You dont have javascript enabled! Please enable it!
ملفات

المفاوضات السورية – الإسرائيلية 1991 -2000

سادت المفاوضات السورية – الإسرائيلية منذ عام 1991 إلى 2000 حالة من الانقطاع والاستئناف.

انطلقت الاتصالات الرسمية بين سورية وإسرائيل في مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط، الذي انعقد غداة حرب الخليج الثانية في تشرين الأول عام 1991 برعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي قبيل انهياره.

خلال المؤتمر، الذي ترأس الوفد الإسرائيلي رئيس الوزراء في حينه إسحق شامير، فيما مثل الجانب السوري وزير الخارجية السابق فاروق الشرع.

تم الاتفاق على إطار رسمي للتفاوض بين إسرائيل وسائر الدول العربية.

بعد نحو شهرين من المؤتمر، دُشنت في العاصمة الأميركية محادثات ثنائية بين ممثلين إسرائيليين وسوريين، لكنها بقيت عقيمة ولم تحرز أي تقدم في ظل الفجوات الكبيرة التي تكشفت بين مواقف الجانبين، وبقيت الحال كذلك حتى انتهاء ولاية اسحق شامير في رئاسة الوزراء الإسرائيلية منتصف عام 1992.

مع تسلم إسحق رابين لمقاليد الحكم في تل أبيب، أعطيت المفاوضات دفعاً جديداً في ظل رعاية الرئيس الأميركي الجديد، بيل كلينتون.

 في أيلول 1992، زار رابين الولايات المتحدة حيث أعلن استعداده للتباحث مع دمشق في مستقبل هضبة الجولان، ملمحاً إلى إمكان التنازل عن جزء منها في مقابل السلام، وهو العرض الذي قابلته سوريا بالإصرار على مطلب الانسحاب الكامل.

بعد نحو عامين من المراوحة، عاد رابين وقدم عرضاً علنياً للسلام مع سوريا، مقترحاً انسحاباً على مراحل من الجولان على شاكلة الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، مطلقاً عبارته الشهيرة «عمق الانسحاب كعمق السلام».

وفي أيلول عام 1995م تحدث رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أوري ساغي عن محادثات سرية مع سورية وأعلن أن سورية وإسرائيل تقتربان من التوصل إلى إتفاق سلام بينهما، وأعرب عن اعتقاده بأن الرئيس الأسد لن يقبل بتسوية لا تتضمن انسحاباً كاملاً من مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وقال  ساغي في مقابلة نشرتها صحيفة “يدعوت احرنوت” : “اعتقد أن المستقبل القريب قد يسمح لنا بردم الهوة في المواقف”. وتحدثت الصحيفة عن اتصالات سرية يتولاها ساغي مع سورية(1).

في أعقاب ذلك، استضافت مدينة واي بلانتيشن في ولاية مريلاند الأميركية أربع جولات من المفاوضات، بين 27 كانون الأول 1995 و19 شباط 1996م.

بدأت الجولة الأولى في السابع والعشرين من كانون الأول عام 1995م واستمرت ثلاثة أيام في محادثات تناولت أربعة عناصر هي: الانسحاب، السلام، الترتيبات الأمنية والجدول الزمني للتنفيذ.

وفي نهاية الجولة الأولى أكد بيان مقتضب صدر عن وزارة الخارجية الأميركية أن الطرفين “اعتبرا المفاوضات مفيدة ومساعدة لمزيد من المداولات”، وأضاف البيان :”في ضوء ذلك اقترحت الولايات المتحدة الأميركية على الوفدين البقاء في منطقة واشنطن لمتابعة المشاورات بينهما تحضيراً للجولة الثانية من المحادثات في الثالث من كانون الثاني عام 1996”(2).

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بيريز في يوم بدء المفاوضات أن للرئيس حافظ الأسد دوراً أكبر يلعبه يتخطى حدود دوره الرئاسي في سورية، داعياً حافظ الأسد إلى قيادة عملية جديدة تفتح أبواب العالم العربي أمام إسرائيل لإقامة علاقات سلمية مع تلك الدول العربية بعد أن تبرم سورية وإسرائيل معاهدة سلام بينهما تضع حلاً لحالة الحرب في المنطقة(3).

