بطاقات بحث
جرادة وعصفور – من حكايات غوطة دمشق
جرادة وعصفور – من حكايات غوطة دمشق
دمشق – جبل الشيخ
الراوية : امرأة
توثيق الباحث نزار الأسود.
كان ياما كان حتى كان، كان في قديم الزمان رجل يدعى الشيخ عصفور تزوج من امرأة تدعى جرادة. وكان الرجل فقيراً جداً. وظل بعد الزواج مدة شهرين بلا عمل. والفقر يطمره فقالت له زوجته: ابحث عن عمل يغنينا عن صدق الناس وإحسانهم!!
وبعد بحث وجد عملاً، أن يعلم أطفال القرية الصغار.. وتغلب على عجزه وإهماله وقلة حيلته..!! ولكن أين سيعلم الأطفال..؟؟
فقالت له زوجته: ما رأيك أن تفتح هذا البيت كتّاباً؟؟ قال عصفور: ولكن أين سنجلس وننام؟ فوافق الشيخ عصفور ومدّ في أرض غرفته الوحيدة حصيرة وحشية وأحضر عصاً. وأعلن لأهل القرية هنا كتّاب الشيخ عصفور..!! فأقبل الأطفال على الكتاب إقبالاً..!!
وبعد أيام قالت جرادة لزوجها: حتى متى سنصبر على هذا الحال!؟
قال الشيخ عصفور علينا أن نقنع بما نحن فيه، وأنا لا أحسن أي عمل!!
وفي المستقبل يتحسن حال الكتّاب. قالت جرادة: اسمع خطرت لي فكرة ستجعلنا أغنياء، سأعلن للناس أنك عراف عظيم تعلم الغيب وتكشف المجهول. قال عصفور: ولكنك تدرين أني لست بعراف، وربما انفضح أمرنا. قالت: قلت لك اعمل بما أقول وأترك الباقي لي!!
وهكذا اشتهر الشيخ عصفور كعراف، وأصبح في بحبوحة من العيش. وكانت نبوءته تصدق عن طريق المصادفة.
وذات يوم سرقت خزنة الملك، وكانت حمولة عدة خيول من الذهب..!! وبحث الملك كثيراً عن خزنته، ولكن بلا جدوى. فقال له الوزير: ما رأي جلالة الملك أن نستدعي الشيخ عصفور ليكشف اللصوص الذين سرقوا الخزنة ..!!
كذلك استدعى الشيخ عصفور إلى حيث قال له الملك: يجب أن تحضر لنا الذين سرقوا الخزنة وأن تبين لنا أسماءهم، وأن تحصر الخزنة معهم وإلا قطعت رأسك..!! فخاف الشيخ.. وطلب من الملك أن يمهله حتى صباح الغد..
ذهب عصفور إلى بيته، وقد أحس بقرب نهايته، وأخذ يخاطب زوجته: ما هذه الورطة! وقال لها: أيرضيك أن يقطع الملك رأسي؟ وما أفعل؟؟ قالت له جرادة: لا تخف أنا أجد حلاً لهذه الورطة. قال: وكيف؟؟
قالت: اذهب الى الملك، وأطلب منه أربعين خاروفاً، كي نكتب بدمهم أسماء اللصوص، ونبين المبلغ المسروق..
وكانت جراد تقول في نفسها: سنأكل الأربعين خروفاً، وفي مهلة الأربعين يوماً، كل يوم خروف، وبعد ذلك سيان أمتنا أو هربنا!! المهم هو أننا قد تمتعنا بالحياة الرغدة أربعين يوماً.
