بدر الدين تلجبيني – التاريخ السوري المعاصر
في صبيحة يوم من أيام عام 1960 بكَّر الحلاق (أبو رضوان) بالذهاب الى صالون الحلاقة ، ومنذ وصوله بدأ أجيره بالتكنيس ثم مسح المرايا والرفوف وترتيب البشاكير وأغطية الحلاقه ومسح الكرسي الخشبي ، وأزال الغبار عن اللوحات القرآنية والصور التاريخية الموضوعة على الجدران ، وبدأ ( ابو رضوان ) بسنّ أمواس الحلاقة بمسن يسمى ( القايش ) تمهيدا لإستقبال الزبائن . وقام بغلي الأدوات من مشارط وكلاّبات بغية تعقيمها لإستعمالها في عمليات الكي والفصد والحجامة وقلع الأسنان . وكان الحلاقون في تلك الآونة يتقاضون عن الكبار نصف ليرة عن الشعر او الذقن ، وعن الصغار ربع ليرة ، بإستثناء مواسم الأعياد حيث تكون الإجرة فيها مضاعفة تحت مسمى ( العيديّة ) ، وللأجير أيضاً عشرة قروش خرجيّه . ويحاسبه المزارعون الحلاق محاسبة سنوية ، فيعطونه أكياساً من القمح أو الشعير ، أو كيل من العدس او السمسم أوالفاصوليه .
كان الحلاق يعمل طوال النهار واقفاً على رجليه .فيأكل رزقه بتعبه وعرق جبينه . وأحياناً يذهب في طلب خاص إلى أحد الأعيان أو المرضى في المنازل وتكون الإجرة حينها مختلفة . وهناك من الحلاقين من كان يحمل حقيبته ويطوف القرى والحقول والبيادر ليحلق للفلاحين المشغولين بالعمل في الأرض .
ونعود الى (أبو رضوان) فبالرغم من أنه لم يكن من الدارسين ، لكنه كان يتكلم في مجالات الطب والسياسه والدين ، فمع إمام المسجد يتحدث عن الأولياء والصالحين ، ومع أرباب الفن يعرف اسماء الملحنين ويعدد اسماء المطربين .ومع اهل الزراعة يقدم الإرشادات للفلاحين ، وفي مجال السياسة يتكلم كلام الساسة المتمرسين ، عن امريكا و روسيا وفلسطين !!
وكثيرا ما كان يتحرش بالزبون ليفتح سيرة الأطباء ، لينبري فيكشف عن خبراته الطبية التي اكتسبها على مر السنين ، ويقسم للزبون أن كتاب جده في طب الأعشاب أفضل من الكتب التي يدرسها الأطباء في الجامعة ، وانهم يتخرجون حسب قوله ( مو فهمانين ) !! ، أما إذا كان الزبون من أهل الحي ، فيستهل الحديث معه بعبارة : ( شفت اش صار مع فلان ؟ والله زعلت عليه ..) ويبدأ بسرد الحادثة بتفاصيلها مستعيناً بعدة مصادر ، فالعم قال كذا ، وشقيقه عمل كذا ، وبين الفينة والأخرى يتوقف مقصه عن العمل ويميل على الزبون قائلاً : ( الحكي بيناتنا ) ويسرد له إشاعة تناقلها اهل الحارة ، ويختمها بعبارة ( الله يستر حريماتنا ) !!
وفي اعوام السبعينات كان ( ابو رضوان ) يعاني من مشاكل مع الزبائن الشباب ، فيشكو لكبار السن معاناته مع شباب الجيل الجديد وحديث الموضات ،
، وانه تعب من تتبع موضات السوالف ، فقد أصبح السالف يستهلك نصف الذقن ما يدعونها موضة ( الخنافس ) ، أو ما كان يسميها ( جظمة الخنافس ) ويحدث الزبائن بأنه في إحدى المرات كان يحلق عنده شاب ببنطلون ضيق وسوالف تستهلك نصف لحيته ، وحين تجاوز موس ( ابو رضوان ) المجال ودحم السالف فاقتطع منه عدة شعرات ، غضب الشاب وأرعد وأزبد ، واتهمه بتشويه منظره وبأنه أفقده الجاذبية والجمال .
