من الصحافة
صحيفة 1931- هاشم الأتاسي وتفاصيل المناقشات التي دارت في المجلس الاستشاري
صحيفة 1931- هاشم الأتاسي وتفاصيل المناقشات التي دارت في المجلس الاستشاري
في السابع من كانون الأول عام 1931م عقدت أول وآخر جلسة للمجلس الاستشاري الذي أحدث لتنفيذ القانون الأساسي في سورية بموجب قرار هنري بونسو المفوض السامي الفرنسي الذي أصدره في التاسع عشر من تشرين الثاني عام 1931م.
انعقد المجلس في بهو المشيرية بدمشق برئاسة هنري بونسو المفوض السامي الفرنسي.
طرحت في الجلسة عدة قضايا موضوعات تتناول الانتخابات التي كان يتم التحضير لها، وكانت أبرز قضية نالت القسط الأكبر من النقاش هو مقاطعة الكتلة الوطنية متمثلة برئيسها هاشم الأتاسي للمجلس الاستشاري وعدم حضوره حفل الافتتاح.
مراسل صحيفة لسان الحال والتي كانت قريبة من أوساط سلطات الانتداب الفرنسي نشرت خبراً في العدد الصادر في العاشر من كانون الأول عام 1931م.
تضمن الخبر تفاصيل عن تلك المناقشات استطاع مراسل الصحيفة الحصول عليها من عدة مصادر بالاضافة إلى مشاهداته الشخصية كمندوب عن الصحيفة في أعمال جلسة المجلس الاستشاري.
عنوان الخبر:
تفاصيل الأبحاث التي دارت في المجلس الاستشاري
سمو الداماد يقف موقفاً شريفاً أثار إعجاب الجميع
تسجيل وقائع الجلسة بناء على طلب الداماد
النص:
ما جرى في جلسة المجلس الاستشاري نقلاً عن مصدر:
(بعد أن ألقى العميد السامي بيانه المعلوم طرح على الأعضاء القرارين السادس والسابع والذي يتعلق الأول منهما بالانتخابات وموعدها ويتعلق الثاني بعدد نواب المجلس المقبل وتوزيع الكراسي على المناطق، فوافق المجتمعون عليهما بعد إبداء ملاحظات لابد منها.
وعلمت أيضاً من ذلك المصدر أن صاحب السمو الداماد أحمد نامي بك وقف موقفاً مشرفاً ولابدع فكل مواقف سموه تدعو للإعجاب والفخر، حيث قال مخاطباً فخامة العميد:
اقترح أن تضبط مذاكرات هذا المجلس في سجل خاص.
فاستدعى العميد أحد كتاب المندوبية لضبط وقائع الجلسة ثم تابع سمو الداماد حديثه، فقال:
ظهر من القرار الذي أذعتموه فخامتكم بإيجاد هذا المجلس الاستشاري أن دولة الرئيس هاشم بك الأتاسي عضو طبيعي في هذا المجلس فهل بإمكاننا أن نعلم ما هي الأسباب التي حدت بدولته لعدم الإشتراك في أعمال هذا المجلس؟
فأجابه العميد السامي بقوله:
لقد قمت بواجبي كرئيس لهذا المجلس ووجهت له صورة عن الدعوة التي وجهتها لجميع أعضاء هذا المجلس ثم أكدتها بدعوة أخرى حذراً من أن تكون الدعوة الأولى لم تصل إليه.
الدماد- إن فخامتكم تريدون القيام بعمل نهائي لحل الأزمة السورية وعلى هذا فإن كل قرار نتخذه هنا لا يمكن أن يكون معبراً عن رأي مجموع الأمة ولا مفضياً إلى حل المشكلة السورية لفقدان عنصر وطني قوي لا ممثل له هنا في هذا المجلس.
بونسو – ولكنكم كلكم وطنيون؟
الداماد- لم أعن الصفة يا فخامة العميد، وإنما عنيت الحزب المعروف بهذا الأسم “الكتلة الوطنية” والذي هو قوة عظيمة لا يمكن أن يستهان بها ومن رأيي أن يقوم مجلسنا بتأليف لجنة خاصة لمفاوضة دولة هاشم بك الأتاسي ومعرفة الأسباب التي أدت إلى عدم حضور دولته هذا الإجتماع والإشتراك بأعمال المجلس حتى إذا كانت هناك أسباب يمكن إزالتها بعمد التذرع بها.
بونسو- لقد عملت واجبي كرئيس لهذا المجلس ولا أستطيع أن افعل أكثر من ذلك.
الداماد – ولكن المجلس بواسطة اللجنة التي اقترح تأليفها هو الذي يقوم بما اقترحه.
وهذا ما قاله سمو الداماد وكان يتكلم بجرأته المعروفة ووطنيته الصادقة فأيد قوله الأستاذ مصطفى برمدا رئيس محكمة التمييز.
وهنا أنبرى صبحي بك بركات فقال:
إن للكتلة الوطنية مطالب تريد تحقيقها لدخول الانتخابات فإذا كانت ترى أن لابد من تحقيقها لدخول الانتخابات كان من الواجب أن يحضر هاشم بك الأتاسي هذه الجلسة ويبسط رأيه المعبر عن رأي أخوته أعضاء حزب الكتلة الوطنية فربما وجد بيننا من يؤيد هذه المطالب، ولكن دولة هاشم بك الأتاسي لم يرد الإشتراك معنا على ما يظهر- وتابع صبحي بك حديثه مؤيداً سمو الداماد فيما اقترحه.
الداماد- إني أصر على اقتراحي وأصرح بأن الانتخابات لا تكون حقيقية إذا لم يشترك فيها الوطنيون.
وقد دارت بعد ذلك مناقشة علمت أنها انتهت بأن طلب سمو الدماد تدوين أقواله في ضبط الجلسة.
ثم قام الشيخ تاج الدين أفندي الحسني فخطب مفتتحاً كلامه بامتداح المسيو بونسو وقال أنه يعمل على إنقاذ حرية البلاد.
وقع مناقشة الداماد:
ما انتشر خبر المناقشة التي أثارها صاحب االسمو الداماد أحمد نامي بك في المدينة وفي الأوساط الوطنية حتى كان لها صدى عظيم واستحسان عام لدى جميع الفئات والأحزاب الوطنية.
وقد اجتمعت اليوم بأحد أركان الكتلة الوطنية فرأيته معجباً كل الإعجاب بوطنية سمو الداماد وإخلاصه وإقدامه وقال: (إن مناقشته أمس وموقفه الذي وقفه من الكتلة الوطنية وهاشم بك الأتاسي لجديد بأن يسجل بماء الذهب ولا أخطئ إذا قلت أنها ستكون خطوة كبيرة أو قل فاتحة عهد جديد).