بطاقات بحث
العاقل والمجنون – من حكايات غوطة دمشق
حكايات غوطة دمشق
العاقل والمجنون – من الحكايات الشعبية الشامية
دمشق – ضاحية كفرسوسة
الراوية: امرأة عجوز سمعتها عن أبيها
توثيق الباحث نزار الأسود.
كان في قديم الزمان عاقل ومجنون، وكان أبوهما طالماً جداً، فأراد العاقل أن يهرب من البيت، ومن ظلم أبيه، وأن يعمل في مكان بعيد.
غضب المجنون من أخيه العاقل، وقال في نفسه: كيف يترك أخي أباه وإن اختلف معه؟ ثم قال: أريد أن أذهب معك حيث تذهب. فإن لم تقبل صحبتي، أخبرت أباك بعزمك على الرحيل وتركه وحيداً. قال العاقل: سأقبل صحبتك. وهكذا انطلق الأخوان معاً في أرض الله الواسعة، يبحثان عن عمل.
رأى العاقل بيتاً فيه كثير من الغنم، فطرق الباب، وإذ يغولة تفتح له فقال العاقل للغولة: هل تقبلين أن أعمل عندك راعياً؟ قالت الغولة: نعم ولكن شرط أن أعطيك خمساً وأربعين غنمة في أول النهار، فتسلمني الأغنام خمساً وأربعين في آخر النهار. فإذا رعيت الغنم في المرعى وعدت إلى البيت مساء فهذه غرفتك التي تنام فيها، وفي هذه الزريبة تدخل الغنم لأحلبها أنا، ولك على أن أعد زوادة، كل يوم، تأخذها إلى المرعى وتأكلها أنت وأخوك.
وافق العاقل على شروط الغولة، وقال المجنون في نفسه: كيف يرضى أخي أن يترك أغنام أبيه، وأن يعمل عند الغولة بلقمته؟
وكانت في المرعى غولة ثانية، تأكل كلّ يوم غنمة من الأغنام. فاحتار العاقل، وتساءل من يأكل الغنمة؟ واستمرت الغولة على هذا الحال حتى نقصت الغنمات خمساً، فكان العاقل يدخل أربعين غنمة إلى الزريبة لتحلبها الغولة وتقول: هذه الغنمات لم تحلب شيئاً هذا المساء.! فيجيبها العاقل: ربما لأنها لم تأكل شيئاً اليوم. ثم قالت الغولة لا بأس، سوف أصنع غداً الكبة الساختة، قال العاقل: نعم، ولما حان وقت الظهر، أرسل أخاه المجنون ليحضر الكبة.
أخذ المجنون الكبة من الغولة، وهو يتمتم غيظاً من أخيه العاقل. وكيف يرضى أخوه بحياة الغش والخداع، ويفضلها على الحياة مع أبيه! ثم يمسك المجنون بقرص الكبة، ويضرب به خياله على الأرض. ويقول له: خذ كل أيها الشّحاد. واستمر على هذا الحال حتى وصل إلى المرعى. فقال له العاقل: وماذا فعلت؟ لقد نفدت الزوادة..! ولا شيئ معك من الكبة. إنه خيالك الذي تعطيه أقراص الكبة.. أين الشحاد؟ إني لا أرى أحداً يتبعك.!
وفي اليوم التالي قال العاقل للمجنون: سأذهب أنا لأحضر الكبة. أما أنت فراقب الغنمات واعتن بها.
صعد المجنون إلى أعلى شجرة في المرعى، وقد امتلأ قلبه حنقاً من أخيه وأخذ يصيح بالغنمات، ويعطيها أوامره ، والأغنام تعصيه.. إلى أن قال للأغنام: سأهز الشجرة، وما عليكنّ إلا أن تضعن أـوراقها المتساقطة على رؤوسكنّ.
تخيل المجنون أن الغنمات قد وافقت على طلبه، فهزّ الشجرة، وأخذ يضرب أوراقها بعنف. ففرّت الغنمات من الخوف. إلا أن غنمة ضعيفة لم تستطيع الهرب. فنزل المجنون من أعلى الشجرة مهدداً، وذبح الأغنام جميعاً عقاباً لها، إلا الغنمة الضعيفة التي أطاعته ولم تهرب.
أخذ العاقل يفكر فيما يجب أن يفعل وما ينقصه عضبه مع أخيه المجنون! فذهب إلى الغولة وقال لها الحيلة التي خطرت على باله.
حين جاء الليل، جاء العاقل بالغنمة الضعيفة إلى بيت الغولة. وأخذ يدخلها إلى الزريبة لتحلبها الغولة، ثم يخرجها ثانية وهكذا إلى أن عدّت الغولة خمساً وأربعين غنمة. ثم قالت له: الأغنام لم تحلب شيئاً الليلة. فقال لها: انتظري حتى الصباح فتحلب لك كثيراً. فصدّقت الغولة، ووضعت له طعام العشاء وذهبت لتنام.