ووصل الخبر إلى اللصوص .. وكان عددهم أربعين لصاً ذكياً، فقال زعيمهم، وهو يتداول الأمر مع العصابة: ماذا نفعل، والشيخ عصفور بما له من كرامة سوف يكشف أمرنا! ويخبر الملك عنا، وعن مكان المبلغ المسروق؟؟ فاقتراح أحدهم رأياً عسى أن يكون مقبولاً وهو أن يذهب أحدهم إلى بيت الشيخ عصفور ليلاً لتجسس من وراء الجدار، ويعرف ماذا يفعل الشيخ عصفور؟؟ فذبح الشيخ عصفور أول خروف من الأربعين، والتفت إلى زوجته وقال لها: هذا أول واحد من الأربعين يا امرأة. سمع اللص ما قاله عصفور، وراح إلى رفاقه خائفاً، يقلب كفاً على كف، وقال لهم: أيعجبكم!!؟ لقد كشف عصفور أمرنا!! قالوا له: ومن قال لك ذلك؟؟
فقال : سمعته يقول: هذا أول واحد من الأربعين يا امرأة.. قال له اللص الثاني: أريد أن أتجسس أنا لأسمع ما يقول. فسمع الشيخ عصفور يقول: هذا الثاني من الأربعين يا امرأة.. فظن أنه يقصده، ورجع إلى أصحابه مسرعاً، وأكد قول صاحبه الذي سبقه..
فأرسلوا ثالثاً ورابعاً وخامساً.. وكلّهم كانوا يؤكدون قول رفاقهم.. حتى لم يبق إلا رئيس العصابة.. فذهاب بنفسه إلى منزل عصفور ليتأكد مما قاله أتباعه..!! فسمع الشيخ عصفور يقول: الآن تكامل الأربعون هيا انهضي يا امرأة..!! فعاد إلى رفاقه مسرعاً، وأخذ يتداول الأمر معهم، ماذا نفعل والشيخ قد كشف أمرنا وغدا يذهب ويقول للملك عن أسمائنا، وعن مكان الخزنة التي سرقناها..؟؟ فقال أحدهم : لنحمل الخزنة ونأخذها إلى بيت الشيخ..!! فوافقوا جميعاً على هذا الرأي..!!
قال الشيخ عصفور لزوجته: إلى أين نذهب من الملك؟؟ وغداً يقطع رأسي؟؟ فقالت جرادة: ساعدني لنحمل أشياءنا ومتاعنا ونهرب إلى بلد بعيد..
لما وصل اللصوص إلى منزل عصفور، وجدوه خارجاً مع زوجته، فظنوا أنه ذاهب إلى الملك.. وظن عصفور أنهم من جند الملك..!! فتدافعوا عليه يقبلونه ويتوسلون إليه ألا يخبر الملك عنهم.
ففرح الشيخ عصفور، وقال لهم: أنا أعرفكم، ومن أول ليلة كنت أحصي عددكم فيها. وكنت أتربص بكم، وأبتهل إلى ربي أن يهديكم، وتأتوني بالخزنة دون أن أخبر الملك عنكم.
وضع اللصوص الخزنة أمام الشيخ، وعاهدوه ألا يعودوا لمثلها..!!
نام عصفور ليلته مسروراً بهذه النتيجة التي توصل إليها بطريق المصادفة. ثم ذهب صباح اليوم التالي إلى الملك وقال له: الخزنة قد وصلت إلينا، فأبعث رجالك لأخذها، واعف عن الفاعلين..!!
شاع الخبر أنّ الشيخ يعمل المعجزات..!! فكانت كلُ أمرأة في المدينة تذهب بمشكلتها إلى عصفور لتجد لها حلاً..!! ومن حسن حظه كانت المشكلات تحل بطريق المصادفة..!!
وذات يوم كان الملك ووزيره وأعوانه في السوق يتفقدون أحواله. وقد ذاعت شهرة عصفور، حتى خشي الوزير أن ينافسه، ويحتل مكانه، فعزم على الإيقاع به..!
أخذ الشيخ يؤنب زوجته لإيقاعه في تلك الورطاتــ ويقول لها إني أخشى الفشل يوماً ما..!! وسأكون ضحية لتحريضك الكاذب. فقالت له زوجته الذي نجاك في المرات السابقة سينجيك في المرات القادمة..!! فالموت أهون من عيشة الفقر والحرمان..!!
كان تاجر في السوق يخفي بضاعته في قدور.. فقال الوزير للملك: استدع الشيخ عصفور ليعرف ما في القدور.. فما أظنه إلا كاذباً. قال الملك: إذا كان كذلك فسأقطع رأسه..!!
