من مذكرات محمد حسن بوكا (3) – التاجر الصغير
وقفت في مدخل حارة العبيد بسوق ساروجة بصينية عليها من البسكويت والراحة والمسكة – اللبان – والمصاص وبعض الحلويات ، أزهو بنفسي بين الأطفال لأول تجربة في حياتي بالتجارة بكل جرأة واندفاع والأولاد يلتفون حولي ، وعيوني عشرة على عشرة لئلا يأخذ طفل شيئاً بغير ثمنه أو أن يضيع جزء من رأسمالي البسيط ، وفي هذه الأثناء يدخل علينا جارنا الوقور/ نوري الأبيش عائداً الى بيته ، فيرى التجمع حولي وعيونهم تلتهم مالذ وطاب لأطفال أمنيتهم الحصول على قطعة من البسكويت أو حلوى بجوز الهند ، فيقف السيد / نوري وسطنا ويمد يده الى الصينية ويعطي كل طفل ما تهفو اليه نفسـه وأنا واجم لا أتكلم ببنت شفه وخوفي على بضاعتي أن يبخس ثمنها أو أن تضيع ، وخجلي من أن أسأله ماذا تفعل ؟؟؟.
انتهى أغلب ما تحمله الصينية بين أيدى الأطفال
وهم فرحون يتذوقون ما جادت يد الكريم لهم .
ثم يمد يده على جيبه بكل وقار وحنان …
ويسألني عن ثمن ما أ خذه ؟
فيعطيني أكثر مما طلبت وأنا مسرور …
بما حصلت على هذه الصفقة من مال لم أتوقعه
وتمنيت لو أن كل يوم يقف عندى وأبيع ما أبيع ..
انظر:
من مذكرات محمد حسن بوكا (1) – تعريف
من مذكرات محمد حسن بوكا (2) – مرحلة الطفولة
