اتحاد الدول السورية – الاتحاد السوري 1922 – 1924

اتحاد الدول السورية 1922 – 1924

وجدت سلطات الانتداب الفرنسي أن تقسيم سورية إلى دول كان خطوة فاشلة، وكان هذا الفشل عاملاً دفع الكثيرين إلى رفع صوتهم إحتجاجاً على هذا الأسلوب في إدارة البلاد.

وأرسل مندوب فرنسة في عصبة الأمم إلى وزارة الخارجية تقريراً في عام 1921 عن مقابلة جرت مع عزة باشا العابد وابنه وصهره في جنيف، أكد العابد فيها أن الجميع في دمشق يشتكي من تقسيم سورية إلى دويلات. وأنهم يتمنون اتحاداً يسمح بتخفيف النفقات العامة، كما أنهم يشتكون من ضخامة عدد الموظفين الفرنسيين والمحليين الذين يثقلون كاهل الخزينة،ويشكون أيضاً من فداحة الضرائب والرسوم التي تترتب على هذه التجزية.

الأسباب التي دعت السلطات الفرنسية لدمج دول دمشق وحلب والعلويين في الاتحاد السوري عام 1922 :

1- خشية السلطات الفرنسية من ازدياد المصاعب واستمرار الفشل في إدارة البلاد.

2- الإحساس بالخطر من قيام حكومات هاشمية في الاردن والعراق، وهذه الحكومات لم تخفي عدائها لفرنسا وترحيبها بالمعارضين السوريين والتغاضي عن أنشطتهم وتحركاتهم المعادية لفرنسا.

3- خشية السلطات الفرنسية من تأثير النجاح الذي حققه مصطفى كمال في تركيا.

4- إدارك السلطات الفرنسية أن التجزئة ستؤدي إلى ردود أفعال خطيرة.

5- محاولة تخفيف الغليان الشعبي بتعديل التجزئة وتحويلها إلى إتحاد.

إعلان الإتحاد:

أعلن الجنرال غورو في الثامن و العشرين من حزيران عام 1922 إنشاء مجلس اتحادي يشمل دول العلويين ودمشق وحلب فقط دون جبل الدروز.

وألقى غورو خطاباً في الثامن والعشرين من حزيران في دمشق بحضور ممثلي الدول الثلاث أعلن فيه قراره بضم الدول الثلاث وتشكيل الاتحاد السوري.

المصالح التي يشملها الاتحاد:

أصدر روبر دي كيه المفوض الفرنسي بالوكالة قراراً في الثامن والعشرين من شباط 1923م، حدد فيه المصالح التي تعتبر اتحادية في اتحاد الدول السورية، هي:

أولاً – الدوائر الإدارية العامة: ( القضاء المدني والشرع الإسلامي، الدرك، إصدار جوازات السفر).

ثانياً – الدوائر العقارية: ( التسجيلات العقارية، الدفتر خانه، دوائر معاشات التقاعد القديمة، المعاهد العلمية وعمرانية التالية: “مدرسة السلمية، مدرسة الحقوق في دمشق، مدرسة الطب في دمشق، المجمع العلمي العربي في دمشق، متحف دمشق”.

موارد ومالية الاتحاد:

حدد قرار روبر دي كيه المفوض الفرنسي بالوكالة موارد الاتحاد السوري التي جاءت على الشكل التالي: (رسوم التسجيل الأراضي وغيرها، رسوم كتابة العدل والوكالات، نفقات المحاكم، رسوم الطابو، طوابع الإيرادات السورية، بالإضافة إلى رسوم جوازات السفر، توقيفات التقاعد التي تدفعها حكومة الاتحاد والتي تؤخذ من رواتب موظفي الاتحاد، مرتبات مدرسة السلمية ووارداتها، مرتبات مدارس دمشق الكلية، الجزاءات والغرامات النقدية، الهبات والتركات الموحى بها، ومداخيل شتى، و المداخيل المستوفاة لتخفيف المصاريف، توقيفات من رواتب رجال الدرك لكسائهم.

المجلس الاتحادي:

حدد قرار تنظيم الاتحاد طريقة تشكيل المجلس الاتحادي وصلاحياته وأعماله. واستناداً إلى ذلك تشكل مجلس الاتحاد من خمسة مندوبين لدولة دمشق وخمسة لدولة حلب وخمسة لدولة العلويين. وانتخب المندوبون لمدة سنة من قبل مجالس الحكومة يوم تشكل بطريقة الانتخاب. وكان لا يتحتم ان يكون أعضاء المجلس الاتحادي من ضمن مجلس الحكومة الذي ينتدبهم.

