بطاقات بحث
المؤتمر الصحفي الذي عقده أديب الشيشكلي نيسان عام 1951
في مطلع شهر نيسان عام 1951 طردت إسرائيل نحو 650 فلسطينياً من مستنقعات الحولة وتطورت الأمور إلى اشتباكات جرت على الحدود الأردنية والسورية. كما انتهك الطيران الإسرائيلي الأجواء السورية.
واعتبر حينها الزعيم فوزي سلو في تصريحات صحفية له أن هذه الأعمال العدوانية التي تقوم بها إسرائيل تشكل انتهاكات ومخالفات لشروط الهدنة.
وقدمت الحكومة السورية على أثر ذلك ثلاث شكاوى إلى مجلس الأمن وطالبت بعقد جلسة طارئة.
وتطورت الحوادث الحدودية مع سورية التي خرج في شوارعها آلاف الفلسطينيين الذين طالبوا بالتطوع في الجيش السوري.
ضمن هذه الأحداث قام العقيد أديب الشيشكلي بزيارة إلى مصر، وعند عودته عقد مؤتمر صحفياً في نادي الضباط بدمشق في الساعة التاسعة من صباح يوم الأحد الخامس عشر من نيسان عام 1951م. تناول فيه نتائج زيارته والتطورات السياسية الحاصلة.
بعد أن رحب العقيد الشيشكلي بالصحفيين تحدث بإسهاب عن رحلته إلى مصر، وقال: (لقد كان هدفي الرئيسي من زيارة مصر هو الاتصال بالسلطات المختصة فيها ولاسيما السلطات العسكرية لوضع حد لتعديات اليهود على حدود سورية. ولقد لقيت مهمتي كل نجاح لأن قضية خلافنا مع إسرائيل ليست قضية سورية. بل هي قضية عربية، ولقد أظهرت جميع الدول العربية دون استثناء استعدادها للتعاون مع سوريا في نزاعها المذكور).
وتابع: (وقد عمدت إلى تصحيح بعض الآراء الخاطئة عن الوضع في سوريا القائلة أن من يملك عشر بنادق يستطيع أن يهيئ إنقلاباً، وأبنت أنه لم يقع في سوريا سوى إنقلاب واحد، كان النتيجة الطبيعية لسوء الإدارة والدكتاتورية العسكرية وقد أدى ذلك إلى قتل حسني الزعيم واعتقال سامي الحناوي).
وأضاف الشيشكلي: ( ولقد أوضحت بطلان ما يشاع عن تدخل الجيش في إدارة الحكومة، وأفهمتهم أن تدخل الجيش السوري في بعض الشؤون العامة لا يعني تدخله في سياسة البلاد، ولكن الضباط السوريون كل حسب اختصاصه، يبدى رأيه عندما يطلب منه إبداء هذا الرأي وفقاً لهذه الاختصاصات وإنني بصفتي زعيماً للإنقلاب الأخير أريد أن أؤكد للجميع بأن الجيش السوري هو أداة طيعة بين يدي كل حكومة سورية تنبثق عن مجلس الأمة الشرعي.
وأكدت لهم أيضاً أن تدخل الجيش السوري في قضية بلاده لا يزيد عن تدخل أي ضابط بريطاني أو أميركي أو فرنسي في قضية بلاده، وإذا كان قد لوحظ نشاط بعض العسكريين فإنما كان ذلك في حدود ما أشرت إليه، فكل وزارة من وزارات الحكومة لها صلة بالجيش، فمثلاً وزارة الداخلية تستعين برجاله في شؤون الأمن إذا احتاجت لذلك، ووزارة الأشغال تحتاج إلى رجاله لوضع سياستها في تعبيد الأرض، وإقامة الطرق والمنشآت العامة لأن الجيش هو الذي يستفيد منها).
وانتقل العقيد الشيشكلي بعد ذلك إلى الحديث عما يشاع من وجود خلاف بين سوريا والأقطار العربية، ونفى وجود خلاف بين سوريا والأقطار العربية، وقال أن العلاقات قائمة على أساس من المودة وأن روح الإخاء تسود جميع المباحثات التي تجري الآن بين سورية وشقيقياتها العربيات دون استثناء.
وأضاف: (هذه بعض نقاط أردت تصحيحها بالنسبة لمصر والأقطار العربية جميعها).
واستطرد قائلاً: ( إن الموضوع الأساسي الذي أردت أن أتحدث إليكم عنه في هذا المؤتمر هو الخلاف القائم الآن بيننا وبين إسرائيل في المنطقة المجردة من السلاح ولقد أفهمت السلطات المصرية وجهة النظر السورية فيه وشرحت لهم دقائق هذه القضية وما اقترفه اليهود من خرق لإتفاقية الهدنة وأطلعت السلطات المصرية المسؤولة على أهم بنود هذه الإتفاقية التي اجترأ اليهود على خرقها).
وختم الشيشكلي المؤتمر بتوجيه الشكر إلى كافة الأقطار العربية لما قامت به من تأييد في الماضي لسوريا وتأييد للجيش السوري في موقفه المشرف من العدوان اليهودي، وصرح في ختام حديثه بأن بعثة عسكرية سورية سوف توفد إلى الباكستان.
وقد طرح على الشيشكلي عدد من الصحفيين بعض الأسئلة عن الضمان الجماعي واذا كان يتوقع أن تتخذ الدول العربية موقفاً واحداً لمساعدة سورية في نزاعها مع إسرائيل، فقال: ( في اعتقادي أن البلاد العربية ستتخذ كل التدابير لحماية حقوق العرب في هذه المنطقة).
وأجاب على سؤال آخر عما يشاع من أن ضغطاً وقع على سورية من بريطانيا وأميركا وفرنسا بقوله: ( اعتقد انه ليس من مصلحة الحلفاء الغربيين وجود اضطرابات وقلاقل في الشرق الأوسط).
وأجاب على سؤال حول رأيه في إجراء انتخابات نيابية في سورية فقال: ( إن الحديث في هذا الموضوع من الأمور السياسية وأنا لا أريد أن الجواب على هذا السؤال لأنه ليس من اختصاصي)(1).
(1) صحيفة الجزيرة، عمان، العدد 1564 الصادر في يوم الاثنين السادس عشر من نيسان عام 1951