You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

د. سعد طه كيّالي: سعد الله الجابري والصحافة

د. سعد طه كيّالي – التاريخ السوري المعاصر

 سعد الله الجابري والصحافة..   وَمضَة من التواضع والشهامة

لدى مراجعتي بعض الوثائق والكتب التاريخية، التي رصدت الأحداث السياسية إبان الانتداب الفرنسي على سوريا، استوقفتني رواية السيد ” نصوح بابيل ” نقيب الصحفيين السوريين وصاحب جريدة ” الأيام ” كانت قد جرت وقائعها في أربعينيات القرن الماضي، ترأس حينها الزعيم الجابري الوزارة في سوريا.

يقول الراوي ” بابيل ” إنّه قد تلقّى دعوة بصفته نقيباً للصحفيين، لحضور مأدبة إفطار رمضانية، أقامتها رئاسة الوزراء لعدد ٍ من الشخصيات السياسية والرسمية. ولدى وصوله إلى فندق الشرق ( الأوريان) ( Orient Palace ) مكان الدعوة، توجّه النقيب ليأخذ مكانه بين المدعويين، حسب البروتوكول الذي يحدّد مكان جلوس كلّ شخصية، وإنّما فوجىء بأنّ مكانه لا يليق بمنصبه كنقيب للصحفيين، حيث من المفروض أن يكون على طاولة النقباء الآخرين من محامين ومهندسين وأطباء … حينئذ ٍ طلب التحدّث إلى السيد أنور حاتم مدير مكتب رئاسة الوزراء، مُبدياً امتعاضه من تلك الحالة ” البروتوكولية ” ورغبته في تغيير مكانه، وإلاّ سيضطر إلى مغادرة المكان. فلم يستجب ” أنور حاتم ” للطلب، بحجّة فوات الأوان. حينئذٍ اتخذ ” بابيل ً القرار بمغادرة حفل الإفطار.

حدث ذلك قُبيل حضور الرئيس الجابري إلى المأدبة، الذي لفت انتباهه بعد فترة وجيزة من وصوله، أنّ هنالك كرسي شاغر، فبادر إلى استدعاء مدير مكتبه وسؤاله عن سبب غياب الضيف، فشرح له ما حصل وبالتالي لم يبدِ الرئيس أيّ ردّة فعل حيال الحادثة.

وفي اليوم التالي يتلقّى النقيب نصوح بابيل في مكتبه بجريدة الأيام، مكالمة من مدير مكتب رئيس الوزراء، طالباً منه التحدث مع الرئيس، الذي أبدى رغبته في دعوة النقيب إلى مكتبه، للتباحث.

اتسم اللقاء بالحميمية، حيث عبّر الرئيس الجابري للنقيب البابيل عن أسفه واعتذاره عمّا حصل في الحفل، كما أبدى رغبته في دعوة لفيف من الصحفيين وعلى رأسهم النقيب، إلى ذات المكان، وخلال أيام، وبذلك تكون الدعوة بمثابة اعتذار للنقيب خاصةً وللصحفيين بشكل ٍ عام.

ويقول البابيل: تلعثمتْ الكلمات في فمي من نُبْل الموقف، ولم أتمكن من تمالك نفسي عن الإفصاح عمّا يجول بخاطري من احترام وتقدير لشخصه الفاضل، فاعتذرت عن تلبية الدعوة، وبأنّ زيارتي له كانت كافية لعودة الأمور إلى نِصابها.

حال إصرار الرئيس الجابري دون قبول الاعتذار عن تلبية الدعوة، لذا تم توجيه الدعوات لزملائي الصحفيين ولي، لحضور مأدبة الإفطار في فندق ” الأوريان ” تُقيمها رئاسة الوزراء على شرف الصحفيين.

لدى وصول الجابري إلى الصالة، بادر بمصافحة الصحفيين فرداً فردا، وقُبيل آذان المغرب، اعتلى المنصة وألقى كلمة ً أمام ذلك الحشد من الصحفيين، عبّر من خلالها عن اعتذاره وأسفه عمّا حصل …

وسأورد ” بعضاً ” مما ألقاه الرئيس الجابري في كلمته أمام الصحفيين ( بناءً على ما ذكره النقيب البابيل ):

( … لا خير في إنسان لا يغضب لكرامته …

واسمحوا لي أن أهنّئكم بنقيبكم من صميم قلبي، فانسحابه بالأمس من وليمتي قد أعلى قدْر الصحافة ورفَع مكانتها، وإنْ دلّ على شيء فقد دلّ على مقدار إخلاصه لمهنته وغيرته عليها، وحرصه الدائم على جعلها في المستوى اللائق بها، ومَنْ لا يُخلص لمهنته لا يُخلص لوطنه ولأصدقائه وزملائه …).

أنهيتُ مقالتي مخاطباً وجداني … متمتماً:

( هكذا هم عظماء الوطن )


مصدر الرواية من كتاب ” سعد الله الجابري رجل الإستقلال وبناء الدولة ” ، لمؤلفه محمد علي شحادة جمعة.

الصورة من المصدر ذاته، تجمع رئيسا الوزراء السوري واللبناني سعد الله الجابري ورياض الصلح، ووزيرا الخارجية جميل مردم بك وسليم تقلا، يعود تاريخها ( حسب مراجعتي ) ما بين عامي 1943 و1944 م


انظر:

د. سعد طه كيّالي: الأحزاب السياسية “الفئوية” في حلب في عهد الانتداب الفرنسي

د. سعد طه كيّالي: قصة إنشاء “الترامواي” الكهربائي في حلب

د. سعد طه كيّالي: الكهرباء في حلب .. من البداية إلى التأميم



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى