بطاقات الأعلام والشخصيات
محمد يحيى الكيالي
محمد يحيى الكيالي
ولد الشيخ الأستاذ يحيى أبو السعود بن عبد القادر الكيالي في إدلب عام 1883م.
توفي عام 1957م.
توفي والده وهو في الرابعة من عمره فكفله عمه الشيخ محمد أبو النور .
حفظ القرآن الكريم وهو صغير ، وتخرج من المدارس الحكومية أيام الدولة العثمانية .
عين في وزارة المعارف معلماً ، ثم مفتشاً في العهد العثماني .
في عهد الانتداب الفرنسي عين مديراً لأوقاف حلب .
عين في التاسع من آب عام 1932 مديراً عاماً للأوقاف الإسلامية بموجب المرسوم رقم 103(1).
✦✿✦يقول الشيخ راغب الطباخ في « أعلام النبلاء ج3 ص161 » :
✦ « وكنت أعرب عن رغبتي في أن تكون المدارس الدينية على نسق المدارس الأميرية ذات صفوف مرتبة ، وكتب وعلوم معينة ، ونظام يرجعون إليه ، لتكون مسافة التحصيل على الطلاب قريبة ويتمكنوا من الاستفادة . وكنت لا أجد من هؤلاء سوى التسليم واستحسان المقال ، والمشاركة في الشكوى ، والاكتفاء بإظهار التأسف والتحسر ، مما وصلت إليه حالة العلم في هذه البلاد إلى أن قيض الله لدائرة الأوقاف الرجل الهمام السيد يحيى الكيالي ، فإنه وفقه الله لمَّا ألقت مقاليدها واستلم زمامها فبادرت إليَّ مذاكرته في هذا الشأن فألقى سمعه إليه وأقبل بكليته عليَّ ، بل وجدته أشد مني شوقاً وأكثر تعشقاً لتحقيق تلك الأماني فكان فيه الضالة المنشودة والبغية المقصودة .
✦ولم يمض بضعة أسابيع وإذا به قد أبرز هذا المشروع الجليل لحيز الفعل وأعلن افتتاح المدرسة الخسروية ، وعين لها أساتذة ، وصار الطلاب يهرعون إليها من الشهباء وما حولها ، وكان افتتاحها في أوائل سنة 1340هـ ـ 1921 م ، ووضع لها نظاماً خاصاً ، وعين لجنة دعيت بالمجمع العلمي برئاسة مفتي حلب الشيخ عبد الحميد الكيالي ، بحثت هذا النظام ثم صادقت عليه .
✦ وأدخل في نظامها من العلوم ـ ما عدا الآلية والدينية ـ علم الأخلاق ، وعلم التاريخ الإسلامي والإنشاء والجغرافيا وقانون الحقوق الطبيعية وقانون الأراضي وأحكام الانتقالات وأحكام الأوقاف وعلم الحساب …
✦ وعناية مدير الأوقاف يحيى الكيالي لم تزل مصروفة إلى عمران هذا المعهد « الخسروية » وإحيائه بالعلوم والمعارف وجعله أزهر الشهباء بل أزهر البلاد السورية » .
✦✿✦ ومن حلب انتقل إلى بيروت ، حيث عهد إليه منصب المعاون للمراقب العام الفرنسي للأوقاف الإسلامية ، ورئيساً لدائرة الأوقاف الإسلامية في المفوضية الفرنسية العليا لدولتي سورية ولبنان ، وحاز على ثقة المفوض الفرنسي بهذا المنصب الرفيع ، وقدم أعمالاً خيرية وخدمات كثيرة جداً لا تحصى ولا تستقصى ، من إنشاء مساجد وسبل وتنظيم للتعليم الشرعي .. بحيث اعتمدته المفوضية الفرنسية العليا مرجعاً لسائر أمور الأوقاف الإسلامية.
✦✿✦ عاد مديراً لأوقاف حلب ، وله الآثار الخالدة في الأبنية الوقفية في حلب ، ذكر بعضها الطباخ في كلامه على المدرسة الخسروية:
✦ « … وقد كان بعضها خرباً وبعضها مشرفاً على الخراب ، فجددها مدير الأوقاف السيد يحيى الكيالي وجعلها خاناً ذا طابقين على جانبي بابه الواسع أربع حوانيت واسعة وأخرج عشرة دكاكين ، وخاناً صغيراً من أصل الخان العظيم، وذلك سنة 1314هـ/ 1896م » « أعلام النبلاء ج3 ص 157 » .
1✿✦ويقول الطباخ في كلامه على المدرسة العثمانية :
✦ « هذه المدرسة أعظم مدارس الشهباء شأناً وأوسعها بناء … ومما لا ريب فيه أن هذه المدرسة لا نظير لها في البلاد السورية أو في كثير من البلاد الإسلامية …
✦ومع هذا فإنها لم تخرج لنا منذ مئة عام من العلماء ما يبلغ عدد الأصابع ، وهي ككثير من المدارس العلمية التي في حلب أصبحت منذ مدة طويلة ملجأ للكسالى ومأوى للعجزة.
