من الصحافة
صحيفة عام 1950: مصرع عادل العلواني قاضي دمشق الممتاز
كان منصب القاضي الشرعي الأول في دمشق، يطلق عليه لقب قاضي دمشق الممتاز، وقد درج أن يحتل هذا المنصب كبار فقهاء الدين ورجال القانون نظراً لحساسية هذا المنصب ودوره.
وكان عادل العلواني القاضي الممتاز في دمشق في العام 1950.
عرف عن هذا القاضي شدة نزاهته وعدله، وعدم انحيازه عن الحقيقة مهما كلفه من ثمن.
تعرض القاضي عادل العلواني لحادثة إغتيال في السابع من آذار عام 1950م، ونشرت صحيفة البلد خبراً عن الحادثة في عددها الصادر في السابع من آذار عام 1950م.
نص الخبر كما ورد في الصحيفة:
الجريمة التي اقامت دمشق واقعدتها
مصرع قاضي دمشق الممتاز بيد غادرة اثيمة.
نقل جثمان المغدور إلى حماه. سير التحقيق
أفاقت دمشق صباح أمس على نبأ الجريمة الوحشية الغادرة التي ذهب ضحيتها قاضي دمشق الممتاز فضيلة الأستاذ عادل العلواني.
وتفصيل الحادث المروع الذي كان له وقع الصاعقة والذي قوبل بأسف واستنكار شديدين ان الأستاذ العلواني قضى مساء الأحد مع أصدقائه في مقهى الطاحونة الحمراء وعاد حوالي الساعة التاسعة ليلاً إلى داره في سيدي عامود وما كاد يفتح الباب الحديدي الخارجي ويصعد السلم الحجري حتى تصدى له شاب مجهول انقض عليه كالوحش وأعمل في وجهه وصدره وكتفيه طعناً بمدية حادة كان يحملها، ثم ولي هارباً متستراً بظلمة الليل.
إلى بيت الطبيب
واندفع المغدور لأول وهلة نحو الباب الحديدي قبل أن تخور قواه وأحس بالدماء تصبغ وجهه ويديه فخرج إلى الشارع فدار الدكتور شورى المقابلة لبيته وراح ينادي الطبيب الذي هب من فراشه مذعوراً على أصوات الاستغاثة وإذا به وجها لوجه أمام الأستاذ العلواني وقد ضرجته الدماء فأسرع به إلى العيادة حيث أجرى له الإسعافات الأولية وضمد بعض جراحه.
وكان المغدور في هذه اللحظة قد بدأ يفقد وعيه شيئاً فشيئاً من عمق الطعنات القاتلة وشدتها.. وحاول الطبيب أن يعرف شيئاً عن الجريمة قبل أن يغيب رشده فسأله عن الجاني ولكن الأستاذ العلواني لم يعد يقوى معها على الكلام وكانت العبارة الوحيدة التي وفاه بها: أنه يرتدي اللباس الفرنجي شاب أميل إلى الطول..
إلى المستشفى الوطني
وفي هذه الأثناء كان الدكتور شورى قد اتصل بالإسعاف والشرطة على الفور ونقل المغدور إلى المستشفى الوطني حيث فارق الحياة.
وقد توج المستنطق الأول الأستاذ الحامد والنائب العام الأستاذ الحكيم رئيس دائرة القسم العدلي السيد عبد المالك الأسطواني التحقيق حتى الصباح.
وفي ساعة مبكرة من صباح أمس – الاثنين – لم تكن التحقيقات أسفرت عن نتيجة ملموسة نظراً للغموض الذي اكتنف الجناية.
وقضى عطوفة مدير الشرطة العام المقدم أحمد العظم ست ساعات متواصلة في المستشفى يتابع سير التحقيق وغادره عند الساعة الثالثة صباحاً.
تشييع جثمان الفقيد
وفي الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس (السادس من آذار) نقل جثمان المغدور على سيارة الإسعاف من المستشفى الوطني إلى تكية السلطان سليم حيث صلى عليه ثم حمل النعش على الاكتاف وسار خلفه المشيعون من رجال الحكومة والقضاء والعلماء والشباب حتى شارع بغداد وهناك قدمت التعازي لعائلة الفقيد لم ثم نقل الجثمان إلى حماه ليدفن في مدفن العائلة.
المستنطق يواصل تحقيقاته
هذا ويتابع المستنطق الأول الأستاذ رشدي الحامد تحقيقاته في الجريمة بحضور النائب العام الأستاذ سامي الحكيم ورئيس القسم العدلي السيد الأسطواني وقد جيء قبل ظهر أمس بجميع الدعاوي التي كانت لدى المرحوم الأستاذ العلوني لمعرفة ما إذا كان هناك أحد من ذوي العلاقة بهذه الدعاوى له يد بالجريمة.
وقد أوقف حتى الساعة الخامسة من أمس مساء أربعة أشخاص تحوم حولهم الشبهات والتحقيق يجري في جو من الكتمان الشديد. حرصاً على سلامته.
لمحة عن حياة المغدور
يبلغ المرحوم الخامسة والأربعين من العمر نشأ وترعرع عصامياً، وهو مازال على مقاعد الدراسة. عين أولاً استاذاً لتعليم فن الخط العربي في مدرسة دار العلم والتربية الأهلية، وفي نفس الوقت كان يعمل خطاطاً لكسب ما يساعده على الحياة والدراسة. وعندما حصل على شهادة التعليم الثانوي انتسب لمعهد الحقوق العربي بدمشق وتخرج منه في عام 1933. ثم مارس المحامات في حماة وانتدب لأعطاء الدروس في اللغة الفرنسية بالإضافة لفن الخط، وفي سنة 1936 دخل مسابقة انتقاء قضاة شرعيين وكان في مقدمة الذين نجحوا فعين قاضياً في قضاء أعزاز وكان مثال القاضي النزيه الشريف الواعي. ثم انتدب قاضياً معاوناً لدمشق في عام 1941 وأخذ يتقدم في منصبه باضطراد حتى رقي إلى وظيفة قاضي دمشق الممتازة.
وكان رحمه الله أديباً ممتازاً وكاتباً بليغاً وخطيباً مفوهاً، ومازلنا نذكر يوم سمعه المغفور له سعد الله الجابري يخطب في مناسبة وطنية وكان وزيراً للخارجية فما كاد ينتهي من الخطاب حتى صافحه الزعيم الخالد وقال له:
“لا فض فوك يا أستاذ، إنني أهنئك على موهبتك الخطابية”.
والفقيد متزوج وله خمسة أولاد أرسل كبير لأنجاله إلى فرنسا لاتمام تحصيله العالي ولا يزال يتلقى العلم هنا وفي انتخابات الجمعية التأسيسية الأخيرة كان من جملة المرشحين عن مدينة حماه واشترك في قائمة معالي وزير الدفاع السيد أكرم الحوراني. ولكنه فشل.
الفقيد الشهيد
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه جنات خلده وألهم زوجته وأنجاله نعمة الصبر وأجزل العوض عنه.
انظر:
مقتل القاضي الشرعي الأول بدمشق (قاضي دمشق الممتاز)