شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – احتفال تجار دمشق بانتخاب القوتلي رئيساً
من مذكرات أكرم الحوراني (12 /106)
من مذكرات أكرم الحوراني – احتفال تجار دمشق بانتخاب القوتلي رئيساً
وزارة سعد الله الجابري
إثر انتخاب القوتلي رئيساً للجمهورية افتتح عهده بأمرين هامين يشيران إلى خطه السياسي بالنسبة للمستقبل. الأمر الأول تشكيل أول حكومة في العهد الجديد برئاسة سعد الله الجابري كل أعضائها من الذين تقلدوا الوزارات في عهد الانتداب وتعاونوا معه.
فكانت فاتحة العهد الاستقلالي هذه الحكومة:
سعد الله الجابري للرئاسة
جميل مردم للخارجية
لطفي الحفار للداخلية
نصوح البخاري للدفاع الوطني والمعارف
خالد العظم للمالية
مظهر رسلان للأشغال العام والإعاشة والتموين
الدكتور عبد الرحمن الكيالي للعدلية
توفيق شامية للزراعة والتجارة
وكان تشكيل هذه الحكومة على هذا النحو مؤشراً سيئاً لسياسة العهد. ولم يكن هذا رأيي الخاص بل كان أيضاً شعور الرأي العام. وفي استمرت هذه الوزارة في الحكم حتى 14 تشرين الثاني عام 1944م.
حفلة تجار دمشق بخان أسعد باشا
ابتدأ القوتلي عهده جاعلاً الجمعية الغراء وجامع تنكز دعامة نشاطه الانتخابي في الأوساط الشعبية، ولم تكن الجمعية الغراء بعيدة عن الوسط التجاري، فقد كان أمين سرها عبد الحميد الطباع من تجار دمشق.
وكان الرأسماليون الذين أثروا في ظروف الحرب على حساب الميرة ومصلحة الاعاشة دعامة القوتلي الحقيقية وراء الجمعية الغراء.
ولذلك أطلوا برأسهم بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، فتشكلت بإيعاز منه لجنة من كبار التجار الرأسماليين ضمن كلاً من : مسلم السيوفي، عبد الهادي الرباط، عبد الحميد دياب، أمين دياب، بدر الدين دياب، بديع قصص، حمدي الخطيب، محمد القصص، عبد الوهاب الصمادي، بشير رمضان، توفيق الحلاق، صلاح الدين الشوربجي، رشدي البعلبكي، عبد الهادي المارديني، عبد المغيث السمان، أنور القطب، موفق الحفار، ياسين الطباع، عارف اللحام، مكي الحفار، رفعت الإيتوني، موسى غناجه، إبراهيم طوطح(1)، صادر الغراوي، شفيق الخانجي.. الذين ستمر في المستقبل أسماء بعضهم، من الذين أستغلوا عهد القوتلي ولعبوا أدواراً سياسية بغاية الخطورة، واتهم بعضهم بصفقات مشبوهة على حساب الدولة.
احتفاء بانتخاب القوتلي رئيساً للجمهورية أقام هؤلاء التجار، بتاريخ 23 آب 1943 حفلة كبرى في خان أسعد باشا الشهير بذكرياته التاريخية، في سوق البزورية القريب من المسجد الأموي وقصر العظم.
وقد حضر الحفلة هاشم الأتاسي وأعضاء المجلس النيابي وعدد غفير من المدعوين، وكان اختيار تجار دمشق هذا الخان مكاناً للاحتفال بداعي أنهم استقبلوا فيه الملك فيصل بعد تتويجه ملكاً على سوريا، وهم اليوم “يستقبلون رئيسهم السيد شكري القوتلي”.
بذل تجار دمشق على حفلتهم بسخاء بالغ فكان حفلة في منتهى الأناقة والفخامة فقد زينت الأسواق التجارية المؤدية إلى سوق البزورية بزينات رائعة، وفرشت الطرق بالسجاد إلى خان أسعد باشا.
ولم يسبق لي أن دخلت هذا المبنى الأثري رغم أنني كنت أمر من قربه كثيراً عندما كنت طالباً في مدسة “عنبر” التجهيزية القريب منه.
وقف هاني الجلاد خطيباً باسم تجار دمشق، وهو الرجل الذي أخرجناه من جامع أمية مهزوماً لا يلوي على شي، في اضرابات ومظاهرات عام 1936، عندما أعلن باسم الكتلة الوطنية إنهاء الإضراب..
وقال في خطابه: “قد يظن الظان أن دعوة يدعو إليها تجار العاصمة سوف تتكلم فيها المادة. دع الظن، وما أهداك إلى الحقيقة الناصعة، فأصحاب المتاجر قد أقاموا الدليل أكثر من مرة على أنهم أصحاب عقيدة، وذمتهم عراء من كل غاية”..
قد يصح هذا القول على التجار في الماضي عندما كانوا يعانون أزمة اقتصادية خانقة، ولكنه لا يصح بعد اثرائهم في ظروف الحرب..
على إنني غبت عن متابعة كلام الجلاد بتأملات أثارت في نفسي خواطر أخرى حول خان أسعد باشا :
إنه أحد رموز دمشق التجارية عندما كانت مصنوعاتها الشهيرة تذهب بعيداً في العالم، إنه صورة حية للعقلية التجارية الدمشقية التاريخية التي تنشط دون صخب في الظلال الوارفة، متحضرة مرنة ذكية نشيطة ناعمه، تعبد إليهن: الله والدينار.
أحببت المكان ولكن شعرت أنني أمقت تلك الحفلة لما ترمز إليه من استغلال سيفسد الحياة السياسية.
(1) إبراهيم طوطح: كان إبراهيم طوطح من كبار تجار دمشق وكان شريكاً لوالد أحمد الشراباتي.
انظر :
من مذكرات أكرم الحوراني (105) – أداء رئيس الجمهورية والنواب يمين الإخلاص
من مذكرات أكرم الحوراني (104) – افتتاح البرلمان وانتخاب القوتلي رئيساً عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (103) – في مجلس النواب.. متاعب .. إلى حدود الإغماء
من مذكرات أكرم الحوراني (102) – كيف كانت بنية المجتمع وشكل الاقتصاد في حماه عام 1943؟
من مذكرات أكرم الحوراني (101) – منعطف حاسم في مسيرة حياتي
من مذكرات أكرم الحوراني (100) – على هامش معركة الانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (99) – شكري القوتلي يوافق ويبارك
من مذكرات أكرم الحوراني (98) – لجنة الإصلاح في حماة 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (97) – موقف الكتلة الوطنية من انتخابات حماة عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (96) – طبول فتنة دامية
من مذكرات أكرم الحوراني (95) – انفجار الشعار الحاسم
من مذكرات أكرم الحوراني (94) – ترشيحي للانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (93) – ترشيح عثمان الحوراني لانتخابات عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (92) – جولة شكري القوتلي الانتخابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (91) – بدء النفوذ البريطاني في سوريا
من مذكرات أكرم الحوراني (90) – القوتلي ينطلق من سياسة التعاقد مع فرنسا
من مذكرات أكرم الحوراني (89) – عودة الحياة الدستورية للبلاد
من مذكرات أكرم الحوراني (88) – انهيار الكتلة الوطنية في عهد الشيخ تاج
انظر ايضاً مذكرات أكرام الحوراني: