وثائق سوريا
كلمة هنري بونسو في المجلس الاستشاري لتنفيذ القانون الأساسي عام 1931
في السابع من كانون الأول عام 1931م عقد المجلس الاستشاري المؤلف بموجب القرار تاريخ 19 تشرين الثاني عام 931 لأجل تنفيذ القانون الأساسي أول اجتماع له بحضور هنري بونسو المندوب السامي الفرنسي الذي ألقى كلمة حول الانتخابات البرلمانية التي بدأت الجولة الأولى في العشرين منه.
نص الكلمة:
أيها السادة:
يجتمع اليوم للمرة الأولى المجلس المنشأ بموجب قرار 19 تشرين الثاني لأجل تنفيذ القانون الأساسي .
إنني لسعيد أن ارى في هذا المكان الذوات السامين الذين اشتركوا بصفات مختلفة في مسؤوليات الحكم بسوريا منذ عشر سنين خلت وأطلب إليهم اليوم مرة أخرى أن يوآزورني لاجتياز المرحلة الأولى في سبيل تنفيذ القانون الأساسي، تلك المرحلة التي تدل عليها انتخابات يقصد منها التمكن من تأليف حكومة نظامية وتلك مرحلة حاسمة نحو الحل النهائي الذي يتوق اليه الجميع.
هل هناك حاجة للتذكير أن الحل الدائم هذا للعلائق بين فرانسا وسوريا سيكون على شكل معاهدة وفاقاً للتمنيات التي قد أعرب عنها مراراً.
لقد صرحت بذلك للمرة الأولى بتاريخ 15 شباط 1928 قبيل الانتخابات الأخيرة ثم جددت هذا التصريح بتاريخ 14 أيار سنة 930 عندما بعثت إلى الموسيو اريستيد بريان وزير الخارجية الافرنسية بالقانون الأساسي، ولم يتوقف على أن يكون لهذه التصريحات مفعولها قبل هذا الوقت.
لقد بينت ذلك بكل وضوح وجلاء بجمعية الأمم أمام لجنة الانتدابات الدائمة بتاريخ 27 حزيران 930 واذا راجعتم هذا البيان المنشور في محاضر الدورة الثامنة عشر لهذه اللجنة (صفحة 120 إلى 129) ظهر لكم ان صمتي الاعتيادي ليس معناه عدم الاكتراث وان له عند الحاجة شواذات هامة.
لقد أخذت سياسة المعاهدة مجراها منذ ذلك الحين في فرانسا نفسها وفي جنيف، ودليل على ذلك التقرير الذي قدمه الموسيو بكانون إلى مجلس النواب الافرنسي سنة 931 بمناسبة المناقشة في موازنة وزارة الخارجية.
وقد وقفت الحكومة الافرنسية تجاه ذلك في جنيف في هذه السنة موقفا عرفتم نصوصه من مطالعة الصحف وذلك سواء كان بمناسبة التقرير السنوي في لجنة الانتدابات الدائمة بتاريخ 11 حزيران الماضي أم على الأخص بمناسبة مناقشة أكثر اتساعا جرت في خلال دورة المجلس الرابعة والستين بتاريخ 4 أيلول الفائت ونتج عنها تثبيت مذهب جمعية الأمم نفسها في ما يختص بتطور الانتداب ونهايتها.
ان الرجال السياسيين الموكول اليهم تدريب تطور سوريا نحو المصير التي تكلفه لها المادة 22 من ميثاق جمعية الأمم يجدون في هذه النصوص والتصريحات الرسمية جميع الطمأنينة التي يبغونها والدليل على الضمانات التي يجب أن تحبط بهذا التطور
وهكذا فإني بجلاء تام أدعوكم للعمل معي.
تبتدئ فترة الانتخابات غداً وفي نيتي أن أجعل موعد الانتخابات للدرجة الأولى في 20 كانون الأول وموعد الانتخابات الثنوية في 5 كانون الثاني .
هذه الانتخابات من شأنها – كما قلت- ان تمكن من تأليف حكومة نظامية ذات صفة لتفتح عندما يحين وقت المفاوضات التي من شأنها تحديد العلائق بين فرنسا وسوريا بمعاهدة.
ذلك لأن المفاوضات التي يمكن المفوض السامي أن يدخلها لاخراج عناصر القضية الجوهرية لأجل الوصول إلى حل يرضي الفريقين صاحبي الشأن بصورة متساوية – ان هذه المفاوضات يجب أن تكون مع ممثلي سوريا أصحاب الصفة ولا يجوز ان تكون الا معهم.
