بدر الدين تلجبيني – التاريخ السوري المعاصر
في شهر رمضان المبارك أعوام الخمسينات والستينات وفي مدينة أعزاز ، كان الصائمون أكثر تركيزاً على العبادات ، وأكثر إستمتاعاً بالروحانيات ، فكانوا يستمعون بعد تناول طعام الإفطار إلى ما تجود به مئذنة الجامع الكبير من أذانِ وتراتيل وتسبيحات ، تؤديها مجموعة من أجمل الأصوات ، يتقدمهم مؤذن الجامع الكبير (الحاج سليم الحياني) ومجموعة مؤلفة من : (الحاج جنيد عاشور – عبد السلام حاج عثمان ( ابو عاصم ) – الحاج زينو الحاج عثمان ) تشاركهم مجموعة من كبار السن منهم : (الحاج محمود فاضل – الحاج محمود القوج – الحاج محمد تلجبيني – الحاج محمد شريف) وآخرون .
فكان الجميع يصعدون إلى صحن مئذنة الجامع قبيل صلاة العشاء ، ويبدؤون بما كان يسمى (بالتجويق ) فيرحبون بشهر رمضان في بدايته قائلين :
(مرحباً مرحباً يا شهر رمضان مرحبا ) ( مرحباً مرحباً يا شهر الغفران مرحبا)
سبّوح قدّوس صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد )
وعند انتصاف الشهر يودعونه بعبارات :
( الوداع الوداع يا شهر رمضان الوداع)
الوداع الوداع يا شهر الغفران الوداع)
انت بدرٌ انت نورٌ .. أنت نورٌ فوق نورٍ .. الله يا مولاي)
هذه ليالي العفو وعلامات القَبولِ .. الله يا مولاي)
ثم يؤدون وبشكل جماعي أذان العشاء . وبعد أداء الصلاة تبدأ صلاة التراويح ، ويتخللها أيضا أناشيد إستقبال رمضان في بدايته ، ووداعه عند انتصافه.
وقبيل صلاة الفجر كانت أصواتهم تتردد في جنبات المسجد بالتسبيح والإستغفار ، فيرددون مع الحاضرين في المسجد تسبيحات من مقام ( السيكاه ) : (سبحان الله وبحمدهِ سبحان الله العظيم استغفر الله ) يكررونها ولمائة مرة .
ثم يرددون أيضاً جماعياً ومن مقام (السيكاه):
(سبحاااان الواحدُ الأحد ، سبحاااان الفردُ الصمد .
سبحانك ياعظيم لا إله إلا أنت يامن يُسبح لك الجمييييع ، تداركنااا برحمتك فإنا جازعون استغفرالله ) يرددونها لسبع مرات .
بعدها يقوم ( الحاج جنيد عاشور ) ، فيغرد بصوته الرخيم من مقام الصبا :
( إنك خير الأنام .. مصباحُ الظلام ..ومسك الختام ..ورسولُ الله الملك العليم العلام .
ذهب الليل وجاء النهار ، بقدرة الله الملك العزيز الجبار .
إن هذا لتقريبٌ من الآجال ونقصٌ من الأعمار ، فاعتبروا يا اولي العقول والأبصار .
يا ذا الذي استغرق في المنام ، قم وحّد الحي الذي لا ينام ..
مولاك يدعوك إلى بابه وأنت يا مغرورُ تلهو بعيشٍ مالَه من دوام .
قم إلى مولاك في غسق الدجى ، قد فاز عبدٌ في دجى الليل قام .
وقل إلهي إني مذنب ومقصرٌ فأسألك العفو والعافية وحُسن الختام )
( يتقبل الله مني ومنكم الصلاة والصيام والقيام ، ويجعلني وإياكم من عتقاء شهر رمضان من النيران ..إركعوا الفجر وإغتنموا الأجر يرحمني ويرحمكم الله ) ..
ويقوم الجميع فيؤدون صلاة الفجر وقد صفت نفوسهم ، وغشيتهم روحانية لا يدركها ويشعر بها إلا من كان معهم وقال قولهم ، رحمهم الله واحسن اليهم .
انظر:
بدر الدين تلجبيني: وقفة عيد الفطر في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: معقب معاملات في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: بائعون رائعون في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: رحلة الى السينما في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: دخول القوات الفرنسية إلى أعزاز عام 1920
بدر الدين تلجبيني: أيام شهر رمضان في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: نجارة المحاريث القديمة في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: حديث عن مدرسة ابن المقفع في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: السرايا الحكومية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: جولة في ليل أعزاز
بدر الدين تلجبيني: الزودة في قديم أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المولد النبوي الشريف في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: مقاهي أعزاز
بدر الدين تلجبيني: عيد الأضحى في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المصارعة الزيتية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: خان بيع الحبوب في أعزاز