شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – إقدام في لبنان وتخاذل في سورية
من مذكرات أكرم الحوراني (13 /122)
من مذكرات أكرم الحوراني – إقدام في لبنان وتخاذل في سورية
خرج زعماء لبنان الوطنيين من معتقلات راشيا وبشامون أبطالاً منتصرين في معركة الحرية والاستقلال، وفي الجلسة الأولى التي عقدها البرلمان اللبناني، في الأول من كانون الأول عام 1943 اقتراح بعض النواب تعديل المادة الخاصة بالعلم اللبناني السابق. وبدون أية مناقشة عدلت المادة وصدقت بالإجماع.
إن دقة الظروف التي كان يمر بها لبنان وسوريا، وجرأة بشارة الخوري ورياض الصلح وإقدامهما في قيادة معركة الاستقلال، لم تفسح أي مجال للاحتجاج على استئثار بعض الأشخاص، دون العودة إلى الجماهير واستلهامها، في تقرير شكل العلم اللبناني المتحرر من عبودية فرنسا.
ثم ألقى رياض الصلح، في تلك الجلسة خطاباً قوياً ينضح رجولة وشجاعة واصراراً على حرية لبنان وإلغاء الانتداب وممارسة الاستقلال فعلياً، مؤكداً على هوية لبنان العربية التحررية بوعي كامل للظروف الدولية والداخلية المواتية لهذا الموقف الرائع.
ومما كان يحز في نفوسنا نحن السوريين، مجلساً وشعباً، أن حكومة القوتلي كانت لا تزال غارقة في حالة من الخوف والاستسلام، كانوا قد وصلوا إلى السلطة، وهم غير مستعدين للمغامرة بها بأي ثمن.
ففي نفس اليوم الذي ألقى فيه رياض الصلح بخطابه القوي في البرلمان اللبناني، عقد المجلس النيابي السوري جلسة أوعز فيها سعد الله الجابري للنائب ميخائيل ليان أن يلقي عليه سؤالاً عن صلاحيات الاستقلال ومشاورات الوحدة العربية، عله يرفع من قدر نفسه وحكومته بنظر الشعب، فأتى السؤال مصطنعاً والجواب هزيلاً انهزامياً، بالرغم من أنها كانت مناسبة لاسترداد الثقة بالنفس والشجاعة بعد انتصار لبنان وانهزام فرنسا المشين الذي أنهى هيبتها ونفوذها حتى في نظر أعوانها ومريديها في البلدين.
رد الجابري على “السؤال المفاجئ” بذكر ضرورات الحرب كتبرير لسياسة الحكومة ثم قال مفتخراً:
“إننا أبلغنا السلطات المختصة أننا لا نقبل أي تشريع أو قانون يصدر من غير الحكومة المنبثقة من مجلسكم. وأظن أن هذا البلاغ في طريقه من عدة أيام. أما القسم الثاني -إصلاحات الاستقلال- فإن هناك اختصاصات يمارسها الجانب الفرنسي كحفظ الحدود وجوازات السفر وإدارة العشائر وشؤون الأمن العام ومراقبة الصحف وماشابه ذلك”.. قال: “إننا بدأنا بممارسة هذه الحقوق فعلاً وأبلغناهم ذلك. أما القسم الآخر من الصلاحيات الذي نشترك فيه مع لبنان، فهذا القسم لو فرضنا جدلاً أن الانتداب نافذ من الوجهة الحقوقية حيث كان يمارسه على هذا الأساس فإن ممارسته له لا تخوله حق السيطرة على هذه المصالح المشتركة.
أما وقد اتفقنا مع لبنان على تسلم المصالح المشتركة بما فيها الجمرك ومراقبة الشركات ذات الامتياز وما يتبعها من مسائل فلم يبق أي سبب لبقاء الأجنبي ممارساً لها. وإنني أقول لكم بأننا لم نجر مفاوضات بمعنى المفاوضات مع الجانب الأجنبي، ولكننا لما بحثنا مع الجنرال كاترو اعترف بأننا أصحاب الحق، وأننا بعد أن اتفقنا مع لبنان لم يبق عليهم إلا التسليم” وقال” “أما ما يطلبه الجانب الثاني مقابل نقل الصلاحيات وغيرها من معاهدة فإننا لا نرى هناك أي ضرورة لعقد معاهدة لتسوية هذه المسائل”. ثم قال:” ولا أظن الجانب الآخر – الفرنسي- يفكر بهذا الأمر أو يقول به، وما وجدناه حتى الآن هو الاعتراف من الجانب الآخر – الفرنسي- بأن التسليم ضروري وسيعمل به”. ولخص كلامه بالأمور التالية:
1- إنه لا يوجد انتداب.
2- إنه لا توجد معاهدة.
3- إن الصلاحيات ستنقل إلينا وما نقل منها سيستكمل.
4- إن هناك بلاداً عربية تسعى بأن تتحد. وسعيها سائر في طريقه الطبيعي.
5- إن هناك ضرورات حربية هي نتيجة للمساهمة في جهود الأمم المتحدة في سبيل النصر.
6- إن هناك ظروفاً حربية فرضتها ضرورة سلامة جيوش الأمم المتحدة.
