بطاقات بحث
البنت الصالحة – من الحكايات الشعبية الشامية
البنت الصالحة – من الحكايات الشعبية الشامية
توثيق الباحث نزار الأسود .
المكان: دمشق – حي الميدان
الراوية: امرأة سمعتها من جدتها
كان ياما كان حتى كان، كان في قديم الزمان بنت صالحة تمشي في الطريق فشاهدت رجلاً نائماً وإلى جانبه قرآن، وعليه ورقة كتب عليها: من تقرأ هذا القرآن وتكلمه حتى آخر سورة فيه، تتزوج من الشاطر حسن.
جلست هذه البنت، وأخذت تقرأ القرآن، وترتله ترتيلاً. وعندما وصلت إلى السّور الصغيرة تعبت. وإذا بجارية تمشي في الطريق فنادتها، وقالت لها: اقرئي هذه السور، ولكن إياك أن تلفظي آخر كلمة.
جلست الجارية تقرأ، وعندما وصلت إلى آخر كلمة احتارت وقالت: ماذا أفعل؟؟ ثم قررت أن تقرأها لتعرف ما سيحصل. وعندما لفظت الكلمة الأخيرة، استيقظ الشاطر حسن من نومه، وقال لها: أنت المرأة التي يجب أن أتزوجها، لأنك أنت قرأت القرآن. فتزوجها وعاشا في بيت جميل.
أما البنت فقد عادت. ولم تر أحداً. فأخذت تبحث عن عمل، إلى أن وصلت إلى سمّان، فرجته أن يجد لها عملاً. قال السّمان: هناك أناس في الحي قد فقدوا ابنهم. ومايزالون يلبسون الأسود حزناً عليه. فهل تستطيعين إعادة ابنهم !؟ قالت البنت: نعم.
ذهبت البنت إلى منزل تلك الأسرة، وعاشت معها، وهي تنظر هنا وتنظر هنا. وذات يوم لاحظت أن الجارية تذهب منتصف الليل، فتبعتها في ليلة من الليالي، فرأتها تدخل إلى مغارة، وفي المغارة صبي مربوط بالحبال. فأخذت تطعمه زيتونتين منشورتين في الشمس، وخبرة يابسة، ثم تضربه بالقضيب قائلة: إن تزوجتني أرجعتك إلى أهلك.! فكان الصبّي يرفض الزواج منها ويقول: وجهك بشع، أخلاقك بشعة. أنا حلو. أخلاقي حلوة.. أنا لن أتزوجك..
ظلت البنت تراقب الجارية ثلاث ليال حتى تأكدت من أن الصبي هو ابن الأسرة التي تخدمها. فشكت الجارية إلى أهله. فما كان من أهل الصبي إلا أن وضعوا الجارية بدلاً عنه في المغارة. وعاد الصبي إلى أهله الذين فرحوا به فرحاً شديداً. ولم تقبل البنت أن تأخذ مالاً من أهل الصبي جزاء إحسانها إليهم. فأعطوها لوزة وقالوا لها: افتحي اللوزة عند اللزوم.
رجعت البنت إلى السّمان وقاله له: نجحت في عملي الذي اخترته لي، وأريد منك عملاً ثانياً قال السّمان: هناك ابنة لملك البلاد “خرساء” فهل تستطيعين أن تحكميّها وتردي إليها نعمة النّطق؟ قالت البنت للسمان: سوف أجرب.
ذهبت البنت إلى قصر الملك، وعملت خادمة، وأخذت تراقب، فإذا بالطفلة تضعُ خرزة تحت لسانها، فلا تستطيع الكلام.
أخذت البنت الخرزة من الطفلة، دون أن تشعر، وذهبت إلى الملك تحمل البشرى. قالت البنت للملك: لقد تكلمت ابنتك، وقالت :أين خرزتي؟ فرح الملك فرحاً شديداً بشفاء ابنته، ولكن البنت رفضت أن تأخذ مالاً من الملك جزاء ما عملت، فأعطاها الملك جوزة وقال لها: افتحي هذه الجوزة عند الحاجة إليها.
