عام
الدعور تخلف دعور
مثل شعبي – الدعور تخلف دعور
هناك حكاية ، يؤكد الكثير من الناس حقيقة حدوثها، وحددوا ضفاف نهر “الفرات” مكاناً لأحداثها، وقد أصبحت هذه الحكاية مثلاً شعبياً يعرفه سكان المنطقة الشرقية، وهو يقول: “الدعور تخلِّف دعور”، وتتلخص أحداث الحكاية بما يلي:
يقال: إن أحد البدو القاطنين حول ضفاف نهر “الفرات” عشق فتاة، ولم يستطع الزواج منها بسبب تعنُّت أهلها، ومطالبتهم إياه بمهرٍ غالٍ، عجز ذلك الشاب عن تأمينه بسب فقره، وكانت الفتاة تبادله حباً بحب، فاتفق الشاب مع الفتاة على الهرب بعيداً عن مضارب القبيلة، والزواج والعيش في مكان لا يعرفهما فيه أحد، وحددا لذلك موعداً.
وفي الموعد المضروب، والمكان المحدد، التقى الشاب بفتاته، وغادرا مضارب القبيلة لغير رجعة، وقد تمكن الشاب بعد سنين طويلة مليئة بالكد والعمل والعرق، من تشكيل ثروة طائلة قوامها النوق والجمال.
وتمر الأيام، وتموت الزوجة، تاركة لزوجها فتاة.
فعاش الرجل مع ابنته حتى كبرت، وأصبحت في ربيع عمرها، وكعادة البدو الرحل، كان الرجل ينتقل من مكان إلى آخر طلباً للمرعى والكلأ، وذات يوم، قرر الرجل مغادرة منطقة الشامية (وهي المنطقة الواقعة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات)، إلى منطقة “الجزيرة”، (وهي المنطقة الواقعة على الضفة الشمالية لنهر الفرات)، وبالتالي فلا بدَّ له من عبور نهر “الفرات” من إحدى مخاضاته، و”المخاضة”: هي منطقة غير عميقة من النهر.
تحركت الجمال، وعندما وصلت إلى ضفاف “الفرات”، أحجمت الجمال عن العبور، فحاول الرجل بشتى الوسائل حثَّها على العبور، فعجز عن ذلك، وعندما شاهدت الفتاة عجز والدها قالت له: خلي عنك يا أبي، وأشارت إلى إحدى النوق، ثم أردفت قائلة: اجعل هذه الناقة في المقدمة, وستعبر “الفرات” حتماً, ومتى عبرت هذه الناقة فستلحق بها بقية النوق والجمال, فقال لها: وما أدرك بذلك؟
قالت الفتاة: إن هذه الناقة دعور! (والدعور هي الناقة الهوجاء المتهورة التي تندفع دون تردد أو خوف), فقال لها: وما أدراك أنها دعور؟
فقالت الفتاة: لقد كانت والدتها دعوراً, فمرَّت في خاطر الوالد قصة اختطافه لزوجته, وطاف في ذهنه أن ابنته ستفعل مثل ما فعلت أمها, فاستلَّ سيفه وقال: لا تعرف الدعور إلا الدعور, وقطع رأس ابنته وهو يقول: الدعور تخلِّف دعور.
وأصبحت الحكاية مثلاً يضرب لبيان حال فتاة سيئة الخلق كوالدتها, أو للتحذير من خطبة فتاة والدتها سيئة السمعة والخلق».
وكذلك يضرب المثل لكل تصرف سيء من شخص للدلالة على أنه من بيئة فاسدة .
حمصي فرحان الحمادة، موقع التاريخ السوري المعاصر 23 أيلول 2021م.