تشكيل للمجلس هيئة مكتب مثل فيها كل فريق من المندوبين، وضم المكتب رئيس هو رئيس الاتحاد وفقاً لما نصت عليه المادة الثالثة ومن نائبي رئيس،

وأما حول اجتماعت المجلس فكانت اجتماعات المجلس تعقد كل عام في أوائل نيسان وأول تشرين الثاني. وتستمر جلساته العادية ثلاثة أسابيع وللرئيس ما خلا ذلك ان يمدد زمن هذه الجلسات وان يدعو المجلس إلى جلسة غير عادية كلما رأى ضرورة لإنعقاده.

وحول مكان الاجتماع كان يتم مرة في حلب ومرة في دمشق (يجتمع مجلس الاتحاد معاقبة سنة في دمشق وأخرى في حلب).

وقد جرى اختيار أعضاء المجلس وكانوا كما يلي:

من دولة دمشق: محمد علي العابد، عطا الأيوبي، فارس الخوري من وجهاء دمشق، الشيخ طاهر الأتاسي من وجهاء حمص، وراشد البرازي من وجهاء حماة.

من دولة حلب: صبحي بركات الخالدي، غالب إبراهيم باشا، رشيد المدرس، الشيخ حسين أورفلي وإسكندر سالم من وجهاء حلب.

من دولة العلويين: جابر العباس، إسماعيل هواش، إسماعيل جنيد من وجهاء العلويين، عبد الواحد هارون وإسحق نصري من وجهاء اللاذقية.

 سلطات وصلاحيات الاتحاد:

ورد في قرار تنظيم الاتحاد أن سلطة الاتحاد التنفيذية محفوظة لرئيسه ويجوز له ان يعهد بالوكالة لحكام الدول تنفيذ القرارات التي يتخذها المجلس الاتحادي،

مقر الاتحاد:

أعلن عن قيام الاتحاد في حلب التي كانت مركز الاتحاد في العام الأول من عمر الاتحاد قبل أن يصدر قرار عن مجلس الاتحاد يقضي بنقل مركز الاتحاد من حلب إلى دمشق. ففي الثلاثين من كانون الأول عام 1922 عقد مجلس الاتحاد جلسة في حلب، وصدر قرار بموافقة الأكثرية يقضي بجعل مركز حكومة الاتحاد في مدينة دمشق.

وإستناداً إلى قرار مجلس الاتحاد أصدر صبحي بركات الخالدي رئيس الاتحاد القرار رقم 25 الصادر في الثامن من كانون الثاني عام 1923 والقاضي باتخاذ مدينة دمشق مركزاً دائماً لحكومة الاتحاد السوري.

رئيس الاتحاد وسلطاته:

كما جاء في القرار أن ان رئيس الاتحاد هو رئيس المجلس الاتحادي، وينتخبه المجلس من بين أعضائه بأكثرية أصوات مندوبي الدول المطلقة لسنة واحدة, ويقوم بمهام وظيفته بصورة دائمة ولا يجوز إعادة انتخابه في السنة التالية سنة رئاسته وهو مكلف تنظيم الميزانية وتأمين تنفيذها.

وهو الذي يدرس ويعد ويقترح المشاريع المختلفة التي تعرض على المجلس الاتحادي. ويعين بنفسه أو بالإستنابة عنه الموظفين والمستخدمين في الاتحاد. ويعين أيضاً ممثلي الاتحاد للمفاوضة بشأن الاتفاقات مع الدولة غير المتحدة وله أن ينشر القوانين مباشرة او بواسطة حكام الدول.

عقد مجلس الاتحاد في اليوم التالي التاسع والعشرين من حزيران إجتماعاً في مدينة حلب مركز الاتحاد وانتخب بإجماع الآراء صبحي بركات الخالدي رئيساً للاتحاد.

حكومة الاتحاد- حكومة صبحي بركات:

شكل صبحي بركات الحكومة، واستمرت حتى تشكيل الدولة السورية في الخامس من كانون الأول عام 1924م، وجاءت على الشكل التالي:

علم الاتحاد:

جاء علم الاتحاد مثل أعلام الدول الأخرى في سورية يحمل في جزء منه علم دولة الانتداب الفرنسي.

وقد توسطه خط عريض أبيض اللون جاء بين خطين متوازيين باللون الأخضر.

