من مذكرات أكرم الحوراني – أزمة اقتصادية خانقة:
ما بين أواخر عام 1939 ويوم اجتياح القوات البريطانية لسوريا في حزيران 1941 مرت البلاد بأزمة اقتصادية حادة بالرغم من خصب المواسم الزراعية في هذه الفترة. فقد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني وفقدت أكثر السلع الضرورية من الأسواق ونشأت أزمة فقدان الخبز فقامت مظاهرات دامية في حماه وفي معظم المدن السورية، وكانت السلطات الفرنسية قد حصرت التجارة الخارجية ولكنها أبقت على حرية التجارة الداخلية، لاسيما تجارة الحبوب، مما ولد نقمة شعبية على هؤلاء التجار فتعرضت مخازنهم وبيوتهم لهجوم المتظاهرين الصاخبين، مما اضطر بعضهم للهجرة كآل الزعيم الذين هاجروا من حماه إلى حلب، وقد سقط في تلك المظاهرات عدد من القتلى والجرحى.
لكن الأمر تغير بعد دخول الإنكليز في 8 حزيران 1941. فقد أنشأوا مصلحة الميرة التي تولت حصر الحبوب لتموين البلاد وجيوش الحلفاء، فتوفر الخبز للمستهلكين. كما تولت مصلحة الاعاشة شؤون التجارة الخارجية استيراداً وتصديراً. وكثر النقد المتداول بعد دخول الانكليز مباشرة، إذ أصدر البنك السوري كميات هائلة من أوراق العملة بلا رصيد ذهبي، فتدنت القوة الشرائية لليرة السورية. وأصبحت الليرة الذهبية تعادل أكثر من 35 ليرة سورية بعد أن كان سعرها خمس ليرات سورية ونصفاً. وهذا ما دعى السلطة لإصدار قانون تأجيل الديون.
لكن، رغم التضخم النقدي، بدأت الحركة الاقتصادية بالازدهار على جميع المستويات سواء في الزراعة أو الصناعة أو التجارة. وقد ولد هذا الازدهار ارتياجاً عاماً فانصرف الناس جميعاً إلى النشاط والجد في الميدان الاقتصادي، وبدأ تكون الرساميل السورية، وبدأت الطبقة الاقطاعية والراسمالية تكتنز وتغتني على حساب مصلحة الإعاشة ومصلحة الميرة اللتين أصبحتا فخين اقتنص بهما الانكليز عدداً من العملاء والأصدقاء عن طريق الوظائف ومنح رخص التصدير والاستيراد والتسهيلات الأخرى، وفيما يتعلق ببريطانيا من المهم أن نذكر أنه بتاريخ 9 شباط 1942 وافق الملك جورج السادس على تعيين الميجر جنرال لويس سبيرز وزيراً مفوضاً لبريطانيا في سوريا ولبنان. لأن هذا التعيين كان بداية التناقض الجدي بين السلطتين البريطانية والفرنسية في سوريا ولبنان، والذي أخذت آثاره تظهر شيئاً فشيئاً، وقد استفادت الحركة الوطنية من ذلك التناقض فائدة كبرى أدت إلى جلاء الجيشين البريطاني والفرنسي عن سوريا ولبنان فيما بعد وقد تحدثت زوجة الجنرال سبيرز عن ذلك في كتاب اسمته”قصة الاستقلال في سوريا ولبنان”.
انظر:
انظر ايضاً:
من مذكرات أكرم الحوراني (65)- الشهبندر يعارض من منفاه ويدافع عن عروبة لواء الاسكندرون
من مذكرات أكرم الحوراني (66) – تنازلات جميل مردم .. وتراجع فرنسا عن تصديق معاهدة 1936
من مذكرات أكرم الحوراني (67) – التجربة والخطأ في الحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (68) – حملة في حماة ضد الحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (69) – لبنان والحزب السوري القومي
من مذكرات أكرم الحوراني (70) – التجربة والخطأ
من مذكرات أكرم الحوراني (71) – إنشقاق في صفوف الكتلة الوطنية بحماه
من مذكرات أكرم الحوراني (72) – الشباب في حماه والكتلة الوطنية
من مذكرات أكرم الحوراني (73) – منهاج حزب الشباب
من مذكرات أكرم الحوراني (74) – تكوين حزب الشباب
من مذكرات أكرم الحوراني (75) – صدام مع الكتلة الوطنية.. أول مرة أدخل فيها السجن
من مذكرات أكرم الحوراني (76) – حكومة المديرين
من مذكرات أكرم الحوراني (77) – محاولة اغتيال بهيج الخطيب
من مذكرات أكرم الحوراني (78) – إغتيال الشهيد الشهبندر
من مذكرات أكرم الحوراني (79) – الحرب العالمية الثانية
من مذكرات أكرم الحوراني (80) – شعب سورية يهب لنصرة العراق
من مذكرات أكرم الحوراني (81) – فرقة من مجاهدي حماة تتوجه إلى العراق عام 1941
من مذكرات أكرم الحوراني (82) – فشل الثورة في العراق 1941
من مذكرات أكرم الحوراني (83) – حوار مع ضابط ألماني والتجمع في حلب
من مذكرات أكرم الحوراني (84) – الإنكليز في حماه وتغلغل مخابراتهم في سوريا ولبنان
من مذكرات أكرم الحوراني (85) – عهد الشيخ تاج الدين الحسني