أسرع العاقل مع أخيه المجنون إلى المرعى، وأخذ ينقل معه الأغنام إلى الزريبة، ولما فرغا من عملهما، قال العاقل: هيا بنا نهرب.. قال المجنون: أجل إني موافق على الهرب، ولكن شريطة أن آخذ باب الدار معي. قال العاقل: كيف تأخذ باب الدار والباب ثقيل، ونحن هاربون! وربما شعرت بنا الغولة! قال المجنون وما عليه إن لم توافق على ذلك ذهبت إلى الغولة، وأيقظتها، وقلت لها ما فعلت بأغنامها.!
وافق العاقل، وحمل باب الدار مع أخيه وهربا به، إلى أن أدركهما التعب وحل الظلام. فصعدا إلى أعلى جوزة ليناما- مع الباب الذي حمله المجنون_.
حين أشرقت الشمس أراد العاقل أن يهرب، فنظر إلى أسفل الجوزة، فوجد اللصوص قد سرقوا خزنة الملك، وأخذوا يتقاسمونها، وربما بحثت عنّا الغولة وأدركتنا إن بقينا هنا.
فتح المجنون زوادته وأخرج مافيها من ماء.. ورش اللصوص به. فقالوا: ما شاء الله أمطر بلا غيم!! ثم ألقى عليهم ما في زوادته من طعام. قال اللصوص: ما شاء الله، رزق من السماء. ثم هزّ المجنون الشجرة، فتساقط الجوز على اللصوص. ففرحوا به، ثم حاول المجنون أن يلقي الباب على اللصوص- فمنعه العاقل،خشية أن يعرف مكانهما اللصوص فيقتلوهما. إلا أن المجنون ألقى الباب الخشبي القديم على الأرض. فسمعت له ضجة عظيمة. ففزع اللصوص، وظنوا أن عسكر الملك قد جاءت. فتركوا كنز الملك، وهربوا.. وكأن القيامة قد قامت.!.
قال العاقل للمجنون: هيا بنا نأخذ الكنز، ونعيده إلى ملك البلاد. قال المجنون: أجل ليس قبل أن تعود إلى أبيك، وتطلب رضاه.
وهناك رواية أخرى لهذه الحكاية من جديدة الوادي – قرية في ضاحية دمشق- تضيف إلى هذه الحكاية جزئية أخرى مفادها أن المجنون قد شاهد فأرة تحفر في حقل، والقطع الذهبية تتناثر من حولها.. فسلم عليها..واستأذن في أخذ قطعة ذهبية.. فحركت الفأرة ذنبها فظن المجنون أنها ترد عليه السلام. وتأذن له بأخذ القطعة الذهبية. إلا أن العاقل عندما علم بذلك. ذهب إلى الحقل ليلاً، وأخذ الذهب جميعاً. فغضب المجنون من فعله أخيه. وأعاد المال إلى صاحب الحقل.
انظر:
جرة الزيتون – من الحكايات الشعبية الشامية
من الحكايات الشعبية الشامية – شجاعة حطاب
من الحكايات الشعبية الشامية – الشجرة والطفلة الصغيرة
من الحكايات الشعبية الشامية – ثلاثة عشر “13”
من الحكايات الشعبية الشامية – زهرة الرمان
البنت الصالحة – من الحكايات الشعبية الشامية
الخضر – من الحكايات الشعبية الشامية
الأب الظالم – من الحكايات الشعبية الشامية
أبو كاترينا – من الحكايات الشعبية الشامية
كل شيء أساسه النساء في هذه الحياة – من الحكايات الشعبية الشامية
الصندوق – من الحكايات الشعبية الشامية
الغبي – من الحكايات الشعبية الشامية
البنت الشريفة – من الحكايات الشعبية الشامية
المعلاق – من الحكايات الشعبية الشامية
الأميرة التقية – من الحكايات الشعبية الشامية
رغيف خبز – من الحكايات الشعبية الشامية
نعيم ونعيمة – من الحكايات الشعبية الشامية
ثلاث ليمونات – من الحكايات الشعبية الشامية
الخبز والملح – من الحكايات الشعبية الشامية
الرجل الفقير- من الحكايات الشعبية الشامية
قمر الزمان – من الحكايات الشعبية الشامية
السلطان وابنته الأميرة – من الحكايات الشعبية الشامية
رامي – من الحكايات الشعبية الشامية
جرة الملح – من الحكايات الشعبية الشامية
قصة الطفل الذي يحب الجوز – من الحكايات الشعبية الشامية
البنت الذكية – من الحكايات الشعبية الشامية
نص نصيص – من الحكايات الشعبية الشامية
الملك – من الحكايات الشعبية الشامية