ألقى الشيخ عصفور اللوم على زوجته، سبب تعاسته.. وشقائه.. وقال لها: ما أقوق الآن؟؟ قالت له جرادة: قل أول مرة أبيض من اللبن، وثاني مرة أمر من الصبر.. وكانت الزوجة تعني، حادثة اللصوص، وحادثة السوق.. ولما قال عصفور ذلك للملك، فتحت القدر الأولى فكان فيها لبن ثم فتحت الثانية فكان فيها صبر..!!
وكان الملك جالساً ذات يوم في الحقل، فوجد جرادة تهرب من عصفور. وتختبئ بين العشب فقبض الوزير على الجرادة والعصفور، ووضعهما في علبتين.. وطلب من الملك أن يستدعي الشيخ عصفور ليعرف ما في العلبتين..!!
أخذ الشيخ يلقي اللوم على زوجته، وقد ساء حاله وركبه الهم والغم، وأخذ يبكي ويتمنى الموت.. وما حياة الدجل والكذب؟؟؟ فقالت له جرادة: اذهب إلى الملك، وقل له: إذا أردت أن أشرح لك قصتي فشرحها يطول، لولا جرادة لما وقع عصفور..!!
قال الملك: حقاً إنك عّراف ماهر..ورفع عطاء العلبتين، فطار العصفور والجرادة. فأعطاه مبلغاً من المال.. إلا أن الشيخ أخذ يبكي أمام الملك، ويعتذر عن أخذ المال.. فقال له الملك ما بك؟؟
قال : اسمح لي أيها الملك أن أفتح الكتّاب ثانية، وأن أعود شيخ كتّاب فقد تعبت.. فوافق الملك على طلبه..
فرحت جرادة بعودة زوجها إلى الكتّاب، فقد كانت تريد الهرب من وجه الملك إلى بلدة أخرى بعيدة، لا يعرف زوجها فيها أحدٌ..!! ومع الأيام كثر الأولاد وتحسنت حال الشيخ وأفاد أهل الضيعة، حتى إنه فتح مسبحاً للأولاد بعد الظهر.. وعاد ليوصل حياته القديمة قبل أن يتزوج عندما كان عمره ست سنوات .. حين كان يعمل أجيراً عند رجل، وكان يأخذ منه مقداراً من المال كل شهر، حتى تمكن من الزواج بعد خمس وعشرين سنة..
انظر:
جرة الزيتون – من الحكايات الشعبية الشامية
من الحكايات الشعبية الشامية – شجاعة حطاب
من الحكايات الشعبية الشامية – الشجرة والطفلة الصغيرة
من الحكايات الشعبية الشامية – ثلاثة عشر “13”
من الحكايات الشعبية الشامية – زهرة الرمان
البنت الصالحة – من الحكايات الشعبية الشامية
الخضر – من الحكايات الشعبية الشامية
الأب الظالم – من الحكايات الشعبية الشامية
أبو كاترينا – من الحكايات الشعبية الشامية
كل شيء أساسه النساء في هذه الحياة – من الحكايات الشعبية الشامية
الصندوق – من الحكايات الشعبية الشامية
الغبي – من الحكايات الشعبية الشامية
البنت الشريفة – من الحكايات الشعبية الشامية
المعلاق – من الحكايات الشعبية الشامية
الأميرة التقية – من الحكايات الشعبية الشامية
رغيف خبز – من الحكايات الشعبية الشامية
نعيم ونعيمة – من الحكايات الشعبية الشامية
ثلاث ليمونات – من الحكايات الشعبية الشامية
الخبز والملح – من الحكايات الشعبية الشامية
الرجل الفقير- من الحكايات الشعبية الشامية
قمر الزمان – من الحكايات الشعبية الشامية
السلطان وابنته الأميرة – من الحكايات الشعبية الشامية
رامي – من الحكايات الشعبية الشامية
جرة الملح – من الحكايات الشعبية الشامية
قصة الطفل الذي يحب الجوز – من الحكايات الشعبية الشامية
البنت الذكية – من الحكايات الشعبية الشامية
نص نصيص – من الحكايات الشعبية الشامية
الملك – من الحكايات الشعبية الشامية
العاقل والمجنون – من حكايات غوطة دمشق
هلال وملال ومزعزع الأرض في الجبال – من حكايات غوطة دمشق
عارف والغولة – من حكايات غوطة دمشق
عمل الخير- من حكايات غوطة دمشق