وبعد انتهاء خطابه طلبت الكلام للرد عليه فسبقني عدنان الأتاسي إذ كان له حق الأولوية بالكلام بصفته رئيس لجنة الخارجية، فقال:
“والذي فهمته من خطاب دولة رئيس الوزراء هو أن امراً واحداً قد تم حتى الآن وهو حق تعيين مأ/وري جوازات السفر على الحدود، وأن قضية أخرى قد بت بها أيضاً هي أنكار الحكومة حق التشريع على غير هذا المجلس الكريم. وأن هناك قضايا أخرى أو صلاحيات ستنقل في وقت قريب”.
ثم قال: “أظن أن هناك صلاحيات ثانية، منها قضية الحرس السيار الذي يمارس وظيفة إدارية محلية بحتة وقضية الشركات ذات الامتياز، وإحداث الجيش السوري الذي هو عنون الكرامة الوطنية ودليل الاستقلال ورمز السيادة”.
فوافق سعد الله الجابري على كلامه بعد أن توجه إلى النواب طالباً منهم “أن يكفوا عن الكلام الآن”. وقال: “وأما مسألة الجيش فإننا لا نكتمكم أنها مسألة تحتاج لدرس، وأننا لا نستطيع أن نمشي فيها دون حساب دقيق وتؤدة، وخاصة في هذه الظروف الحربية”.
وقد خشي الجابري أن يكون في خطابه ما يحرجه فمنع الصحف من نشره، مؤجلاً توزيع “نصه الرسمي” إلى اليوم الثاني، فذكرت “النصر” أنه “لم يسمح لنا بنشر خلاصة هذا الخطاب الذي سينشر بنصه الرسمي اليوم ، العدد 43، 2 / 12 / 1943 . وربما فعل رئيس الوزراء ذلك لأنه خشي أن تحذف الرقابة الفرنسية شيئاً من خطابه فأراد أن يتأكد من ذلك قبل توزيعه على الصحف.
انظر :
من مذكرات أكرم الحوراني – لماذا وهبت سوريا الأقضية الأربعة للبنان؟
من مذكرات أكرم الحوراني – دور المجلس النيابي في قيادة الحركة الوطنية (120)
من مذكرات أكرم الحوراني – خروج الحكم السوري من الأزمة 1943 (119)
من مذكرات أكرم الحوراني – حث نظام القوتلي على ممارسة الإستقلال (118)
من مذكرات أكرم الحوراني – انتصار حركة استقلال لبنان وموقف حكومة عهد القوتلي (117)
من مذكرات أكرم الحوراني – قضية لبنان في مجلس النواب السوري (116)
من مذكرات أكرم الحوراني – فرنسا تلغي حقوق لبنان الاستقلالية (115)
من مذكرات أكرم الحوراني – دمشق تحتفي بتحرريي لبنان (114)
من مذكرات أكرم الحوراني – موازنة الدولة (113)
من مذكرات أكرم الحوراني – قضية فلسطين محور الوحدة العربية (112)
من مذكرات أكرم الحوراني (111) – على ضفاف بردى
من مذكرات أكرم الحوراني(110) – كيف بدأ تشكل المعارضة ضد عهد القوتلي؟
من مذكرات أكرم الحوراني (109) – عملاء المخابرات البريطانية المحليون
من مذكرات أكرم الحوراني (108) – المعركة التي لم تخضها سوريا يخوضها لبنان
من مذكرات أكرم الحوراني (107) – العائلة القوتلية
من مذكرات أكرم الحوراني (106) – احتفال تجار دمشق بانتخاب القوتلي رئيساً
من مذكرات أكرم الحوراني (105) – أداء رئيس الجمهورية والنواب يمين الإخلاص
من مذكرات أكرم الحوراني (104) – افتتاح البرلمان وانتخاب القوتلي رئيساً عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (103) – في مجلس النواب.. متاعب .. إلى حدود الإغماء
من مذكرات أكرم الحوراني (102) – كيف كانت بنية المجتمع وشكل الاقتصاد في حماه عام 1943؟
من مذكرات أكرم الحوراني (101) – منعطف حاسم في مسيرة حياتي
من مذكرات أكرم الحوراني (100) – على هامش معركة الانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (99) – شكري القوتلي يوافق ويبارك
من مذكرات أكرم الحوراني (98) – لجنة الإصلاح في حماة 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (97) – موقف الكتلة الوطنية من انتخابات حماة عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (96) – طبول فتنة دامية
من مذكرات أكرم الحوراني (95) – انفجار الشعار الحاسم
من مذكرات أكرم الحوراني (94) – ترشيحي للانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (93) – ترشيح عثمان الحوراني لانتخابات عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (92) – جولة شكري القوتلي الانتخابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (91) – بدء النفوذ البريطاني في سوريا
من مذكرات أكرم الحوراني (90) – القوتلي ينطلق من سياسة التعاقد مع فرنسا
من مذكرات أكرم الحوراني (89) – عودة الحياة الدستورية للبلاد
من مذكرات أكرم الحوراني (88) – انهيار الكتلة الوطنية في عهد الشيخ تاج
انظر ايضاً مذكرات أكرام الحوراني: