وثائق سوريا
بيان الحزب الشيوعي السوري حول “الحلف الإسلامي” عام 1966
بيان الحزب الشيوعي السوري الذي صدر في أوائل شهر شباط عام 1966م حول ما سمي بـ “الحلف الإسلامي”.
أيها المواطنون
أيها العمال والفلاحون والمثقفون التقدميون،
أيها الطلاب والشباب،
أيتها النساء
يا جماهير شعبنا الآبي
ان الأوساط الاستعمارية والرجعية أصيبت، في السنوات الأخيرة، بهزائم متتالية أمام الحركة الوطنية والتقدمية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. وقد أدت هذه الهزائم إلى تقلص نفوذها وتحرر القسم الأكبر من بلدان العالم الثالث من سيطرتها. وتحاول هذه الأوساط، اليوم، بكل جهودها تأخير عملية انهيارها المحتوم وهي تتآمر بحنق وعناد على الحركة الوطنية والاتجاهات التقدمية والاشتراكية التي تبرز أكثر فأكثر فيها وتعمل لضريها وتصفيتها، وتستخدم من أجل ذلك الأحلاف والقواعد الحربية من جهة، والتغلغل الاقتصادي والاستثمارات والقروض من جهة ثانية.
وإذا كانت هذه الأوساط الممقوتة قد حققت بعض النجاحات المؤقتة في بعض البلدان كالكونغو وأندونيسيا والسودان والسعودية فهي قد واجهت مقاومة شديدة من القوى الوطنية والتقدمية في بلدان أخرى مثل كوبا ومصر وسورية واليمن وغيرها، وقد استطاعت هذه القوى أن تقهرها وتهزمها وتفشل مؤامراتها.
ان التآمر الاستعماري والرجعي يزداد اليوم استفحالاً، وتنتقل الأوساط الاستعمارية إلى مرحلة أعلى في إعداد مخططاتها العدوانية كما يبدو حالياً في منطقتنا العربية. فهي لم تكتف بدعم قواعدها ومراكزها الحربية والبترولية ولا بمساندة الحركات الرجعية في كل بلد عربي وتقويتها ودفعها للنشاط وأعمال التخريب والقتل ولا باحتضان الأوساط الرجعية الدينية والعناصر الاقطاعية والتدابير التقدمية والاشتراكية، ولا بالاعتماد على إسرائيل قاعدة الاستعمار وأداته في المنطقة لتهديد البلدان العربية والحركة الوطنية والتقدمية فيها وللتسلل اقتصادياً إلى العديد من البلدان الافريقية. وانما أخذت بالإضافة إلى ذلك كله بإعداد التكتلات والأحلاف بين الدول السائرة في فلكها وتسليح هذه الدول كالسعودية والأردن بأسلحة هجومية لتهديد البلدان المتحررة والسائرة في طريق التحولات الاجتماعية، وخنق حركة التحرر الوطني، وحماية مصالح الاحتكارات الامبريالية، كما أخذت في الوقت نفسه بتنسيق الجهود فيما بينهم والاتفاق على شكل التعاون والدعم المتبادل.
ان المستعمرين الأميركان والانكليز في اجتماعات وزراء خارجيتهما ودفاعهما في واشنطن مؤخراً سعيا لتنسيق التعاون فيما بينهما في مناطق شرق السويس أي في المنطقة العربية، ومنطقة جنوبي شرقي أسيا على أن تدعم كل دولة منهما سياسة الدولة الأخرى وأن تقوم أميركا بمساندة انكلترا في منطقة الشرق العربي والتعاون ضد الحركة الوطنية والتقدمية وأن تقوم انكلترا بدعم السياسة الاميركية في جنوبي شرقي آسيا ضد الحركات الوطنية والتقدمية وخاصة ضد الشعب الفيتنامي البطل.
وانطلاقاً من اتجاهات هذه السياسة الاستعمارية أخذ حكام المملكة العربية السعودية التي تمثل احدى قواعد الاستعمار والرجعية في المنطقة بمبادرة الدعوة لحلف أطلقوا عليه اسم الحلف الإسلامي بالتعاون مع حكام إيران أعداء شعبهم والضالعين في الحلف المركزي الاستعماري وأصدقاء إسرائيل، وتجاوب معهم حكام الأردن والكويت.
وفي الزيارات التي قام بها فيصل ملك السعودية لإيران الكويت والأردن جرى الحديث عن تنسيق الجهود ضد الحركة العربية الوطنية والتقدمية وتم الاتفاق على خطوات في هذا السبيل وأطلق على هذا النشاط الرجعي العميل اسم تعاون إسلامي. وقام ويقوم عدد من المسؤولين والشخصيات العربية والإسلامية بزيارات للرياض، ويجري الحديث عن انضمام تركيا والعراق إلى هذا الحلف الاستعماري الجديد. وقد سبق ورافق هذا النشاط السعودي المشبوه والمتستر زوراً وبهتاناً بستار الدين وتسليح السعودية والأردن بأسلحة اميركية وانكليزية، وإفشال مؤتمر حرص تسليح إسرائيل بأسلحة هجومية أميركية انكليزية.
أما الأوساط الاستعمارية والرجعية تقوم باستغلال العداء لإسرائيل في الأوساط العربية والإسلامية لإخفاء مؤامراتها العدوانية، ولتمرير “الحلف الإسلامي” الذي يجري اعداده، ويقوم دعاة هذا الحلف بالتظاهر بأنهم لا يهدفون من نشاطهم إلا إلى تحقيق تعاون بين الدول والشعوب الإسلامية، وان فكرة الحلف غير واردة. ولكن الوقائع والأعمال التي تجري في المنطقة تبين أن الاستعماري والرجعية والصهيونية يقومون بتنسيق أعمالهم، وتقسيم العمل والأدوار فيما بينهم لحماية مصالح الاحتكارات البترولية في مناطق الخليج الجزيرة العربية وللتآمر ضد البلدان المتحررة والسائرة في طريق التقدم الاجتماعي. ولدعم إسرائيل قاعدة الاستعمار في المنطقة وتسليحها ودعم بقية القواعد الاستعمارية.
ان الشيوعيين السوريين وجميع الأوساط التقدمية في سورية يشجبون بقوة الأوساط التقدمية في سورية، يشجبون بقوة هذا النشاط الاستعماري ويحاربونه ويرون ان بالامكان القضاء على المؤامرات الاستعمارية وتصفيتها، فليست هذه هي المرة الأولى التي يتآمر فيها الاستعمار على بلادنا، وفي كل مرة كان الشعب على اختلاف اتجاهاته الوطنية يقف صفاً مرصوصاً بوجه التآمر الاستعماري، ونجد الحلفاء الأقوياء في العالم، في الاتحاد السوفياتي والبلدان الاشتراكي، وحركة التحرر الوطني والحركة العمالية العالمية يساندونه ويؤيدونه في نضاله العادل. واليوم كما في السابق يقف الشعب كالطود بوجه التآمر الرجعي وبوجه الحلف الاستعماري الجديد وقد ظهر ذلك في موجة الاستنكار الواسعة التي استقبلت الحلف ووجدت انعكاساً لها في الصحف والاذاعات وفي بعض المواقف والتصريحات الرسمية سواء في سورية أو في مصر.
ان الحزب الشيوعي يدعو القوى الوطنية والتقدمية في سورية وفي العالم العربي للتعاون والتكاتف معاً للوقوف بوجه الحركة الاستعمارية الجديدة وللقضاء عليها وعلى ممثليها ولصيانة المنجزات الوطنية والتقدمية التي أحرزت في العديد من البلدان العربية وفي مصر وسورية والجزائر واليمن، وللتضامن مع الشعب الفيتنامي البطل الذي يخوض حرباً عادلة ضد الاخطبوط الاستعماري.
ويرى الحزب الشيوعي أنه لكي تكون الدعوة لمقاومة الحلف الرجعي عملية أكثر ولحماية المكاسب الاجتماعية ينبغي:
1- ان يصاحب الدعوة لتلاقي الثورات العربية تدابير عملية في الداخل تؤدي إلى تعاون القوى الوطنية التقدمية وتنشط الحركة الشعبية الجماهيرية ضد الحلف.
2- اصلاح الأخطاء في ميدان تطبيق التدابير التقدمية، تدابير التأميم والاصلاح الزراعي والاعتماد على العمال والفلاحين في ميدان الإدارة والتوزيع والمراقبة وذلك لقطع الطريق على الدعاية المعادية للتحويلات الاجتماعية.
3- تطهير الأجهزة من العناصر العملية والمشبوهة واستبدالها بعناصر وطنية وتقدمية.
4- وضع سياسة تنمية صحيحة والسير بحزم من أجل تطبيقها.
5- استئصال سياسة التبذير والغاء النفقات غير المنتجة في العديد من الدوائر والمؤسسات المدنية والعسكرية.
6- إطلاق الحريات والديمقراطية والنقابية لجماهير العمال والفلاحين والمثقفين والثوريين ولجميع الأحزاب والهيئات السياسية والتقدمية والانفتاح عليها والتعاون معها. ان اطلاق الحريات للجماهير الشعبية عامل أساسي في النضال الواسع ضد المؤامرات الاستعمارية والرجعية ففي جو الحرية تتسع المبادرات النضالية وتتنوع.
7- تقوية روابط الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفياتي والبلدان الاشتراكية الأخرى، والبلدان المتحررة حديثاً في أسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، ومع الحركات التقدمية في مختلف أنحاء العالم. ففي الظروف الحالية لم يعد يكفي الهجوم على الاستعمار في ميدان الكلام رغم أهمية ذلك وانما ينبغي تطبيق ذلك في مختلف الميادين وبصورة خاصة في الميدانين الاقتصادي والسياسي.
ان الواجب الوطني يتطلب في الظروف الراهنة اليقظة الشديدة تجاه الحلف الاستعماري الجديد وجميع مؤامرات الاستعمار والصهيونية والرجعية والتهيؤ للرد عليها، وتشديد النضال من أجل صيانة المنجزات الوطنية والاجتماعية وتناسى الخلافات بين القوى الوطنية والتقدمية والعمل لتعاونها وتجميع قواها في جبهة وطنية تقدمية.
عاش تعاون القوى الوطنية في النضال ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية وضد الحلف الاستعماري الجديد
أوائل شباط 1966