من الصحافة
صحيفة 1932- موقف الكتلة الوطنية من افتتاح المجلس النيابي والاختلاف بين أعضائها
قبيل افتتاح المجلس النيابي في شهر تشرين الثاني عام 1932 وساد الخلاف بين جماعة الكتلة الوطنية وجماعات أخرى من جهة ثانية فيما يتعلق باجتماع مجلس النواب السوري.
صحيفة ألف باء نشرت خبراً عن تلك التطورات في العدد الصادر في الثاني من تشرين الثاني عام 1932م.
عنوان الخبر:
أخر الأخبار عن الحالة في سوريا
افتتاح المجلس النيابي وامتناع الوطنيين عن الحضور
بيان الوزارة السورية عن المعاهدة ورد بونسو
موقف الكتلة الوطنية والاختلاف بين أعضائها
نص الخبر:
اضطربت الحالة السياسية في سوريا اضطراباً شديداً في الأيام الأخيرة وساد الخلاف بين جماعة الكتلة الوطنية وفريق المستوزرين ورجال السلطة من جهة ثانية فيما يتعلق باجتماع مجلس النواب السوري.
فقد عقدت اجتماعات كثيرة أسفرت عن طلب نواب الوطنيين من السلطة الافرنسية معرفة أسس المعاهدة التي تنوي عقدها مع سورية قبل أن يدخلوا في المجلس، وإلا فإنهم يمتنعون عن حضور الجلسات، وكان آخر اجتماع عقده الوطنيون مساء يوم الجمعة في 29 تشرين الأول في دار فارس بك الخوري ودام إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
تصريح الأتاسي
وكان الجمهوري يترقب أن يصدر النواب الوطنيون بياناً يتضمن راياً صريحاً في الموقف الحاضر، ولكن بياناً رسمياً لم يصدر واستعيض عنه بتصريح صرح به دولة هاشم بك الأتاسي للصحفيين الذين حضروا بعد انتهاء الاجتماع المذكور للوقوف على نتيجته وهذا نصه:
“ان نواب الكتلة الوطنية في المجلس النيابي لم يحضروا جلسة الافتتاح ولن يحضروا بعد ذلك اية جلسة من جلسات هذا المجلس قبل أن يعلن المفوض السامي أسس المعاهدة السورية الافرنسية المنوي عقدها بين وسورية وفرنسا والتي يجب أن لا تقل عن المعاهدة العراقية الإنكليزية الأخيرة”.
وبعد أن أنفض الاجتماع ذهب الرئيس هاشم بك إلى فندق أمية فاجتمع نحو ساعة بالزعيم إبراهيم بك هنانو.
وقد أصبحت دمشق صباح يوم السبت مضربة اضراباً عاماً فقد سرت في المدينة إشاعة امتناع النواب الوطنيين عن دخول المجلس النيابي.
ملحق جريدة الأيام
وقد أذاعت جريدة الأيام ملحقاً هذا نصه:
“ان الوطنيين لم يدخلوا الانتخابات الأخيرة، الا ليواجهوا العمل السياسي، وليروا فيما إذا كانت هنالك معاهدة يمكن ان تحقق للبلاد أمانيها وقد طالبوا قبل فتح هذه الدورة بإعلان أسس المعاهدة، فوجدوا تردداً لم تطمئن معه نفوسهم وضمائرهم، ولما لم يكن لهم من وراء وجود نوابهم في المجلس غاية غير المعاهدة، فإنهم لم يروا ما يدعوهم إلى الاشتراك في هذا المجلس، إلا بعد أن تعلن فيه بصورة رسمية، أسس المعاهدة على أن لا تقل عن أسس المعاهدة العراقية – الإنكليزية الأخيرة، وعليه فالنواب الوطنيون لا يحضرون جلسة المجلس التي تعقد قبل ظهر اليوم ولا أية جلسة من جلسات هذا المجلس إلا بعد أن تعلن أسس المعاهدة وهي الشطر السياسي من أعمال المجلس الذي من أجله دخل الوطنيون الانتخابات.
هذا ما قرره الوطنيون ليل أمس أما الوزيران الوطنيان فإذا حضرا جلسة المجلس، فإنما يحضران بصفتهما الوزارية لا بصفتهما النيابية وذلك ليؤدي كل واحد منهما الحساب عن العمل الذي قام به أثناء المدة التي قضاها في الوزارة، وليبرهن على ما وصلت إليه حالة البلاد وخزانة الدولة من التقهقر والافلاس”.
