شهادات ومذكرات
تعريف .. من مذكرات محمد حسن بوكا (1)
من مذكرات محمد حسن بوكا – تعريف
ولدت في دمشق يوم الجمعة 17رجب عام 1342 الموافق 22 /02/ 1924م من عائلة متوسطة المستوى بسيطة الحياة بحي سوق ساروجة في حارة العبيد ، وكنت الثالث في الترتيب بين إخوتي الأحد عشر . والدي عبدالرزاق من مواليد قرية ديريك في محافظة ديار بكر بتركيا عام 1892 من أب كردي/ ياسين داود حجى توفي أثناء الحرب العالمية الأولى عند تأديته للخدمة الالزامية في الجيش العثماني وترك والدي عندها صغيراً .
والدته / زينب أصلان الزوجة الثانية لجدى وهي كردية أيضا وأخوته من أبيه / داود وأحمد ومحمد أمين على الترتيب وأمهم / سمره كردية الأصل ووالدي أصغرهم سـناً .
والدته زينب أصلان مواليد 1860م من أصل كردى انتقلت بعد وفاة جدى ياسين الى بلاد الشام برفقة أبناء زوجها / داود وأحمد ومحمد أمين ووالدي عبدالرزاق وكان عمره أربع سنين الى حلب وعاشوا فيها ست سنوات ثم استوطنوا في دمشق 1902 م.
تزوجت جدتي زينب من / رشيد أغا وانجبت ثلاثة أبناء وهم عبد الله وعائشة وصبحية تزوجن البنات من عائلة أبوغوش وعشن بفلسطين ، وتوفيت جدتي زينب أصلان بدمشق في 24/11/1935 ودفنت في مقبرة الدحداح ، ثم توفي ابنها عبد الله بحادث وعمره 44 سنة ولم يتزوج .
كبر والدي ونشأ مع عمي الأكبر داود في سوق ساروجة بدمشق وعرفنا بكنية دياربكرلي ، تعلم والدي للمرحلة الابتدائية وبدأ بالعمل مع أخوته ثم عمل في التجارة لوحده . وتزوج من سيدة قبل والدتي وعاش معها فترة بسيطة ثم طلقها ولم ينجب منها أولاداً – عرفنا ذلك متأخرين – ثم تزوج من والدتي فهمية بنت علي اسماعيل الكاشف من الشاغور مواليد الشام 1901م.
وهي السادسة بين أخوتها اثنان ذكور/ عارف ومحمد خالد وست إناث على الترتيب / زينب وفهمية الأولى – توفيت وعمرها سنة – وأمينة وناجية وفهمية الثانية وليلى ، وأمها اسمى رشيد العجلانى من دمشق ، تزوجت والدتي وعمرها 18سنة وانجبت تسعة ذكور/ محمد عزت ومحمد علي وأنا وعبد الكريم وعبداللطيف ومحمد نذير ومحمد بشير وأحمد مروان بالترتيب مات أخي عبد اللطيف وعمره 4 سنوات . وثلاث بنات / هدلة وإحسان وعنايت ، توفيت أختى هدلة وعمرها ثلاث سنوات .
كانت والدتي متوسطة الجمال بدينة تميل الى القصر منها الى الطول ، خفيفة الظل تتمتع بشخصية محبوبة ومكانة عالية بين جميع الأهل والجيران ، رأيها سديد وحكيمة وتصرفاتها موزونة تعايشت مع زوجات أولادها أم اسامة وأم عارف بمحبة وحنان ولم يشغلها في حياتها إلا سعادة زوجها وأبنائها .
كانت خجولة وتراعي الآداب العامة وعرف المجتمع ، فأذكر أنه عندما كانت تذهب الى حمام السوق للاستحمام ولم يكن أيامها الحمامات في البيوت كانت ترسلني قبلها الى حمام السوق بلفة الثياب النظيفة – بقجة – لكى لايراها أحد ويعرف أنها ذاهبة الى الحمام حياءاً ووقراً .
في عام 1928م أنشـأ والدي مصنعاً لصناعة الدخان لشركة ماتوسيان المصرية في منطقة سوق ساروجة في أول نزلة جوزة الحدبا مقابل جادة البحصة، و بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا أممت الحكومة الفرنسية جميع مصانع الدخان .
شارك والدى أخوه أحمد (أبو فياض) بدكان صغير في مدخل حارة القرامانى.
وبعدها ترك العمل مع أخيه وشارك أبو شفيق السعدى (عم حمى أخي مروان) في دكان كبير لبيع الدخان والبن والشاى والصرافة في سـوق الخـيل وعلى ناصية سـوق علي باشـا – مكان مشروع جامع يلبغا الأن – وبعد فترة حلّت الشركة مع أبو شـفيق وبقيت الدكان لوالدي وحده .
وفي ذلك الوقت كان يمتلك والدي مقهى في سوق التبن ثم استبدله بمقهى في سوق الخيل ، ثم غير نشاطه ليصبح كراجاً لتسفير الباصات الى حمص وحماه وحلب واللاذقية ، وكان بادارة أخي عزت.
في عام 1930 ادخل والدي هاتفاً يدوياً الى المحل مع خط فرعي الى دارنا في حارة العبيد وكان يأخذ رقم 21 مع المقسم رقم صفر ، وكنا إذا أردنا الإتصال نحرك ذراعاً بجانب الجهاز فترد عاملة المقسم على الهاتف واطلب منها توصيلي بالرقم أو الاسم المراد طلبه وخلال ثوانٍ تكون قد امنت التواصل بين الجهازين يدويا حتى عام 1948 تم تحديث الاتصالات الهاتفية آليا في خمس مدن دمشق ، حمص ، حماه ، حلب ، اللاذقية .
سوق الخيل كان عبارة عن سوق لملتقى تجار الخيل من الدول العربية لتجارة الخيول وتزاوجها من السلالات العربية الأصيلة لذلك سـمى سـوق الخيل . وبجواره خان الجيجاوى لمبيت التجار مع خيولهم وورشات لصناعة الأحذية والصناديق الخشب للفواكه (السحاحير) ، وورشة لحدو الخيل .
وعلى ساحة سوق الخيل محلات تجارية لبيع العطارة مثل برو العطار ومحلات سمانه ومحلات دهانات مثل محل المارديني ومطاعم مثل مطعم الادلبي والانجاية .
كان والدي رجلاً بكل معنى الكلمة ، شجاعاً ، مقداماً
يتحلى بشخصية قوية ، وقوراً ذا هيبة ، أنيقاً في ملبسه ،
كريماً ، حكيماً ، عطوفاً على زوجته وأولاده .
أصدقاؤه من وجهاء حيّ سوق ساروجة ومعلمي المدارس
وصفوة المثقفين بالمجتمع .
حيث أنه كان يقرأ ويكتب وذلك من القليل في زمانه ،
وكان يتكلم التركية وقليلاً من الكردية .