والحقيقة أن شخصية (أبو رضوان) التي اتحدث عنها هي شخصية إفتراضية غير حقيقية أوردتُها في المقال على سبيل المثال . وما ورد في تصرفاته لا تنطبق على الجميع بحالٍ من الأحوال .
ونأتي الآن لنتذكر اسماء الحلاقين في مدينة اعزاز قديماً وحديثاً :
فمن القدماء :
ـ (الحاج حسن مراشي ) مقابل معصرة العلوي القديمه شرقي محل محمود مراشي سابقاً وكان يقلع الأسنان .
ـ (ابن القظوا) حلاق ارمني يقع محله أمام شركة الكهرباء ..
ـ ( خيري بيور) شرق محل الساعاتي مصطفى عيدو .
ـ (ابو سيدو ) ومحله على راس السوق الشمالي مقابل النهر وقد خلفه ( ابو حمدو بكار )
ـ (الحلاق عثمان شعبو)
ـ الحلاق أحمد طالب (جولو)
ـ الحلاق (ممو) جانب روضة الفيصل سابقاً وكان يقوم بقلع الأسنان أيضاً .
ــ الحلاق ( قدورالحاج ناصر) جانب خان حاج فيصل وكان حلاقاً لمدير المنطقة وقائد الشرطه وعناصر سلك الشرطه وحلاق للسجن في نفس الوقت .
ـ الحلاق ( محمد حاج ناصر ..) و كان محله مقابل الحلاق قدور حاج ناصر وخلفه الحلاق ( عثمان كشكش ) ثم انتقل محمد الحاج ناصر بعد ذلك الى الكراج مكان مكتبة سعيد مكان الحلاق القظوا .
ـ عبدو الشيخ علي علوي (أبو منير) مقابل خان وحيد هلال على الزاوية .
ـ ( حج عبدو مراشي) شرقي خان بحري ويسي ومن الصناع عنده ( علي عطونو وحنان طنبو ) رحمهما الله .
ـ (يوسف شيخ الجامع ) جانب دكان السمان غازي كركج في الكراج .
ـ (أحمد ديبو خلو ابو أديب) وقد حل محله الحلاق حسين حنظل.
ـ (حج عبدوالحلاق والد الاخ حسين عبدو) ومحله في سوق الأكراد مقابل سليم كريدي وقد خلفه ولده (حسن عبدو)
ـ (محمد يوسف حج خليل) ايضاً في سوق الأكراد .
ـ (ابو صالح عفيف وأخيه) في السوق شمالي دكان حنجيك .
ـ الحلاق (ابو ربيع) جانب خان ابو فريد كركج .
ـ الحلاق ( الحاج محمد دالي عمر) ومن بعده ولده يحيى جانب دكان شوقي الشش .
(ويقال ان ( الحاج محمد دالي عمر) كان يجري عمليات جراحية خطيرة وحساسه ( كتراخم العين والضفر في العين واستئصال الثدي الملتهب وتجبير الجمجمه المكسورة ) كما افاد حفيده
ـ الحلاق (محمد عثمان والملقب (كشكش) مقابل خان الحاج فيصل
ـ الحلاق ( احمد طنبو …) وهو حلاق متجول يحمل حقيبته ويتجول في القرى فيحلق لكل من ليس لديه وقت ليحضر الى الحلاق من فلاحين في البيادر وغيرهم .
وفي اعوام السبعينات كان من الحلاقين :
ـ الحلاق (سمعو عبشو بيور)
ـ الحلاق (مصطفى قاسم خلو) في الكراج
وبعدهم :
الحلاق ( كمال ) تحت مبنى المالية .
انظر:
بدر الدين تلجبيني: رحلة الى السينما في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: دخول القوات الفرنسية إلى أعزاز عام 1920
بدر الدين تلجبيني: أيام شهر رمضان في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: نجارة المحاريث القديمة في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: حديث عن مدرسة ابن المقفع في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: السرايا الحكومية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: جولة في ليل أعزاز
بدر الدين تلجبيني: الزودة في قديم أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المولد النبوي الشريف في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: مقاهي أعزاز
بدر الدين تلجبيني: عيد الأضحى في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المصارعة الزيتية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: خان بيع الحبوب في أعزاز