الموقف من إعلان الإتحاد:

رحبت شرائح إجتماعية عديدة في دولتي دمشق والعلويين بالاتحاد، وترك إعلان الاتحاد السوري حالة ارتياح لديهم لان هذه الخطوة عدت كخطوة أولى أو مقدمة للوحدة الشاملة لجميع سورية داخلاً وخارجاً.

ويذكر يوسف الحكيم أن الكثير من السوريين قابلوا إعلان الاتحاد بالشكر، وأنه ظهرت بعض المظاهرات الداعمة والمؤيدة لإعلان الاتحاد.

وفي الجانب الآخر ظهرت أصوات عارضة فكرة الاتحاد، ففي حلب خرجت أصوات معارضة لهذا الاتحاد لاسباب اقتصادية. فقد تحدثوا عن أن الدولة سوف تخسر به حصتها من الجمارك التي سوف تتحول وارداتها إلى خزينة الاتحاد. واقترحوا أن تتحد دولة دمشق وبلاد العلويين في خطوة أولى ثم يتخذ قرار انضمام حلب بناء على نتائج اتحادهم.

وفي دمشق أيضاً عارض قسم كبير من مدراء المصالح قيام الاتحاد، حتى أن حقي العظم حاكم دمشق، بدافع من شفلر مندوب المفوض السامي، امتنع عن إخلاء السراي الكبير، وتسليمه لحكومة الاتحاد التي كانت تتهيأ للانتقال إلى دمشق في مطلع عام 1923م، وبناء على قرار مجلس الاتحاد، ولم يوافق إلى تدخل وسطاء لديه.

وفي مقاطعة العلويين يذكر يوسف الحكيم أن الأكثرية العلوية مع فريق من المسلمين السنة والمسيحيين كانوا غير مسرورين لهذا الاتحاد، وكانون يؤثرون بقاء مناطقهم مستقلة عنه ومرتبطة مباشرة بالمفوضية العليا.

وهذا الموقف يتجلى أيضاً في البرقية التي أرسلها رؤساء الطوائف في دولة العلويين إلى نوابهم في مجلس الاتحاد السوري يشكرونهم فيها على الوقوف في وجه استمرار دمج دولة العلويين مع دولتي حلب ودمشق، والذي اعتبر بمثابة موقف الدفاع عن استقلال دولة العلويين كما ورد في نص البرقية.

 والتي ورد فيها ايضاً ما يلي: ( نوافق على نقطة الاتحاد الأساسية كتوحيد مصالح البرق والبريد. نرفض قطعياً توحيد الدرك والعدلية والمالية وكل مداخلة في شؤوننا الإدارية. مستاؤون من تمادي المجلس في توسيع قراراته بصورة تستلزم حرماننا من شكل حكومة رأت بلادنا في عهد مدته الوجيزة من العمران والأمن والانتظام في شؤونها ما لم تره بقية البلدان السورية. ليس لأعضاء تلك البلاد أن يجبرونا على قبولنا قراراتهم بدون رضانا اذ لا قانون في العالم يجيز ذلك. وكل اتفاق انما يتقصر اعتباره على المتعاقدين ولا يمكن ان يتعدى على حقوق الآخرين.

إن بلادنا العلوية بفضل الدولة المنتدبة وحسن إدارة وإرشادات رجالها الحكيمين باتم نعمة يغبطنا عليها المحبون. لذلك نتوقف من حكمتكم وجرأتكم الأدبية تحقيق الأماني. وفق الله مساعيكم).

معارضة مدراء المصالح الحكومية:

كما كانت هناك معارضة للاتحاد في أوساط مدراء المصالح الحكومية والقائمين على الإدارة من فرنسيين وغيرهم في مقاطعة العلويين، وكانوا يؤيديون فريق الأكثرية في المنطقة دون أن يتظاهروا بذلك، خشية نقمة مرجعهم الأعلى، أما الجنرال بيوت، حاكم مقاطعة العلويين فكان من أنصار الاتحاد.

نهاية الاتحاد:

في الخامس من كانون الأول عام 1924صدر قرار ضم دولتي حلب ودمشق في دولة سورية.

انظر:

قرار تنظيم اتحاد دول دمشق، حلب وبلاد العلويين عام 1922

قرار تنظيم الدولة السورية من دولتي دمشق وحلب عام 1924

برقية رؤساء الطوائف في دولة العلويين إلى نوابهم في مجلس الاتحاد السوري عام 1923