أحداث
إضراب طلاب دمشق عام 1929
بدأ الإضراب في المعهد الطبي في الجامعة السورية يوم السبت في الخامس من نيسان 1929م، ثم اضم إلى الإضراب طلاب معهد الحقوق ومدرسة التجهيز ومدارس أخرى في دمشق ومدن سورية أخرى.
أسباب الإضراب:
يعود سبب الإضراب إلى قرار الحكومة السورية تخفيض مبلغ 75 ألف ليرة سورية من أصل 145 ألف ليرة سورية في موازنة الجامعة السورية للعام 1929م، لإحراج مركز رئيس الجامعة السورية.
وتحدثت مصادر إعلامية عن خلاف وخصومة كبيرة بين محمد كردعلي وزير المعارف وبين رضا سعيد رئيس الجامعة السورية.
تنفيذ الإضراب:
وشكل هذا الإجراء الحكومي ردود أفعال شديدة لدى طلاب الجامعة السورية.
وما كاد هذ القرار يصل إلى طلبة المعهد الطبي حتى أضربوا عن الدرس احتجاجاً وتبعهم طلاب معهد الحقوق يوم السبت في الخامس من نيسان 1929م.
طلاب التجهيز ينضمون إلى الإضراب:
وصلت أنباء الإضراب إلى طلاب التجهيز والمعلمين فبادروا بإعلان انضمامهم إلى الإضراب وغادروا مقاعد الدراسة. وقد حاول مدير المدرسة وبعض المعلمين إرجاع المضربين عن إضرابهم ولكن لم يوفقوا رغم تدخل عناصر الشرطة لمنع الطلاب في المدرسة ولكن كثير من الطلاب تمكنوا من الخروج وقاموا بمظاهرة صغيرة إعلاناً لاحتجاجهم.
انضمام طلبة من مدرسة الفرير إلى الإضراب
كما اشترك طلبة من مدرسة الفرير في دمشق في الإضراب، وكان رد إدارة المدرسة بطرد 70 طالباً لاشتراكهم في الإضراب.
اضراب الطالبات:
انضمت طالبات من مدرسة دار المعلمات إلى الإضراب، وانضم إليهم لفيف كبير من السيدات، كما شاركت طالبات من المدارس في الإضراب، وكذلك شاركوا في المظاهرات وقمن بمظاهرة احتجاجاُ وعند وصول المظاهرة إلى أمام المشفى العسكري فرقهن عناصر الشرطة ولكنهن عدن فاجتمعن مرة ثانية وذهبن إلى معهد الطب حيث لمشاركة المتظاهرين، وهناك خصص لهم غرفتان في الطابق الثاني أقمن فيها.
ولم يقتصر مشاركة الطالبات في المظاهرات فقط بل تعدى ذلك إلى القاء الخطب والمشاركة في اتخاذ القرارات حول الاضراب.
الإضراب في المحافظات
وتفاعل مع الإضراب طلاب في المحافظات السورية في حماه وحمص ومدن اخرى تأييداً لطلبة دمشق.
تشكيل وفد من المضربين:
تألف وفد من مجموع الطلاب في فروع الجامعة مؤلف من : (أبو الهدي اليافي، بشير البكري، صهيب العطار، عبد الكريم العائدي، عبد الرزاق الأيوبي، محمد شكري). وقابل هذا الوفد مستشار المعارف في دمشق واطلعه على مطالب الطلبة في إبقاء ميزانية الجامعة على حالها وأبلغه احتجاجهم على قرار الوزارة بتخفيض المبلغ المذكور.
وقد طلب المستشار إلى الوفد ان يقابل وزير المعارف محمد كردعلي فأبي أعضاء الوفد معرباً عن رغبته في مقابلة رئيس الوزارة مباشرة.
استقبل رئيس الوزارة الوفد بحضور رضا سعيد رئيس الجامعة، وجرى البحث حول موضوع التخفيض وطلب رئيس الوزارة من الوفد ان يقنعوا المضربين بالعودة عن إضرابهم على أن يتم طرح القضية في مجلس الوزراء للنظر فيها،
خرج الوفد من الاجتماع مع رئيس الوزارة وابلغوا الطلبة ما جرى فقرروا تمديد الإضراب ثلاثة أيام أخرى، ووجوب ذهاب الوفد إلى بيروت لمقابلة المندوب السامي ومستشار المعارف في المفوضية العليا، والعمل على إعادة المبلغ المحذوف من موازنة الجامعة إليها.
