شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – موقف الكتلة الوطنية من انتخابات حماة عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (11 /97)
من مذكرات أكرم الحوراني – موقف الكتلة الوطنية من انتخابات حماة عام 1943:
منذ بداية المعركة الانتخابية زار سعد الله الجابري حماه وحاول أن يتوسط بين “الذوات” وبين رئيف الملقي لتشكيل قائمة واحدة. فلم يوفق في مسعاه لأن الملقي كان يطمح لأن يحل محل توفيق الشيشكلي بقيادة الحركة الشعبية في حماه.
وبعد اشتداد المعركة أوفد القوتلي صبري العسلي إلى حماه ليقنع الملقي بالتخلي عن تحالفه من حزب الشباب، والاتفاق مع آل العظم. ولكن الملقي، بعد تورطه، وقع في مآزق حرج لأن أي اتفاق مع آل العظم سوف يفقده القاعدة الشعبية في المدينة نهائياً(1) وهو بالوقت نفسه غير واثق من صدق الاقطاعيين معه وعدن نكثهم بعهودهم، فيخرج الخاسر الوحيد. وهذا ما جعل مفاوضاته السرية مع آل العظم تنتهي إلى غير نتيجة.
من المهم أن نذكر أن زعامة الملقي الشعبية لم يكن سببها بالإضافة إلى صفاته الشخصية كنظافة اليد والشجاعة والتمرس بالمحاماة، إلا كونه ابن أسرة شعبية ناضل بشجاعة في صفوف الحركة الوطنية، فهو عندما يتخلى عن مبادئه يفقد قواعده الشعبية التي تحملت بعض أخطائه.
تلك كانت مساعي الكتلة الوطنية في معركة انتخابات عام 1943م، وكان بها سابقة مماثلة في انتخابات عام 1932 التي تقدم إليها المرشحون بقائمتين: قائمة الكتلة الوطنية التي ترأسها المرحوم الدكتور توفيق الشيشكلي، وقائمة الاقطاعيين التي ترأسها حسني البرازي، ولكن تجاوزات الاقطاعيين، وصرفهم الأموال، وسيطرتهم على صناديق الانتخابات وتزويرها بدعم من السلطات آنذاك أدى إلى واقعة مشهورة في التاريخ السياسي لمدينة حماه عندما ثار شعبها على التزوير وحطم صناديق الانتخابات.
وعند إعادة انتخابات عام 1932 هرع زعماء الكتلة الوطنية لاحتواء الحركة الشعبية في محاولة توفيقية بينهما وبين الاقطاعيين، وكنت قائمة الكتلة تضم الكتلوي نجيب آغا البرازي، ومع أن نجيب آغا كان من كبار الاقطاعيين فان الطبقة الاقطاعية كانت تعبر أن ممثلها الحقيقي هو حسني الرازي المتعاون مع السلطة لذلك حاول زعماء الكتلة، في سعيهم للتوسط، وكان على رأسهم هاشم الأتاسي وجميل مردم أثناء اجتماعهم في مدرسة دار العلم والتربية أن يستبدلوا نورس الكيلاني، الرجل القوى المتحالف مع حسني الرازي بقائمة واحدة، عوضاً عن نجيب الرازي، فتدخل الشعب بقياداته الشابة (الشيخ عبد الرحمن خليل، عبد الرحمن الشارع، مصطفى الحوراني، رئيف الملقي) لإحباط هذه المحاولة، فغادر زعماء الكتلة الوطنية حماه وهم فاشلون، ولما زار فارس الخوري مدينة حماه بعد تلك المعركة الباسلة التي فازت فيها القائمة الشعبية الكتلوية برئاسة الدكتور توفيق الشيشكلي استقبلته المدينة استقبالاً رائعاً، فردد بيتين من الشعر تعرض فيهما لجسني البرازي تورية:
حماة بها عز العروبة والندى لها في مضامير الجهاد مفاخر
بها من أطاع الشعب نال كرامة وفيها على العاصي تدور الدوائر
وقد فهم الناس أن العاصي هو حسني الرازي الذي دارت عليه الدوائر بعد أن عصا الشعب فخرج من الانتخابات مدحوراً، وكان لهذين البيتين صدى بعيد في نفوس الجماهير، فصار الناس يرددونهما بمناسبة وبدون مناسبة، وكانا سبباً فيما حملته المدينة بعد ذلك من مشاعر الود الخاصة لفارس الخوري.
انظر :
من مذكرات أكرم الحوراني (96) – طبول فتنة دامية
من مذكرات أكرم الحوراني (95) – انفجار الشعار الحاسم
من مذكرات أكرم الحوراني (94) – ترشيحي للانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (93) – ترشيح عثمان الحوراني لانتخابات عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (92) – جولة شكري القوتلي الانتخابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (91) – بدء النفوذ البريطاني في سوريا
من مذكرات أكرم الحوراني (90) – القوتلي ينطلق من سياسة التعاقد مع فرنسا
من مذكرات أكرم الحوراني (89) – عودة الحياة الدستورية للبلاد
من مذكرات أكرم الحوراني (88) – انهيار الكتلة الوطنية في عهد الشيخ تاج
انظر ايضاً مذكرات أكرام الحوراني: