاثة أرباع الساعة.
النواب في القصر الجمهوري
وعقد اجتماع بعد ذلك في القصر الجمهوري حضره السادة ناظم القدسي وفيضي الأتاسي وسامي كبارة وفتح الله أسيون وحسن الحكيم ومحمد خير الحريري، فرحان الجندلي، مصطفى السباعي، محمد المبارك، صبحي العمري، زكي الخطيب، رئيف الملقي، عبد الرحمن العظم وغيرهم. وقد اجتمع ثلاثة ضباط بفخامة الرئيس الأتاسي مدة خمسة عشر دقيقة ثم انصرفوا.
كما زار دولة السيد خالد العظم فخامة الرئيس الأتاسي مدة عشرين دقيقة ثم عاد إلى داره.
هذا وأوضح الرئيسان الأتاسي والكيخيا إلى السادة أعضاء الجمعية التأسيسية تفصيلات الحركة واتجاه القائمين عليها في إبقاء الأمور تسير سيرها الطبيعي، ولهذا يطلب من أعضاء الجمعية تقديم ما يمكنهم لتأليف الوزارة المقبلة. ويقال أن اللواء سامي الحناوي قد طلب إحالته على التقاعد.
الحال هادئة في البلاد:
والمفهوم أن الجيش قد اعتبر الحادث حادثاً محلياً خاصاً به، وأنه سيحافظ على الأوضاع الدستورية القائمة في البلاد.
هذا وقد صرح سعادة المقدم أحمد العظم مدير الشرطة والأمن العام أن الحالة الآن مستتبة في جميع البلاد، ولم يحدث أي حادث وخلافاً لما أشيع فإن المواصلات بالداخل والخارج تسير سيراً طبيعياً.
الحالة في المدينة:
وقد سارت قاطرة الترام الأولى إلى المهاجرين في الساعة السابعة صباحاً ولكنها عادت إلى المخزن فوراً وفي الساعة العاشرة استأنفت قاطرات الترام سيرها كما سارت سيارات الركوب الكبرى من الصباح.
وقد عاد طلاب وطالبات أكثر المدارس إلى دورهم نظراً لتوقف التدريس واستطاع باعة الخضار في سوق الهال الوصول إلى محلاتهم ولكن بعض الانتهازيين منهم رفعوا أسعار الخضار، وقد كانت الدكاكين في أكثر أسواق المدينة فاتحة.