ولذلك كان من باب الشيئ السابق لأوانه ومن عدم تطبيق المبادئ الدستورية ان تفتح المناقشة قبل حينها باستشارات شبه رسمية. غير أن الدرس المشبع الذي آليت على نفسي أن أقوم به في باريس وجنيف لابراز القضية من جميع وجوهها الدولية والوطنية يمكنني أن أعيد اليوم تصريحاتي السابقة وأنا على اعتقاد بأن الحل السريع مع ما يتضمنه من المراحل التي لابد منها سيكون ممكناً من الآن فصاعداً اذا كانت استعدادات الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات مماثلة لاستعداداتنا.
أنه لمن أهم ما كنت أبغيه من إنشاء هذا الجلس الذي يجمعنا في هذا اليوم هو أن أتمكن من التعبير عن أفكاري بحرية أمامكم وأنا على ثقة من أن المحادثات التي تجري جهاراً هي وحدها قادرة على أن تقارن فيما بين وجهات التظر الخصوصية وأن نرفعها إلى مستوى المصلحة العمومية.
لقد طرحت على الرأي العام مسائل عديدة وأعيدت الأسئلة تستفهم عما اذا كانت العملية السياسية الحالية تكفي نفسها بنفسها بدون أن تعطي قبلها بعض الترضيات أو أن يصدر وعد بهذه الترضيات التي لا حاجة إلى ذكرها بصورة أكثر وضوحاً امام رجال ملمين بالأمور امثالكم.
لم يجد شيء في وضعية هذه المسائل وهي مربوطة بالعملية الحالية ولا يبحث فيها الآن انما موضوع البحث في هذا اليوم هو الانتخابات.
واني بهذا الصدد اجاهر عالياً بأن طريقة الانتخابات المعمول بها الآن، وان تكن ليست كاملة ومهما كانت الانتقادات التي يمكن أن يبديها بشتى المعاني كل من كان به مثلنا جميعنا هنا بعض الخبرة في هذا الموضوع، لمن الأعدل ان تبقى على حالها مألوفة معمولاً بها منذ سنين خلت من أن تعدل اليوم بدون أن يكون قد نص على ذلك الدستور ارضاء لمصالح هي مهما كانت محتومة في بعض الأحيان من وجهة الأفراد أو الطوائف، لا يجب أن تتفوق في الظروف الحاضرة على المصلحة العامة.
ان الامر المهم هو الجو الذي يسود هذه الانتخابات. وقد دعوتكم إلى هذا الاجتماع لأجعل هذا الجو فوق الأحزاب رغبة مني في التدليل بصورة جلية على أن الدولة المنتدبة بالرغم من مجرى الحوادث الذي لامندوحة عنه لا تنسى الخدمات المؤداة للبلاد وانها تستعين بنوايا كل واحد منكم الطيبة لتشييد العلائق الودية الخالصة التي يجب أن تربط فرنسا وسوريا لخيرهما وازدهارها مشتركين على أساس لا يتزعزع.
إذا انه سينتج عن الاستقرار السياسي الذي تسعى اليه فؤائد اخرى منها التمكن من العمل بنشاط أكثر ومع ضمانات الأمن الضرورية في الحقل الاقتصادي والاجتماعي الذي يهم خيرة رجال البلاد ومجموع الأمة بأسرها.
يجدر أن يتعاون على القيام بهذا العمل الهيئات البلدية والمجالس الإدارية وغرف التجارة والزراعة التي قل ما اشتركت حتى يومنا هذا في ادارة الشؤون العامة وذلك في الحقل الاقتصادي والاجتماعي حيث لابد أن يأتي عملها بالفوائد الكبيرة وان يكن أقرب من سواه إلى المصالح المطلوبة تلبيتها.
واني لأشك، وأنا أعرب عن هذه الأمنية اعبر عن فكرتكم المشتركة.
لم يبق لنا ازاء المقاصد الكبرى التي جئنا الآن على ذكرها الا ان يبت ببعض مسائل أقل أهمية وهي على الأخص فنية تتعلق بالانتخابات وهذا هو نص مشاريع القرارات التي ترمي إلى دعوة الهيئة الانتخابية وإلى تحديد عدد النواب والطائفة الدينية التي يجب أن ينتموا اليها وفاقاً للقانون النافذ
في 7 كانون الأول 931
هنري بونسو
انظر:
مراسيم وقرارات نور الدين الأتاسي
انظر ايضاً:
وثائق وبيانات سورية 1900 – 2000