الحالة في حلب
وقد أصبحت حلب في اليوم نفسه مضربة اضراباً عاماً. واحاطت السلطة فجعلت رجالها وسياراتها المسلحة تطوف في الشوارع وعقد الأهلون اجتماعات كثيرة وطيروا عدة برقيات إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي يعلنون فيهم عدم اعترافهم بالمجلس.
افتتاح المجلس
ومنذ صباح السبت بدأ النواب يتواردون على دار المجلس عدا نواب الكتلة الوطنية الذين تخلفوا وهم السادة: هاشم الأتاسي، رفيق الحسيني، توفيق الشيشكلي، نجيب البرازي، شمس نصر الله، فخري البارودي، زكي الخطيب، لطفي الحفار، عفيف الصلح، نسيب البكري، نوري فتيح، حكمت الحراكي، إحسان الشريف، فايز الخوري، إبراهيم ضحية.
ثم بوشر بانتخاب الرئيس ومكتب الرئاسة وكان عدد النواب الحاضرين 54 نائباً اشتركوا في الاقتراع ففاز صبحي بك بركات بـ 46 صوتاً، ونال هاشم بك الأتاسي صوتاً واحداً وظهرت سبع أوراق بيضاء. وانتخب هنري أفندي هندية نائب حلب والشيخ فارس الزغبي نائب حوران وكيلين للرئيس.
واقترح شاكر نعمة بك الشعباني إرسال وفد للمتخلفين ليسألهم عن سبب تخلفهم وليتفاهم معهم فرفض المجلس اقتراحه.
وحضر من الوزراء “الوطنيين” جميل مردم بك ومظهر باشا رسلان.
وبعد انتخاب المراقبين والسكرتيرية اقترح مظهر باشا تأجيل الجلسة إلى يوم الاثنين لتتمكن الحكومة من عرض بيانها فوافقت الأكثرية على التأجيل. وتقوم صحف دمشق أن الوزيرين المذكورين قد حضرا الجلسة بصفتهما الشخصية كوزيرين لا كنائبين.
وتقول جريدة ألف باء في “أنباء آخر ساعة” انه اتصل بها أن الكتلة الوطنية عقدت إجتماعاً في دار هاشم بك الأتاسي وقررت فصل جميل بك مردم بك ومظهر باشا رسلان عنهما باعتبارهما خارجين عنها.
بيان الوزارة السورية
وقد أعدت الوزارة السورية بياناً ضمنته تصريحاً عن المعاهدة وأبلغه محمد علي بك العابد للمسيو بونسو طالباً الرد عليه قبل القائه في المجلس.
ويقول التصريح:”أن الحكومة الدستورية الأولى تعتبر جوهر أعمالها قيادة سورية في الطريق المحقق لأمانيها بمباحثة ممثلي فرنسا في أسس المعاهدة لتحديد العلاقات بين فرنسا وسورية.
والحكومة واثقة بعد تصريحات ممثلي فرنسا في جنيف ودمشق وترحيبهم بوفد العراق الأول لدى عصبة الأمم، بحسن الاستعداد لإعطاء سورية معاهدة كالعراق وتطلب الوزارة ثقة البرلمان ليستند رئيس الجمهورية إليها في المفاوضات اللازمة لتحديد قواعد المعاهدة التي ستعرض على البرلمان على الأسس التي قامت عليها المعاهدة المعقودة بين إنجلترا والعراق”.
رد المسيو بونسو
وقد أجاب المسيو بونسو على بيان الوزارة الذي أبلغه إياه رئيس الجمهورية بما يأتي:
“تفضلت بإبلاغي الفقرة الواردة في بيان الوزارة والمتعلقة بمفاوضات تؤدي إلى معاهدة. وأنا أوافق على العبارات الواردة في هذه الوثيقة وأرى أن ما احتوته من نيات ورغبات يتفق ونيات فرنسا المذاعة في أدوار مختلفة تعرفونها وسجلتها عصبة الأمم نفسها. وأنا مستعد حتى قامت في جانبكم حكومة دستورية مسؤولة لمباحثكم في قواعد الاتفاق الذي نحن قادمون عليه”.
موقف الوطنيين
وقد عد الوطنيون جواب المسيو بونسو غير كاف كما عدوا تصريح الوزارة ناقصاً. لأنهم في مباحثاتهم الخاصة مع محمد علي بك العابد في الأيام الأخيرة طالبوا باثبات الميثاق القومي السوري في البيان الوزاري وخصوصاً الوحدة السورية وطلبوا موافقة السلطة عليه.
ولذلك امتنع نوابهم عن جلسات مجلس النواب وسيجتمع المجلس يوم الاثنين صباحاً لسماع البيان الوزاري).