مقالات
حمصي فرحان الحمادة: التقويم الرقي.. سنة بناء المسجد الحميدي عام 1896
حمصي فرحان الحمادة – التاريخ السوري المعاصر
بعد بناء المخفر العثماني بالرقة عام 1863، بدأت عملية الاستيطان السكاني الدائم، وذلك نتيجة للشعور بالأمن بوجود القوة العسكرية بالمخفر.
وتوسع البناء في مدينة “الرقة”، وازداد عدد السكان نتيجة الهجرة، كما تزايد عدد جنود المخفر وذكرت الرحالة “آن بلنت” أن عدد سكان “الرقة” عام 1878م، لا يتجاوز مئة نسمة، من بينهم “القائمقام”، والدرك، وكانوا من منشأ بدوي وعددهم ما بين /30 – 40 / رجلاً، كما شاهدت عدداً من العطارين المهاجرين من مدينة “حلب”، وشاهدت كذلك ما بين أربعة إلى خمسة عشر مسكناً على مقربة منها عند السور الجنوبي، ومن هذا السور يستطيع الإنسان أن يرى الأرض المنبسطة التي تؤدي إلى سفينة عبور الفرات”.
كما ذكر الرحالة “زاخاو” أنه لم يجد في “الرقة” في نهاية عام /1879/ سوى عدة بيوت، وعدد السكان لا يتجاوز المئة نسمة.
كما ذكر “الغزي” في تاريخه، أن عدد سكان مدينة “الرقة” عام 1892 م، بلغ 131 نسمة فاحتاجوا إلى مسجد جامع لأن مسجدهم الصغير الذي بني مع بناء المخفر وموقعه في شارع القوتلي الحالي، قد ضاق بالمصلين.
ويذكر أهالي الرقة مقولة مفادها أنه تم إرسال وفد من أهالي “الرقة” إلى مدينة “استانبول”، بمعرفة المفتي “عبد الرحمن الحجاز” للمطالبة ببناء مسجد جامع، وادعى كثر أن جدهم هو الذي ذهب إلى استنبول. والذي أراه والله أعلم أن الوفد إن ذهب فقد ذهب إلى حلب لمقابلة والي حلب الذي كانت الرقة تابعة لها. أو أن السلطان عبد الحميد الثاني أصدر فرماناً سلطانياً ببناء عدة مساجد على نفقته الخاصة ومنها المسجد الحميدي بالرقة.
المهم في الأمر أنه تمت الموافقة السلطانية على بناء المسجد الجامع، وكان ذلك عام 1896 والذي أصبح تقويماً شعبياً رقياً (سنة بناء الجامع الحميدي).
وأحضر له عمال البناء من حلب وقيل من دير الزور، وكان العمال من أهل الرقة، وأشرف على بنائه “هاشم بك”، وكان أمين الصندوق “عبد الله العلوش” وكان يعطي قرشاً لكمية معينة من الفخار، كما يعطي قرشاً آخر لكمية من الجصّ، وهناك رواية يتداولها أهل الرقة أن الذي أشرف على البناء هو (خلف الحسون).
وألحق بالجامع أثناء البناء، مكتب وبعض خلوات للطلبة لتعلم القرآن وأحكامه، وكانت نفقة بنائه قد بلغت مبلغاً وقدره 156500 قرش، تم دفعها من أموال الخزانة السلطانية الخاصة.
ومما يؤسف له أن هذا البناء الأثري العثماني، قد خرب ثم هدم بسبب قيام بعض الجهلة في ترميم الأبنية الأثرية بصب سقف إسمنتي فوق سقفه ما أدى إلى انهياره، وتم بعد ذلك إزالته وبناء مسجد جامع جديد على أنقاضه، والذي يعرف عند أهل الرقة باسم (الجامعة الكبير)، وكانت خسارة ذلك البناء كبيرة لا تعوض، ولم يبق من معالم المسجد (الحميدي)، الذي كان شاهداً على بدايات السكن الأولى في هذه المدينة، سوى المنارة.
ويذكر أن هذا الجامع، من اقدم المساجد الحية في الرقة منذ بنائه إلى هذا اليوم، وبعد أن تم ضمّ ما تبقى منه بعد الهدم إلى المسجد الكبير، أضحى من أكبر وأوسع مساجد الرقة، إذ تبلغ مساحة الحرم بحدود 1000 متر مربع، أما المساحة الإجمالية لحرم المسجد، وباحته وتوابعه، فهي بحدود 3000 متر مربع.
ويضم المسجد معهداً لتحفيظ القرآن الكريم، تشرف عليه مديرية الأوقاف في الرقة.
ومما يحز في النفس أن هذا المسجد قد دمر بالكامل كأغلب مساجد الرقة، جراء القصف الأميركي الهمجي للرقة. وبدأت لجنة من أهالي الرقة بتشييد مسجد جديد على أرض المسجد المدمر.
المراجع والهوامش:
(1). حمادة (حمصي فرحان)، التقويم الرقمي بين عام 1709 - 1988، توتول للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 2022م.
المراجع والهوامش:
(1). حمادة (حمصي فرحان)، التقويم الرقمي بين عام 1709 - 1988، توتول للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 2022م.