✦ فاهتم بأمرها السيد يحيى الكيالي مدير الأوقاف … وأخرج منها من كان مقيداً فيها وطالت مدته ومن لا يرتجى الخير في بقائه ، وقيد فيها طلبة من جديد وكلف المتولي أن يعطي لكل مجاور ليرة عثمانية ذهباً في كل شهر …
✦ وكلف مدرسيها المعنيين فيها أن تكون قراءتهم للدروس في أوقات معينة ، وكتب كذلك على مقتضى البرنامج الموضوع للمدرسة الخسروية ، وأصبحت تابعة للامتحانات السنوية ، وبذلك انتظم أمر التدريس فيها بعض الانتظام ، لعلها بعد ذلك تزداد انتظاماً فتُخرِّج لنا رجالاً عالمين عاملين فتنتفع بهم العباد والبلاد ».
2✿✦ وفي كلامه على بناء المدرسة الإسماعيلية يقول الشيخ راغب الطباخ :
✦« … وقد نظم السيد يحيى الكيالي مدير الأوقاف دروسها وجعلها مرتبطة بالمدرسة الخسروية وذلك حين افتتاح هذه المدرسة سنة 1342هـ / 1923 م » . أعلام النبلاء ج3 ص 349 .
3✿✦ومن مآثر الشيخ الكيالي في الجامع الأموي يقول الطباخ :
✦« في سنة 1341ـ1343هـ/ 1920 ـ 1924م فرشهُ قبلية الحنفية والشافعية بالسجاد العجمي وبلغت قيمة هذه المفروشات نحو ألف ليرة عثمانية ذهباً ، كما وزع السجاد القديم على بعض المساجد ، وفي سنة 1920، عمل سبيل ماء في الرواق الغربي بجانب الباب المقابل للحلوية يأتيه الماء من ماء عين التل بواسطة أنابيب حديدية.
✦ونقشت أحجار هذا السبيل نقشاً بديعاً دل على دقة صنعة وعظيم براعة ، والجرن الموضوع هنا كان ملقى في أرض جامع الأطروش لا ينتفع به فجيء به وزين بالنقوش اللطيفة أيضاً … وفي هذه السنة أعني سنة 1924جددت قبة الحوض الكبير الذي في الصحن ، ووضع درابزين في أعلى منارة الجامع ودهن هذا الحديد والرفراف والدرابزين تحته.
✦وكانت حافة جدار الرواق الشمالي من قنطرة الباب الشمالي إلى أواخر الرواق من جهة الشرق خالية من الشرفات الموجودة على جدران الجامع في الجهات الثلاث فأكمل ذلك المكان الخالي ليكون على نسق واحد في جهاته الأربع تحسيناً لمنظر الجامع ، وكمل بناء هذه الشرفات في هذا الشهر وهو شهر شوال من سنة 1343هـ/1924م ، وهو آخر عمل قام به في الجامع الأموي .
✦✿✦وهذه الأعمال الثلاثة في هاتين السنتين كانت بمساعي مدير الأوقاف السيد يحيى الكيالي ، وقد نقش اسمه فوق هذا السبيل وفوق القنطرة الوسطى من هذا الرواق » أعلام النبلاء ج3، ص 403 .
✿✦أعاد بناء وترميم جميع مساجد حلب القديمة التي كانت مدمرة بالزلازل بإتقان وذوق وصمت ولم نسمع عن اسم متبرع أو متعهد أو مهندس أو متطوع .
✿✦الرجل النبيل الطاهر ، الذي أجمعت الشهباء وكل من عرفه على حبَّه وتقديره واحترامه ، للمزايا العديدة التي كان يتحلى بها ، هذه المزايا التي جعلت منه حبيباً إلى كل القلوب ، وعظيماً في جميع العيون .
✿✦كان ـ رحمه الله ـ يحمل قلباً طاهراً ولساناً عفاً ، وكان كل همه مواساة المصاب ومشاركة الناس بأفراحهم ، وكان منصرفاً بكليته إلى توزيع عواطفه وجهوده نحو معارفه وأصدقائه ، يحترم الكبير ويحنو على الصغير .
✿✦ترك آثاراً خالدة في حلب ، وخدمها عندما كان مديراً للأوقاف العامة ، في وقت كان فيه سيف الاستعمار مسلطاً على الرؤوس ، لا يجرؤ أحد من الموظفين على أي عمل إلا بأمر من المستشار الفرنسي .
✿✦ كان تقياً نقياً عابداً ورعاً ، وأوتي نصيباً وافراً من المعارف التي تلقاها في مكاتب الدولة .
✿✦ وهب قسطاً عظيماً من الذكاء والفطنة والأمانة والاستقامة والحرص على خدمة الوطن وتخليد الذكر .
✿توفي سنة 1957.
— المصدر:
الأستاذ عامر رشيد مبيض مؤرخ حلب عالم آثار
كان مديراً عاماً للأوقاف في عام 1934م(1).
(1) النشرة الرسمية – دمشق، العدد 15 الصادر في 15 آب عام 1980م.
(2) مجموعة القوانين والقرارات الإدارية للدولة السورية، مطبعة الشعب، دمشق عام 1935م، المجلد الثالث، صـ 16