 كما أعلن وزير الأمن الإسرائيلي موشي شاحال أن الانسحاب الكامل من هضبة الجولان وارد في حال اقتنع الاسرائيليون بنيات سورية السلمية. وأوضح ان اسرائيل على استعداد للانسحاب الكامل من كامل هضبة الجولان ، وقال:” الثمن له ما يبرره فنحن لم نحتل الجولان لأسباب تتعلق بالحقوق التاريخية بل لموقعها الاستراتيجي”(4).

في أيار 1996، فاز اليمين الإسرائيلي بزعامة بنيامين نتانياهو في الانتخابات العامة، مع برنامج ينص على «أن أي اتفاق مع سوريا يجب أن يرتكز على السيادة الإسرائيلية في الجولان».

لكن الاتصالات بين الدولتين لم تنقطع، وإن انتقلت إلى الكواليس، حيث استعان نتانياهو بصديقه المليونير الأميركي رون لاودر لإيصال الرسائل إلى الجانب السوري من دون أن يؤدي ذلك إلى أي اختراق.

وفي عام 1999، كشفت الصحافة الإسرائيلية وثيقة أعدها لاودر تلخص الاتصالات التي أدارها بين دمشق وتل أبيب وتظهر أن نتانياهو كان مستعداً لإعادة الجولان إلى سوريا.

في 8 كانون الأول 1999، أعلن الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل وسوريا «انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها» من دون أن يحدد هذه النقطة، وذلك بعدما انتخب الزعيم العمالي إيهود باراك رئيساً للوزراء في إسرائيل في أيار من العام نفسه.

في كانون الثاني 2000، انطلقت مفاوضات ماراتونية بين الجانبين في مدينة شيبردستاون الأميركية في ولاية فيرجينيا، أشرف عليها الرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته، مادلين أولبرايت، شخصياً، فيما تولى كل من باراك والشرع شخصياً تمثيل دولتيهما فيها. لكن الجولة الجديدة ما لبثت أن توقفت بعد أسبوع إثر وصولها إلى طريق مسدود، وأشارت تقارير صحافية في حينه إلى أن النقطة التي فجرت المفاوضات تمحورت حول ترسيم الخط الحدودي بين الجانبين: باراك وافق على الانسحاب حتى خط الحدود الدولية لعام 1923 مع إزاحة هذا الخط غرباً ليمر على بعد عشرة أمتار من الشاطئ الشرقي لبحيرة طبرية، بيد أن دمشق رفضت العرض.

حاول كلينتون تدوير الزوايا السورية فاجتمع في جنيف مع حافظ الأسد في 27 آذار 2000، لكن محاولته فشلت في إعادة دمشق، المصرّة على تعهد بالانسحاب حتى خط الرابع من حزيران 1967، إلى طاولة المفاوضات.

 العقبات التي حالت دون الإتفاق:

في ما يلي استعراض لأهم العقبات التي تعترض المفاوضات السورية الإسرائيلية، كما صنفتها صحيفة «هآرتس»:

– الفجوة بين المطلب السوري بانسحاب إسرائيل إلى خط الرابع من حزيران 1967 وموقف إسرائيل القاضي بأن الانسحاب يجب أن يكون حتى الحدود الدولية. وعلى الرغم من أن الفجوة بين الموقفين لا تتعدى بضع مئات الأمتار، إلا أن إسرائيل ترفض وصول الحدود السورية إلى خط المياه في شمال شرق بحيرة طبرية.

– قضية المياه، إذ ترفض إسرائيل أن تشاركها سوريا استخدام مياه بحيرة طبريا. وبحسب «هآرتس»، فقد أعلنت سوريا، التي تعاني من شح في المياه، أمام الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي زارها أخيراً، أنها مستعدة للالتزام بعدم ضخ مياه من بحيرة طبرية، لكنها تتوقع الحصول على تمويل إنشاء معامل تحلية مياه وتعهد تركي بتزويدها بمياه.

