You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة توفيق نظام الدين حول أسباب التحول لشراء السلاح إلى المعسكر الشرقي عام 1956

كلمة  اللواء توفيق نظام الدين رئيس الأركان العامة حول أسباب تحول سورية لشراء الأسلحة والمعدات الحربية من المعسكر الغربي الى المعسكر الشرقي .

بدأت الكلمة بشرح  أسباب وجود إسرائيل والدعم البريطاني والفرنسي العسكري والاقتصادي والسياسي لها ، ثم تطرق الى الاعتداءات الإسرائيلية على القرى العربية الآمنة وعن وضع تسليح الجيوش العربية في ضوء احتكار الدول الغربية للسلاح الى ان يقدم شرحا” مفصلا” وهاما” يكشف فيه ملابسات شراء السلاح والمعدات الحربية ، وأسباب إخفاق المفاوضات لشرائه من فرنسا وأميركا ونجاحها مع تشيكوسلوفاكيا:

نص الكلمة:


” منذ أن وجدت إسرائيل في سنة 1948 وجهود معظم الدول تتجه إلى تزويدها بما تحتاج إليه من سلاح ، ليس من أجل الدفاع عن كيانها ، وإنما من أجل تهديد سلامة الدول العربية ، وتحقيقا” لأغراضها العدوانية والتوسعية في العالم العربي . .

لقد كان عدد سكان فلسطين من اليهود سنة 1948 لا يزيد على 800 ألف نسمة . . ولكنهم اليوم يقاربون المليونين فمن أين جاء هؤلاء كلهم ؟ . . وكيف جاؤوا ؟ . .

إن الذي حدث بعد الإشتباك الذي وقع بين الدول العربية وإسرائيل في شهر أيار سنة 1948 أن فرضت على العرب هدنة إستغرقت فترة من الزمن . . وخلال فترة الهدنة هذه استدعت حكومة تل أبيب معظم الشباب الصهيونيين المدربين على القتال ، من مختلف بلدان العالم ، وتلقت – خلافا” للقوانين الدولية – كميات ضخمة من المعدات الحربية والأسلحة الثقيلة والطيران الثقيل ، كما جاءها بأعداد كبيرة متطوعين من الضباط والجنود والمدربين ، مما دل بوضوح على أن الفكرة الإستعمارية التي أوجدت إسرائيل تريد أن تفرض بقاءها فرضا” لتحقيق الغايات التي أوجدت من أجلها . وقد أثبت العدوان الغادر على مصر صحة هذا القول .

لقد وجدت إسرائيل منذ اليوم الأول لتعتدي . . والذين أوجدوها ، كانوا يعرفون أن دولة ذات تعداد ضعيف ، لا يمكن أن تعيش وسط خضم من الدول العربية ، لا سيما إذا كانت تبيت النوايا العدوانية ، وتعمل على إقلاق راحة جيرانها باستمرار عن طريق القتال والغدر ، والتوسع . ولذلك لجأت الدول الإستعمارية إلى تقويتها على حساب إضعاف جيرانها . واستمرت بعد ذلك معاملة إسرائيل على هذا الأساس : أسلحة تتدفق . . ومعونات مالية تنقذها من الإنهيار الذي كان لا بد منه ، لأن إسرائيل لم تتمتع يوما” من الأيام بمقومات الدولة التي تكفي ذاتها بذاتها . . وإمعان في إضعاف الدول العربية بأية وسيلة . . إن ونستون تشرشل وقف ذات يوم يعلن في مجلس العموم بأن إسرائيل هي أقوى الدول عسكريا” في الشرق الأوسط مجتمعة ، وأنه يجب على الغرب أن يعتمد عليها إعتمادا” كليا” . .

فكيف تكون إسرائيل – وعدد سكانها كما قلت لا يكاد يصل إلى المليونين – أقوى الدول عسكريا” في الشرق الأوسط ، لو لم يتيسر لها الحصول على الأسلحة من مختلف أنحاء العالم ، وبكميات خيالية بينما منعت هذه الأسلحة عن الدول العربية ، وكل منها – تستطيع من حيث عدد سكانها وإمكانياتها – أن تشكل قوة عسكرية تبلغ أضعاف القوة العسكرية التي تشكلها إسرائيل ؟ . .

إذا” ، كانت الغاية واضحة جلية من وجود إسرائيل ، وهي أن تشكل خطرا” دائما” على كيان الدول العربية وأن تكون – وهي الدولة الصغيرة – أقوى عسكريا” من الدول العربية مجتمعة . .

