وثائق سوريا
كلمة شكري القوتلي رئيس مجلس إدارة معمل الكونسروة في حفل الافتتاح عام 1934
نص الخطاب الذي ألقاه شكري القوتلي رئيس مجلس إدارة معمل الكونسروة بدمشق في حفل افتتاح المعمل الذي جرى بحضور عدد كبير من رجال الدولة والوطنيين ووفود البلاد العربية في الثالث والعشرين من تشرين الثاني عام 1934م.
نص الكلمة:
(إن للشعوب نهضات ولكل نهضة دعائم وأركاناً منها الدعائم الأخلاقية والعلمية ومنها السياسية والاقتصادية.
إنكم بحضوركم الآن حفلة افتتاح معملنا تحتفلون بإقامة ركن من أركان نهضة هذا الشعب الذي جار عليه الزمن وصبر على تحمل تقلبات الدهر إنكم تحتفلون بتشييد ركن اقتصادي طالما افتقرت البلاد إلى أمثاله من الدعائم والأركان.
إن الأزمة المحلية التي تعاني البلاد تعالج بطريقتين منها معالجة حكومية وما يتعلق بتدابيرها ومقرراتها ومنها معالجة شعبية وما يتعلق بمقدرة الشعب وأهليته وإثبات موجوديته.
فالمعالجة الأولى المتعلقة بالحكومة ومقرراتها فعليها وحدها أن تدبر أمرها مسترشدة بأراء الأخصائيين من رجالات هذه الأمة مشتركة مع طبقة مستنيرة من المكلفين لإيجاد الوسائل المحكمة لتخفيف أعباء هذه الضائقة ورفع الضيم وإزالة الفقر عن كاهل مختلف الطبقات من هذه الأمة.
أما واجب هذه الضائقة المستحكمة وهو ما نحن بصدده فهو ما كان محتماً على الأمة أن تفكر في أمره معتمدة على نشاطها متكلة على سواعد أبنائها.
تنفيذاً لهذا الواجب يتحتم على الأمة أن تتضامن وتتساعد وتسعى لتأليف الشركات إذ أن زمن قيام الفرد بأعمال جليلة قد مضى دوره، وانتهى زمنه ولابد لمجاراة الأمم الراقية من التعاضد والتكاتف وتقسيم الأعمال واشتراك الأموال.
في هذا المشروع الذي تحتفلون بافتتاحه الآن وأمثاله من المشاريع الاقتصادية التي أسست في البلاد أثبت الوطنيون المخلصون المجاهدون بالحقل السياسي من أبناء هذه الأمة أنهم قادرون أيضاً على خدمة بلادهم وتأمين مصالحها وتحقيق رفاه هذا الشعب ونواله ما يصبو إليه من السيادة والاستقلال بجهادهم بالحقل الاقتصادي.
ولو أن الحكومات التي تعاقبت على هذه البلاد قامت بما عليها من إنشاء المشاريع العمرانية من زراعة وصناعة لخفت الضائقة المستحكمة وزال الفقر الذي يشكو منه الشعب بمراراة.
إن المعمل الذي تحتفلون بافتتاحه هذا اليوم قام وشيد أعماله على أساس تكاتف أفراد هذه الأمة ومؤازرة المخلصين من أبنائها.
إن المعمل الذي تشرف بحضوركم لحفلة افتتاحه يزيل كثيراً من الضائقة التي ترزح تحتها البلاد ويعاني آلامها مختلف طبقات الشعب إذ أن البلاد كما تعلمون بلاد زراعية التي انهكت قوى طبقة المزارعين تفاقمت الأزمة التجارية وأودت بكثير من التجار إلى هاوية الإفلاس واستنفذت جميع القوى المدخرة لدى الشعب السوري.
إن معمل الكونسروة وأمثاله في المعامل الصناعية كفيلة بتخفيف أعباء هذه الأمة إذ أنها تضمن خيراتها وتحفظ لهذه الأمة أموالها وتزيد بما تجلبه من الأموال الخارجية وثرواتها.
إن هذا المعمل الذي يشتري من الفلاح محصوله وبعد تحويله يصدره إلى الأسواق المحلية والخارجية بشكل يتفق مع روح العصر الحاضر ويفضل الإتقان والنظام وحسن الانتقاء سيتولى هذا المعمل فتح سوق جديد للمحصولات السورية في البلاد الأجنية واشغال محل لائق لها بجانب أعظم المعامل الأوربية والأميركية.
يتألف معمل الشركة من قسمين:
قسم لصنع الصلب وتهيئتها وقسم لتحضير الفواكه والخضار على مختلف أصنافها وأنواعها مجهزاً بأحدث الآلات والماكنات وآخر ما وصل إليه الفن في هذه السنين الأخيرة.
وبإمكان هذا المعلم أن يخرج يومياً ما زنته 10 أطنان من مختلف الفواكه والخضار وبالمستقبل القريب يمكن لهذا المعمل مع زيادة قليلة وقليلة جداً في عدد ماكناته أن يجعل هذه الكمية تقارب الثلاثين طوناً يومياً.
ويشتغل في ايام الموسم في هذا المعمل ما لا يقل عن أربعمائة عامل وعاملة.
لقد بدأ المعمل أعماله منذ أسبوعين فقط وقام بأعمال غير قليلة على سبيل التجارب والنماذج وذلك بسبب إنتهاء الفواكه والخضار وسيتولى إخراج أكبر كمية في موسم الربيع القادم وقد دلت التجارب التي قمنا بها على أن محصولاتنا فاقت برونقها وجودها ولذة طعمها محصول أكبر المعامل الأوربية وذلك بما تمتازه محصولات بلادنا التي خصت بجودة في تربتها وملائمة في أقليمها يضاف إلى ذلك حرارة الشمس وحسن الإتقان والصنع.
ومما يجب الإشارة إليه أنه وصل إلى إدارة الشركة كتب معدودة من مختلف البلدان الأوربية والآسيوية من بلجيكا وألمانيا ومن تشكوسوفاكيا ومن بلغاريا وإنكلترا والسويد ثم مصر والهند والعراق والحجاز وفلسطين يطلبون فيها إرسال نماذج من محصولاتنا وفي الشهر القادم ستتولى الشركة إرسال هذه النماذج وعرضها على الطالبين.