– الجدول الزمني لإخلاء المستوطنات الإسرائيلية من هضبة الجولان: قبلت إسرائيل بإخلاء المستوطنات خلال 10 أعوام، فيما يصرّ السوريون على أن يتم ذلك خلال خمس سنوات.

– العلاقات بين سوريا وكل من إيران وحزب الله والمنظمات الفلسطينية التي لديها مقارّ في دمشق: تصرّ إسرائيل على أن تلتزم سوريا مسبقاً بقطع علاقاتها مع هذه القوى، فيما اقترح السوريون طرح هذا الموضوع على طاولة المفاوضات لبحثها معاً، إضافة إلى القضايا الأخرى.

– إصرار سوريا على ضلوع الولايات المتحدة في عملية السلام وأن تغير موقفها من دمشق.

– جعل المنطقة السورية الواقعة شرق الحدود التي سيتم الاتفاق عليها منطقة منزوعة السلاح، وقد وافقت سوريا على ذلك شرط على أن يكون الأمر متبادلاً في الجانب الإسرائيلي أيضاً.

– تطبيع العلاقات مع إسرائيل، إذ ليس واضحاً بالنسبة إلى الدولة العبرية بعد ما إذا كانت سوريا ستوافق على البدء بتطبيع العلاقات فوراً أم أنها ستربط ذلك باتفاق سلام مع الفلسطينيين.

– قانون هضبة الجولان الذي سنّه الكنيست في عام 1981 وضمّ الهضبة المحتلة عملياً لإسرائيل(5).

الموقف الإسرائيلي المحلي من مفاوضات السلام مع سورية:

 أظهر استطلاعان للرأي في عام 1995 ان معظم الاسرائيليين يعارضون إعادة كامل مرتفعات الجولان لسورية مقابل السلام. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب لقياس الرأي العام بطلب من القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن 32 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع لا يعارضون إعادة معظم أجزاء المرتفعات الاستراتيجية لسورية مقابل سلام كامل، في حين ان نسبة 59 في المائة تعارض ذلك. ولكن نتائج الاستطلاع نفسه  أظهرت أن نسبة 51 في المائة ممن شملهم يوافقون على إعادة معظم المرتفعات إلى سورية اذا ما رجحت كفة هذه السياسة في استفتاء عام.

وأظهر الاستطلاع أن نسبة 21 في المائة تعارض إعادة مرتفعات الجولان لسورية أياً كانت طريقة اتخاذ القرار.

وقالت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي ان استطلاعاً للرأي أجرته مؤسسة تليكال أظهر أن نسبة 48 في المائة من الإسرائيليين تعارض أي نوع من الانسحاب من الجولان، فيما أعربت نسبة 35 في المائة عن تأييدها لانسحاب جزئي مقابل سلام كامل وقالت نسبة 17 في المائة أنها تؤيد انسحاباً كاملاً مقابل سلام كامل(6).


(1) صحيفة السفير 1995: رابين عرض الانسحاب كيلومترين من الجولان

(2) صحيفة الحياة، العدد 11999 الصادر في الثلاثين من كانون الأول 1995م.

(3) صحيفة الحياة، العدد 11997 الصادر في الثامن والعشرين من كانون الأول 1995م.

(4) صحيفة الحياة، العدد 11999 الصادر في الثلاثين من كانون الأول 1995م.

(5) صحيفة البيان، العدد الصادر في الرابع من كانون الثاني عام 2004م.

بدير (محمد)، حكاية المفاوضات الإسرائيلية – السورية، صحيفة الأخبار، العدد الصادر في 23 أيار 2008م.

(6) صحيفة السفير 1995: رابين عرض الانسحاب كيلومترين من الجولان


انظر:

كلمة فاروق الشرع في اليوم الثاني لمؤتمر مدريد للسلام 1991

صحيفة السفير 1995: رابين عرض الانسحاب كيلومترين من الجولان




 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى