شهادات ومذكرات
من مذكرات أمين أبو عساف: نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/ (9)
من مذكرات أمين أبو عساف: نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
في الخامس عشر من تموز عام 1937 نقلت إلى الكوكبة /25/ من كتيبة شمال سوريا آمر رعيل ومركزها منبج. ما أن وصلت واستلمت عملي حتى بدأت المشاكل؟
آمر الكوكبة فرنسي الليوتنان “دور جفال” ضابط مشاة لا يترك مكتبه إلا نادراً، كل قضايا الكوكبة يحلها الرقيب الأول المحاسب “ناجييل” وهو مفوض من آمر الكوكبة.
في اجتماع الصباح يقدمون له الكوكبة عندما يحضر بالرغم من وجود ضباط.
اعترضت على ذلك وطلبت منه أن يحترم من هو أعلى منه رتبة وأن يؤدي التحية لي. وليس له حق بتقديم الكوكبة خاصة عند وجود ضباط، أجاب هكذا تجري الأمور بمعرفة آمر الكوكبة.
ابتدأ يسلم على برفع يده بتكاسل ولكنه كان يتجنب مقابلتي. وعندما يكون دور الخدمة علي لا يأتي إلى الاجتماع. وأنا لا أحضر الاجتماع عندما يكون دور الآخرين.بعد التفقد صباحاً نذهب إلى التمرين في الخارج، وقد فوضني الآمر بتدريب الكوكبة وكان في الكوكبة ملازم أول غير نظامي يدعي ” محمود علي” آمر رعيل راجعت آمر الكوكبة حول موقف الرقيب الأول “ناجييل” وكيف تُقدم له الكوكبة بحضور الضباط، وهذا مخالف للقانون، وهو لا يسلم عليّ بالتحية العسكرية الرسمية. أجاب منفعلاً هكذا تسير الأمور هنا ولست مستعداً لتغييرها؟ لماذا أتيت إلى هنا؟! لقد مر ضباط نظاميون قبلك ولم يطلب أحد تغيير هذا ؟! وهل تطلب حق القيادة على الملازم الأول “محمود علي”؟ أجب : أتيت إلى هنا بأمر القيادة والملازم الأول “محمود” باعتباره أعلى رتبه له حق القيادة عليّ. وكل ما أطلبه هو العودة إلى القانون العسكري الذي يحدد الحقوق والواجبات. وإذا كنت غير مستعد لتطبيق القانون فإني سأضطر لعرضه على آمر الكتيبة.
تقدمت بتقرير مفصيل إلى آمر الكتيبة عن طريق التسلسل عن حقوق وواجبات ضابط نظامي خريج الكلية العسكرية في الكوكبات الخفيفة غير النظامية وشرحت فيه مفصلاً ما يجري في الكوكبة، وإذا كانت هذه الأعمال ستبقى على حالها أطلب نقلي. احتفظ آمر الكوكبة بهذا التقرير مدة خمسة عشر يوماً وكنت أسأله إذا كان رفع تقريري إلى القيادة يجيب بالنقي؟ أخيراً قلت له سأكون مضطراً لرفع تقرير مباشرة إلى آمر الكتيبة إذا لم ترفعه؟
في أواخر شهر آب استدعاني الكومندان “فيلار” آمر الكتيبة لمقابلته في حلب على أن أكون جاهزاً للسفر بمأذونية.
جرت المقابلة وقال لي: معك حق في كل ما ذكرته في تقريرك، والجيش الفرنسي يطبق القانون بحذافيره. أما معاملة الرقيب الأول “ناجييل” فانها ترتدي طابعاً خاصاً ضمن القانون لأنه صف الضابط الفرنسي الوحيد في تلك المنطقة وافقته على ذلك. سألني: كيف يجري التدريب أجبته إن التدريب غير مرض وإن أكثرية الضباط وصف الضباط أميون أو شبه أميين لم يتبعوا دورات ولم يرفعوا عن جدارة لذلك لا يمكنهم القيام بواجب وظيفتهم. حبذا لو تفتح دورات تعلمهم واجباتهم قدر الإمكان وتسمح لهم القيام بتدريب جنودهم. وذهبت بمأذونية مدتها عشر أيام.
بعد عودتي وجدت كل شئ قد تغير. وكنت أنوب عن آمر الكوكبة في الاجتماعات والتدريب. ولا يتدخل الرقيب الأول “ناجييل” في شؤون الخدمة خارج مكتبه.
خلال شهر أيلول حضر آمر الكتيبة لتفتيش الكوكبة. أثناء التمرين قال : أرغب في رؤية رعيلك. أجبته إني أدرب كل أفراد الكوكبة ومسؤول عنهم جميعاً. وبعد تمرين قتال أخبرني أنه أصدر امراً لفتح دورة لتعليم عدد من الرقباء لكل كوكبات الكتيبة وعُينت مديراً للدورة.
مكان الدورة “إعزاز” وهي مركز كوكبة، مدة الدورة ثلاثة أشهر. كان مركز الكوكبتين الباقيتين في “عفرين وإدلب” وضعت برنامجاً عاماً بالمواد التي تدرس موزعة على أسابيع وأرسلت نسخاً عنه إلى قيادة الكتيبة.
أثناء الدورة زار آمر الكتيبة إعزاز وشاهد الدورة في التدريب، طلبت منه الموافقة على تشكيل لجنة فاحصة وقد دعمت ذلك خطياً.
وفي نهاية الدورة حُضرت لجنة فاحصة واختبرت أفراد الدورة ضمن البرنامج وكانت النتائج جيدة نسبياً، وهي أول دورة تفتح في الكتيبة.
وفي شهر آذار 1938 عينت لاتباع دورة اطلاع على أجهزة الاتصالات اللاسلكية الحديثة في بيروت حضرها عدد من الضباط من القطعات النظامية والذين يملكون أو سوف يملكون مثل هذه الأجهزة. وهي دورة مفيدة جداً. وحسب التعليمات كان عليّ أن أقابل آمر الكتيبة في حلب بعد انتهائها.
سألني القائد إذا كانت أرغب في اتباع مثل هذه الدورات. أجبته إن الدورة مفيدة جداً. ولكن نظراً لعدم وجود مثل هذه الأجهزة في الكتائب الخفيقة سوف أنسى ما تعلمته إذ لا يمكن تطبيقه وتبقى الدورة بدون فائدة.
طلبت منه أن يقترح تعييني في دورة إلى مدرسة الفرسان أو المدرعات في “سومير” بفرنسا، ومن العادة أن يذهب إليها ضباط سوريون ولبنانيون. أو في دورات آليات في سوريا أو لبنان حيث إني قّدرت نظراً لتقدم الأسلحة وغزارة نيرانها وظهور الطائرة والمصفحة والدبابة أنه سينتهي سلاح الفرسان، ويحل مكانه سلاح الدروع ورغبتُ في التخصص في هذا السلاح الحديث.
يوجد أوامر دائمة في القطعات تبين الدورات وكيفية الترشيح لها. أما الدورات المستحدثة فإن القيادة العامة تعمم شروط الترشيح في الوقت المناسب.
في أول زيارة قام بها قائد الكتيبة إلى الكوكبة /25/ قال لي: يؤسفني إبلاغك عدم قبول اقتراحي بتعيين في دورة “سومير” لأن وزير الدفاع السوري يرغب تعيينه من سوريا.
على أثر معاهدة /1936/ كانت حكومة جبل الدروز قد ألحقت بسوريا مع المحافظة على استقلالها المالي والاداري بموجب قرار من المفوض السامي.
شرحت لقائد الكتيبة أن قوات الشرق الخاصة تتبع حتى الآن إلى القيادة الفرنسية. والتحقت حكومة الجبل بسوريا ولم يعد هناك فرق بين الضباط السوريين وأنا منهم في حال ترشيح عدد من الضباط أرجو أن تكون كفائة الضباط هي مقياس قبوله. من خلال الرجوع إلى إضبارته الشخصية، أو الامتحان بين الضباط المرشحين ويذهب الناجح.. وعد بدراسة ذلك مع القيادة.
خلال شهر آب أتي القائد لزيارة الكوكبة وعند وصوله كنا في استقباله على الجياد، حين رآني فاجأني بقوله “أبو عساف” نبأ جيد يخصك؟ لقد تم قبولك لاتباع دورة في فرنسا.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف : بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف : أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف: اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف: الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف: الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف: التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة