بطاقات بحث
نضال البعث – تطور الحركة الوطنية
نضال البعث – الجزء الأول (2) تطور الحركة الوطنية:
اذا كانت مؤسستا “الكتلة الوطنية” و”عصبة العمل القومي” هما المؤسستان السياسيتان الرئيسيتان في مرحلة الثلاثينيات، فإن هذه المرحلة نفسها شهدت بداية ظهور تنظيمات سياسية جديدة بين المتعلمين والمثقفين خاصة من أبناء الطبقة الوسطى في المدن تمثلت في حزبين جديدين هما “الحزب الشيوعي السوري” الذي كان موحداً مع الحزب الشيوعي اللبناني، و”الحزب السوري القومي”. وقد برز دور الحزب الشيوعي السوري اللبناني عندما وصل الحزب الاشتراكي الفرنسي “ليون بلوم” في فرنسا إلى الحكم وعقد حزب الكتلة الوطنية معاهدة عام 1936 مع سلطات الاحتلال الفرنسي. كان هذا الحزب في تلك الفترة رديفاً لحزب البورجوازية الوطنية الكبيرة وداعياً متحمساً لتلك المعاهدة ولبقاء الارتباط مع فرنسا من خلالها. أما الحزب السوري القومي فكان، كايديولوجية وكتنظيم وكاتجاه سياسي، صدى للنازية والفاشية اللتين بدأتنا صعودهما في ألمانيا وايطاليا في تلك الفترة.
وهكذا فانه في الوقت الذي كان فيه تحالف الاقطاع والبورجوازية التجارية غارقاً في تكديس الملايين من أرباح الزراعة والتجارة، منصرفاً عن العمل السياسي، تاركاً لسلطات الاحتلال أن تفرض حكمها المباشر على سوريا في مرحلة الحرب العالمية الثانية، وكانت الحركة العامة للجماهير غير المنظمة ولفئات المتعلمين والمثقفين تتوجه بصورة تلقائية ضد الاحتلال الفرنسي البريطاني، في هذا الوقت بالذات كان الحزب الشيوعي السوري اللبناني يدخل ساحة العمل السياسي مستفيداً من تحالف الاتحاد السوفياتي مع الدول الغربية ضد المانيا الهتلرية وايطاليا الفاشية، ممجداً هذا التحالف متعاوناً مع سلطات الاحتلال مخالفاً للاتجاه العام للحركة الوطنية المحلية.
لقد أحل الحزب الشيوعي التناقض العالمي الرئيسي الذي فرضته الحزب العالمية الثانية محل التناقض الرئيسي بين الاحتلال وبين مطلب الاستقلال الوطني. وكان الحزب السوري القومي يطرح الاستراتيجية نفسها لعمله السياسي ولكن بصورة عكسية عندما تبنى الفاشية كايديولوجية وأحل بدوره ايضاً التناقض بينهما وبين دول الحلفاء محل التناقض بين الاحتلال وبين مطلب الاستقلال الوطني الملح الذي كانت تنادي به القوى الوطنية.
إلى جانب هذين الحزبين ظهرت منظمة سياسية جديدة هي حركة الاخوان المسلمين التي طرحت نفسها كممثلة للتقاليد والقيم الاجتماعية المحلية الموروثة في مواجهة كل ما اعتبرته أجنبياً ودخيلاً من ايديولوجيات واعتبرت هذه القيم والتقاليد منطلق عملها السياسي والاجتماعي، وكانت بالتالي حركة رجعية ترفض فكرة القومية العربية وتشكل عقبة أمام كل تقدم اجتماعي، وكانت من جهة أخرى عوناً للاستعمار في تكريس الطائفية وترسيخ جذورها.
غير أن الجماهير كانت ترفض هذه المنظمات السياسية وترفض ايديولوجياتها وتنتظر شيئاً جديداً بدأ يلوح في الأفق.
انظر:
نضال البعث – مع البدايات الأولى لنشوء حزب البعث