رجعت البنت إلى السّمان وقالت له: لقد نجحت في عملي الذي بعثتني من أجله وأريد منك عملاً آخر. قال السّمان: في الحارة بنت عمياء فهل تستطيعين أن تحكميها، وأن تردي إليها نعمة البصر. قالت البنت للسمان: عليّ أن أحاول.
ذهبت البنت إلى منزل تلك الأسرة، وعاشت معها لتراقب ما يجري حولها. وذات يوم سمعت حركة غريبة على سطح الدار، فقررت أن تعرف ما هذه الحركة؟؟ فشاهدت جماعة من الناس يغلون شيئاً ما ثم يضعونه على تلك البنت العمياء، فما كان من البنت الصالحة إلا أن رمتهم بما بغلون ويضعون على البنت. ففتحت البنت عينها وردت إليها نعمة البصر فأهداها أهلها لوزة تفتحها عند الحاجة إليها.
رجعت البنت إلى السمان وقالت له: لقد نجحت في العمل الذي بعثتني فيه، وأريد منك عملاً آخر. قال السمان: لم يبق عندي أي عمل كل. فاضطرت البنت الصالحة أن تذهب وتدور على البيوت، تسأل الناس: من يريد خادمة!!
دقت البنت باب الجارية – زوجة الشاطر حسن- فعرفتها وعرفت أنها البنت الصالحة. قالت البنت للجارية: أتسمحين لي أن ألتقي مع الشاطر حسن، وأعطيك هذه اللوزة. فقبلت الجارية، وفتحت اللوزة، وإذا بها ترى عقد ألماس نادر المثال فطمعت به. وسمحت للبنت أن تقابل الشاطر، ولكن وضعت الجارية في قهوة الشاطر حسن منوماً فنام.
قالت البنت للشاطر حسن: ياشاطر حسن. ياما حكيتّ من الخرسان.. ياما فتحت من العميان!! ياما فرحت حزاني!! فرد علي يا شاطر حسن..
أنا التي قرآت القرآن، أنا التي يجب أن أتزوجك..! إلا أنّ الشاطر كان نائماً.
في اليوم التان، قالت البنت للجارية: أتسمحين لي أن ألتقي بالشاطر حسن، مرة ثانية !!؟ قالت الجارية: نعم، ولكن ماذا ستعطيني!؟ قالت البنت: هذه الجوزة. فتحت الجارية الجوزة فوجدت عقداً من الذهب، فطمعت به وسمحت لها..!! ولكن وضعت الجارية في قهوة الشاطر حسن منوماً فنام، وأعادت البنت ما قالته في المرة الأولى، إلا أن الشاطر كان نائماً.
في الصباح جاء المؤذن إلى الشاطر حسن وقال له: لماذا لم تحضر الصلاة، وعندك في الغرفة بنت كنت أسمعها تناديك؟
فما كان من الشاطر حسن إلى أن شكّ في زوجته الجارية وقرر ألا يشرب القهوة اليوم وعندما كلمتها البنت سمعها واستيقظ، وسمع منها الحكاية إلى أن قالت: أنا التي قرآت القرآن والجارية لم تقرأ غير جزء يسير منها. وعندما عرف الشاطر حسن الحقيقة، طلق زوجته الأولى وجعلها جارية عنده وتزوج البنت الصالحة، وعاش عيشة سعيدة كلها هناء وسرور.
وتوتة توتة خلصت الحتوتة.
انظر:
من الحكايات الشعبية الشامية – شجاعة حطاب
من الحكايات الشعبية الشامية – الشجرة والطفلة الصغيرة
من الحكايات الشعبية الشامية – ثلاثة عشر “13”
من الحكايات الشعبية الشامية – زهرة الرمان