مختارات من الكتب
نيقولاس فان دام :إمكانيات توسيع قاعدة السلطة في سورية
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995.
الفصل العاشر – استنتاجات
4- امكانيات توسيع قاعدة السلطة الطائفية الضيقة
إن احتمالات وامكانيات توسيع القاعدة الحقيقة للسلطة داخل نظام البعث في سوريا الواقع تحت سيطرة العلويين محدودة نسبياً في الوقت الحاضر. فالحلقة المفرغة التي وجد النظام السوري نفسه بداخلها مراراً وتكراراً لا تزال قائمة: كان لابد للأنظمة البعثية المتعاقبة في سوريا أن يكون لها أداة سلطة قوية لتحقيق التغييرات الإجتماعية الجذرية، بما في ذلك قمع الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية. ومن جهة أخرى، أدى الاحتفاظ بالسلطة إلى الإعتماد على تلك الولاءات، مما أدى بدوره إلى الحد من قمعها. وبذلك يمكن استخلاص أن التغييرات الإجتماعية والإقتصادية الجذرية قد تحققت بنجاح تحت حكم حزب البعث، إلا أنه كان من الصعب اقتلاع التقاليد القديمة، وقد باءت محاولات قمع الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية بالفشل. وتبقى المراكز الحساسة استراتيجياً وسياسياً داخل القوات المسلحة وأجهزة الأمن وغيرها من مؤسسات السلطة مقصورة على أبناء الطائفة العلوية، ما عدا القليل من الاستثناءات.
إن العديد من السيناريوهات الخاصة بتعيير الصبغة العلوية التي يتسم بها النظام أمر يمكن تصوره، وقد سبق وصفها بعاليه. ورغم أنه لا يصح استبعاد هذا الاحتمال كلياً، إلا أنه لا يبدو محتملاً أن تنقشع السيطرة العلوية تدريجياً وسلمياً ليحل محلها نظام يتسم بقاعدة أوسع، دون اللجوء للعنف. إن مشاعر الإنتقام بين هؤلاء الذين عانوا من قمع حكم البعث الواقع تحت سيطرة العلويين مازالت قائمة، وستبقى معارضة السنيين بمثابة خطر محتمل يهدد النظام في المدى الطويل، طالما استمرت السيطرة العلوية.
– التوعية البعثية والواقع السياسي: الرفض والقبول بالطائفية
في ظل الاستقلال السوري، امتدت فترة الحكم البعثي منذ عام 1963 تقريباً لضعف الفترة غير البعثية السابعة له (1945 – 1963). ونظراً لأن الغالبية العظمة من الشعب السوري لا يتعدى عمره الثلاثين عاماً، فإن معظمهم لم يختبر أو يتعرف إلا على الحكم البعثي، ولم يتعرض من خلال الدراسة ووسائل الإعلام إلا للايديولوجية والآراء البعثية. والأفكار التي كانت تعتبر منذ أكثر من ثلاثين عاماً أفكار بعثية بحتة أصبحت الآن بالنسبة للعديد من السوريين جزءاً من الحياة اليومية. وهذا لا يعني بالضرورة أن الإيديولوجية البعثية المقبولة بوجه عام، أو أنها متأصلة في المجتمع، فيما عدا ما قد يمت بصلة لبعض الأفكار البعثية حول القومية العربية. ويمكن استخلاص أن أهمية حزب البعث وايدلوجيته أخذت تتناقص تدريجياً خلال عهد الرئيس حافظ الأسد، بينما ازداد الإلتفاف حول شخصية الرئيس، كما هو الحال مع زعماء عرب آخرين بالمنطقة.
وفي الحقبة البعثية تطورت الفكرة المزدوجة المتناقضة، والمنافية التي تنادى من جانب يرفض الطائفية والإقليمية والعشائرية رسمياً لكونها أفكاراً سلبية ومتخلفة إذا لم تنف وجودها نفياً كلياً وبتقلبلها من جانب آخر كجزء من واقعية الحياة السياسية والإجتماعية.