وفي ذلك الحين ، لم تكن الدول الإستعمارية الغربية وعلى رأسها إنكلترة وفرنسة تتحدث عن توازن القوى في الشرق الأوسط . .

كان التوازن بالنسبة لها هو أن تظل إسرائيل قادرة على الإعتداء . . وأن تظل الدول العربية عاجزة عن الدفاع . .

ولم تثر تلك الدول مسألة توازن القوى إلا يوم عمدت مصر وسورية بدافع حرصها على المحافظة على كينها إلى تأمين حاجياتها من الأسلحة لغاية الدفاع عن النفس من الكتلة الشرقية . .

يومها . . إختل توازن القوى في الشرق الأوسط . . لأن تسلح مصر وسورية من شأنه أن يضع حدا” للروح العدوانية التي حاولت إسرائيل نشرها في العالم العربي . .

وأعود فأقول أنه على هذا الأساس – أساس قوة إسرائيل وضعف الدول العربية – إستمر تسليح إسرائيل واستمر تزويدها بالمعدات اللازمة لأعمالها العدوانية التي باتت فعلا” تشكل خطرا” على البلاد العربية الإستهانة بأمره . .

وقد بدأت نتائج هذه السياسة تظهر فورا” . .

فقد عمدت إسرائيل ، بعد أن فازت بتلبية طلباتها المختلفة من الأسلحة والمعدات ، إلى القيام بسلسلة من الإعتداءات العسكرية المتوالية على حدود البلاد العربية ، وقد أتسمت هذه الإعتداءات بطابع الغدر والوحشية والإبادة لبث الذعر في نفوس السكان العرب الآمنين على الحدود ، ولحملهم على إخلاء قراهم والنزوح بعيدا” عن خطوط الهدنة . . وأذكر من هذه الإعتداءات ، الإعتداء على قبية ، وطبريا ، وحوسان ، وقلقيلية وغزة ، وعرب البكارة . الذين أجبروا عن النزوح عن قراهم إجبارا”.

إن هذه الإعتداءات كلها ، لم تكن الغاية منها تحقيق أهداف عسكرية . . بقدر ما كانت عمليات تقتيل وإبادة وتهديم في القرى غير المسلحة والتي يعيش فيها مزارعون بسطاء لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون لديهم نوايا عدوانية . .

والجدير بالذكر إن الإعتداءات التي قام بها الصهاينة ، كانت كلها خرقا” فاضحا” لمواثيق الهدنة وتحديا” صريحا” لمقررات الأمم المتحدة .

حدث هذا ، في الوقت الذي وجدت البلاد العربية نفسها عاجزة عن مواجهة الخطر الذي يتهددها بسبب منع السلاح والعتاد عنها ، باستثناء نذر قليل جاء به بعض الدول مثل فرنسة . وحتى هذا النذر القليل دفعنا ثمنه مبالغ خيالية ، رغم أنه كان من المعدات القديمة التي تعتبر مستهلكة تقريبا” .

وكان لا بد من عمل شيء لمجابهة خطر العدوان الذي يتهددنا في كل لحظة .

ولقد بذلنا المستحيل للحصول على أسلحة حديثة من فرنسة  ، فتوجهت أنا شخصيا” في عام 1955 مع لجنة عسكرية إلى العاصمة الفرنسية للدخول في المفاوضات تهدف إلى الحصول على كمية من الأسلحة ، وذلك بعد أن قطع لنا أكثر من وعد رسمي بأن مفاوضاتنا ستقترن بالنجاح ، وأن الحكومة الفرنسية مستعدة لتزويدنا بما نحتاج إليه من سلاح . .

ولكن . . كل ما حصلنا عليه في فرنسة هو إستقبال رسمي حافل . . فقد ظهر لنا ، بعد بدء المفاوضات أن هنالك عدة عقبات تحول دون تلبية طلباتنا . . وأهم هذه العقبات هو الشروط التي حاول الفرنسيون فرضها علينا ، والتي كانت الغاية منها عزل سوريا عن مجموعة الدول العربية والإنتقاص من حريتها ، ومن سيادتها .

وأذهب إلى أبعد من هذا الحد ، فاقول أن الفرنسيين إشترطوا علينا ألا نؤيد ، وحتى معنويا” وأدبيا” ، نضال المغرب العربي في سبيل حريته وإستقلاله ، وأن نمنع إذاعتنا من الإشارة إلى هذا الموضوع من بعيد أو قريب . . كما فهمنا أثتاء المحادثات أن هنالك رغبة بجر سورية إلى معاهدة تقضي إستقلال سياستها ، وعلى حيادها الإيجابي . .

وكان هذا يعني صراحة إنفصالنا عن المجموعة العربية ، والقضاء على كياننا كدولة مستقلة ذات سيادة ، لها وزنها في الكيان العربي ، وذلك لقاء أسلحة قليلة تقدم إلينا باثمان باهظة ، عدا أن من حق فرنسة أن تمنع عنا هذه الأسلحة في أي وقت ترى أن الضرورة تستدعي ذلك . .

وطبعا” رفضنا هذه الشروط . . وأخفقت المفاوضات ، وعدنا نبحث عن طريقة أخرى نجمي بها أنفسنا من خطر قائم يزداد وضوحا” يوما” بعد يوم . .

وتوجهنا إلى الولايات الأميركية المتحدة . .

قدمنا لها طلبات عديدة لعلنا نحصل منها على حاجة الجبش من السلاح ، ولكن هذه الطلبات لم تقترن بنتائج إيجابية . .. .

تتعثر ، فامعنوا بتحديهم لنا ، وقاموا بإعتدائهم الغادر على مخافرنا الأمامية على شاطئ بحيرة طبريا الشرقي ، ومن ثم ، إستمرت الإعتداءات الصهيونية ، واتسع نطاقها بشكل جعل سمعة الدول العربية كلها ، بل جعل وجودها نفسه في كفة القدر. .

ووجدنا أنفسنا مرغمين على البحث عن مصدر آخر نتسلح منه ، لنحمي حدودنا ، ولنرد العدوان عن أوطاننا . .

وكان أن إتصلنا بتشيكوسلوفاكيا . .

إن مفاوضاتنا مع تشيكوسلوفاكيا لم تتسم إلا بطابع تجاري بحت . . ولم يكن هنالك بحث سياسي من أي نوع كان . . .

وقد تمكنا اثر هذه المباحثات مع المسؤولين في تشيكوسلوفاكيا من عقد إتفاقية تجارية تؤمن لنا الحصول على ما نحتاج إليه من أسلحة ومعدات حربية دفاعية بأسعار معقولة وبدون أي قيد أو شرط . . وبدون أي مساس بسياستنا كدولة ، وبحريتنا كشعب . .

هذه هي اسطورة السلاح الذي اسموه روسيا” . . من ألفها إلى يائها . . والذي أحاطوه بجو من الشائعات والأوهام والمغالطات . .

لماذا نتسلح ؟ . . لماذا نفكر بالدفاع عن أنفسنا ؟ . . لماذا نحاول أن نحمي حدودنا ؟ . . لماذا نحاول أن نرد العدوان عن أوطاننا ؟ . .

هذه المحاولات الطبيعية ، التي هي حق أولي يتمتع به كل شعب في هذا العالم ، أثارت بريطانيا وفرنسة وإسرائيل فسعت لأن تحيطه بجو من الشائعات والشكوك ، وبذلت أقصى ما تستطيع من جهد لإيهام الرأي العام العالمي ، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية بأن سورية أصبحت مستودعا” ضخما” للأسلحة السوفياتية . . في حين أن كل ما فعلته سوريا هو أنها إستطاعت الحصول على ما تحتاج إليه من سلاح . . دون أن يكون مع هذا السلاح شروط ، ولا معاهدات . .

وإن سورية تسعى لأن تؤمن حاجاتها الدفاعية المشروعة دون أن يتعرض إستقلالها لخطر . . ونحن مستعدون دائما” وابدا” للحصول على ما يحتاج إليه جيشنا من معدات من أي مصدر كان للدفاع عن أرض الوطن ولحماية حدوده من العدوان شريطة ألا يقترن هذا السلاح بأي شرط من الشروط . .  . . ”

نهاية النص


إن صفقة شراء الاسلحة والمعدات الحربية بين سورية وتشيكوسلوفاكيا عام 1955 جعلت من سورية أول دولة عربية تكسر احتكار الدول الغربية للسلاح ، تلك الدول التي كانت تمتنع عن بيعه للدول العربية الا ضمن قيود وشروط . وبعد سورية اقدمت مصر أيضا” على شراء أسلحة ومعدات حربية من تشيكوسلوفاكيا .


 

 



 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

أرشيف توفيق نظام الدين

رئيس أركان الجيش السوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى