بدر الدين تلجبيني – التاريخ السوري المعاصر
قبل ان يتم اختراع الجرار الالي ، كان الناس يقومون بحراثة اراضيهم الزراعية مستعملين المحراث الخشبي القديم الذي كان يصنعه النجارون من خشب السنديان نظراً لقساوة هذا النوع من الخشب وملائمته لمهمة شق الأرض وتقليب التراب ، وكانوا يسمونها ( العده ) فكان لدى كل مزارع محراث يضعه امام باب داره ، وعندما يحين موعد حراثة الأرض هناك نوعان للمحراث : المفرد والجطل ، المفرد يجره حصانان او ثوران ، والجطل يجره حيوان واحد ويمضي في ارضه جيئة وذهاباً بخط واحد حتى تكتمل العملية التي قد تستغرق عدة ايام .
والمحراث الخشبي هذا يتألف من خمس قطع رئيسية وهي :
الكباسه : وهي خشبة عمودية على جسم المحراث يقوم الفلاح بالامساك بمقبضها و كبس المحراث الى الأسفل لينغرز السيف الحديدي جيدا في التراب .
ـ القبعة : وهي القطعة المنحنية التي توصل السيف الحديدي بالساعد .
ـ السيف : وهو القطعة التي يركب عليها السيف الحديدي .
الساعد : وهو القطعة الخشبية التي تربط المحراث بالدواب التي تجر المحراث .
ويقوم النجار بربط اجزاء المحراث بعضها ببعض بأطواق حديدية يشتريها هي والسيف الحديدي من محل الحداد الارمني (انترانيك)
واذا استعرضنا الادوات التي يستخدمها النجارون في صناعة المحراث القديم
نجد انها ادوات بدائية ، وتحتاج الى عضلات قوية وهي :
مطرقة كبيرة : تستعمل لإدخال الطوق الحديدي وربط اجزاء المحراث بعضها ببعض .
ومطرقة صغيرة : للمسامير .
(القدّوم) : وهي الأداة التي تزال بها العقد من خشبة السنديان لكي تصبح مستوية .
– (القوس والمقدح)
ويمثل في عصرنا هذا (المثقب) وهو عبارة عن قوس مربوط به شريط جلدي يتم لفه على المقدح الذي هو خشبة من السنديان ايضا مدورة رفيعة لها راس مسنن ، فعندما يبدأ النجار بتحريك القوس يمنة ويسرة يدور المقدح ويثقب الخشب .
– ( الكنّيز) : وهو الاداة التي تزيل لحاء الشجر من على الخشب فتجعل ملمسه ناعماَ ، ويحاكيه حديثا ( الرندج).
الكماشه : وهي الأداة التي تنزع المسامير من الخشب
المنقار : وهو اداة حديدية يتم بها فتح الثقوب في الخشب .
المنشار الكبير : ويستعمل في نشر الخشبة الكبيرة .
منشار الدوره : وهو منشار ناعم الأسنان يحفر في الأماكن الدقيقة في الخشب .
المقومة : وهي التي تستعمل في حني الخشب بعد تعريضه للنار .
وفي عام 1935 كان محمد تلجبيني نجارا يصنع المحاريث الخشبية ، فكان يذهب مع رفاقه من النجارين ، الى انطاكية وغابات عفرين ، يقطعون الجبال والوديان ، في رحلات منهكة للأبدان ،
باحثين عن خشب السنديان ، وحين يحصلون عليه ينقلونه على الحمير والبغال في قافلة مترافقين حتى يصلوا به الى سوق النجارين ، فيجتمع عليه ارباب المهنة من مختلف الجهات ، ليشتروا ما يلزمهم من قبعات وسيوف وكباسات ، ونصابات وقظمات .
ونذكر من ارباب المهنة في تلك الفترة :
1 ـ الحاج كيال عجمي (ابو ديبو)
2 ـ الحاج محمد تلجبيني (ابو علي)
3 – الحاج خضر صليبيه:
4 – الحاج أحمد بكري (أبو ناجي)
5 ـ الحاج محمود بكار (جنان) وغيرهم …
ويمتد سوق النجارين من دكان الساعاتي حسين حياني وحتى اخر الشارع شمالاً .
واليوم غاب المحراث القديم وحل محله الجرار ، منهيا عهد النجار ، وزمن الفلاح الفارس الكرار . الذي كان يمشي في حراثة ارضه ذهابا وايابا الف مشوار ..
فلم يعد هناك تعب ولا عناء ، بل جلوس تحت الشجرة واحتساء فنجان قهوة وكأس ماء ، ومراقبة للجرار الزراعي وهو يقوم بالحراثة ويتحمل الأعباء .
هذه قصة المحراث الخشبي القديم من الألف الى الياء .حماكم رب السماء.
انظر:
بدر الدين تلجبيني: السرايا الحكومية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: جولة في ليل أعزاز
بدر الدين تلجبيني: الزودة في قديم أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المولد النبوي الشريف في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: مقاهي أعزاز
بدر الدين تلجبيني: عيد الأضحى في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المصارعة الزيتية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: خان بيع الحبوب في أعزاز