شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – كل الصلاحيات، بلا جيش، لا تساوي بصلة
من مذكرات أكرم الحوراني (14 /126)
من مذكرات أكرم الحوراني – كل الصلاحيات، بلا جيش، لا تساوي بصلة
بعد حفلة التكريم التي أقيمت للجنرال كاترو في فندق الشرق نشرت “صوت الأحرار” والصحف اللبنانية الأخرى تصريحاً له قال فيه: “إن السلطات الفرنسية ستحتفظ بجيشها الخاص إلى ما بعد نهاية الحرب، وأنها لا تقبل حل آخر”.
وما أن أطلع النواب السويون على هذا التصريح الذي يكذب ما جاء في خطاب الجابري بشأن موافقة فرنسا على تسليم الجيش للحكومة السورية حتى أثاروا موضوعه في جلسة 03 / 1 /1944 وقدموا بصدده التساؤلات، فغاب الجابري من الجلسة وتولى فارس الخوري، رئيس المجلس الإجابة على هذه التساؤلات متجنباً ذكر تسليم الجيش إذ قال :”بيننا الآن اثنان من الوزراء وسيبلغان رغبتكم إلى زملائهما المختصين بهذه الناحية، على أنني لا أشك بأن الصلاحيات ستسلم، ولا عبرة لما تقوله هذه الجريدة أو تلك، وربما كان للقائل أو للمنسوب إليه القول غاية أو غرض آخر في بعض العبارات التي ذكرت وقيل أنها نشرت في بعض الصحف”.
فلم يقتنع المجلس بذلك بل قرر الموافقة على تقرير لجنة الدفاع الوطني الذي جاء فيه:
“بعد الإطلاع على القرار الذي اتخذه المجلس بوجوب استلام الجيش، مع استعداد المجلس والأمة لتأمين النفقات اللازمة، ترجو اللجنة المجلس دعوة الحكومة لتقديم مشروع قانون مالي يؤمن نفقات الجيش وتخصيص جلسة خاصة للبحث بأمر الجيش، وذلك قبل أن ينتقل المجلس إلى بحث الموازنة”.
وهكذا سدت جميع منافذ التهرب في وجه الحكومة، وقد تحمس أحد نواب العشائر فنهض قائلاً: “ان الله تعالى قال في كتابه العزيز : وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم وأولادكم، أما الاستقلال والمصالح المشتركة وغير المشتركة والصلاحيات فهذا كله بدون جيش لا يساوي بصلة”.
وهنا انقطع التيار الكهربائي فأظلمت القاعة، فأخذ رئيس المجلس – في الظلام – يهدي من حماس النواب ويحدثهم عن كيفية تكوين الجيش العراقي قائلاً:
“عندما نال العراق استقلاله عرض الإنكليز على الحكومة العراقية استلام الجيش وكان كالجيش السوري الذي ألفته السلطة الفرنسية عندنا والذي هو الآن ملحق بالجيش الافرنسي التابع للجيش التاسع، فرفضت الحكومة العراقية استلامه بحجة أنه غير متدرب ولا منظم على الطريقة التي ترغب بها البلاد، ولكنها ألفت كتيبة تسرح السلطة الإنكليزية كتيبة من الجيش المتطوع وهكذا إلى أن تهيأ للعراق تأليف الجيش الحالي، ونحن بإمكاننا أن نسير على غرار العراق بهذا الشأن”.
وهكذا أراد رئيس المجلس أن يميع الموضوع ويفسح مجالاً واسعاً لفرنسا وللحكومة بالمماطلة والمراوغة عدة سنوات أخرى، عدا ما لهذا الاقتراح من مخاطر على استقلال البلاد وأمنها إذ يسمح للفرنسيين أن يستغلوا الجيش السوري، المهدد بالتسريح من قبل الحكومة الوطنية، للانقضاض على استلال البلاد، كان حقاً توجيها منحرفاً وخطيراً جداً.
انظر :
من مذكرات أكرم الحوراني (125) – أساس مفاسد النظام البرلماني الديمقراطي
من مذكرات أكرم الحوراني (124) – تشكيل لجنة العشائر (أواخر كانون الأول عام 1943)
من مذكرات أكرم الحوراني (123) – إستلام الحكومة السورية الصلاحيات عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (122) – إقدام في لبنان وتخاذل في سورية
من مذكرات أكرم الحوراني (121) – لماذا وهبت سوريا الأقضية الأربعة للبنان؟
من مذكرات أكرم الحوراني (120) – دور المجلس النيابي في قيادة الحركة الوطنية
انظر ايضاً مذكرات أكرام الحوراني: