شهادات ومذكرات
البطل الكردي أحمد البارافي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (13)
البطل الكردي أحمد البارافي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (13)
ولد الزعيم الكبير أحمد البارافي في حيّ الأكراد بدمشق عام 1898 م ، كان قصير القامة نحيل الجسم سريع الحركة نشيط الهمة ، تخرج من مدرسة مكتب عنبر، والتحق بقوات الدرك ،وقد تربى في جو وطني مفعم بالثورية والجهادية ،حيث كانت سبباً مباشرا لحماسه وانخراطه في مقاومة المستعمر الفرنسي في سوريا ولبنان بكل قوة .
بعد أن نجحت قوات الثورة العربية التي كان يقودها الأمير فيصل بن الحسين في طرد العثمانيين من دمشق ، سارع الدركي أحمد بارافي في الصعود إلى سطح سراي دار الحكومة في دمشق وانزال العلم التركي ، ورفع مكانه العلم العربي ومنح رتبة عريف بالدرك لنضالة وعمره عشرون عاماً .
عندما تشكلت الحكومة الوطنية عيّن / أحمد بارافي رئيسا لمخفر الدرك في قطنا ، نشط مع الثوار وخطط لاغتيال الجنرال الفرنسي هنري غورو أثناء قيامه بزيارة قطنا .
قام بملاحقة الجواسيس وعملاء الجيش الفرنسي وشارك في ثورة قطنا ، وثورة جبل العرب لكن أكبر معركة حامية خاضها ضد الجيش الفرنسي لاعتقاله كانت في بيته الواقع في حارة الأكراد (ركن الدين) القابع على سفوح جبل قاسيون ودامت لمدة ساعة ، وقتل عدداً من المهاجمين بينهم ضابط فرنسي، وبعد أن نفدت ذخيرته تمكن من فك الحصار والانسحاب ضمن البئر الموجود في منزله الذي يتصل بدهليز مائي للنفاذ إلى موقع آخر بأعجوبة ، وفشلت محاولة اعتقاله .
طلب منه القائد الفرنسي المعروف بأبو لحية الذهاب الى الأردن لمساعدة الجيش الإنجليزي بدخول سوريا فرفض وحصلت مشادة بينهما في حوران فتوعده بالانتقام ورجع الى دمشق فحكم عسكريا بالإعدام لرفضه الأوامر .
جاء أحمد البارافي مستخفياً الى والدي وطلب منه اخفاءه لأنه مطلوب من الفرنسيين فصحبة الى دارنا واعطاه الغرفة العلوية بالدور الاخير – الطيارة – وكان يمكث طيلة اليوم بالغرفة ولا ينزل إلا لقضاء حاجته وبقي على هذه الحال حوالي ستة أشهر الى أن صدر عفو عام 1945 فعاد الى بيته بكل اعتزاز لدى الأكراد ، يفتخرون بما قدمه هذا المجاهد من التضحيات ، توفي 1998 م وعاش مايقارب 100 سنة ، وأطلق اسمه على الشارع المقابل لمخابز ابن النفيس في حيّ الأكراد تقديراً لجهادة ونضاله ضد الفرنسيين وخصص مرتب شهري لعائلته .
الثـأر :
في أثناء حركة المقاومة الشعبية ضد المستعمر الفرنسي تجمع الأكراد في وادى معربا وقام أحد الموالين للفرنسيين من قرية دمر واسمه / عكاش بالهجوم عليهم وقتل بعضا منهم ، فقرر الأكراد النيل من عكاش لأخذ ثأرهم فحاولوا مراراً وتكراراً اغتياله لكنهم فشـلوا .
في صباح أحد الأيام وبينما كان عكاش يشترى لحماً من سوق العتيق وأثناء رجوع الحارس الليلي / مرعى البارافي الكردى من عمله ، لمح غريمه عكاش فسحب مسدسه وقتله على الفور وتجمع الناس حوله وتم القبض عليه وسـلموه للشرطة المتجولة بالسوق ، فسـاقوه للمخفر وأثناء اقتياده سـبه أحد الأطفال فلتفت اليه مرعى البارافي ليرد عليه فنهره الشرطي خلف رأسه . وصادف ذلك أثناء مرورهم بجانب محل الوالد بسوق الخيل , فانزعج والدي وسارع من وراء مكتبه الى الشرطي يعنفه على هذا الفعل .
فالقاتل لايضرب أو يهان حسب القانون ، كما كان يعرف والدي ذلك أثناء خدمته بالدرك ، لأن حميه القتل يمكن أن تتعدى الى من حوله بكل جرأة وعصبية ودون خوف أواكتراث .
سيق القاتل الى المخفر وتم التحقيق معه على أنه ثأر ، وقدم الى المحكمة واعتبر أنه حكم سياسي ، وحكم على مرعي البارافي أربع سنين سجن ، ثم خفف الحكم الى سنتين وكان عمه المناضل /أحمد البارافي معروفاً بين الثوار، فأصبح زعيماً بين الأكراد لأنه أخذ بثأرهم ورفع رأسهم .
توالت العطاءات عليه تكريماً له وخرج من السجن يلبس العقال وغطاء الرأس الخاص بزى زعماء الأكراد وجلس في أخر خط حافلات شيخ محى الدين يتقاضى على كل رحلة ربع ليرة سوري اكراماً وتقديراً له ويتعيـش منها .
انظر:
تعريف .. من مذكرات محمد حسن بوكا (1)
مرحلة الطفولة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (2)
التاجر الصغير .. من مذكرات محمد حسن بوكا (3)
مجيد الفوال .. من مذكرات محمد حسن بوكا (4)
المرحلة الابتدائية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (5)
مرحلة الشباب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (6)
العرفان بالجميل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (7)
التلميذ المدلل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (8)
مقابلة الشيخ تاج الدين الحسني .. من مذكرات محمد حسن بوكا (9)
مرضي بذات الجنب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (10)
الحياة العائلية ما بين 1940- 1950 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (11)
رهان مقبوضة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (12)