– استمرار حظر مناقشة الطائفية علانية:
رغم أنه كان يفترض أن الهويات والولاءات القومية العلمانية والإجتماعية الإقتصادية كانت تحل تلك الطائفية وغيرها من الهويات الأولية الإجتماعية في أيام العز للعروبة العلمانية الإشتراكية، إلا أنه فيما بعد أصبح شائعاً الجدل بأن العوامل المذكورة أخيراً هي القاعدة الحضارية الأكثر طبيعة للسياسة في الشرق الأوسط. إن الإهتمام السياسي خارج سوريا بموضوعات مثل الطائفية والإقليمية والعشائرية، بجانب الهوية العرقية والتنوع، أصبح بارزاً أكثر من الإنبعاث الجلي لمثل هذه العوامل وما يمت لها بصلة خلال الثمانينات والتسعينيات في غضون الصراعات المختلفة بشتى بقاع العالم. أما في سوريا ذاتها، فما زال هناك حظر على التحدث والمناقشة والكتابة العلنية والصريحة حول الوالاءات والتناقضات والخصومات الطائفية والإقليمية والعشائرية، خاصة في الدوائر الرسمية القومية العربية، وذلك لأسباب سياسية، وبغض النظر عن وعي الشعب الواضح بأهميتها(1).
(1) للإطلاع على تفاصيل التوثيق وتوضيح بعض الأحداث أعلاه راجع:
فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995، صـ 197 – 200
اقرأ:
من كتاب الصراع على السلطة في سوريا – الفصل الأول .. المقدمة :
1- العوامل التي ساهمت في الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية في سورية
2- الإقليمية في سوريا خلال فترة الاستقلال
3- الأقليات الدينية المتماسكة .. العلويون
4- الأقليات الدينية المتماسكة .. الدروز والإسماعيليون
الفصل الثاني: ظهور الإقليات في القوات المسلحة السورية وحزب البعث
1- التداخل الطائفي والإقليمي والعشائري والإجتماعي الإقتصادي
2- التمثيل القوي لأعضاء الأقليات في حزب البعث
3- الحواجز الإجتماعية التقليدية أمام التوسع الطبيعي لحزب البعث
4- الشقاق الحزبي الإنصرافي داخل جهاز حزب البعث المدني
5- انتخابات حزب البعث المحلية عام 1965
6- أعضاء الأقليات في القوات المسلحة السورية قبل عام 1963
7- الاحتكار البعثي للسلطة في سورية 1963
الفصل الثالث: الإستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية بين السنيين والإقليات الدينية
1- التكتل الطائفي والإقليمي والعشائري في النخبة العسكرية البعثية
2- التمييز الطائفي ضد السنيين في القوات المسلحة السورية
3- فشل سياسة الطائفية العلنية كتكتيك.. إبعاد محمد عمران
4- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1965
5- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1966
6- التنظيم السري للقيادة القومية المخلوعة عام 1966
الفصل الرابع: تصفية الضباط الدروز ككل منفصلة داخل القوات المسلحة السورية
2- الاستقطاب الطائفي العلوي – الدرزي وإنقلاب سليم حاطوم
3- الدعاية الطائفية ضد العلويين
4- التصفيات اللاحقة لإنقلاب حاطوم الفاشل
5- تصفية الجماعات الحورانية البارزة
الفصل الخامس – الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية
1- التنافس بين حافظ الأسد وصلاح جديد
2- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية قبل عام 1970
3- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية بعد عام 1970
الفصل السادس – الشقاق الحزبي الطائفي والإقليمي في نخبة السياسيين السوريين: تحليل إحصائي
1- تحليل إحصائي لمؤسسات السلطة السياسية السورية 1961- 1995
2- ثورة تاريخية في النخبة السياسية السورية 1963
3- الوزارات السورية والقيادة القطرية
4- العسكريون في القيادات القطرية السورية
الفصل السابع – التحريض الطائفي والمواجهة
1- التحريض الطائفي – مذبحة حلب
2- الدعاية الإعلامية المضادة للطائفة العلوية 1979
3 – تهديدات الحرب الأهلية الطائفية في سورية 1979 – 1980
4- الطائفية والفساد وغياب الانضباط الحزبي 1979- 1980
5 –الفشل البنيوي في كبح الطائفية في سورية 1979 – 1980
الفصل الثامن – المواجهة الطائفية – القضاء على الإخوان المسلمين
1 –تسليح البعثيين ومذبحة تدمر عام 1980
3- الدعاية الدينية السنية ضد العلويين
الفصل التاسع – نخبة السلطة في عهد الرئيس حافظ الأسد
1- الأخوة الأسد
2- نخبة السلطة العسكرية البعثية
3-جهاز حزب البعث المدني.. تحليل إحصائي ..
4- مسألة الخلافة.. أبناء الأسد
الفصل العاشر – استنتاجات
1- الطائفية في سورية والعوامل الإجتماعية الإقتصادية والإيديولوجية
2- القسمة الثنائية بين السنيين والأقليات في سورية منذ عام 1963
3- الفشل في اقتلاع الفساد من داخل النخبة العلوية