الإضراب وسلطات الانتداب
كانت السلطات الفرنسية بمعزل تام عن القرار الذي اتخذته الوزارة بشأن تخفيض الميزانية،وقد أذاعت سلطات الانتداب الفرنسي البلاغ التالي: (شاع في بعض المحافل العلمية أن السلطات الافرنسية تدخلت في بعض مقررات الميزانية بإنقاص مخصصات التعليم العالي وبنتيجة الاستقراء من مصادر وثيقة ثبت أن الدوائر الأفرنسية هي خارجة عن الموضوع حتى وليس لها علم لهذا الحادث)(1).
كما أرسل الطلاب المضربون برسالة إلى المفوض السامي أشاروا فيها إلى أسباب إضرابهم وتحدثوا فيها عن مطالبهم.
زيارة وفد الطلاب إلى بيروت
ذهب وفد من الطلاب المضربين إلى بيروت لمقابلة المندوب السامي.
لم يستطع الوفد مقابلة المندوب السامي بل قابلوا المسيو هوينو رئيس الغرفة السياسية الدولية وذلك صباح يوم الثلاثاء التاسع من نيسان، وحصلوا منه على تطمينات وليس وعود.
ولما عاد الوفد من بيروت تحدث بعضهم إلى الصحف، فقال: زار الوفد المسيو بنور المفتش العام للمعارف الذي طلب من المسيو راجي مستشار المعارف في سورية تقريراً مفصلاً عن هذه القضية.
ولما عاد الوفد الى دمشق خرجت مظاهرة وصلت الى دار البعثة الفرنسية، ودخل وفد من الطلاب على ممثل المندوب السامي.
وفي تلك الاثناء وصلت قوة من الشرطة وعلى رأسها المسيو برسان مستشار الشرطة ومفوض التحدي ممدوح العظمن وحاولت القوة عبثاً تفريق شمل المتظاهرين واخيراً اشهر مفوض التحري مسدسه واطلق في الهواء أربع طلقات فلم يثن ذلك المتظاهرين عن عزمهم ولبثوا في أماكنهم حتى عاد الوفد الذي خرج للمقابلة في دار البعثة الفرنسية.
رفض المسيو برويار في مبنى البعثة الفرنسية مقابلة الوفد واشترك عليهم عودة الطلاب المتظاهرين الى المكتب الطبي كشرط لاستقبالهم.
وقد اعتقل عناصر الشرطة في تلك الأثناء ستة من طلاب التجهيز، وأربعة من طلاب المدرسة العلمية فشرع زملاؤهم يلحون بطلب إخلاء سبيلهم، وقد عاد الوفد إلى معهد الطب وهناك وقف أحد أعضائه مصطفى العظم وشرح ما جرى للوفد في مبنى البعثة الفرنسية وأيده في كلامه أحد رفاقه طالباً إلى الطلبة العودة إلى دروسهم فاجابوا الجميع بمن فيهم الطالبات اللائي اشتركن في الإضراب بأنهم لا يحققون هذا الطلب إلا حتى تحقق مطالبهم بجملتها وإطلاق سراح الموقوفين.
الاجتماع في المرج الأخصر:
اجتمع المضربون في المرج الأخضر وألقيت كلمات تدعو الى متابعة الاضراب، ثم قام المضربون بمظاهرة وصلت إلى مبنى الجامعة ولما اكتمل عقدهم هتفوا بحياة رئيسهم فخرج إليهم، وألقى كلمة طلب منهم فيها لزوم العودة إلى مدارسهم ومعاهدهم وإنهاء الإضراب، فأبي الطلاب ذلك مالم تتحق الأماني والأهداف المقصودة(2).
نهاية الإضراب:
بعد عقد الطلاب المضربون عدة اجتماعات في المرج الاخضر. ذهب وفد منهم وقابل تاج الدين الحسني رئيس الحكومة مرة ثانية، فوعدهم بأن لا تمس ميزانية الجامعة إذا عادوا إلى تلقي الدروس، وعلى أثر ذلك انتهىى الاضراب وعاد الطلبة إلى مدارسهم.
(1) صحيفة لسان الحال – بيروت، العدد 10520 الصادر في يوم الثلاثاء التاسع من نيسان عام 1929م.
(2) صحيفة لسان الحال – بيروت، العدد 10524 الصادر في يوم السبت الثالث عشر من نيسان عام 1929م.
انظر صورة احدى المظاهرت في الإضراب:
مظاهرة الطلاب في دمشق احتجاجاً على تخفيض ميزانية الجامعة السورية 1929